تطرقنا، في أحد مقالاتنا السالفة ، إلى تشكيل لجنة تتكون من ستة أشخاص يمثلون ثلاث جماعات قروية: والقاضي- تيسفان– النحيت، مكلفة بمتابعة ملف المطالبة بإعدادية وداخلية بوالقاضي، الملف مر على تقديمه من طرف رؤساء الجماعات الثلاث أكثر من سنتين بعد نيابة التعليم بتارودانت تم إرساله إلى الأكاديمية الجهوية بأكادير.وقد تم استقبال اللجنة من طرف عامل إقليمتارودانت بحضور الكاتب العام و المدير الإقليمي لنيابة التعليم بتارودانت و المدير المكلف بالأكاديمية الجهوية للتعليم بآكادير، وكان الحوار مسؤولا واقتنع الكل بوجوب التعجيل بإحداث إعدادية وداخلية والقاضي، خاصة إذا علمنا أن هناك جوار الجماعات الثلاث مجموعات مدرسية تابعة لجماعة «امي نتيرت» وجانب من جماعة أضار، إضافة إلى جماعة سيدي أحمد اوعبد الله. و خلال الزيارة التي قام بها عامل الإقليم بتاريخ 5-1-2017 إلى «والقاضي» ، دشن الطريق الرابط بين والقاضي وتيسفان مع إعطاء انطلاق أشغال إصلاح الطريق الرابط بين أكافاي وأيت عبد الله ، وبمقر الإعدادية التأهيلية الأرك بإيغرم ، تم وضع الحجر الأساس لثلاث بنايات لدور الطالب، من أجل توفير السكن لتلامذة ست عشرة جماعة قروية وبلدية. ونظريا يمكن الترحيب بهذا المشروع المكلف لحوالي مليار سنتيم... لكن عمليا يبقى موقع بناية إعدادية وثانوية ايغرم غير صالح من حيث طقس المنطقة البارد في فصل الشتاء وحيث ندرة ماء الشروب والنظافة للتلاميذ ساعة إلى ساعتين كل يومين لأكثر من خمسمائة تلميذ وتلميذة ممن يقطنون في الداخلية التي تم تزويدها بالأفرشة، وبعض الإصلاحات بعد تدخل اللجنة السداسية لدى عامل الإقليم. الداخليون طبعا من الحاصلين على المنح الأغلبية تؤدى عنهم من طرف المحسنين والجماعات المشار إليها، وإن تؤدى فقط بالنسبة للإناث. خيرية إيغرم «سجن» للطفولة تساهم في الهدر المدرسي بالنسبة للذكور، فهم يحشرون حشرا فيما يسمى بالخيرية التي يسميها نزلاؤها والمستجوبون لهم في المواقع الاجتماعية «سجنا» لمن لم يقترف ذنبا، نلخص معاناتهم اليومية حسب ما صرح به أكثر من تلميذ: يغادرون الخيرية في الساعة السابعة والنصف صباحا جماعة ، سواء من لديهم الدروس صباحا أو من لديهم الدروس في المساء، ولا مكان لديهم للجلوس والصقيع ، يقول أحدهم، إذا دخلنا إلى المقهى يقومون بطردنا، لأننا لا نملك النقود لتناول الشاي أو القهوة كل يوم، ولا ملجأ لنا طول اليوم إلا جانب الجدران، وكثيرا ما يقومون بطردنا منها. نعود إلى الخيرية في الساعة الثانية عشر زوالا لتناول الغداء ونغادرها بعد نصف ساعة، والوجبة طبعا غير كافية ، وأغلبية الأسر لا تستطيع توفير مواد غذائية تكميلية أو نقود لأبنائها» . وأضاف قائلا : «نغادر الخيرية إلى الأزقة والصقيع من نوع خاص، لا مكان للراحة ولا للجلوس وفي هذا الجو غير التربوي ، وغير الإنساني نجد من يستغلون هذا الجو من المعاناة والقلق لمروجي المخدرات مما جعل العديد من التلاميذ يستسلمون للهدر المدرسي والعديد من الآباء يقومون بنقل أبنائهم إلى تارودانت أو أيت ايغزا أو إلى منازلهم ...». يعودون طبعا إلى الخيرية في الساعة السابعة والنصف مساء تمنح لهم خبزة إلا ربع، يتناول كل واحد النصف في طعام العشاء ويحتفظ بالربع ليتناوله في الفطور يابسا كجزء من صخرة صلداء، ويضعون الماء تحت فراش النوم كي يصير دافئا صالحا لتنظيف اليدين والوجه. ثم الخروج في السابعة والنصف صباحا للتسكع أسفل الجدران هناك من يطلق عليهم اسم «الشمكارة» مع العلم أن الجماعات المستفيدة من الخيرية تدفع أربعة ملايين من السنتيمات لكل جماعة سنويا، أضف إلى هذا مساهمة التعاون الوطني بتارودانت وما يجود به المحسنون الذين اعتادت اللجنة المسيرة الاتصال بهم. هذا الواقع المر أدى إلى مغادرة العشرات للدراسة، والذين لو توفرت لهم أدنى شروط الاستمرارية، لاستفاد الوطن من المواهب التي يمتاز به عالمنا القروي. عدد التلاميذ في إعدادية وثانوية الأرك اليوم والطين ينحدرون من ست عشرة جماعة قروية وبلدية واحدة، لا يتعدى ألف ومائة تلميذ وتلميذة في داخليتها خمسمائة بينما 259 في الخيرية المشار إليها، ثلاثمائة وواحد وأربعون منهم ومنهن من ينتمون إلى إيغرم وما يناهز المائة وعشرين يتكفل بهم أقارب وأصدقاء عائلاتهم، وهناك من اكتروا لأبنائهم غير الممنوحين مفضلا السكن معهم دون نسيان من سجلوا أبناءهم في مدينة تارودانت وأيت ايعزا وهم كثر. من أقبر ملف إعدادية والقاضي ؟ تم تدشين ثلاث دور للطالب في موقع لا يتوفر على ماء للشرب والنظافة ولا على طقس معتدل ، وهذا راجع إلى كون الإملاءات والدراسات والبرمجة تتم في الأكاديمية الجهوية بأكادير التي تتجاهل طلبات المجتمع المدني، والتي منها ملف إعدادية وداخلية والقاضي التي ستساهم في التخفيف من معاناة الإعدادية التأهيلية للأرك، والتي منها صقيع فصل الشتاء وعدم توفر الماء الكافي والاكتظاظ ، مما يدفع إلى التأكيد على طلبات الجمعيات المحلية للدوائر المسؤولة إقليميا وجهويا ومركزيا ، بالتعجيل بإحداث إعدادية وداخلية والقاضي المتوفرة على وعاء عقاري جانب القيادة والمستوصف والسوق والطريق الرئيسي، وعلى من يتمسكون بجمع أبناء وبنات سبع عشرة جماعة في الأرك أن يقضوا ليلة أو ليلتين في صقيع ايغرم، مع دعوة ممثلي جمعيات الدفاع عن حقوق الطفل أن يقوموا بالزيارة لما يسمونه الخيرية بإيغرم وأن يتصلوا بنزلائها. و»هذا التهميش الكلي لأبناء وبنات قبائل المنطقة ، يعود إلى كون هذه الأخيرة لا تتوفر على وزراء ولا على نواب برلمانيين من أبنائها، للدفاع عن مصالحهم ، رغم أنهم يساهمون في الحواضر بالضرائب والمرابحات لتنمية وطنهم» يقول بعض أبناء المنطقة .