يرتقب أن تصنف البنوك المغربية أزيد من 23 مليار درهم في خانة الديون المشكوك في استردادها، والشروع في تشكيل مؤن لتغطية هذه الديون، مع استمرار توقف نشاط شركة لاسامير والغموض الذي يحيط مصيرها. وسيكون لذلك أثر سلبي على نتائج المصارف ابتداءا من النصف الأول للعام الحالي، والذي يرتقب أن تعلن نتائجه خلال الأيام المقبلة. ويتصدر البنك الشعبي المركزي باقي مؤسسات النظام المصرفي من حيث الأثر المرتقب لأزمة لاسامير، بسبب تورطه الكبير في تمويل الشركة وفي عمليات إعادة هيكلة مديونيتها المتعثرة مند 2011، والتي كانت آخرها في أبريل الماضي. وتقدر المديونية الإجمالية للشركة بنحو 36 مليار درهم في نهاية العام الماضي، ثلثها مستحق خلال العام الحالي. وتمثل حصة المصارف المغربية من هذه المديونية نحو 22.6 مليار درهم، وحصة مموني الشركة 11.7 مليار درهم. ومند بداية العام ارتفع هذا الرقم بشكل كبير بسبب الصعوبات المالية للشركة. وللإشارة فإن هذا الرقم لا يأخذ بالاعتبار مديونية الجمارك وإدارة الضرائب اتجاه الشركة. وخلال الأسابيع الماضية أعلنت إدارة الضرائب قرار حجز أصول تابعة لسامير مقابل دين بقيمة 13 مليار درهم. ومن شأن تخلف لاسامير أن يعمق المشاكل التي يعاني منها القطاع المصرفي نتيجة ارتفاع معامل المخاطر، وارتفاع مستوى الديون المشكوك في استردادها، والتي بلغت 55.6 مليار درهم في نهاية يوليوز حسب بنك المغرب، بزيادة 11 في المائة في ظرف عام، نتيجة الصعوبات التي تعرفها بعض القطاعات، وعلى الخصوص القطاع العقاري. ومن شأن تصنيف مديونية للمصارف اتجاه لاسامير أن يزيد بشكل مقلق من حجم الديون المتعثرة والمشكوك في استردادها للنظام المصرفي. من جانب آخر يمسك المكتتبون في قرض مستندي أصدرته شركة سامير نهاية 2008 أنفاسهم مع اقتراب موعد التسديد المرتقب في دجنبر من العام الحالي. وتبلغ قيمة هذا القرض المتداول في البورصة 800 مليون درهم، وسيكون لتعثره وقع سلبي على نتائج قطاع التأمين والتقاعد والاحتياط الإجتماعي خلال العام الحال، باعتباره القطاع الرئيسي المعني بالاستثمار في سوق السندات. دون إغفال طبعا المستثمرين الصغار في أسهم الشركة في البورصة، الذين ترتعد فرائصهم كما فكروا في مصير 33 في المائة من رأسمال الشركة التي بحوزتهم. السؤال الكبير هو كيف تم السماح بتورط النظام المالي الوطني بهذا الشكل في الوقت الذي تدعي فيه الحكومة أنها استخلصت الدروس من مسببات الأزمة المالية العالمية، خاصة ضرورة اليقظة والحزم اتجاه المخاطر المرتبطة بحسابات ونشاط الشركات الكبرى. فأزمة لاسامير كانت جلية مند 2011، عندما لجأت إلى البنك الشعبي والتجاري وفا بنك لإعادة هيكلة مديونيتها عبر تحول 4 مليار درهم من القروض القصيرة الأجل إلى قروض متوسطة. في ذلك الحين دعت المصارف المساهم الرئيسي إلى الزيادة في رأسمال الشركة، وهو ما استجاب له بالقول لا بالفعل. ففي 2012 قررت الجمعية العمومية للشركة زيادة الرأسمال بمبلغ 1.5 مليار درهم. غير أم هذه الزيادة لم تتم. واليوم يقدر المحللون مبلغ الزيادة الضرورية في الرأسمال من أجل إنقاد الشركة بنحو 7 إلى 10 مليار درهم. ورغم أن الضائقة المالية للشركة كانت واضحة للعيان، خاصة مع لجوء بعض ممونيها العالميين للمحاكم خارج المغرب بسبب عدم وفائها بالتزاماتها، إلا أن السلطات الوصية المتمثلة في الحكومة المغربية (خاصة وزارة الطاقة ووزارة المالية) انتظرت ما بعد آخر لحظة لتتحرك عبر ردود فعل جد متأخرة. فالجمارك لم تطالب بمستحقاتها إلا بعد توقف الشركة لعدة أيام، ومكتب الصرف لم يتحرك لفرض الرقابة على تحويلات الشركة ومعاملاتها المالية الخارجية إلا قبل يومين، أي بعد شهر من توقف نشاط لاسامير. هذه الأزمة تستدعي وقفة لتحديد المسؤوليات ومراجعة آليات اليقظة والتتبع، خصوصا بالنسبة للشركات المدرجة في البورصة والشركات الكبرى. يجب أيضا مراجعة المعايير المتبعة في مسألة الإفصاح عن المعلومات المالية للشركات وأساليب ووسائل مراقبتها. فالنشرة الإخبارية لشركة لاسامير مثلا، بمناسبة الإفصاح عن نتائجها السنوية لسنة 2014، والتقرير المختصر المرفق معها الصادر عن مراقبي الحسابات لم يتضمن أية إشارة إلى الوضع الكارثي لمديونية الشركة، ولا أي تحذير بخصوص صعوباتها المالية.