نشرت مجلة «موند أفريك» الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الاستقالة المفاجئة لعمار سعداني من رئاسة جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وهي الخطوة التي تأتي في إطار التغييرات الكبيرة التي يشهدها «قصر المرادية». وقالت المجلة، في تقريرها «، إن هذه المناورات جزء من استراتيجية إعادة تطوير المشهد السياسي الجزائري قبل الانتخابات الرئاسية في سنة 2019، معتبرة أن استقالة سعداني، هي الخطوة الأخيرة في هذه التغييرات الهامة التي تحدث الآن في الجزائر. وأشارت المجلة إلى أن وسائل الإعلام الجزائرية لم تجرؤ على الحديث حول هذا الحدث المهم، كما أن العديد من الوجوه السياسية في الجزائر رفضت التعليق عن هذه التغييرات الفجائية. وفي واقع الأمر، فإن كل ما حدث هو أن عبد العزيز بوتفليقة قد أقال عمار سعداني - الخادم المخلص للتحالف الرئاسي - من مهامه داخل جبهة التحرير الوطني ومن آلة الدعاية الرئيسية للنظام الجزائري. وأضافت المجلة أنه ببساطة لم تعد جماعة الرئيس الجزائري في حاجة إلى عمار سعداني. وقالت إن رئيس جبهة التحرير السابق قد خسر ثقة «معلميه» الذين يُعدّون الآن لاستراتيجية أخرى تتمثل في تحضير الرأي العام لاحتمال وجود ولاية خامسة لعبد العزيز بوتفليقة. وبينت المجلة أن هذا المشروع الذي تعد له جماعة الرئيس، لا يلقى الكثير من الدعم داخل النظام الجزائري. وعلى رأس هذه المجموعة، نجد رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح وأنصاره، الذين أعلنوا سابقا أنهم لا ينوون الانضمام إلى هذا المشروع. وتجدر الإشارة إلى أن قايد صلاح وأتباعه ينتمون إلى «جماعة جديدة»، أطلق عليها خبراء في الوضع الجزائري اسم «جماعة عنابة». وقد تناولت مجلة موند أفريك موضوع التعريف بهذه الجماعة الجديدة المنشقة عن التحالف الرئاسي وشبكاته. وأوردت المجلة أن أول المواضيع التي تحدثت عنها مجموعة عنابة؛ هو موضوع مرحلة ما بعد بوتفليقة. كما تعتبر هذه المجموعة أنه قد حان الوقت للحديث عن خليفة بوتفليقة في هذه الفترة التي توشك فيها ولايته على الانتهاء، كما أنها ساندت في السابق ولاية بوتفليقة الرابعة. وكشفت المجلة أنه في قصر المرادية لا يتم التخطيط لإعداد الجزائر لمرحلة ما بعد نهاية عهد عبد العزيز بوتفليقة؛ لأنه لا مجال للحديث عن التخلي عن السلطة ما دام الرئيس على قيد الحياة. والأسوأ من ذلك، فإن القوة تتسرب إلى عضو آخر من التحالف الرئاسي، والأمر الذي أثار حفيظة قايد صالح ورفاقه هو أن هذا الشخص هو الجنرال توفيق، رئيس المخابرات الجزائرية السابق. وقالت المجلة إنه بالنسبة لسعيد بوتفليقة، الشقيق والمستشار الخاص للرئيس الجزائري، فإن المناورات المنفصلة التي تقوم بها جماعة عنابة، خطيرة وغير مقبولة. ولتحصين الجماعة الرئاسية من هجمات خصومها، استعان شقيق الرئيس بالعدو القديم، الجنرال توفيق. ومن جهته، قبل الجنرال توفيق بالتفاوض، وكان أول شروطه هو إزاحة عمار سعداني من منصبه. كما أنه طلب إقالة الجنرال أحمد قايد صالح، الذي تسبب في اعتقال صديقه المقرب الجنرال حسن. وفي المقابل، مدت جماعة عنابة يد المساعدة لسعداني وعرضت عليه الانضمام إلى صفوفها لحماية مصالحه. وفي الوقت الذي بدأ فيه العد التنازلي للمدة التي يقضيها سعداني على رأس جبهة التحرير الجزائرية، قبل الرجل السياسي مبدئيا بهذا العرض، لكنه يحتاج وقتا للتفكير قبل اتخاذ أي قرار. ومقابل المساعدة التي قدمتها عشيرة عنابة لسعداني، طلبت منه القيام بزعزعة المصالحة بين الجنرال توفيق وجماعة الرئيس. وبالفعل، فاجأ سعداني كافة الشعب الجزائري بتصريحاته التي اتهم فيها الجنرال توفيق بالتخابر لصالح فرنسا. وأضافت المجلة أنه بعد استقالته، تلقى سعداني وعودا بتعيينه بمنصب سفير في الخارج، وذلك بهدف إبعاده عن الاضطرابات السياسية في الجزائر، هذا إضافة إلى ضمان ثنيه عن دعم جماعة عنابة التي تنافس جماعة بوتفليقة في الحكم. وفي الختام، قالت المجلة إن المعركة الانتخابية الرئاسية لسنة 2019، قد بدأت بالفعل في الجزائر. كما أن خليفة سعداني على رأس جبهة التحرير الوطني، هو من أكثر الرجال وفاء لبوتفليقة، ويدعم مشروع ولاية خامسة للرئيس الحالي.