كنا قد تطرّقنا في الجزء الأول من موضوعنا عن مرض «ضخامة النهايات» خلال الأسبوع الفارط، عن طبيعة الداء وأصل تسميته، ونسبة المصابين به من مجموع الساكنة، فضلا عن المرحلة العمرية التي قد يتعرض فيها الشخص للإصابة بالمرض، وكذا أعراضه وتداعياته المختلفة، وهنا في هذا الجزء الثاني، ننطلق من الفكرة التي وقفنا عندها والمتعلّقة بالمشاكل التي تتسبب فيها أعراض الداء، ومنها الآلام على مستوى الظهر والمفاصل في المستوى الأول، والتي يجب أن نعلم بأنها تكون مدعاة لزيارة الطبيب، لكونها تؤثر على ثلثي المرضى، ويمكن أن تكون منهكة جدا، خاصة عندما تتعلق بالأصابع التي تتسبب في صعوبة عند الكتابة وفتح أو إغلاق أزرار القميص ...، دون إغفال تشوهات العظام، وعلى وجه الخصوص انحراف العمود الفقري (الجنف)، أو إسقاط القص (وهو في منتصف الصدر بين الأضلاع)، كما أن الزيادة في الوزن هي شائعة ويمكن أن تكون كبيرة مع وجود تعب واضح عند جميع المرضى، إلى جانب متلازمة «النفق الرسغي» التي تعتبر هي الأخرى شائعة جدا بحيث تظهر عند ما بين 40 و 50 في المئة من الحالات، وتسبب خدرا ووخزا، وألما على صعيد اليد، خصوصا أثناء الليل، الذي يمكن أن يوقظ الشخص من نومه. وفي غياب العلاج، تفقد عضلات اليد تدريجيا حجمها وتضعف. تداعيات المرض هي ليست مقتصرة عند هذا الحدّ فحسب، فهو يمكن أن يؤثر على الأذن أيضا، مما قد يؤدى إلى فقدان السمع، ويعتبر الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم من الأشياء الشائعة جدا الذي تصل نسبته إلى 60٪ من الحالات، علما أن التنفس يتوقف عند بعض المرضى لبضع ثوان، والتي قد تسبب اضطرابات للقلب وفي الجهاز التنفسي على المدى الطويل. إن تأثيرات فرط هرمون النمو تطال مختلف الأجهزة بحيث يثخن الجلد و يتجعد، يصير التعرق أكثر من الطبيعي، يمكن أن ينمو شعر الجسم ويزداد حجم العضلات، وكذا ازدياد حجم الأعضاء الداخلية إذ يتضخم الكبد، والغدة الدرقية في بعض الحالات، وبالأخص القلب الذي يتضخم عند 70 إلى 80٪ من المرضى، والذي يعتبر من المضاعفات التي من المحتمل أن تكون خطيرة، عندما يكون حجم القلب كبير جدا، بحيث لا يمكن ضمان وظيفة الضخ وقد لا يكون الجسم مزودا كفاية بالأكسجين، خصوصا خلال التمارين. وفي كثير من الأحيان يعاني المرضى من فشل في القلب، ارتفاع ضغط الدم الذي يطال 35٪ من الحالات، والذي بدوره يمكن أن يضر القلب والأوعية الدموية والكلى على المدى الطويل. وجدير بالذكر أنه في بعض الحالات تكون هذه المضاعفات سببا في اكتشاف المرض، دون إغفال إمكانية الإصابة بمرض السكري أيضا، حيث تُسجّل حالات التعب والعطش والجوع الشديد، وارتفاع حجم البول. كما قد تحدث أعراض أخرى تتعلق بورم الغدة النخامية عندما تكون ضخامة النهايات بسبب ورم حميد في الغدة النخامية، الذي عندما يكبر، يضغط على الدماغ مسببا صداعا مقاوما للعلاج. ومن الشائع أيضا حدوث انخفاض الرؤية، وتضييق مجال الرؤية على الجانبين، على التوالي في 65 و 20٪ من الحالات. وارتباطا بهذه الفكرة تجب الإشارة إلى أنه عندما يصل الورم الحميد في الغدة النخامية إلى حجم كبير، يضغط على الخلايا المجاورة في الغدة النخامية التي تتحكم في إفراز الهرمونات الأخرى حيث لا يتم إنتاج هذه الهرمونات بكمية كافية، مما يتسبب في أعراض أخرى. وبالتالي، من الشائع حدوث انخفاض في هرمونات الغدة الدرقية الذي يؤدي إلى قصورها، وكذا في هرمون الغدة الكظرية مع قصورها هي الأخرى، أو انخفاض في الهرمونات الجنسية. ويتسبب قصور الغدة الدرقية في «بطء» وظائف الجسم وتنخفض القدرة الفكرية ومعدل ضربات القلب، إلى جانب تموجات الأمعاء التي تعطي الإمساك، والتعب، والعصبية، وزيادة الوزن، وانخفاض الرغبة الجنسية والاكتئاب. ويسبب قصور الغدة الكظرية عادة التعب، وفقدان الشهية، وانخفاض ضغط الدم وشحوب الجلد وانخفاض كثافة شعر الإبطين والعانة.