واصلت القروض المتعثرة والمشكوك في استردادها توجهها الصعودي الذي دشنته مند تنصيب الحكومة الحالية، لتبلغ مستوى 60.33 مليار درهم نهاية يونيو، حسب بنك المغرب، مرتفعة بنسبة 85.63 في المئة مقارنة مع مستواها عند تولي الحكومة الحالية بداية 2012. وأصبحت القروض المتعثرة والمشكوك في استردادها تمثل نسبة 7.6 في المئة من إجمالي القروض البنكية، مقابل 4.7 في المئة في بداية 2012، الشيء الذي بات يقلق النظام البنكي الوطني نظرا لما يترتب عنه من ارتفاع كبير في تكلفة المخاطر نتيجة المؤن التي يفرض القانون على الأبناك تشكيلها من أجل تغطية القروض المتعثرة، إضافة إلى مؤن الموجة لتغطية المخاطر العامة. وانعكس هذا الوضع بشكل سلبي على أداء البنوك في مجال تمويل الاقتصاد، إذ فضلت العديد من البنوك التزام الحذر والتشدد في شروط منح القروض. وأبرزت إحصائيات بنك المغرب أن القروض المتعثرة والمشكوك في استردادها عرفت نموا بنسبة 5 في المئة مند بداية العام الحالي، وذلك بعد ارتفاع بنسبة 9.3 في المئة خلال العام الماضي، وبنسبة 20.2 في المئة خلال 2014، و24 في المئة خلال 2013. واتضح من إحصائيات بنك المغرب أن القروض المتعثرة للشركات عرفت نموا قويا خلال هذه الفترة بنسبة 112 في المئة، فيما عرفت القروض المتعثرة للأسر بدورها نموا بنسبة 52 في المئة ما بين بداية 2012 ونهاية يونيو الأخير. وإذا كان تعثر القروض الموجهة للأسر يجد تفسيره في تردي القدرة الشرائية للمواطنين بسبب سياسة التقشف وتجمدي الأجور والزيادات المتتالية في الأسعار، فإن أسباب ارتفاع القروض المعدومة والمشكوك في استردادها لدى المقاولات ترجع إلى تردي أوضاع الشركات المغربية في العديد من القطاعات التي تركت خلال هذه الفترة فريسة للإغراق التجاري بسبب الليبرالية المتوحشة التي انتهجتها الحكومة في وقت تجتاز فيه العديد من الاقتصادات، خاصة دول جنوب أوروبا أزمة خانقة وتراجعا في الطلب أدت إلى ارتفاع مخزونها من السلع وسعيها الحثيث لإيجاد منافذ تغرقها بهذه السلع بأبخس الأثمان. وعانت العديد من مؤسسات الصناعات الوطنية من هذا الإغراق الذي فرض على بعضها الإغلاق والتوقف عن النشاط، وبالتالي التوقف عن أداء ما بذمتها من قروض. وفي غضون ذلك فقد المئات من الأجراء عملهم، الشيء الذي انعكس على أداء أقساط القروض العقارية وسلفات الاستهلاك. وبلغ حجم القروض المتعثرة والمشكوك في استرجاعها في ذمة الشركات 39 مليار درهم نهاية يونيو الأخير بزيادة 14 في المئة منذ بداية العام و112 في المئة مقارنة بمستواها في مطلع 2012. أما القروض المتعثرة والمشكوك في استردادها والتي توجد في ذمة الأسر فبلغت 21.4 مليار درهم في نهاية يونيو. ويتوقع أن تواصل القروض المتعثرة والمشكوك في استردادها منحاها الارتفاعي خلال هذه السنة التي تعرف انكماشا كبيرا في معدل النمو الاقتصادي الذي يتوقع العديد من الملاحظين أن ينزل بقوة تحت عتبة 2 في المئة بسبب آثار الجفاف، من جهة، وتداعيات الأزمة الاقتصادية في أوروبا، من جهة ثانية.