استعاد المغرب موقعه في الاتحاد الإفريقي بعد 33 سنة من الغياب الاختياري الذي أملته ظروف خاصة، حذت بالمغرب إلى مغادرة منظمة الوحدة الإفريقية، بعدما اختارت بعض الدول المناوئة للمغرب ضم كيان البوليساريو إلى المنظمة، رغم أنه لا يتوفر على أي اعتراف دولي من طرف الأممالمتحدة، وكانت عودة المغرب ،أول أمس الاثنين، برسم الدورة28 للاتحاد الإفريقي، حيث أفرزت العملية التقنية دعم عودة المغرب من طرف 39 دولة افريقية واعتراض ثلاثة، ضمنهم الكيان الوهمي وامتناع 8 عن إبداء أي موقف، وحسب مصادر إعلامية واكبت الحدث القاري بامتياز، فإن أجواء من الفرح والارتياح سادت بين صفوف الوفد المغربي وعدد من أعضاء الجالية المغربية الذين كانوا قريبين من البناية الفخمة للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا والتي بنتها الصين الشعبية هدية لأمم القارة السمراء، وكلفت ملايين الدولارات. وحسب ذات المصادر فإن وفد البوليساريو تضايق من ارتفاع الهتافات والزغاريد بعد إعلان العودة الرسمية للمغرب للعرين الإفريقي، وبحسب مصادر إعلامية محلية ودولية فقد لعب الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي الرئيس الغيني ألفا كوندي، دوراً محورياً بحسمه النقاش الذي احتدم خلال جلسة الإعلان عن عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، حيث خاطب قادة الدول المجتمعين بقاعة نيلسون مانديلا بالقول: "ألا تريدون أن نطبق الديمقراطية، هذه الأخيرة تقول بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي". واعتمادا على ذلك فإن عودة المغرب لم تحسم باللجوء إلى التصويت، وتم الاعتماد على رسائل الموافقة على طلب عودة المملكة، حيث دام النقاش طوال ثلاث ساعات من أجل إقناع خصوم المغرب بالاكتفاء بالرسائل دون اللجوء إلى التصويت. وبينت النتائج أن مجموعتي غرب ووسط إفريقيا دعمت طلب المملكة المغربية، كما أعلنت دول شرق إفريقيا، كذلك، عن دعمها لعودة المغرب، فيما استمرت بعض دول جنوب القارة في التحفظ على الطلب المغربي على خلفية الوضع الحدودي، بسبب النزاع مع جبهة "البوليساريو". وكشفت وسائل الإعلام أيضا "أن زعيم جبهة البوليساريو قدم مرافعة ضد المغرب، قال فيها إنه "ورغم عدم تسجيل المملكة لأية تحفظات في وثائق مصادقتها على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، فإن الدستور المغربي في الفصل 42 يتحدث عن الحدود الحقة، مضيفاً أن المغرب لديه حدودا ثابتة وأخرى متحركة، وأن عليه أولاً أن يقر بالحدود المعترف له بها دولياً"، فيما تحدث رئيس الوفد المصري في هذا الاجتماع، الذي لم يحضره الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تأييد الطلب المغربي، دون إبداء أي ملاحظات. الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي، ادريس ديبي، أمسك العصا من الوسط، وقال إنه من ناحية أولى، فإن المسطرة واضحة ولا تحتمل أي نقاش، إذ يكفي أن تعبر الدولة الإفريقية عن رغبتها في الانضمام، وتحصل على الأغلبية النسبية، كي تصبح عضواً. ثم عاد ليقول إن هناك إشكالا بين المغرب والبوليساريو، وأن من الأفضل حله الآن، كي لا يؤدي إلى انقسام الاتحاد الإفريقي لاحقاً. واستكملت القمة أشغالها بانتخاب وزير الخارجية التشادي موسى فقيه محمد رئيساً لمفوضية الاتحاد الأفريقي في أعقاب دورات انتخاب عدة، كما أعلن أعضاء في الوفود المشاركة في القمة الثامنة والعشرين للمنظمة، وقال الرئيس السابق البوروندي بيار بويويا الذي حضر بصفته المندوب الأعلى للاتحاد الأفريقي لمالي والساحل، إن فقيه محمد الذي واجه أربعة مرشحين آخرين، فاز أخيرا في الدورة الأخيرة على مرشحة كينيا أمينة محمد. وانتخب موسى فقيه، رئيس الوزراء السابق أيضا، لولاية تستمر أربع سنوات ويخلف الجنوب أفريقية نكوسازانا دلاميني-زوما، التي لاقى طرحها مسألة حقوق النساء للمناقشة، إشادة، لكن حصيلتها على صعيدي السلام والأمن تعرضت للانتقاد والرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي (56 عاماً) من أنصار الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي يحتفظ بممثل مهم في الاتحاد الأفريقي، بعدما تخلى أول أمس عن الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي لنظيره الغيني ألفا كوندي . ويتولى فقيه محمد منذ 2008 منصب وزير الخارجية، واضطلع بدور مهم في التصدي لمجموعة بوكو حرام النيجيرية والمجموعات المسلحة. وتواترت بشكل مطرد ردود الفعل المساندة لعودة المغرب إلى العرين الإفريقي إذ عبرت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن تهانيها الخالصة للمملكة المغربية بعد عودتها إلى العش الإفريقي أول أمس الاثنين 30 يناير الجاري، وأوردت السفارة الأمريكية على صفحتها الاجتماعية:" تهنئ الولاياتالمتحدة المغرب على الإعلان اليوم بعضوية المغرب في الاتحاد الإفريقي. بفضل القيادة القوية للملك محمد السادس و جهود الحكومة".وذكرت السفارة ، "أن المغرب استرجع مكانه الصحيح داخل الأسرة المؤسسية للقارة الأفريقية "، مضيفة :" ونحن نعتقد أن عضوية المغرب في الاتحاد الأفريقي ستساهم مساهمة إيجابية لتعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للقارة واستقراره وأمنه "وتعتبر الولاية المتحدةالأمريكية من بين أول مهنئي المغرب بهذا الإنجاز القاري. وفي نفس السياق أكد رئيس جمهورية الرأس الأخضر خورجي كارلوس فونسيكا، أول أمس الاثنين بأديس أبابا، أن المغرب مؤهل للاضطلاع بدور كبير ومحوري داخل الاتحاد الإفريقي وأكد رئيس جمهورية الرأس الأخضر، في تصريح للصحافة على هامش افتتاح القمة الثامنة والعشرين لقادة دول ورؤساء حكومات بلدان الاتحاد الإفريقي، أن عودة المغرب إلى الاتحاد ستحمل إضافة هامة لهذه المنظمة القارية. وجدد خورجي كارلوس فونسيكا بهذه المناسبة التأكيد على دعم بلاده لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مشددا على أن المملكة سعت على الدوام إلى تعزيز الاندماج الإفريقي، من جهته أشاد إبراهيم ساني أباني الأمين العام لتجمع بلدان الساحل والصحراء (سين صاد)، بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي معتبرا أن هذه العودة تشكل انطلاقة جديدة بالنسبة لإفريقيا القوية والموحدة. وقال إبراهيم ساني أباني في تصريح للصحافة إن عودة المغرب إلى الأسرة الإفريقية "خبر سار جدا".وأوضح الأمين العام لتجمع (صين صاد) أن "هذه العودة ستشجعنا على الذهاب بعيدا والمضي قدما نحو تعزيز الوحدة في القارة"، مشيرا إلى أن قادة الدول الإفريقية حسموا في مسألة العودة التي ستساهم في توطيد مكانة إفريقيا على الساحة الدولية. بدوره أشاد الرئيس السنغالي ماكي سال بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مؤكدا أن المملكة "في مكانها الطبيعي داخل إفريقيا". وقال الرئيس السنغالي في تصريح للصحافة "إننا سعداء للغاية باستقبال المغرب اليوم داخل الاتحاد الإفريقي".وأضاف " إن الأسرة (الإفريقية) ستتوسع، وهو أمر يجب الإشادة والاحتفاء به "، مشيرا إلى أن المملكة المغربية "بلد إفريقي رائد تمكن من تطوير علاقات الثقة مع أغلب البلدان"". ونوهت جمهورية إفريقيا الوسطى ، بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مؤكدة أن المملكة "بلد كبير سيقدم دعما كبيرا لجهود التنمية في القارة"".وقال وزير الشؤون الخارجية والاندماج الإفريقي والجالية في الخارج تشارلز أرميل دوباني، في تصريح للصحافة " نحن سعداء للغاية باستقبال المملكة المغربية داخل أسرتها الإفريقية الكبيرة". وأضاف " مع المغرب، ستعمل إفريقيا على توفير فرص جديدة للتنمية والتقدم لقارتنا". ومن جانبها نوهت جمهورية بنين بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مؤكدة أن المملكة أضحت فاعلا كبيرا وهاما على الساحة القارية. وقال أوريليان أغبينونسي وزير الشؤون الخارجية والتعاون في جمهورية بنين في تصريح للصحافة "لا يمكن تخيل الأسرة (الإفريقية) من دون عضو هام من حجم المغرب". وأعرب وزير الخارجية البينيني عن سعادته الغامرة بعودة المغرب إلى المنظمة الإفريقية، مشيرا إلى أن هذه العودة ستمكن من إعطاء دفعة جديدة لمسلسل الاندماج في إفريقيا. وأكد أغبينونسي أن "المغرب يولي أهمية كبيرة لعدد من القضايا الخاصة بالقارة، إنه من باب الإنصاف أن نرى المملكة تعود إلى الأسرة الإفريقية". وأكد وزير الشؤون الخارجية التنزاني أوغوستين ماهيغا بأديس أبابا، أن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي تعد مناسبة لتعميم وتقاسم رؤية جلالة الملك محمد السادس على مستوى المنظمة القارية. وقال الوزير التنزاني في تصريح للصحافة "أغلبية البلدان الأفريقية كانت تأمل في عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي " مؤكدا اقتناعه التام بأن إفريقيا أضحت تتمتع اليوم بفرصة كبيرة مع عودة المملكة للمنظمة. وأشادت نيجيريا بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي مؤكدة أن المملكة تعد "فاعلا محوريا" من أجل الاستقرار في إفريقيا، وقال وزير الشؤون الخارجية النيجيري جيوفري أونياما، في تصريح للصحافة، إن "المغرب محل ترحيب داخل أسرته الإفريقية"، مشيرا إلى أن مكانة المغرب هي داخل الاتحاد الإفريقي. وعبر الوزير النيجيري عن قناعته التامة بأن عودة المغرب ستساهم في تعزيز صفوف إفريقيا وقدرتها على تدبير ومعالجة الملفات الكبرى ولاسيما تلك المتعلقة بالتنمية وتعزيز السلم والأمن، وشدد جيوفري أونياما على أن عودة المغرب ستعمل أيضا على النهوض بالتضامن بين أعضاء الأسرة الإفريقية، مشيرا إلى أن قضية التضامن تحظى بأهمية كبيرة في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز مكانة إفريقيا على الصعيد الدولي. كما أشاد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، الاثنين بأديس أبابا، بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مؤكدا أن هذه العودة "طبيعية".وقال الوزير السوداني في تصريح للصحافة "نرحب بالأشقاء المغاربة في بيتهم، هذا أمر طبيعي وإن تأخر كثيرا، المغرب الآن بين أشقائه وفي مكانه الطبيعي". وأعرب إبراهيم غندور في هذا السياق عن الأمل في أن تساهم عودة المغرب في تعزيز عوامل وحدة القارة الإفريقية. وتعد هذه العودة ثمرة سياسة استباقية ومتواصلة لجلالة الملك محمد السادس، ولرؤية ملكية من أجل تطوير تعاون جنوب-جنوب وشراكة على أساس رابح-رابح بهدف الدفاع عن القضية الوطنية الأولى. وفي تلاحم مع مجموع القوى الحية للأمة، تجلى الانخراط الملكي الموصول لصالح الانتماء الإفريقي المتجذر للمملكة، على الخصوص، في الزيارات التي قام بها جلالته إلى عدد من بلدان القارة، وهي زيارات ترسخ مبادئ التضامن والتعاون خدمة للقارة الإفريقية. وقد تم الإعراب عن إرادة المملكة في العودة إلى الاتحاد الإفريقي من خلال الرسالة الملكية الموجهة للقمة السابعة والعشرين للاتحاد التي انعقدت في كيغالي، والتي كان جلالته قد أكد فيها أنه حان الوقت ليسترجع المغرب مكانته الطبيعية، ضمن أسرته المؤسسية. وأكد جلالة الملك أنه "وفي إطار هذه العودة، يعتزم المغرب مواصلة التزامه بخدمة مصالح القارة الإفريقية، وتعزيز انخراطه في كل القضايا التي تهمها. كما يلتزم في هذا السياق بالمساهمة، وبشكل بناء، في أجندة الاتحاد وأنشطته. وكان جلالة الملك قد توجه الجمعة، إلى الجمهورية الديمقراطية الفيدرالية لإثيوبيا، في زيارة تندرج ضمن المساعي التي يبذلها جلالته من أجل عودة المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي. .