تنطلق مساء يومه الجمعة، 14 أكتوبر 2016، الولاية التشريعية العاشرة، بترؤس جلالة الملك لأشغال الجلسة الافتتاحية كما ينص على ذلك دستور المملكة. ويتم ذلك في إطار المقتضيات الجديدة لدستور 2011 والقوانين التنظيمية المكملة له، والتي تطرح إشكالات وتساؤلات بخصوص حالات التنافي والصفة التي سيحضر من خلالها بعض النواب. إن نجاح 11 عضوا في الحكومة، بالإضافة إلى رئيسها، سيطرح إشكالات تتعلق بغموض وضعيتهم القانونية. فهم في نفس الوزراء أعضاء في حكومة تصريف الأمور الجارية، ويتوفرون على صفة نائب برلماني، بل إن رئيس الحكومة نفسه يوجد في ثلاث وضعيات مختلفة تتمثل في رئاسة حكومة تصريف الأمور الجارية، ونائب برلماني، ورئيس حكومة معين لتشكيل الحكومة الجديدة. وأمام هذا الوضع، فإن تطبيق مقتضيات الدستور والقوانين التنظيمية المكملة له، تدفع المختصين والمتتبعين إلى طرح التساؤلات التالية: بأي صفة سيحضر هؤلاء الوزراء/النواب جلسات مجلس النواب؟ وهل يحق لهم المشاركة بالتصويت على رئيس المجلس وأعضاء المكتب؟ وإذا كانوا يمتلكون حق التصويت، فهل من حقهم ممارسة حق الترشح لأجهزة مجلس النواب؟ أسلة كثيرة تُطرح مرة أخرى وستنال ولا شك حقها من النقاش الذي نتمنى أن يكون هادئا ومسؤولا يراعي مقتضيات القانون دون حسابات سياسية حتى نحفظ للنص القانوني مكانته لكي لا يبقى مجرد حبر على ورق. لقد سبق للمجلس الدستوري أن بت في هذه الوضعية في بداية الولاية السابقة، عند تعيين النائب البرلماني عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، في الوقت الذي استمرت فيه الحكومة القائمة في تصريف الأمور الجارية متضمنة عددا من الوزراء الذين نجحوا في استحقاقات 25 نونبر 2011، بل إنه تم تقديم عضو في الحكومة كمرشح لرئاسة مجلس النواب وسط نقاش قانوني من مستوى رفيع. وإذا كان قرار المجلس الدستوري آنذاك قد ذهب في اتجاه اعتبار أن الحكومة «لا تكون مشكلة إلا بعد تعيين جلالة الملك لأعضائها باقتراح من رئيسها وفقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 47 من الدستور»، فإنه استنتج من ذلك أن «حالة التنافي بين العضوية في مجلس النواب وصفة عضو في الحكومة... لا تنطبق على السيد عبد الإله بنكيران». وقد أسس المجلس الدستوري اجتهاده على كون الدستور قد نص على أنه «تُواصل الحكومة المنتهية مهامها تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة» وأن هذه الحكومة، برئيسها وأعضائها تظل قائمة دستوريا إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة. وقد كانت الفرصة آنذاك مواتية للمجلس الدستوري للنظر في وضعية حالة التنافي من عدمها بخصوص أعضاء حكومة تصريف الأمور الجارية، عند النظر في الطعن المقدم في قانونية جلسة انتخاب رئيس المجلس الذي كان لا يزال عضوا في الحكومة، إلا أنه دفع في اتجاه كون «الطلب خارجا عن نطاق اختصاص المجلس الدستوري». كما أن المجلس الدستوري لم يبت في الوقت المناسب في رسالة إدريس لشكر بتاريخ 23 دجنبر 2011 التي يلتمس فيها البت في وضعيته القانونية بين الصفة النيابية التي اكتسبها وبين كونه وزيرا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان في حكومة تصريف الأمور الجارية، حيث أنه لم يصدر قرار المجلس الدستوري إلا بعد أن قدم إدريس لشكر استقالته من الحكومة. ورغم أن المغرب كان آنذاك يعرف هذه الوضعية القانونية الغامضة (رئيس حكومة مُعين مازال لم يُشكل حكومته، إلى جانب وزير أول لحكومة قائمة دستوريا)، إلا أن الوضعية الحالية تطرح إشكالات قانونية أعمق مما سبق. فحكومة تصريف الأعمال القائمة حاليا تضم 11 عضوا في الحكومة إضافة لرئيسها، اكتسبوا صفة نواب برلمانيين، ولا ندري ما هي الصفة التي سيلجون بها قبة البرلمان، ولا هل سيُشاركون في التصويت، وهل سيتقدم أحدهم للترشح لأجهزة مجلس النواب... وللتذكير، فإن القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب ينص على تنافي العضوية في مجلس النواب مع صفة عضو في الحكومة، وأن المحكمة الدستورية، هي التي تُعلن شغور المقعد بطلب من رئيس مجلس النواب، داخل أجل شهر، كما أن النظام الداخلي لمجلس النواب يؤكد هذا المقتضى. إلا أن القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها الصادر لاحقا سنة 2015 وإن أكد هذه القاعدة فإنه منح عضو الحكومة المعني بإحدى حالات التنافي «تسوية وضعيته داخل أجل لا يتعدى ستين (60) يوما من تاريخ تنصيب مجلس النواب للحكومة أو من تاريخ تعيين عضو الحكومة المعني، حسب الحالة. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذا القانون التنظيمي يعتبر أن الحكومة المنتهية مهامها، لأي سبب من الأسباب، تستمر «في تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يسير في اتجاه اجتهاد قرار المجلس الدستوري المشار إليه أعلاه، وأن هذا الأمر لا يشمل «التدابير التي من شأنها أن تُلزم الحكومة المقبلة بصفة دائمة ومستمرة، وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية وكذا التعيين في المناصب العليا». فكيف ستتعامل الحكومة مع هذا الوضع؟ وللإشارة، فإن الأمر يتعلق بأعضاء الحكومة التاليين: رئيس الحكومة، وزير الشباب والرياضة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، وزير الاتصال، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وزير السياحة، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الوزير المنتدب المكلف بالنقل، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة.