ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جلالة الملك في خطاب الذكرى 17 لعيد العرش

أمن المغرب واجب و طني، لا يقبل الاستثناء ولا ينبغي أن يكون موضع صراعات فارغة أو تهاون أو تساهل في أداء الوا جب
في ما يلي النص الكامل للخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس، إلى الأمة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش..
«الحمد لله ، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه،
شعبي العز يز،
تتوالى السنوات، بعون الله وتوفيقه، منذ أن تحملنا أمانة قيادتك. وهي أمانة جليلة بشرف خدمتك، وجسيمة بما تنطوي عليه من مسؤوليات أمام الله ، وأمام التاريخ، وعظيمة بما تحمله من التزامات تجاه جميع المغاربة.
ونحتفل اليوم بالذكرى السابعة عشر ة، لعيد العرش المجيد، ونحن أكثر اعتزازا بما يجمعنا من روابط البيعة الوثقى، والتلاحم المتين، وأقوى عزما على مواصلة العمل من أجل تحقيق تطلعاتك المشروعة.
فما أريده لكل المغاربة أينما كانوا في القرى والمدن، وفي المناطق المعزولة والبعيد ة، هو تمكينهم من العيش الكريم في الحاضر، وراحة البال والاطمئنان على المستقبل، والأمن والاستقرار على الدوام، في تلازم بين التمتع بالحقوق، وأداء الواجبات.
شعبي العزيز،
لقد تمكنا خلال السبعة عشرة سنة الماضية من إنجاز إصلاحات سياسية عميقة وأوراش اقتصادية كبرى ومشاريع للتنمية البشرية غيرت وجه المغرب.
غير أن هناك الكثير مما يجب القيام به خاصة ونحن على أبواب مرحلة جديدة ستنطلق مع الانتخابات التشريعية المقبلة.
وبصفتي الساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، فإنني لا أشارك في أي انتخاب، ولا أنتمي لأي حزب. فأنا ملك لجميع المغاربة مرشحين وناخبين، وكذلك الذين لا يصوتون.
كما أنني ملك لكل الهيئات السياسية دون تمييز أو استثناء. وكما قلت في خطاب سابق، فالحزب الوحيد الذي أعتز بالانتماء إليه هو المغرب.
ومن تم ، فشخص الملك، يحظى بمكانة خاصة في نظامنا السياسي. وعلى جميع الفاعلين مرشحين وأحزابا تفادي استخدامه في أي صراعات انتخابية أو حزبية.
إننا أمام مناسبة فاصلة لإعادة الأمور إلى نصابها: من مر حلة كانت فيها الأحزاب تجعل من الانتخاب آلية للوصول لممارسة السلطة، إلى مرحلة تكون فيها الكلمة للمواطن، الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته، في اختيار ومحاسبة المنتخبين.
فالمواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين. وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم. وله أيضا سلطة محاسبتهم أو تغييرهم، بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم.
لذا أوجه النداء لكل الناخبين، بضرورة تحكيم ضمائرهم، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين، خلال عملية التصويت بعيدا عن أي اعتبارات كيفما كان نوعها.
كما أدعو الأحزاب لتقديم مرشحين، تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة، وروح المسؤولية والحرص على خدمة المواطن.
فأحزاب الأغلبية مطالبة بالدفاع عن حصيلة عملها خلال ممارستها للسلطة في حين يجب على أحزاب المعارضة تقديم النقد البناء واقتراح البدائل المعقولة في إطار تنافس مسؤول من أجل إيجاد حلول ملموسة، للقضايا والمشاكل الحقيقية للمواطنين.
ومن جانبها فإن الإدارة التي تشرف على الانتخابات تحت سلطة رئيس الحكومة، ومسؤولية وزير الداخلية ووزير العدل والحريات، مدعوة للقيام بواجبها، في ضمان نزاهة وشفافية المسار الانتخابي.
وفي حالة وقوع بعض التجاوزات، كما هو الحال في أي انتخابات، فإن معالجتها يجب أن تتم طبقا للقانون، من طرف المؤسسات القضائية المختصة .
غير أن ما يبعث على الاستغراب، أن البعض يقوم بممارسات تتنافى مع مبادئ وأخلاقيات العمل السياسي، ويطلق تصريحات ومفاهيم تسيء لسمعة الوطن، وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات، في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين.
ولا يفوتني هنا أيضا، أن أنبه لبعض التصرفات والتجاوزات الخطيرة، التي تعرفها فترة الانتخابات، والتي يتعين محاربتها، ومعاقبة مرتكبيها.
فبمجرد اقتراب موعد الانتخابات، وكأنها القيامة، لا أحد يعرف الآخر. والجميع حكومة وأحزابا، مرشحين وناخبين، يفقدون صوابهم، ويدخلون في فوضى وصراعات، لا علاقة لها بحرية الاختيار، التي يمثلها الانتخاب.
وهنا أقول للجميع، أغلبية ومعارضة: كفى من الركوب على الوطن، لتصفية حسابات شخصية، أو لتحقيق أغراض حزبية ضيقة.
شعبي العزيز،
إن تمثيل المواطنين في مختلف المؤسسات والهيئات، أمانة جسيمة. فهي تتطلب الصدق والمسؤولية، والحرص على خدمة المواطن، وجعلها فوق أي اعتبار.
وكما أكدنا ذلك عدة مرات، فإن القيام بالمسؤولية، يتطلب من الجميع الالتزام بالمفهوم الجديد للسلطة، الذي أطلقناه منذ أن تولينا العرش.
ومفهومنا للسلطة هو مذهب في الحكم، لا يقتصر، كما يعتقد البعض، على الولاة والعمال والإدارة الترابية. وإنما يهم كل من له سلطة، سواء كان منتخبا، أو يمارس مسؤولية عمومية، كيفما كان نوعها.
والمفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة، التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة، وتطبيق القانون. وبالنسبة للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا، عن طريق الانتخاب، وكسب ثقة المواطنين.
كما أن مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله : في الانتخابات والإدارة والقضاء، وغيرها. وعدم القيام بالواجب، هو نوع من أنواع الفساد.
والفساد ليس قدرا محتوما. ولم يكن يوما من طبع المغاربة. غير أنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع.
والواقع أنه لا يوجد أي أحد معصوم منه، سوى الأنبياء والرسل والملائكة.
وهنا يجب التأكيد أن محاربة الفساد لا ينبغي أن تكون موضوع مزايدات.
ولا أحد يستطيع ذلك بمفرده، سواء كان شخصا، أو حزبا، أو منظمة جمعوية. بل أكثر من ذلك، ليس من حق أي أحد تغيير الفساد أو المنكر بيده، خارج إطار القانون.
فمحاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع: الدولة بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهرها، والضرب بقوة على أيدي المفسدين.
والمجتمع بكل مكوناته، من خلال رفضها، وفضح ممارسيها، والتربية على الابتعاد عنها، مع استحضار مبادئ ديننا الحنيف، والقيم المغربية الأصيلة، القائمة على العفة والنزاهة والكرامة.
شعبي العزيز،
إننا نؤمن بأن التقدم السياسي، مهما بلغ من تطور، فإنه سيظل ناقص الجدوى، ما لم تتم مواكبته بالنهوض بالتنمية.
وتقوم التنمية في منظورنا، على التكامل والتوازن، بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
كما أن رفع التحديات التنموية المتعددة والمتداخلة، يتطلب من جميع المغاربة، فرديا وجماعيا، الانخراط في المعركة الاقتصادية الحاسمة، التي يعيشها العالم.
فالتقدم الذي نطمح إليه ببلادنا، لا يقتصر فقط على مجرد مؤشرات، غالبا ما تتجاهل مسار كل بلد وخصوصياته؛ وإنما نريده أن يشكل تحولا اقتصاديا واجتماعيا حقيقيا، تشمل ثماره جميع المواطنين.
وإذا كان من حقنا أن نعتز بما حققناه من مكاسب تنموية، فإن على جميع الفاعلين، في القطاعين العام والخاص، مضاعفة الجهود، من أجل الارتقاء بالمغرب إلى مرتبة جديدة من التقدم، بين الدول الصاعدة، والتي سبق لنا أن حددنا مقوماتها.
وهو ما يقتضي العمل الجاد للرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني، والتقييم الموضوعي للسياسات العمومية، والتحيين المستمر للاستراتيجيات القطاعية والاجتماعية.
ورغم الإكراهات المرتبطة أحيانا بالسياق الدولي، وأحيانا أخرى بالاقتصاد الوطني، فإن المغرب، والحمد لله، في تقدم مستمر، دون نفط ولا غاز، وإنما بسواعد وعمل أبنائه.
وخير دليل على ذلك، تزايد عدد الشركات الدولية، ك «بوجو» مثلا، والشركات الصينية التي ستقوم بإنجاز المشروع الاستراتيجي للمنطقة الصناعية بطنجة، على مساحة تتراوح بين 1000 و2000 هكتار، وكذا الشركات الروسية وغيرها، التي قررت الاستثمار في المغرب، وتصرف الملايين على مشاريعها.
هذه الشركات لا يمكن أن تخاطر بأموالها دون أن تتأكد أنها تضعها في المكان الصحيح . بل إنها تعرف و تقدر ا لأمن والاستقرار، الذي ينعم به المغرب ، والآفاق المفتوحة أمام استثماراتها.
كما أن العديد من الشركات العالمية، عبرت عن اهتمامها بالاستثمار في مشروع « نور– ورزازات»، الذي يعد أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم.
كما يتزايد عدد الأجانب، الذ ين يختارون المغرب للإقامة والاستقرار، وخاصة من فرنسا وإسبانيا.
ومنهم من يقوم بإحداث شركات خاصة .
فهؤلاء الأجانب يعيشون في أمن واطمئنان، في ظل حماية أمير المؤمنين، وتحت مسؤولية ا لدولة المغربية، إضافة إلى أن المغاربة يعاملونهم بكل ترحيب وتقدير.
و بنفس الإرادة و العزم، نعمل على ضمان أمن المغاربة وسلامتهم، وعلى صيانة استقرار البلاد، والحفاظ على النظام العام.
شعبي العزيز،
إن صيانة الأمن مسؤولية كبيرة،لا حد لها، لا في الزمان، ولا في المكان. وهي أمانة عظمى في أعناقنا جميعا .
وأود هنا، أن أعبر لمختلف المصالح الأمنية، عن تقديرنا للجهود الدؤوبة، والتضحيات الجسيمة، التي يقدمونها في القيام بواجبهم الوطني.
كما أشيد بالفعالية، التي تميزعملها، في استباق وإفشال المحاولات الإرهابية، التي تحاول يائسة ترويع المواطنين، والمس بالأمن والنظام العام:
وإننا نقدر الظروف الصعبة، التي يعمل فيها نساء ورجال الأمن، بسبب قلة الإمكانات. فهم يعملون ليلا ونهارا، ويعيشون ضغوطا كبيرة، ويعرضون أنفسهم للخطر، أثناء القيام بمهامهم .
لذا، ندعو الحكومة لتمكين الإدارة الأمنية، من الموارد البشرية والمادية اللازمة لأداء مهامها، على الوجه المطلوب.
كما يتعين مواصلة تخليق الإدارة الأمنية، وتطهيرها من كل ما من شأنه أن يسيء لسمعتها، وللجهود الكبيرة، التي يبذلها أفرادها، في خدمة المواطنين .
إن مصداقية العمليات الأمنية، تقتضي الحزم والصرامة في التعامل مع المجرمين، ومع دعاة التطرف والإرهاب، وذلك في إطار الالتزام بالقانون، واحترام الحقوق والحريات، تحت مراقبة القضاء .
وأمام تزايد التحد يات الأمنية، والمؤامرات التي تحاك ضد بلادنا، أدعو لموا صلة التعبئة واليقظة .
كما أؤكد على ضرورة التنسيق بين المصالح الأمنية، الد اخلية والخارجية، ومع القوات المسلحة الملكية، بكل مكوناتها، ومع المواطنين. فالكل مسؤول عندما يتعلق الأمر بقضايا الوطن .
فأمن المغرب واجب وطني، لا يقبل الاستثناء، ولا ينبغي أن يكون موضع صراعات فارغة، أو تهاون أو تساهل في أداء الوا جب. وإنما يقتضي التنافس الإيجابي، في صيانة وحد ة الوطن، وأمنه واستقراره .
فليس من العيب أن تكون الدولة قوية برجالها وأمنها، وأن يكون المغاربة جنودا مجندين للدفاع عن قضايا وطنهم .
أما على المستو ى الخارجي، فإن التنسيق والتعاون، الذي تعتمده المصا لح الأمنية ببلادنا، مع نظيراتها في عدد من الدول الشقيقة والصديقة، قد ساهم في إفشال العديد من العمليات الإرهابية، وتجنيب هذه الد ول مآسي إنسانية كبيرة.
شعبي العزيز،
إن انشغالنا بقضايا المواطنين داخل المغرب، لا يعادله إلا العناية التي نوليها، لشؤون أفراد الجالية المقيمة بالخارج .
فنحن نقدر مساهمتهم في تنمية بلدهم، وفي الدفاع عن مصالحه العليا .
كما نعتز بارتباطهم بوطنهم، وبتزايد عدد الذ ين يحرصون، كل سنة، على صلة الرحم بأهلهم، رغم ما يتحملونه من تعب ومشاق السفر، وما يواجهونه من صعوبات .
وإ ذا كنا نعيد ونؤكد، كل مرة، وفي كل مناسبة، شكرنا لهم، وعلى ضرورة الاهتمام بقضاياهم، سواء د اخل الوطن، أو في بلدان الإقامة، فنحن لا نبالغ في ذلك، لأنهم في الواقع، يستحقون ذلك وأكثر .
وقد سبق أن شددنا على ضرورة تحسين الخدمات، المقدمة لهم. ووقفنا على بعض النماذج، التي تم اعتمادها لهذا الغرض .
ورغم الإصلاحات والتدابير، التي تم اتخاذها، إلا أنها تبقى غير كافية. وهو ما يقتضي جدية أكبر، والتزاما أقوى من طرف القناصلة والموظفين، في خدمة شؤون ا لجالية .
شعبي العزيز،
إ ن السياسة الخارجية لبلادنا، تعتمد دبلوماسية القول والفعل، سواء تعلق الأمر بالدفاع عن مغربية الصحراء، أو في ما يخص تنويع الشراكات، أو الانخراط في القضايا والإشكالات الدولية الراهنة .
فإذا كان البعض قد حاول أن يجعل من 2016 «سنة ا لحسم»، فإن المغرب قد نجح في جعلها «سنة الحزم»، في صيانة وحدتنا الترابية. فمن منطلق إيماننا بعدالة قضيتنا، تصدينا بكل حزم، للتصريحات المغلوطة، والتصرفات اللامسؤولة، التي شابت تدبير ملف الصحراء المغربية، واتخذنا الإجراءات الضرورية، التي تقتضيها الظرفية، لوضع حد لهذه الانزلاقات الخطيرة .
وسنواصل ا لدفاع عن حقوقنا، وسنتخذ التدابير اللازمة لمواجهة أي انزلا قات لاحقة. ولن نرضخ لأي ضغط، أو محاولة ابتزاز، في قضية مقدسة لدى جميع المغاربة .
غير أن المغرب سيبقى منفتحا، ودائم الاستعداد للحوار البناء، من أجل إيجاد حل سياسي نهائي، لهذا النزا ع المفتعل .
وأود هنا، أن أجدد الدعوة للجميع، لمواصلة اليقظة والتعبئة، للتصدي لمناورات خصوم المغرب، الذين صاروا مسعورين، وفقدوا صوابهم، أمام مظاهر التنمية والتقدم، التي تعيشها الصحراء المغربية .
فكل المؤامرات المغلفة والمفضوحة، لن تنال من عزمنا، على مواصلة تفعيل النموذج التنموي، بأقاليمنا الجنوبية .
فالمشاريع التنموية التي أطلقناها بالمنطقة، وما تتيحه الجهوية المتقدمة، من إشراك فعلي للسكان في تدبير شؤونهم، سيجعل من جهة الصحراء قطبا اقتصاديا مندمجا، يؤهلها للقيام بدورها التاريخي كصلة وصل، ومحور للمبادلات بين المغرب وعمقه الإفريقي، وكذا مع دول الشمال .
شعبي العزيز،
إن دبلوماسية القول والفعل، التي ينهجها المغرب، لم تكن لتعطي وحدها النتائج المنشودة، لولا المصداقية، التي يحظى بها، في علاقاته الدولية .
وهو ما أهله للتوجه نحو تنويع شركائه. إن الأمر لا يتعلق بتحرك ظرفي، أو برد فعل طارئ، من أجل حسابات أو مصالح عابرة. وإنما هو خيار استراتيجي، يستجيب لتطور المغرب، ويأخذ بعين الاعتبار التحولات التي يعرفها العالم .
كما يعكس مكانة بلادنا كشريك محترم ومطلوب، بفضل نموذجه السياسي والتنموي، ولد وره كفاعل رئيسي في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة، وفي الدفاع عن القضايا التي تهم إفريقيا .
وكما قلت سابقا، فالمغرب ليس محمية تابعة لأي بلد . غير أن انفتاحه لا يعني تغيير توجهاته، ولن يكون أبدا على حساب شركائه. فالمغرب يبقى وفيا بتعهداته، وملتزما مع حلفائه التاريخيين.
وفي هذا الإطار، تندرج القمة التي جمعتنا بأشقائنا قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في أبريل الماضي، والتي رسخت الشراكة المغربية الخليجية، كتكتل استراتيجي موحد، ووضعت الأسس الصلبة لنموذج فريد من التحالف العربي .
كما أن المغرب لايدخر أي جهد، في سبيل تدعيم الشراكة الاستراتيجية التضامنية جنوب- جنوب، وخاصة مع أشقائنا الأفارقة، سواء على الصعيد الثنائي، أو في إطار المجموعات الإقليمية، لدول غرب إفريقيا.
وتعزيزا لهذه السياسة الإفريقية الصادقة، أعلنا خلال القمة الإفريقية السابعة والعشرين، عن قرار المغرب بالعودة إلى أسرته المؤسسية الإفريقية.
وبطبيعة الحال ، فإن هذا القرار لا يعني أبدا، تخلي المغرب عن حقوقه المشروعة، أو الاعتراف بكيان وهمي، يفتقد لأبسط مقومات السيادة، تم إقحامه في منظمة الوحدة الإفريقية، في خرق سافر لميثاقها.
ويعكس رجو ع بلادنا إلى مكانها الطبيعي، حرصنا على مواصلة الد فاع عن مصالحنا، من داخل الاتحاد الإفريقي، وعلى تقوية مجالات التعاون مع شركائنا، سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي .
كما سيتيح للمغرب الانفتاح على فضاءات جديدة، خاصة في إفريقيا الشرقية والاستوائية، وتعزيز مكانته كعنصر أمن واستقرار، وفاعل في النهوض بالتنمية البشرية، والتضامن الإفريقي.
وأغتنم هذه المنا سبة، لأتقدم بعبارات الشكر الجزيل ، لكل الدول الشقيقة، على وقوفها إلى جانب المغرب، في الد فاع عن وحد ته الترابية، وتجاوبها الإ يجابي، مع قرار العودة إلى أسرته المؤسسية، خاصة قادة ا لدول الثمانية والعشرين، الذ ين وقعوا على الملتمس، وباقي الدول الصد يقة التي ساهمت في هذه المبادرة .
كما نعبر عن تقديرنا وامتناننا، لجمهورية رواندا، التي استضافت هذه القمة، ورئيسها فخامة السيد Paul Kagamé، لدعمهم لنا، وتعاونهم معنا .
وإلى جانب الانفتاح على فضاءات سياسية واقتصادية كبرى، كروسيا والصين والهند، نسعى لتوطيد شراكاتنا الاسترا تيجية، مع حلفائنا في فرنسا وإسبانيا. كما نعمل مع الاتحاد الأوروبي، على وضع أسس متينة، لتطوير الشراكة التقليدية التي تجمعنا.
وإن توجهنا نحو تنويع الشراكا ت، يقوم على الاحترام المتبادل، والالتزام بالعمل، على تقوية التعاون، على أساس رابح – رابح. وهو ما تجسده الاتفا قيات الاستراتيجية، التي تم توقيعها، والتي تشمل مجالات حيوية، كالطاقة والبنيات التحتية وتطو ير المبادلات الفلاحية، ومحاربة الإرهاب، والتعاون العسكري، غيرها .
شعبي العزيز،
إن حرص المغرب على تنويع شركائه، لايوازيه إلا انخراطه القوي، في مختلف القضايا والإشكالات الدولية الراهنة .
فالمغرب يعد شريكا فعالا في محا ربة الإرهاب، سواء في ما يتعلق بالتعاون الأمني، مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة، أو من خلال نموذجه المتميز في تدبير الشأن الديني .
وهو ما أهله ليتقاسم مع هولندا، الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب .
كما أن بلادنا تنخرط بقوة، في الجهود الدولية لمواجهة
التغيرات المناخية، حيث ستحتضن في نونبر المقبل، المؤتمر الثاني والعشرين، للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة، حول التغيرات المناخية .
وهي منا سبة لإبراز التزام المغرب، بالعمل على تنفيذ اتفاق
باريس، ومواصلة دعم ا لدول النامية، بإفريقيا والدول الجزرية الصغيرة، التي تعتبر المتضرر الأكبر من تداعيات التغير المناخي.
وبصفته بلدا فاعلا في مجال التعاون الثلاثي، فإن المغرب يجعل في صدارة سياسته، توجيه العمل الدولي للاهتمام بقضايا التنمية، وخاصة في إفر يقيا .
شعبي العزيز،
إن عملنا لا يهتم كثيرا بالحصيلة والمنجزات، وإنما بمدى أثرها في تحسين ظروف عيش المواطنين .
ذلك أننا نضع البعد الإنساني في طليعة الأسبقيات. فما يهمنا هو المواطن المغربي، والإنسان بصفة عامة، أينما كان .
وإننا نحمد الله تعالى، أن وفقنا لجعل المغرب على ماهو عليه اليوم: فضاء لأوراش البنا ء والتنمية، وواحة أمن واستقرار؛ رغم إ كراهات سياق دولي مطبوع بتوالي الأزمات، وتزايد التوترات .
ونود بهذه المناسبة المجيدة، أن نعرب عن تقديرنا وشكرنا، لكل القوى الحية، ولكل المغاربة الأحرار، الغيورين على وطنهم، على انخراطهم القوي، إلى جانبنا، في بناء مغرب الوحد ة والحرية والتقدم، ووقوفهم الحازم في مواجهة المؤامرات الدنيئة، التي تحاك ضد بلادنا .
كما نوجه تحية تقد ير، للقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والأمن الوطني، والوقاية المدنية، وا لإدارة الترابية، على تفانيهم وتجندهم الدائم، للدفاع عن وحد ة الوطن وسيادته، والسهر على أمنه واستقراره .
والله تعالى نسأل أن يوفقنا في أداء الأمانة، التي ورثناها عن أجدادنا، مستحضرين، بكل إكبار وخشوع، أرواحهم الطاهرة ، وفي مقدمتهم جدنا المقدس، جلالة الملك محمد الخامس، ووالدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وكافة شهداء الوطن الأبرار.
وسنواصل مسارنا الجماعي، بكل حزم وعزم ، من أجل عزة المغرب، وخدمة أبنائه .
وستجدني، شعبي العزيز، كما عهدتني دوما، خديمك الأول، حاملا لانشغالاتك وقضاياك، متجاوبا مع تطلعاتك، في كل الظروف والأحوال.
« قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني». صدق الله العظيم .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته» .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.