دعا المشاركون في ندوة مغاربية، أول أمس الأحد بمراكش، إلى ضرورة بلورة استراتيجية مغاربية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تواجه المنطقة في إطار من التنسيق والتعاون. وشددوا في ختام أشغال هذه الندوة، التي نظمتها منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة «هانس سايدل» على مدى يومين، حول موضوع «المشترك المغاربي»، على أهمية التصدي للتهديدات الأمنية المختلفة دون المس بمبدأي الحكامة الأمنية ودولة الحق والقانون. كما دعوا إلى استحضار المشترك التاريخي الموسوم بالتطلعات والآمال العريضة في بناء جسر متين لاتحاد مغاربي وازن، مع التأكيد على أهمية التعاون الاقتصادي كسبيل لتعزيز العلاقات السياسية بين مختلف الدول المغاربية وتجاوز المشاكل العالقة بينها. وأبرز المشاركون، في ذات السياق، أهمية الحوار والتواصل في تدبير الخلافات ورتق اللحمة المغاربية، انطلاقا من إمكانيات المشترك الحضاري وبعقل سياسي عقلاني ورؤية مستقبلية واثقة، محذرين من الكلفة الأمنية والاقتصادية والإنسانية التي يفرزها الاندماج المغاربي. وفي هذا الصدد، أوصوا بالاستفادة من تجارب التكتلات الوازنة على المستوى العالمي، كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الأوروبي من حيث التركيز على تشبيك المصالح الاقتصادية والتدرج في الأولويات وتجاوز تبعات الصراعات والحروب الماضية والاستجابة لتطلعات الشعوب. وتضمنت التوصيات، أيضا، التأكيد على أهمية تعزيز الخيار الديمقراطي في المنطقة على مرتكزات مؤسساتية حقيقية تضمن احترام الحقوق والحريات، وتوسيع دائرة المشاركة السياسية وتعزيز دور المجتمع المدني في تجاوز حالة الركود التي تطبع أداء الاتحاد المغاربي. كما استحضر المشاركون الأهمية التي يكتسيها المجتمع المدني في تعزيز الدبلوماسية الموازية وتجاوز الخلافات وترسيخ الوعي بالمشترك وبكلفة الاندماج المغاربي، وكذا الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الجماعات الترابية في تعزيز التعاون المغاربي من خلال اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي. وجاء في التوصيات كذلك، الدعوة إلى استحضار الأبعاد الاجتماعية والإنسانية لساكنة الحدود بين المغرب والجزائر، والعمل على خلق شبكات لمنظمات المجتمع المدني ذات طابع مغاربي، وإقامة مراكز للدراسات والبحوث تعنى بالشأن المغاربي، فضلا عن دعوة وسائل الإعلام المغاربية المختلفة إلى الانخراط في التحسيس بأهمية البناء المغاربي والترويج للمشترك في أبعاده المختلفة، وتعزيز التواصل بين الشعوب المغاربية مع التركيز على الشباب المغاربي الذي يجسد المستقبل الواعد في هذا الخصوص. وارتباطا بالوضع الليبي، دعا المشاركون إلى إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة الليبية، مع التأكيد على أهمية مقتضيات اتفاقيات الصخيرات في هذا الصدد. وشهدت هذه الندوة حضور عدد من الباحثين والخبراء من الدول المغاربية قدموا ضمن ثلاث جلسات علمية مداخلات تمحورت حول التأكيد على المشترك الذي تتقاسمه دول المنطقة في أبعاده وتجلياته الثقافية والتاريخية والحضارية والاجتماعية، كما وقفوا أيضا على التحديات الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية التي تواجه دول المنطقة مجتمعة. يشار إلى أن منظمة العمل المغاربي هي هيئة مدنية مستقلة تأسست عام 2011 بمراكش وتسعى إلى التحسيس بأهمية البناء المغاربي.