من المنتظر أن يكون وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة قد سلم مفاتيح الجمعية المغربية لمحاربة داء السكري بالجديدة إلى العضو الذي وقع عليه الاختيار وتطوع للإشراف على تسيير الجمعية لمدة لا تفوق ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير، في أفق تجديد هياكلها لتستمر في تقديم خدمات للمصابين بداء السكري. وكانت النيابة العامة قد وضعت كلا من رئيس الجمعية المكي الطايف وشقيقه رهن الاعتقال الاحتياطي في انتظار محاكمتهما جراء دزينة من التهم التي سطرتها في حقهما، من بينها انتحال صفة نظمها القانون وانتحال صفة صيدلي وعدم ضبط حسابات الجمعية والمس بالصحة العامة وتقديم مواد منتهية الصلاحية. وكانت مصالح الأمن الإقليمي في الجديدة قد داهمت مقر الجمعية الكائن بنهج ابن خلدون في الجديدة، وأجرت تفتيشا دقيقا بمقرات الجمعية أسفر عن حجز عشرات العلب الكرتونية المملوءة بالأدوية والعقارات والعديد من الوثائق والطوابع المطاطية وأوراق تخص جميع صناديق التأمين الصحي ووحدات تخص أجهزة الكومبيوتر ،و تمت عملية المداهمة بناء على تعليمات نيابية صارمة. وأفادت مصادر قريبة من التحقيق أن وكيل الملك ومباشرة بعد توصله بشكاية تتضمن معطيات دقيقة وخطيرة تهم الصحة العامة من طرف نقابة صيادلة الجديدة والهيئة الوطنية للأطباء، أمر الفرقة المالية والاقتصادية بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة بفتح تحقيق عاجل في هذا الملف، خاصة وأن الأمر يتعلق بصحة المواطنين وممارسة مهنة صيدلي من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالميدان . وكان نفر من الصيادلة قد تقدموا بطلب الانخراط في الجمعية المغربية لمحاربة داء السكري بالجديدة بادعائهم أنهم مصابون بداء السكري وخلال حضورهم للمقر تبين لهم أنه يضم جميع أنواع الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، بدءا بداء السكري وانتهاء بالمهيجات الجنسية، وبعد استجماع كل المعلومات وأمام حجم الأدوية التي كان يحويها مستودع بمقر الجمعية تم الاتصال بالنيابة العامة وتقديم شكاية في الموضوع . وقد أسفرت عملية المداهمة عن حجز أدوية تتعلق بداء السكري والضغط الدموي والزهايمر والمسكنات الخاصة ببعض الأمراض النفسية والعقلية والمهيجات الجنسية. وباطلاع أفراد الشرطة على المحجوز، بمحضر رئيس نقابة الصيادلة، تبين أن الأمر يتعلق بأدوية تم تسليمها من طرف شركات مختصة في تصنيع الأدوية وأخرى في التوزيع كما هو ثابت من الفاتورات وأخرى عبارة عن عينات مجانية يتم تسليمها عادة للأطباء وأخرى مجهولة الهوية وغير مصنعة في المغرب، مما يؤكد أنها أدوية مهربة من الجزائر وأخرى ربما عبارة عن هبات يسلمها أجانب ومغاربة مقيمون في المهجر إلى الجمعية بحكم طابعها الإحساني. الأمر لم يتوقف عند عملية الحجز التي تمت داخل مستودع الجمعية، بل تم العثور بمنزل رئيس الجمعية خلال تفتيشه على أدوية منتهية الصلاحية من بينها دواء الانسولين كما تم العثورعلى عينات من الانسولين تحمل شعار وزارة الصحة تسلم مجانا إلى المواطنين المصابين بداء السكري، خاصة المعوزين منهم. وأسفر التحقيق، الذي استمر لساعات عدة، عن حجز وثائق بنكية خطيرة تتعلق بالتحويلات التي كانت تتم من حساب المكي الطايف بصفته الشخصية وليس كرئيس الجمعية المغربية لمحاربة داء السكري،وأبانت أن رقم معاملاته مع شركات التصنيع الدوائي وتوزيعه تتجاوز المائتي مليون سنتيم منذ بداية السنة إلى حدود شهر غشت 2016، مما يؤكد أن المعني بالأمر حول الجمعية من جمعية خيرية تقدم خدمات ونصائح للمصابين إلى إقطاعية خاصة به وصيدلية تتاجر في كل شيء، طمعا في الربح المادي الذي يتجاوز 50 مليون سنتيم سنويا كصافي أرباح، إضافة إلى السفريات والخصم المئوي الذي كانت تغدق به الشركات على الرئيس. ومن الوثائق المحجوزة أيضا حوالات تتجاوز في كثير منها 9000 درهم شهريا، تتعلق بتعويضات المرض من طرف صناديق التأمين الصحي التي كان يستعمل فيها وثائق الأدوية الخاصة بالجمعية وطوابع مطاطية تتعلق بصيدلية تقع بالقرب من مقر سكنه مسجلة في اسم صيدلانية بهيئة الجديدة، مما يؤكد أن الأمر لا يتعلق بعمل معزول بل يمتد إلى شبكة منظمة لكل واحد فيها دور معين. وفي لقاء ببعض الصيادلة طالب بعضهم بأن يشمل التحقيق بعض الموزعين والشركات المصنعة التي عثر على أثر لها بالجمعية، خاصة المختصة في صناعة أدوية الأمراض المزمنة الغالية الثمن التي يتجاوز احتياطها بمستودع الجمعية صيدليات الجديدة جميعها. وطالب منخرطو الجمعية والمترددون عليها وضع حد للتسيب الذي كان سائدا بالجمعية، خاصة التعامل مع المرضى والمصابين ورفض الانخراطات، التي كان الرئيس وشقيقه يتفننان في اختيار من يريدان واستبعاد رؤوس الفتنة، على حد تعبيرهما، وفتح باب الانخراطات قبل الجمع العام من أجل انتخاب مكتب يكون في مستوى تطلعات المرضى والمصابين والأطر الطبية والتمريضية التي كان الكثير منهم ينفر من تصرفات القائمين عليها،وكذا إجراء افتحاص مالي على كناش الجمعية، خاصة وأن محجوز يوم واحد من مداخيل الجمعية قارب 9000 درهم، وبما أن الرئيس تربع على عرش هذه البقرة الحلوب لأكثر من 6 سنوات فإن الأمر يستوجب فحص ماليتها.