لا يوجد تعريف ثابت للموجات العملاقة، لكن بعض العلماء يصفون الموجات التي يزيد ارتفاعها عن 12 مترًا بموجات عملاقة. وتمكن العلم حاليًا من رسم موجات عملاقة يزيد ارتفاعها على 24 مترًا، وقادرة على إغراق ناقلة نفط عملاقة كما تغرق لعبة طفل. وبدأ العالم ينتبه إلى حقيقة وجود هذه الموجات، رغم الاختلاف حول أسبابها، بعدما رصدت الأنواء الجوية موجات ضد منصة دراوبنر البحرية، 50 كم عن النرويج، بلغ ارتفاعها 12 مترًا. ثم سجل العلماء موجات قرب هذه المنصة ارتفعت مساء إلى 26 مترًا، وهو ما قد يحدث مرة كل 10 آلاف سنة، بحسب تقدير العلماء. ضربت موجة عملاقة الناقلة الضخمة "بريستيج" يوم 13 نونبر 2002 قبالة ساحل كوستا دي لا مويرتة الإسباني، الذي يسمى "ساحل الموت"، والواقع على المحيط الأطلسي. انقسمت الباخرة، التي يبلغ طولها 243 مترًا، إلى قسمين، بعد أربعة أيام، وهبطت إلى القاع، بعدما سربت نحو 77 ألف طن من الديزل إلى مياه المحيط. بسبب مثل هذا الحادث وغيره، عمل الباحث الألماني فولفغانغ روزنتال طوال 30 سنة على تحليل أسباب تكون الموجات العملاقة والعلاقة بين سرعة الرياح واتجاهها، وطوّر على هذا الأساس أول نظام إنذار مبكر من الموجات العملاقة في العالم. رغم الخلافات بين علماء الأجواء حول أسباب غرق "بريستيج"، فإن روزنتال، من معهد أبحاث السواحل في غيستهاخت الألمانية قرب هامبورغ، يعتقد جازمًا أن موجة عملاقة Freak Wave ضربتها. وحسب الأبحاث التي أجراها روزنتال طوال عقدين من مطاردة الأمواج العملاقة توصل إلى أن موجة عملاقة، تسمى Monsterous Wave أو MaxWave، ارتفاعها 35 مترًا تسلط ضغطًا على الباخرة يبلغ 50 طنًا على المتر المربع. هذا في حين أن أقوى أجساد البواخر التجارية العملاقة لا يتحمل ضغطًا يزيد على 15 طنًا على المتر المربع. وكان روزنتال قد استخدم كاميرا رقمية وكومبيوتراً خاصاً لتحليل عوامل تكوّن موجة ارتفاعها 25 مترًا تكفي لتسليط ضغط يزيد على 32 طنًا/ المتر المربع. ورصد الباحث حقيقة أن الموجات العملاقة لا تنشأ بسبب قوة الرياح فحسب، وإنما بسبب تعاكس اتجاهاتها، وتوافق ذلك زمنيًا مع تيارات بحرية قوية تجري تحت السطح. فالرياح، بحسب تعبيره، تسوط سطح الماء من جوانب عدة، فتؤدي خلال وقت قصير إلى نشوء موجة عرضها 1000 متر، وارتفاعها 35 مترًا. نظام الإنذار المبكر وقادت الأبحاث التي أجراها روزنتال عن أسباب غرق الباخرة اليابانية "ديربي شاير" عام 1980 إلى أن سبب هبوطها إلى القاع كان موجة هائلة ضربتها من جنب. ومعروف أن غواصة أميركية عثرت على الباخرة المذكورة تحت عمق 9000 متر بعدما اختفت لأشهر عدة. وهي باخرة ضخمة طولها 300 متر، وكان يعمل عليها في وقت غرقها أكثر من 40 ملاحًا، لم ينجُ أي منهم. ويقول روزنتال إن الباخرة كانت ممزقة ومتناثرة مثل طائرة انفجرت في الجو. وقدر الباحث الأضرار التي أصابت الباخرة بأنها تماثل انفجارًا قوته 17 طنًا من مادة "تي إن تي". يطلق روزنتال على نظام الإنذار المبكر من الموجات العاتية اسم "ويف موديل WAM"، وهو عبارة عن رادار تحت الماء لرصد العوامل التي قد تطلق الموجات العملاقة. ويرسل الرادار معلوماته إلى القمر الصناعي الأوروبي ERS-2 الذي سيرسل إنذاراته المبكرة إلى محطات الرصد الجوي والبحري في كل العالم من خلال 30 ألف صورة يلتقطها سنويًا لموجات البحر. ويتولى الرادار قياس التيارات البحرية "تحت السطحية" وسرعة الرياح واتجاهاتها فوق سطح الماء، بمعنى أنه يقيس كل عوامل نشوء الموجات الكبيرة. ويلتقط القمر الصناعي صورًا مباشرة للمناطق التي تجتمع فيها عوامل نشوء الموجات العملاقة ويظهرها أمام الخبراء بألوان تشي بارتفاع وعرض الموجة. ووضع روزنتال اللون الأزرق ليظهر "خطر" نشوء موجة عملاقة في المكان المعني من البحر. أما اللون البنفسجي فيشير إلى موجة خطرة من ارتفاع 1-7 أمتار يمكن أن تتحول بدورها إلى موجة عملاقة. وإذ يقدر معهد أبحاث الجو والفضاء في هامبورغ أن 200 باخرة متنوعة يزيد طولها على 200 متر راحت ضحية الموجات العملاقة خلال العشرين سنة الماضية، يرى فولفغانغ روزنتال أن 200 باخرة تجارية من مجموع 39 ألف باخرة تجارية تبحر على المستوى العالمي تغرقها الأمواج العالية كل سنة. وتعتبر مناطق شمال المحيط الأطلسي، ومضيق دريك بين القطب الجنوبي وأسفل القارة الأميركية الجنوبية، والساحل الجنوب من جنوب أفريقيا، من أكبر مناطق تكوّن الموجات العملاقة. ليس هناك ما يجمع بين الموجات العملاقة والتسونامي برأي الباحثين. إذ يحصل التسونامي بسبب حركة في طبقات الأرض في أعماق البحر، في حين أن الموجة العملاقة نتاج المياه السطحية. ولا يرتفع موج التسونامي عن سطح البحر لأكثر من متر واحد، لكنه يرتفع أكثر عند السواحل، بينما ترتفع الموجة العملاقة إلى أكثر من 50 مترًا أحيانًا في عرض البحر. وتهدأ الموجة العملاقة بسرعة كما تكونت فجأة، في حين يزداد التسونامي قوة وارتفاعًا كلما اقترب من السواحل.