تتوارد أخبار من موريتانيا، في الأسابيع الأخيرة، غير سارة للمغرب على العديد من الأصعدة، حيث يتبين أن حكومة هذا البلد تتوجه نحو خرق القواعد التي طبعت التوازن في العقود الأخيرة، مما يمكن أن يضر كثيرا بمصالح مشتركة طورت العلاقات بين الشعبين، خاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. غير أن محاولة تغيير التوازن الذي ساد لحد الآن، والذي كانت نتائجه إيجابية، مطبوعة بالتعاون والاستقرار، يمكن أن تكون تداعياته سلبية، خاصة وأن هناك طرفا، هو حكام الجزائر، يبحثون عن أي سبب، مهما كان تافها، لخلق أجواء التوتر، و الإضرار بالعلاقات الطيبة بين البلدين، لأن المواجهة كيفما كانت مبرراتها، تخدم استراتيجية التفرقة، التي حالت دون النجاح في مشروع البناء المغاربي. تجنب التوتر والمواجهة أمر ممكن، إذا تم استحضار مصلحة الشعوب، التي يهمها التعاون والتضامن والعيش المشترك، أكثر من أي شيء آخر. وهو الأمر الذي وقفت ضده الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر، في إطار استراتيجية التقسيم وزرع كل أنواع وأشكال التباعد والتفرقة وإثارة الأحقاد والنزاعات... على حكام موريتانيا توضيح الأمور لشعبهم، ومن أهم ما ينبغي أن يوضحوه، ما هو مستوى التعاون مع المغرب، وما الذي ربحه البلدان منه على مختلف الأصعدة، ثم ما الذي سيجنيه الشعب الموريتاني والشعب المغربي من التوتر الذي تدفع فيه سياسة، لن تصل إلا إلى الطريق المسدود. لقد أوصلت هذه السياسة الجزائرية المنطقة كلها إلى الطريق المسدود، ليس فقط مع المغرب، بحجة النزاع حول الصحراء المغربية، بل من حق الشعوب المغاربية أن تتساءل ما الذي يمنع التقارب بين الجزائر وتونس، مثلا، حيث لا يوجد نزاع؟ السقوط في استراتيجية التفرقة التي تخطط لها الطغمة العسكرية الجزائرية، يعني تبني أطروحة الانفصال، والتصعيد السياسي والدبلوماسي ووقف مشاريع التعاون، والدخول في مسلسل التوتر، بكل تداعياته، مرورا بسباق التسلّح، وصولا إلى المواجهة العسكرية، التي لن تكون سوى آفة حقيقية على الشعوب وعلى السلم والاستقرار. السؤال الوجيه الذي سيكون من المفيد طرحه في هذه الأزمة، مهما كان حجمها بين المغرب وموريتانيا، هو ماذا ربحت الشعوب المغاربية من الاستراتيجية الجزائرية، الجواب يوجد لدى حكام موريتانيا.