تقارب دراسة «الجريمة والعقاب في مغرب القرن 16» لفرناندو رودريغيث مديانو الباحث الإسباني المتخصص في حقول تاريخ المغرب ونخبه (القرنين 16 و17) التي عربها وحققها سعيد عاهد، مفاهيم الجريمة والعقاب والعدالة في عهد الدولة السعدية. وينطلق هذا المؤلف من مجموعة من الأسئلة من قبيل ما هي الأحكام التي كانت تصدر باسم السلطان في القرن 16 ومن كان يحرك مسطرة المتابعة؟ وما الجرائم والجنح التي كان يعاقب عليها القانون؟ ما حكم القاتل وما الفرق بين «القصاص» و»الدية» و»التشهير»؟ وكيف كانت تنفذ عقوبة الإعدام ومن كان مكلفا بذلك؟ وهل كانت هناك استثناءات في تنفيذ العقوبات؟ ويناقش هذا الكتاب ، الذي تم تقديمه يوم السبت الماضي بالجديدة ، في لقاء ثقافي بمبادرة من «جمعية مازكان- الجديدة للتراث»، وبتنسيق مع فرع الجديدة لرابطة كاتبات المغرب وفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالجديدة، هذه الأسئلة انطلاقا من الوثائق والمصنفات التاريخية. وأوضح الكاتب والمترجم سعيد عاهد في توطئة للكتاب الذي أنجز وطبع بدعم من وزارة الثقافة (دعم الإقامات الأدبية للمؤلفين المغاربة) أن المرحلة التاريخية المدروسة تشكل منعطفا أساسيا في تاريخ المغرب ومرتكزات دوله الحاكمة، إذ احتضنت الانتقال من دولة العصبية القبلية إلى دولة الشرف عبر سقوط الدولة المرينية وصعود الدولة السعدية. وأبرز أن المؤلف وهو عبارة عن مقالة نشرت تحت عنوان «العدالة، الجريمة والعقاب في مغرب القرن السادس عشر»، في المجلة الفرنسية المتخصصة والشهيرة «حوليات، تاريخ، علوم إنسانية» (العدد الثالث من أعداد السنة الواحدة والخمسين، 1996) ، أن مغرب القرن الخامس عشر يشكل فترة انتقال مهدت البلاد للخروج من العصر «الوسيط» والتوجه نحو العصر «الحديث». وأضاف أن ميزان القوة انحاز لصالح أوربا، ف»مقابل نهضة الأوربيين وخروجهم إلى العوالم الجديدة وإنشائهم لإمبراطوريات شاسعة، ظهرت بوادر الأزمة لدى المغاربة وخضعوا لوضعية الاحتلال». واعتبرعاهد أن أهمية هذا الكتاب تتمثل في كونه يزخر بمعطيات مهمة وتحاليل لظاهرة «العنف المشروع» الذي مارسته الدولة السعدية في لحظة تاريخية معينة. كما أنه يقدم أجوبة حول سؤال أحوال «العدالة» بكل حمولاتها وتمظهراتها بمغرب القرن 16. وأوضح سعيد عاهد أن لذة قراءة النص الأصلي والإبحار في مصادره ومراجعه وإحالاته، والمعطيات الإضافية النابعة من التنقيب في مؤلفات لم تحضر في صميمه، خلقت الرغبة لديه في اقتسام الأصل المقروء مع الآخرين، مع مصاحبته بنتائج البحث التي تولدت مباشرة منه، وبالإضافات التي تمخضت عن التحريات المكتبية التي قاد إليها . يذكر أن الباحث الإسباني فرناندو رودريغيث م ديانو متخصص، كذلك، في الحماية الإسبانية في المغرب والعلاقات بين إسبانيا والإسلام في العصر الحديث. كما أنه عضو باحث في «المجلس الأعلى للأبحاث العلمية» الإسباني و «مركز العلوم الإنسانية» بمدريد و»المدرسة الإسبانية للتاريخ والأركيولوجيا» بروما. من جهته أصدر الكاتب والمترجم والصحفي سعيد عاهد مجموعة من المؤلفات أهمها «ذاكرة متشظية» و «الطيب حذيفة.. التبوريدة فن الفروسية المغربي» (مترجم) ، و»قصة حب دكالية محكيات»، ثم «الفتان، محكيات من صورة الروكي بوحمارة» مترجم، كما صدر له ديوانان باللغة الفرنسية، بالإضافة لمساهمته في مؤلفات جماعية.