تتكون دائرة إيغرم التابعة لإقليم تارودانت من ست عشرة جماعة قروية وبلدية واحدة ، ويتكون الجهاز الإداري حاليا من الباشا ورئيس الدائرة وثلاث قيادات : قيادة المكرت وتتوفر على قائد وخليفته، وقيادة أضار وتتوفر فقط على خليفة، القائد اختفى فور تنصيبه لأكثر من سنة رغم حاجة المنطقة إلى خدماته! وقيادة أيت عبد الله تتوفر على قائد وخليفته. السؤال الذي نود طرحه في هذا التحقيق، ما الذي تحقق لساكنة إيغرم في المجالات الحيوية كالتعليم والصحة والماء ؟. في مجال التعليم تتوفر كل جماعة على مجموعتين مدرسيتين إلى ثلاث مجموعات، لكن دائرة إيغرم بجماعاتها القروية الست عشرة وبلدية واحدة كما تمت الإشارة إلى ذلك ، لا تتوفر إلا على ثلاث إعداديات وثانوية واحدة، إعدادية إيغرم حيث البلدية بجانبها، ثانوية حديثة يتيمة. وفي غياب «عناية» وزارة التربية الوطنية، تم بناء إعدادية اندوزال من طرف جمعية اندوزال من مال أبناء المنطقة، كما تم بناء إعدادية أيت عبد الله من طرف جمعية أيت عبد الله من مال أبناء المنطقة، مع العلم أن الدولة هي المسؤولة عن بناء المؤسسات التعليمية في الحواضر والبوادي حسب المتعارف عليه وطنيا ودوليا . وهكذا تبقى ثلاث عشرة جماعة لا تتوفر إلا على التعليم الأساسي غير المكتمل و غير المراقب و غير المؤطر، إذ أن بعض المديرين لا يزورون المجموعات المدرسية المسندة إليهم إلا مرة أو مرتين في الشهر وأغلبية المفتشين لا يزورون هذه المجموعات إلا مرة أو مرتين في السنة، وقد لا يزورونها ، وتبقى زيارة النائب لمجال مسؤوليته حلما لن يتحقق ، حيث قد يزور فقط المؤسسات الابتدائية والثانوية المتواجدة في المدن القريبة للنيابة ، وكنموذج يؤكد ما تمت الإشارة إليه، مدير مجموعة مدارس أبناء الغد التابعة لجماعة النحيت تمت مراسلة النيابة من طرف جمعية الآباء في السنة الماضية 2008-2009 لكونه لا يزور المجموعة إلا مرة في الشهر، ولكون المعلمة المسندة إليها المستويات الرابع والخامس والسادس تغيبت السنة كلها، فأفرز هذا الإخلال بالواجب، سنة بيضاء بالنسبة للمؤسسة المركزية وبعد «التنبيه الإعلامي» انتقلت اللجنة الموفدة من طرف النائب إلى المؤسسة المشار إليها، لم تجد المدير وبعد اللجنة ذهب المفتش وظل يوما كاملا هناك ولم يجد بدوره المدير، ومع ذلك لا يزال مديرا لنفس المجموعة للسنة الدراسية 2009-2010 ! أكثر من هذا وأفظع توصلت مجموعة أبناء الغد بمواد غذائية للمطعم المدرسي وما أحوج أطفالها الفقراء إلى هذه المواد، لكن ظلت مخبأة دون توزيع ودون أن يستفيد منها أي طفل طوال السنة المنصرمة وإلى الآن، كان على مدير المجموعة أن يعمل على توزيع المواد الغذائية المرسلة من النيابة، بالاستعانة بجمعية الآباء وبغيرها. لكن أن تترك المواد الغذائية الخاصة بالمطعم المدرسي طول السنة الدراسية 2008-2009 لتجدها السنة الدراسية الحالية 2009-2010 فهذا ما لم نسمع به وما لا يقبل في قاموس التربية والتعليم كمهنة إنسانية قبل أن تكون وطنية ومعنوية قبل أن تكون مادية، بل هي مهنة التضحية في سبيل تكوين الأجيال! للتأكد مما سمعناه، قمنا بزيارة للمجموعة المدرسية المشار إليها وسجلنا الخصاص في المعلمين وعدم صلاحية السبورات للكتابة في فرعية اغير نوامان، أضف إلى هذا وقوفنا على سبعة أكياس، كل كيس يحتوي على خمسين كيلو غراما من الدقيق وثمانين كيلوغراما من العدس وسبعة عشر " كارطونا" من علب السمك و25 لترا من الزيت، و17 كيلو غراما من الطماطم المعلب ومواد غذائية أخرى مخبأة كلها في مخزن داخل فرعية اغير ن وامان لم يقم المسؤول عن التوزيع والإشراف على الاستهلاك بمسؤوليته ، وقد تتم إعادتها إلى النيابة أو إلى أحد الأسواق القريبة منها! كما لاحظنا عدم توزيع الأدوات المدرسية كلها كما حدث في مجموعات أخرى مجاورة.. وهناك قرى نائية لم يستفد أطفالها من التمدرس كحق من حقوق المواطنة كقرية أنامر التابعة لجماعة اماون، حوالي أربعين طفلا وطفلة... هناك خصاص في المجال الصحي حيث المستوصفات بحاجة إلى أطباء، ودائرة إيغرم لا تتوفر إلا على مركز صحي، لا يتوفر حتى على جهاز التشخيص، يتحمل المريض معاناة الانتقال 90 كلم إلى مستشفى المختار السوسي بتارودانت، حيث انعدام جهاز سكانير ليرسل إلى أكادير 200 كلم، ودائما بواسطة سيارة الإسعاف ومن أين لفقراء هذا العالم بما يفرضه التنقل والفحوص والبعد بعشرات الكيلومترات من مصاريف ؟ الجواب عند وزارة الصحة المسؤولة عن توفير العلاج للمواطنين حاضرة وبادية. الماء الشروب وعراقيل المياه والغابات وجهات أخرى ! في قبائل إيغرم، لا يزال أغلب السكان يشترون مياه الشرب بالناقلة بمبلغ 400 درهم للناقلة وعندما تحصل هذه الجماعة وتلك وهذه الجمعية وتلك على ثقب استكشافي فمصالح المياه والغابات تكون بالمرصاد تطالب المعنيين برخصة منها وعندما تبعث الجماعة أو الجمعية بطلب رخصة تنتظر أشهرا ولا جواب، مع العلم أن الرخص من هذا النوع لا تزال تمنح مركزيا وقد لا يصل الطلب إلى المركز، وعندما تتصل بالمسؤول مباشرة أو بالهاتف يخبرك «بأننا سنجيبك بعد البحث...» وكان المنتظر ، حسب ما تفرضه المواطنة والإنسانية، أن تقوم المصالح المعنية بحفر الآبار لتوفير الماء الشروب لساكنة هذه المنطقة بدل مطالبة الجمعيات والجماعات والأفراد بالرخص، فالمنع من حفر هذا الثقب وذاك. أضف إلى هذا معارضة بعض الأشخاص للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب وللمنظمات الدولية المساهمة وللجمعيات التنموية المحلية كلما تم العثور على ثقب استكشافي جد إيجابي كفيل بتوفير الماء لساكنة العديد من الدواوير بل لآلاف السكان ممن لا يتوفرون عليها ليتوقف عمل المكتب والمنظمة المساهمة ، كما حدث على سبيل المثال جانب مستوصف جماعة النحيت، مستغلين الحياد السلبي للسلطة الوصية وكان الواجب أن تتدخل بحزم لتوفير الماء الشروب لمن لا يتوفرون عليه وذلك بتطبيق القانون الخاص بالماء الشروب... ولا نبالغ إذا قلنا إن عرقلة استغلال الثقب الاستكشافية ، من قبل بعض المصالح ، والتي يوفرها الحوض المائي لجهة سوس ماسة، والاعتراض غير المبرر لبعض الأشخاص للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ولجهات مساهمة والتزام السلطة الحياد السلبي.. هذا كله ساهم ويساهم في الهجرة الكلية بعد الجزئية وفي إفراغ العديد من القرى من ساكنتها.