فنانة فلسطينية ، رسامة ، ونحاتة بخبرة 15 سنة في مجال الفنون الجميلة ، مصممة شعارات كثيرة لمدارس و شركات ومؤسسات خاصة ، منجزة لجداريات ، معلمة للتربية الفنية ، تنجز أعمالها بأي مادة ترى فيها منفذا للتعبير عن خلجات أحاسيسها إزاء قضايا وطنها فلسطين ، حازت على شهادات تقديرية لمنجزاتها الفنية . مبدعة دؤوبة البحث والعطاء في المجال الفني إنجازا وتعليما وتعلما. إنها الفنانة الفلسطينية فداء سمار. مبدعة تحاول الاشتغال بمختلف الخامات معبرة عما تجيش به أعماقها ، وما هو عالق بذاكرتها البصرية مما تراه أهلا بأن يتجسد في أعمالها الفنية ، فهذه قباب ، وتلك طبيعة تعبر عن الاشتياق إلى الى جمال مفقود ، وتلك حمامة صامدة أمام قضبان تنكسر وتتباعد كي تترك فسحة للحرية ، معبرة عن صمود الأسرى من أجل حقوقهم في التنعم بالطمأنينة والأمن والسلام . مبدعة لم تخرج عن مسار المبدعين الفلسطينيين بصفة عامة والتشكيليين بصفة خاصة في التعبير عن ألم وأمل الشعب الرازح تحت سياط الاحتلال ، فمن رسوماتها ما يحيل على التحدي والتصدي ، وما يحيل على الحماية المحتومة للحق الإنساني المشروع ، وما يحيل على عناق الأحبة من أجل القضية ، وما يحيل على طبيعة يزحف اليُبْس نحوها ، وتحتاج إلى إنقاذ قبل فوات الأوان ، وما يحيل على المرأة بهمومها القريبة والبعيدة ... كل ذلك منجز ببساطة الشكل و الرؤية المباشرة مما يقربنا إلى ما يشبه الأحلام الطفولية وبراءة الصبا ، ووضوح الهدف ... للون في الفنون التشكيلية نصيب مركزي في تجسيد المبتغى ، و التعبير عن المراد ، والحال أن الألوان التي تختارها الفنانة الفلسطينية فداء سمار ألوان غير متباعدة الصفة والدرجة ، فهي في جلها داكنة يتخللها الأحمر ، ويبدو أن هم المبدعة المتمثل في قضية وطنها قد تسلل بعمق وبوعي أو لا وعي إلى منجزها الإبداعي . ألوان لوحاتها مُغيِّبة للفرحة والإشراق ، مغيِّبة لِسِعَة البعد ، مقربة للضيق والتحدي في ذات الوقت . وتبدو أعمالها التشكيلية أعمالا مباشرة لا تكَلُّف ولا تصنُّع فيها ، فهي ترسم بعفوية من يحاول تسطير ما يَرِدُ على وجدانه ، وقد يكون ذلك من سمات الإبداع الصادق الذي هَمُّه الكشف عن الأعماق ، وإبداء وجهة النظر عبر رؤية إبداعية سمتها البساطة في الشكل والبعد والمنظور ، وخير عُمْق وجوهر ما جاء في البسيط من التركيبات ، و قد قالوا أن النهر قد يتضمن ما لا يتضمنه البحر « يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر « . كل ذلك يعود في اعتقادنا إلى صدق العاطفة والمشاعر إزاء ما تحاول إبرازه في لوحاتها المتنوعة والمتكاملة من حيث الموضوعات التي تحيل عليها ويتجلى ذلك في التعبير عن القضية الفلسطينية وما تحمله من منعطفات ملؤها المعاناة والسعي نحو التحرر والتنعم بالأمن كباقي البشرية . ولذا جاء بعض أعمالها مضببا متنوع الألوان بين الباهت والصارخ ، بين الدافئ الحار وبين البارد ، إحالة على التناقضات التي صارت تطبع معظم البلدان العربية وليس فلسطين فحَسْبُ. إن المبدعات و المبدعين الفلسطينيين ملتزمون برصد وتجسيد قضاياهم الوطنية في أعمالهم الأدبية والتشكيلية والدرامية ، وقد سبق أن كتبنا على ثلة منهم فأبرزنا ذلك ومنهم التشكيلي الكبير فتحي غبن ، وفائز الحسني ، ومنال أبوصفر وغيرهم . وما المبدعة فداء سمار سوى واحدة من هؤلاء الحاملين لمشعل التعبير عن عذابات وطموحات الشعب الفلسطيني الأعزل الذي نتمنى له الحرية والأمن والاستقرار. وما أجمل الإبداع حين يكون تعبيرا وصرخة من أجل الخروج من عالم الشتات وجحيم المعاناة الأليمة للتنعم بالطمأنينة والسكينة و الود والسلام ، ولا شك أن إطلاق الإبداع على عواهنه دون قيد ولا التزام قد يدخله في عالم التأزم والعبثية ، فالإبداع الحقيقي سيظل تلك الرئة التي من خلالها يتنفس المبدع معبرا عن هموم شعب تشغله مشاكل وقضايا في مقدمتها الحرية باعتبارها أولى الأولويات و عليها تنبني سائر الحقوق . وليس هذا غريبا ، فالمبدع تنعكس على نفسيته كل ما تعج به الفضاءات التي يعيش عليها أو يرتادها ، والقضية الفلسطينية لها الدور الرئيس في بلورة رؤى الفنانين الإبداعية عبر بذل الجهد من أجل التعبير العميق وبشتى التقنيات والاتجاهات الفنية العروفة والمبتكرة ، ويبدو ذلك جليا في أعمال هذه الفنانة التي تعبر بإبداعها مساهمة في التحسيس والتوعية بحاضر ومآل قضايا وطنها الجريح.