تحدث مجموعة من السلوكيات الصادرة ما بين الفينة والأخرى عن الأجهزة الاسبانية وقع المفاجأة لدى الإنسان المغربي، و خاصة خلال مرحلة الديمقراطية ، على عكس زمن فرانكو الذي انتهى سنة 1957. وتفرز هذه التصرفات بوادر أزمات و تشنجات على مستوى العلاقات ما بين اسبانيا و المغرب، كما حصل مؤخرا في ما عرف بجزيرة ليلى أو الزيارة الملكية الاسبانية لمدينة امليلية وصولا الى المواقف المتعاقبة للاسبان لمعاكسة حقوق المغرب في استكمال وحدته الترابية . ويرجع اندهاش المغاربة في جزء كبير منه، إلى اعتبار أن السياسة الخارجية الاسبانية لا تجد مرتكزا في طبيعة العلاقات السائدة ما بين البلدين، أخذا بعين الاعتبار العلاقات الاقتصادية الممتازة والعمل المشترك لمحاربة الإرهاب و الهجرة السرية وغير ذلك. أيضا، لا تجد المواقف الاسبانية سندا و شرحا لها حيث أن المغرب، أرادت ذلك النخب الاسبانية أم أبت، يبقى أقرب دول الضفة الجنوبية للمتوسط من الثقافة الاسبانية . لذلك، يقف المغربي مشدوها أمام هذا التحامل الاسباني غير المبرر و غير المؤسس على أية مواقف صادرة عن الطرف المغربي قد تسيء الجار الشمالي سواء اقتصاديا أو ثقافيا أو سياسيا أو عسكريا ..... فسياسة الانفتاح و الديمقراطية النسبية التي يعتمدها المغرب - على خلاف جيرانه - توحي طبيعيا بأنه سيكون البلد الجنوبي الأكثر احتضانا في المجتمعات الغربية عموما و الأوربية على الخصوص، بما فيها الاسبانية. فإذن، كيف يمكن تفسير كل هذه المواقف العدائية التي تبديها الطبقة السياسية و الرأي العام تجاه المغرب دون أن يصدر عن هذا الأخير أية أفعال قد تبرر ذلك . في ظل هذا السياق، انطلقت حركة محمد ابن عبد الكريم الخطابي سنة 1919 و التي ضاعفت من حجم الهزائم الاسبانية و الارتباك الحاصل داخل ساحتها السياسية.فقتل جيش بكامله و الذي تجاوزت تقديراته العشرة آلاف باعتماد الأرقام الاسبانية نفسها(خوان باندو،التاريخ السري لحرب الريف،ص. 219] كان يعني إقرارا بالعجز وهو ما كان ذا عواقب وخيمة على مجمل المناخ السياسي في شبه الجزيرة الايبيرية.فالأمر كان غير مسبوق في التاريخ الاستعماري بأكمله أخذا بعين الاعتبار جميع القارات.فقد اعتبر الحدث «بمثابة مفاجأة ثقيلة للنظام و واقعا مرا للبلاد» كما يمكن القول أنها المأساة الأكثر فظاعة في التاريخ الاسباني، حيث «أجبرت المؤسسات على التزام صمت رهيب،جعل كل أولئك الذين عاشوا أحداث الدراما يفضلون التحلي بالصبر،بيد أن البلاد ظلت تحتفظ بشعور رهيب نحو الأمس المفجع،شعور كانت تهيج أواصره كلما ذوى اسم أنوال»(خوان باندو،ص.87]. لقد تلقى الكبرياء الاسباني طعنة قوية و لفترة غير قصيرة حيث نقرأ عن نفس الحدث في كتاب آخر»لقد خلفت هزيمة أنوال و تفكك المراكز العسكرية بمليلية إحساسا بإحباط عميق لدى جيش افريقيا، جيش اوروبي حولته مجموعة من سكان القبائل إلى أشلاء .لقد كان شيئا مهينا ضربهم في عمق كرامتهم اتجاه عدو احتقروه و قللوا من شأنه طوال الوقت»(مغاربة في خدمة فرانكو،ص.35). لن نستحضر ما كتب حول حركة الريف،و هي كتابات كثيرة خاصة لدى الاسبان،لكن ما يهمنا هو أن الوقع الذي خلفته كان حاسما في انهيار النظام السياسي للبلاد،حيث سيطر العسكريون على الحكم سنة 1923.،كما بدأ احتضار النظام الملكي نفسه ليتم إعلان الجمهورية الثانية بتاريخ 14 أبريل 1931.نفس الشيء يصدق على مجمل الطبقة السياسية التي عاشت مصيرا مأساويا ما بين الإعدام و القتل أو الانضباط للنظام الفرانكاوي رغم عدم الاتفاق معه. لذلك،فتاريخ الدولة الاسبانية يمكن الحديث بشأنه عن ما قبل معركة أنوال و ما بعدها. وهذا الواقع و العجز هو الذي دفع الدولة الاسبانية إلى ارتكاب جريمة أخرى تنضاف إلى العمل الاستعماري، و هو القرار الذي اتخذ منذ غشت سنة 1921 باستخدام الغازات السامة ضد قبائل محدودة الإمكانيات الاقتصادية و البشرية و فقيرة على مستوى العتاد.و إذا كان هذا الاستعمال المكثف للغازات السامة يعتبر جريمة ضد الإنسانية احتج ضدها ابن عبد الكريم(أنظر أحمد مهدرها،مجلة أمل،ع.8،ص 52]،فانه أيضا يحمل إقرارا بالعجز عن حسم الصراع بإتباع «حرب نظيفة». وخلال هذه الحرب «القذرة» كما يسمونها ،يمكن القول أن اسبانيا لم تراع حدود الحرب،بل كانت تهدف إلى الانتقام لضحاياها . وتأكيدا على هذا المضمون ،يذكر لنا القنصل الألماني في الرابع من ماي1927 بأنه»لم تكتف القوات الاسبانية بتدمير القوى و المناطق السكنية التي كانت تعتبر قواعد انطلاق للمتمردين ،بل مارست عمليات التقتيل الجماعي بتلك المناطق،و هي ممارسات يمكن وصفها ببساطة بكونها إبادة شاملة للسكان(حرب الغازات،ص.167]. ويمكن القول دون تردد أن المغرب قد ارتكب خطا سياسيا واضحا بعدم إلحاحه على ضرورة الاعتذار له و للساكنة المحلية بهذه المناطق. فالأمر غير عاد تماما و يستحق الرجوع له باستمرار، إذ نحن أمام «أول صراع حربي يحسم عبر استعمال الغازات السامة».(نفسه،ص.9)، ولا يمكن أن يفهم السكوت عن هذا الأمر لمدة تجاوزت خمسين سنة بعد الاستقلال.صحيح أنه خلال مرحلة معينة لم يكن النظام المغربي يرى بعين الرضى كل ما يبعث على إحياء حركة الريف،لكن في ظل التصالح المعلن مع المناطق، تكتسب هذه القضية أهميتها الكبرى و خاصة في ظل الصراع المفتوح مع جارتنا الشمالية. ولم تنته مأساتنا المزدوجة مع معركة أنوال وما خلفته كزلزال سياسي داخل اسبانيا والانتقام جراء ذلك من ساكنة المنطقة، بل أبان الإنسان المغربي عن إمكانيات حربية هائلة فاجأت الجميع،و من ثمة اتخذ القرار باستعمالها و بالتالي الزج به في الصراعات الداخلية للبلد الجار.فلم تمر على حرب الريف إلا سبع سنوات حينما حصلت ما يعرف بانتفاضة أستورياس.فالأمر يتعلق بإضراب مناجم أخذ بعدا سياسيا لجأت معه الحكومة الديمقراطية إلى جيش إفريقيا للتغلب على الوضع. و لم يتم الالتجاء إلى هؤلاء الجنود لقيمة الخدمات التي قد يقدمونها،بل لأنهم أصحاب تجربة و ممارسة،و لكن أيضا لأنه إذا كانت «حياة كل جندي هامة جدا و يجب أن يراعيها كل حاكم، حياة رجل من اللفيف أو المورو لها أيضا احترامها،إلا أنهم إذا سقطوا في ساحة الحرب يعتبر ذلك حدثا مهنيا،بينما إذا حصل نفس الأمر مع جندي اسباني،رغم أنه يؤدي واجبا مقدسا نحو وطنه،لكنه ليس محترف حرب لم يتطوع للمشاركة فيها و ستبقى أم اسبانية تذرف الدموع الساخنة و التي لن تجد الدولة الاسبانية أي سبيل لمواساتها» (مغاربة في خدمة فرانكو،ض.82]. لقد كانت مشاركة جيش إفريقيا هذا و المشكل في جله من المغاربة(المورو) رغم أن كل قيادتهم من الاسبان، يحدث الرعب و الهلع ما بين ساكنة شبه الجزيرة الأيبيرية بمن فيهم ثوار أستورياس أنفسهم. فسمعتهم لوحدها كانت كافية لإخضاع العديد من المناطق .و قد تم التغلب على تلك الأحداث باعتماد عنف كبير جعل»الحملة العسكرية بأستورياس سنة 1934 تذكر بأحداث حرب الريف نظرا لتشابه الطرق المتبعة في إخماد الثورة من هجوم و غزو و قصف»(مغاربة في خدمة،ص.90]. و دون الدخول في تفاصيل حرب أستورياس التي كتب عنها العديد من الاسبان،نشير فقط الى ما علق بذهن الاسبان من تراكم سلبي جراء ذلك ،وما أضافه من سلبيات اتجاه نظرتهم للانسان المغربي رغم أنه تم الزج به في صراع داخلي ما بين القوى الاسبانية أيضا،كان ينسب ل»المورو» كل المساوئ التي ارتكبت في هذه الحرب حتى و لو كانت الأطراف الأخرى هي المسؤولة عنها.فلا شك أن المواطن الاسباني البسيط قد عانى كثيرا من ويلات هذه الحرب،لكن وقع تواطؤ واضح في عدم اتخاذ القرارات الضرورية حتى في حالة التجاوزات و التي كانت ولا شك تسعف الطبقة السياسية في تحقيق مآربها مع إلصاق كل الشرور بأضعف الحلقات.و قد اعتبر العديد من الاسبان أن هذه الفترة تعتبر الأحلك في تاريخ اسبانيا. ولم يقتصر حشر المغاربة في الصراعات الداخلية الاسبانية عند هذا الحد،بل إن الجمهوريين الذين لجئوا إلى استخدام هذا الجيش قد اكتووا بناره بدورهم. فقد كان فرانكو قد خبر بأس وشكيمة الجنود المغاربة خلال معاركه بمنطقة الحماية،كما أنه تمكن من خلق شعبية داخل جيش إفريقيا و كذا العديد من الأتباع.و نظرا للطموحات السياسية التي أصبحت لديه خلال هذه الأثناء وحنينه للنظام الديكتاتوري، فقد اعتبر أن جيش إفريقيا يعتبر أحسن وسيلة لتحقيق غاياته. وعن دورهم في هذه الحرب وأعدادهم، يفيدنا صاحب»التاريخ السري لحرب الريف» بقوله :»هكذا قطع أحفاد طارق بن زياد المضيق من جديد، كانوا جنودا لا يشق لهم غبار وصل عددهم إلى اثنين وستين ألف رجل، فخاضوا غمار الحرب فقاتلوا وقتلوا. وعن عدد الجرحى الذين سقطوا في صفوفهم،تحدث سالاس لاراثال عن خمس وثلاثين ألف رجل. أما فيما يخص القتلى، فالعدد كان هو سبعة آلاف» (ص.407] قد تحتاج ربما هذه الأرقام إلى فحص و تأكيد ،لكن ما يهمنا هو فداحة الخسائر في أوساط المغاربة والحجم المعتمد في تجنيدهم وحشرهم في حرب لا تعنيهم البتة.لن ندخل في أسباب إقبالهم على هذا العمل،و نشير فقط إلى ما يجمع عليه الكل من ظروف اقتصادية غاية في الصعوبة خلال هذه الأثناء. فكل التقارير الاستعمارية إلى أن المنطقة كانت تعيش شبه مجاعة خلال سنة 1936، وهي السنة التي اشتعلت فيها الحرب الأهلية الاسبانية قبل أن تضع أوزارها ثلاث سنوات بعد ذلك. رغم أهمية الأمر، فان طبيعة هذا المقال لا تسمح لنا باستحضار ومناقشة مواقف الحركة الوطنية، وخاصة في الشمال والأسباب التي دفعتها إلى تبني نوع من الحياد إزاء هذا الأمر وهو الأمر الذي يرجعه الكثيرون إلى خيبتهم من ردود الجمهوريين على مطالبهم، نسجل فقط الموقف الواضح الذي اتخذه السلطان ضد تجنيد المغاربة والزج بهم في حرب هي تعني الاسبان دون غيرهم. نشير أيضا و رغم عدم ملاءمة العددين الى أننا لانعدم مشاركة المغاربة ومساهمتهم الى جانب الجمهوريين في حربهم ضد الفاشية حيث يقدر العدد بحوالي ألف مقاتل.(ابن جلون، الاستعمار والوطنية، ص.339]. طبعا عانى هؤلاء المجندون كثيرا،كما تصف ذلك المراجع الاسبانية، حيث قلة المأكل والملبس والراتب والأمراض الهالكة.لم يكن هؤلاء يتمتعون بالإجازات خشية نقل المعلومات الحقيقية لقبائلهم عن عدد القتلى و ظروف العيش،خاصة مع الرغبة المتزايدة في التجنيد.لم يكن هذا المغربي أيضا يدرك طبيعة هذا الصراع:فلا هو مناصرا للفاشية ولا عدوا للديمقراطية،لكن ما احتفظ مرة أخرى من مشاركته في هذه الحرب كان هو وحشيته و قدرته غلى السلب و القتل و الاغتصاب،رغم أنه يأتمر بقواده الاسبان. كان فرانكو يعي جيدا قدرة المغاربة على التحمل و بأسهم في الحرب.لم يكن يكتفي بإشراكهم في هذه الحرب ولا بوضعهم كمقدمة لفواهات المدافع، بل كأداة للضغط النفسي على الشعب الاسباني لإرهابه وإفزاعه، والهدف النهائي طبعا بث الفزع في أوساط الجمهوريين.ولذلك ففرانكو،لم تكن تهمه في شيء كل الفظاعات التي يمكن أن ترتكب سواء من طرف المغاربة أو غيرهم،و»هكذا بقيت سلوكات القوات المغربية الوحشية عالقة إلى الآن بأذهان الاسبان»(مغاربة في خدمة،ص.197]. في نهاية الأمر،يمكن القول بأن المأساة تعتبر مركبة.فالبلد الاستعماري أصبح يعتبر نقسه ضحية رجال البلد المحتل.والمغاربة الذين هم ضحايا هذا الوضع بامتياز،حتى داخل هذه المعركة التي لم يختاروا لابدايتها ولا نهايتها،أصبحوا ينعتون كجناة و قتلة.طبعا لا يطرح الاسبان مصير الآلاف منهم الذين قتلوا في هذه الحرب الدائرة ما بن الاسبان أنفسهم أو الآلاف التي حلت بالبلاد حاملة معها أقبح العاهات و أبشع الأمراض.لتعيش المنطقة الخليفية بعد ذلك على استحضار هذا الواقع. لذلك،يصح القول أيضا أن الحماية الاسبانية بالمغرب قد كانت لها آثارا و خيمة على المسار السياسي للبلد صاحب الحماية.ذلك، أن المناخ السياسي لهذا البلد قد أصبح مرتبطا و بشكل كبير بما يقع وبالأحداث التي قد تكون منطقة الحماية منطلقا لها. فإذا كان من الطبيعي، بل من الواجب على بلد تعرض للاحتلال حمل السلاح للدود عن أرضه، فان ذلك قد شكل شرارة للعنف انطلى على الحامي و المحمي دقة واحدة. وعوض استيعاب هذا التاريخ و فهمه بموضوعية تضع كل شيء في سياقه الطبيعي،أصبحنا نلاحظ خلطا يصبح فيه الضحية جلادا و المتعدي مشتكيا،حيث ما زال الرأي العام الاسباني يحمل المغاربة وزر كل الشرور العالقة بالمجتمع الاسباني. وتتحمل الطبقة السياسية الاسبانية مسؤولية كبرى في هذا الواقع،إذ عوض توضيح الأمر و هي المدركة له جيدا،تتعمد بانتهازية بخيسة استثمار هذا الموروث و خلق عداء متجاوز لربح بعض المقاعد. فجميع الكوارث السياسية و الاقتصادية و البشرية التي عاشتها الدولة الايبيرية، لا يمكن تحميل مسؤوليتها الا للاسبانيين أنفسهم و لا يمكن بأي حال و طوال التاريخ البشري أن يبحث بلد استعماري بتحميل آفاته السياسية للبلدان التي قام باحتلالها. ولاحظ بأسف أن العديد من الدول سواء منها الاستعمارية أو المستعمرة قد حسمت مستقبلها السياسي،حيث أصبح فيها المصير الانتخابي يتحدد انطلاقا من قدرة الأطراف على تقديم نفسها كقوى اقتراحية في حل ما تعرفه الساحة الداخلية من مصاعب، لكن من المؤسف أن يجد المغرب نفسه محاطا بدول ما زالت تبني سياستها الداخلية على افتراض قضايا خلافية خارجية. نود في الختام التأكيد على أن استحضار هذه الأحداث لا يجب أن نفهم منه اختزال كل التاريخ الاسباني المغربي في الصراعات السياسية و العسكرية،بل لقد عاش الشعبان أيضا العديد من لحظات الوئام و الود. ونلح على أن الأمر يحتوي على مفارقة قصوى حين نلاحظ شكل التعايش زمن الوئام.فلا ننسى أن الاسبان لم يسعوا في سكناهم إلى الابتعاد عن المغاربة ولم يؤسسوا نتيجة ذلك أي مدن جديدة قد يمنع دخولها على غير الأوربيين.و يعرف جميع سكان المنطقة الخليفية أيضا أن العلاقة بين الاسبان و المغاربة , لم يكن يطبعها أي نوع من التعالي مابين الفئتين.فالحالات عديدة التي كان يتجاور فيها المغربي و الاسباني و التي لا يجد فيها هذا الطرف أو ذاك في طلب هذه الحاجة أو تلك التي قد تعوزه مؤقتا.فالجوار يتملك كل معانيه حين يتعلق الأمر بالتعايش و التساكن ما بين هذين المواطنين.والجلوس المختلط في المقاهي أو بالقرب من أبواب البيوت لم يكن منظرا استثنائيا. لهذه الاعتبارات جميعها،نرى أولا ضرورة اعتماد حوار للمصارحة ما بين النخب بمفهومها الواسع للبلدين. أيضا ورغم استحضار هذه الأحداث التاريخية السالفة الذكر،فان المراد ينحصر في ضرورة استيعابها بعيدا عن أي تشنج أو غرض في الاستعمال.فسن أية سياسة عدائية لن يكتوي به بلد دون الآخروحتمية الجغرافية تحتم التناول الهادئ لكل المشاكل الصريحة والملتوية ما بين الطرفين.فلا شك أن ما نراه لن يمثل آخر الأزمات،لكن نعتقد أن السبيل الأوحد لتجاوز هذه «العقد التاريخية يتأسس في الإكثار من مناسبات التواصل مابين الطرفين .لا يجب أن نتخيل بأنه من الممكن أن نصنع المستقبل لوحدنا أو في غنى عن هذا الطرف الضروري لامتدادنا للفضاء الأوربي.فنظرا لضرورة الجوار،يبقى الحوار في كل أبعاده ما بين الإعلاميين والمثقفين والسياسيين والأحزاب و منظمات المجتمع المدني... كل ذلك من شأنه مساعدتنا في التغلب على ارث تاريخي بصمته أحيلنا بعض الأحداث بالسلبية، لكن لا يمكن تقبل استمرارية تحكمه في سياستنا و علاقاتنا إلى ما لا نهاية.