مما لا شك فيه أن الممارسين والمهتمين بالتعليم الابتدائي في العالم القروي يتألمون للنتائج السلبية المتكررة والمستمرة تلك التي حصدها ويحصدها الأبناء والآباء كل سنة من الاستقلال وإلى الآن هذه النتائج الكارثية وقف عليها السادة المفتشون المخلصون لمهنتهم وأعدوا تقارير في الموضوع أقول المخلصون لأن هناك من لا يكلفون أنفسهم ولو بزيارة واحدة في السنة للمجموعات المدرسية المسندة إليهم إضافة إلى تقارير السادة المديرين المخلصين لمسؤولياتهم، وهناك من يسيرون المجموعات المدرسية المسندة إليهم في هذه المدينة وتلك على بعد عشرات الكيلومترات بالهاتف، أضف إلى هذا الشواهد الطبية المتتابعة لهذا وتلك، وهناك من المدرسين من يدركون أن مهنة التعليم إنسانية قبل أن تكون وطنية، ومعنوية قبل أن تكون مادية، هذا النوع لا يتمارضون تجدهم في أقسامهم صباح مساء طيلة السنة الدراسية . عنصر آخر ساهم في النتائج السلبية في التعليم الابتدائي بالعالم القروي هو الهجرة التي تركت القرى شبه فارغة مما جعلنا تجد عدة مستويات في قسم واحد تسند طبعا لمعلم واحد. كل مستوى يتوفر فقط على أربعة إلى خمسة تلاميذ فأقل... هذا معروف لدى الممارسين والمهتمين ووصلت التقارير المنجزة ميدانيا إلى النيابات وإلى الوزارة التي شعرت أخيرا بخطورة الموقف. وبعد ندوات ومناظرات تم الاهتداء إلى الحل المتلخص في إحداث المدرسة الجماعاتية في كل جماعة قروية للقضاء على المستويات من جهة ولتوفير التعليم الإعدادي الغير المتوفر لأغلبية المجموعات المدرسية لحد الآن. من الجماعات التي حصلت على الموافقة والمصادقة على إحداث المدرسة الجماعاتية جماعة النحيت. وتم اتخاذ الخطوات العملية لبنائها قبل موسم 2011/2012، إلا أن المقاول الذي حصل على المشروع بواسطة المناقصات تقاعس منذ الاجتماع الأول في عين المكان حيث حضرت مهندسة النيابة والمسؤول عن المتابعة والسيد رئيس الجماعة ونائبه، وحضر المقاول مرددا لم أستعد بعد وفعلا مر أكثر من شهرين لم يبدأ العمل الذي اختار بنفسه المشاركة في المناقصة وبالتالي لم يقم بإنجاز المشروع كما حدث في جهات أخرى ولا بالتنازل وترجع المسؤولية في نظرنا إلى النيابة صاحبة المشروع وإلى السلطة الوصية القسم المختص في العمالة بمتابعة المشاريع من هذا النوع. مع العلم أن النائب الثاني لرئيس جماعة النحيت ونائب رئيسة لجنة التنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والثقافة والرياضة في إطار مسؤوليته زار السيد عامل الإقليم وأخبره بهذا التأخير الغير المبرر لشهور مما سيسبب حرمان أبنائنا من الاستفادة من هذا المشروع الواعد الذي سيضع حدا لمسلسل النتائج السلبية أو التخفيف منها على الأقل. والسؤال الذي يفرض نفسه هو : لماذا يشارك هذا المقاول وأمثاله في المناقصة الخاصة بإنجاز مشروع من هذا الحجم ؟. مع العلم أن بناء المدرسة الجماعاتية التي ينتظرها مئات الأطفال وأوليائهم بشغف وترقب ليست كبناء بناية خاصة ما.