تعيش مناطق عديدة، على امتداد جغرافية البلاد، منذ أكثر من أسبوعين، على إيقاع تهاطل أمطار عاصفية قوية همت عدة أقاليم، خصوصا بشمال ووسط المغرب، فيما تم تسجيل تساقطات ثلجية مهمة فوق المرتفعات وبعض مناطق الشمال والأطلسين المتوسط والكبير، حيث أن مناطق عدة غادرها «البياض الشتوي « منذ عقود استيقظت فجأة على «غطاء ثلجي» غير معتاد، كما هو الشأن بمجموعة من قبائل إقليمتارودانت على سبيل التمثيل لا الحصر. التساقطات المطرية والثلجية والانخفاض القياسي في درجات الحرارة، حول يومياة قاطني الجبال والمناطق النائية إلى معاناة، ليس بحثا عن لقمة عيش فقط، ولكن أيضا عن الدفء، حيث تستغني الأسر عن مجموعة من المصاريف لضمان المتطلبات المادية لشراء الحطب قصد توفير سبل التدفئة ولو في حدها الأدنى. إقليمخنيفرة، عرف تساقطات ثلجية ومطرية في مجموعة من النقط الجبلية، ابتداء من علو 1300 متر عن سطح البحر، تسببت في قطع حركة المرور بالطريق الرابطة بين خنيفرة وزايدة، وبالتحديد بمنطقة «تيمدغاس وتنوت أوفيلال»، وبين خنيفرة ومناطق «تابدوت وتيقجوين»، التي تراوح سمك الثلوج بها ما بين 10 و40 سنتمرا ،أكثر من ذلك فقد تعدت المتر في مناطق أخرى. ونجم عن هذه التساقطات الثلجية الكثيفة، في بعض المناطق الجبلية بالإقليم، تسجيل عرقلة السير العادي لحياة المواطنين، حيث عاشوا ظروفا صعبة تفاوت حجمها بمختلف الدواوير والقرى، حسب قربها أو بعدها من المراكز الحضرية. التساقطات الثلجية هاته السنة، همت مناطق لم تكن معتادة على ارتداء البياض، حيث عرف إقليمجرسيف بدوره سقوط الثلوج وإن بكميات أقل. هذا وتساهم المسالك الوعرة وقساوة الطبيعة والانخفاض القياسي لدرجة الحرارة في تفاقم أوضاع سكان المناطق الجبلية المتمركزة في علو أكثر من 1300 متر، بسبب انسداد الطرق و وطأة موجة البرد القارس، التي اجتاحت جل المناطق بإقليميخنيفرة وميدلت، إذ بلغت درجات البرودة إلى أدنى مستوياتها المئوية، وتراوحت ما بين 5 و15 درجة تحت الصفر. ونتيجة لهذه «المتغيرات المناخية» القاسية والاستثنائية، عانت عدة مراكز ودواوير وقرى تابعة لنفوذ تراب إقليم ميدلت، خصوصا بمناطق أنفكو؛ تونفيت وآيت أوفلا وحجيرت وإيتزر وتمحضيت..، من «الحصار»، بعد أن حولتها التساقطات الثلجية إلى مناطق معزولة عن العالم الخارجي. من جهة أخرى، لوحظت طوابير حافلات وسيارات محاصرة وسط الثلوج بمعبر تيشكا الرابط بين ورزازات ومراكش قبل أيام، حيث أطلق بعض المسافرين نداء استغاثة لإنقاذهم قبل أن تتدخل السلطات والمصالح المختصة لإعادة فتح المعابر. في ظل هذه الظروف القاسية، إذن، يعيش سكان المناطق الجبلية على إيقاع الخوف من تداعيات موجة البرد والجليد المنتشرة هذه الأيام، حيث يجد مجموعة من السكان أنفسهم، وأمام ارتفاع ثمن حطب التدفئة ببعض الأقاليم ذات التضاريس الوعرة، وتحكم مافيات الحطب في الأسعار التي ارتفعت بشكل قياسي، مجبرين على التوجه إلى الغابات المجاورة لحطب الأشجار، الأمر الذي يعرضهم للمواجهة مع حراس الغابة ولمتابعات قضائية محتملة. في السياق ذاته، ينبغي التذكير أن موجة البرد بجبال الأطلس غالبا ما تكشف عن مجموعة من الإشكاليات التي تظل مغيبة في البرامج المقررة لهذه الأقاليم؛ كما هو شأن انعدام التجهيزات الأساسية، خاصة الطبية منها بمجموعة من المراكز القروية لمواجهة مثل هذه الحالات، وكذا ما تعتبره الساكنة «تلاعبات» بحطب التدفئة، ما يدفع إلى «المطالبة بإعادة النظر في تصنيف هذه المناطق في التعويضات على مستوى الوظيفة العمومية».