تتوالى أسباب وظروف إخلاء العالم القروي بإقليم تارودانت من البقية الباقية من السكان، ونقدم كنموذج ساكنة الجماعات القروية التابعة لإيغرم، حوالي ستة عشرة جماعة قروية وبلدية واحدة (وإن اسما فقط). الجفاف المستمر وندرة المياه وانعدامها في أكثر من جهة ولو بالمقابل. وتساهم وزارة المياه والغابة بقوانينها الجائرة والموروثة عن الاستعمار الفرنسي منذ سنة 1916 في حرمان الساكنة من الماء الشروب ما أن يستجيب الحوض المائي لجهة سوس-ماسة لطلب هذه الجماعة وتلك حتى يقف حارس الغابة ليمنعك من إحداث ثقب للتنقيب عن الماء، مع العلم أن تحديد الملك الغابوي لم يترك إلا أمتارا بين الغابة وبين كل قرية. وبعد طلب الترخيص والموافقة بعد شهور، وبعد العثور على كمية ولو نادرة من الماء وإيصالها إلى هذه القرية وتلك، تفرض الضريبة السنوية على جماعة كجماعة النحيت التي لا يتعدى دخلها السنوي أربعة ملايين من السنتيمات. أشير هنا إلى مشروع بئر تير زكوضاض وبئر تيفلفال اللذي يبلغ الواجب أداؤه بشأنه للمياه والغابات سنويا 11000 درهم. وكان الواجب في نظرنا إعفاء الجماعة والسكان من هذه الآداءات غير المبررة، بل على جميع الوزارات أن تعمل على توفير الماء الشروب لمن لم يهاجروا بعد من العالم القروي. ولانعدام المراقبة والمواكبة، كانت مندوبية الفلاحية التابعة لجهة سوس ماسة تلبي رغبات جماعتنا الهادفة إلى توفير مطفيتين إلى ثلاث سنويا لخزن مياه الأمطار للماشية. منذ 2010، وعدنا المندوب الحالي لجهة سوس ماسة بمطفية لماشية قرية أضار بعد عدة طلبات، وقمنا بزيارته مرات عديدة. كما قمنا بزيارة المهندس المسؤول عن متابعة الصفقات السيد بلكوش. حيث قام هذا الأخير بزيارة للقرية كنوع من التنويم والمراوغة. ولحد كتابة هذه السطور لم يبدأ الحفر قرابة سنتين ونصف. ولا نستغرب أن يضطر أصحاب الماشية إلى بيع ما تبقى منها. فهل يمكن للسيد المفتش المكلف بالمتابعة البحث عن أسباب تأخر هذا الملف الذي نطرحه كنموذج فقط؟ كما أننا لم نعد نستفيد، منذ بداية التسعينيات، من خدمات الإنعاش الوطني الموجود بجوار عمالة تارودانت... كما أننا نجهل مقاييس تدخله في هذه المنطقة وتلك التي تستفيد من خدماته. هذا إضافة إلى انعدام ولو مستشفى واحد لساكنة هذه الجماعات لينقل المصاب ولو بلدغة عقرب إلى تارودانت فأكادير إن وجد المريض إمكانيات مادية تنقله من قريته إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير، فمستشفى المختار السوسي بتارودانت بدون أجهزة وبدون تخصصات في مستوى متطلبات ساكنة الإقليم والتي تضم 82 جماعة قروية وسبع بلديات... وكذا انعدام الطرق ووسائل النقل في أكثر من جماعة كجماعة حداماون وجماعة تيندين خلافا لما نسمعه من السادة الوزراء أثناء إجاباتهم عن الأسئلة الشفوية للسادة النواب. الأنكى هو نهب محتويات مركزية أبناء الغد وانعدام الأمن لشساعة المنطقة وقلة رجال الدرك الذين لا يتعدى عددهم عدد أصابع اليد. والذين يتمركزوا، دوما، في مركز الدائرة. وسبق أن طالبنا في أكثر من تحقيق صحفي بتخصيص حراس الأمن قرب كل جماعة خاصة بعد استفحال ظاهرة السطو على منازل المهاجرين وعلى المؤسسات العمومية كما حدث بتاريخ 10-7-2012 بجماعة النحيت، حيث تم السطو على الوسائل التعليمية الموجودة بإدارة مدارس أبناء الغد المركزية وهي كالتالي: حاسوبان من الحجم الكبير، آلة الطباعة من الحجم الصغير. كما تمت سرقة حقيبة إلكترونية تعليمية تحتوي على حاسوب محمول من نوع «ب.ش» ومكبر الصورة ومكبران للصوت. كما تم الدخول إلى أحد الأقسام وتم إتلاف كل ما يوجد به من وسائل تعليمية من الصور ومراجع وكتب مدرسية. وصبيحة 2012-07-11 جاء السيد المدير، الذي انتقل إلى جهة أخرى، رفقة المدير الجديد ليسلم له ما تمت الإشارة إليه. لكن وجد الإدارة منهوبة وتم الاتصال بالسلطة المحلية وبالدرك الملكي بإيغرم من طرف المدير نفسه ومن طرف الجماعة والسكان. ولما وصل رجال الدرك، في نفس اليوم، لحظة إشعارهم، وجدوا المدرسة مقفلة وحاولوا الاتصال، دون جدوى، بالسيد المدير الذي اتصل بهم، حيث غادر المؤسسة وأقفل هاتفه النقال. السؤال المطروح إلى أي حد يتحمل السيد المدير مسؤولية ضياع ما بداخل إدارته من أدوات تعليمية تمت الإشارة إليها، حيث جاء رفقة المدير الجديد ليسلم له ما لم يتوفر في إدارته التي كان مسؤولا عنها؟!... ولماذا غادر المؤسسة وأقفل هاتفه النقال؟!... هذا دون نسيان مسؤولية السيد النائب الإقليمي لإقليم تارودانت في متابعة الموضوع بدءا برفع شكاية إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتارودانت قصد تحريك البحث والقبض على الجاني أو الجناة لتقول العدالة كلمتها. طبعا، مدارس العالم القروي لا تستحق بعد توظيف حراس يعملون على نظافتها وحراستها كما هو الشأن بالنسبة لمدارس الحواضر، بل عكس هذا وظفت وزارة الداخلية في جماعة النحيت وحدها -على سبيل المثال لا الحصر- شيخين ومقدمين دون مباراة ودون التأكد من كونهم حاربوا الأمية يكفي أن تكون لكل واحد حاسة السمع تلتقط الهمس من بعيد وتبلغ مضمونه للسلطة صدقا أو كذبا، وإن لم يبلغوا عن من نهب المؤسسة المشار إليها!... قريبا المدرسة الجماعاتية بجماعة النحيت للقضاء على تعدد المستويات في قسم واحد بعد تقارير السادة المفتشين والسادة المديرين المخلصين لمهنتهم والتي أجمعت على أن تعدد المستويات لدى معلم واحد كان سببا مباشرا في تردي النتائج التربوية والتعليمية في العالم القروي. وقد اهتدت الوزارة إلى العمل على إحداث المدارس الجماعاتية ولو بعد ستة وخمسين عاما من الاستقلال. وهذا يعني ضياع مواهب وكفاءات للوطن. وقد استفادت جماعة النحيت من هذه المبادرة بشراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووزارة التربية الوطنية في شخص السيد النائب والأطر المساعدة إضافة إلى الجماعة المساهمة بالملاعب والطريق والمراقبة... دون نسيان مجلس جهة سوس-ماسة-درعة الذي وفر وسائل النقل المدرسي لنقل تلامذة دواوير الجماعة وإيصالهم إلى المدرسة الجماعاتية ثم إعادتهم إلى أسرهم مساء ريثما تتوفر داخلية لمن يقطنون بعيدا عنها. وللإشارة، فإن الساكنة تطالب، وبإلحاح، بإحداث إعدادية بجانب المدرسة الجماعاتية تزامنا مع تدشين هذه الأخيرة في السنة الدراسية المقبلة 2013-2012 خاصة إذا علمنا أن إعدادية الأرك بإغرم تستقبل أكثر من 150 تلميذا فوق طاقتها الاستيعابية كلهم من تلامذة جماعات النحيت والقاضي وتيسفان ممن حرمتهم سياسة الكيل بمكيالين من حقهم في التعليم الإعدادي والثانوي في الوقت الذي استفادت جهات مجاورة لا تتوفر على معايير الاستفادة، لكنها تتوفر على التدخلات من هذه الجهة وتلك وعلى عهد الانفتاح والصراحة والدستور الجديد أن يكفر عن أخطاء الماضي القريب والبعيد.