تتواصل الزيارة الملكية، لعدد من البلدان الإفريقية، هذه المرة في شرق القارة، في إطار المجهود المضني والمثمر، الذي يقوم به المغرب، بهدف تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية، مع امتداده الطبيعي، كبلد لم ينقطع، أبدا، في تاريخه عن عمقه الإفريقي. وما عاناه المغرب، من طرف منظمة الوحدة الإفريقية، عندما قررت الاِعتراف بجمهورية صحراوية، لا وجود لها في أرض الواقع، ليس إلا استمرارا للسياسة الاِستعمارية، التي قسمت الكيانات الإفريقية، التي كانت تتقاطع فيها الإثنيات والقبائل، وتتعايش في إطار خرائط، لا علاقة لها بالخريطة التي رسمها المستعمر، حسب مصالحه وتوزيع مناطق النفوذ بين مختلف قواه. لقد وقف المغرب، من الوهلة الأولى ضد هذا التقسيم المصطنع، بينما اِنحازت الطغمة العسكرية الجزائرية للمنطق الاستعماري، لكنها استغلت شعارات الثورة، التي قادها شعبها، من أجل تكريس هذه السياسة في القارة الإفريقية، عبر منظمة كان الفساد ينخر سلوك العديد من مسؤوليها. اليوم، يبدو أن هناك جيلا جديدا، من المسؤولين السياسيين والأطر، الأفارقة، الذين أدركوا أن مستقبل القارة، لا يمكن أن يظل رهين الصراعات المفتعلة والتفرقة والتقسيم، لذلك فإن جوابهم عن الخطأ القاتل، الذي ارتكب في المنظمة المذكورة، كان هو تمتين العلاقات الثنائية مع المغرب، في إطار تعاون يخدم الشعبين وليس في إطار سياسة التباعد والحقد، التي تزرعها الديبلوماسية الجزائرية، وتصرف عليها الأموال الطائلة من ميزانية بلد، أصبح شعبه من أفقر شعوب القارة. السياسة الإفريقية للمغرب، هي في الحقيقة، اِرتباط بالأصل، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، على المستوى التاريخي والاستراتيجي والاِقتصادي والثقافي، وعودة طبيعية للرحم الإفريقي، إذ لا يمكن تصور مستقبل بلدنا دون اندماجه القوي، في قارته، وتجاوز العراقيل التي خلقتها له سياسة اِستعمارية، ارتدت هذه المرة، بذلة جنرال جزائري. لا يمكن لأي مغربي، متشبع بثقافة بلده الأصيلة، أن يشعر بالغربة، وهو يزور بلدان القارة الإفريقية، لأن الثقافات تتشابه، إلى حد كبير، مع المغرب، رغم بعد المسافات، بالإضافة إلى أن التحديات والمعضلات والمشاكل والآمال، تتشابه كذلك، لأنها تتوق للخلاص من التخلف والفقر والأمية ومن الهيمنة الاِمبريالية، وسياسة زرع الفتن والتجزئة والتقسيم.