عهد الملك الحسن الثاني كان عهد ملكية سلطوية تتزاوج فيها صورة الحاكم مع صورة الإمام، إنه أمير المؤمنين الذي يترسخ في قلب الزمن كسلطة دينية في سياق تنتقد فيه الحركات الإسلامية الناشئة النظام وتدعو إلى قيام »خلافة ثانية«. أما الأحزاب السياسية العلمانية التي كانت في السابق ترفض هذا الجانب من السلطة، وترى فيه علامة على »استبداد قروسطي» بدأت تعترف به بل وتدافع عنه بقوة على أمل ضمان تمدين الحقل السياسي الحزبي. إن هيمنة الملك على الحقل الديني والذي يتوخى عزل القوى السياسية الإسلامية المعارضة يقود بالضرورة إلى تثبيت وتقوية وضع الملك كأمير للمؤمنين. ملك وأمير المؤمنين هما وجهان للملك كما أعاد بناءها الملك الحسن الثاني في مغرب ما بعد الاستعمار، وتتجسد إن رمزيا على مستوى اللباس من خلال ارتداء البزة العسكرية أو اللباس الأوربي من جهة، والجلباب والطربوش (الفاسي) من جهة ثانية، وهنا تكمن خصوصية الملكية المغربية. وهذا الكتاب يحاول تتبع نشأة هذه الملكية كما أعاد الملك الحسن الثاني ابتكارها... هذه النسبة من الآراء المعارضة لاستيراد الكتب الغربية قد تبدو متلائمة مع وضع الساكنة موضوع البحث،التي تتمثل وظيفتها الأساسية في تعلم المعرفة الكونية بغض النظر عن مصدرها الجغرافي، خاصة وأن 50 في المئة من الساكنة المستجوبة تتكون من تلاميذ وطلبة الشعب العلمية، لكن هذا الميل لدى جزء من الشباب المتمدرس نحو الايديولوجيا الصدامية القائمة يبن الإسلام والغرب، يمكن تفسيره بهيمنة هذه الايديولوجيا في المحيط الإيديولوجي السائد الذي تساهم فيه المدرسة بشكل واسع من خلال برامجها ودروسها المخصصة لإدانة الغزو الفكري والتنديد بالتحرك السلبي للغرب تجاه الإسلام والمسلمين، هذا الموقف السلبي تجاه الغرب وحضارته يأخذ عن شريحة من هذا الشباب المتمدرس شكلا جذريا من خلال التعبير عن رأي مناهض للآخر تترجمه الرغبة في العيش داخل مجتمع إسلامي مغلق كليا تجاه الغرب، لدى 7.2 في المئة من الساكنة المستجوبة. هذا التصور الإسلاموي للمجتمع المسلم لدى أقلية من الشباب المتمدرس يتناقض مع التصور الإصلاحي للإسلام الذي يحكم النظام العقدي السائد لدى ساكنتنا. لكن الحدود بين التصور الإصلاحي للإسلام وتصوره الإسلاموي ليست محكمة تماما، وبخصوص بعض النقط، هناك تطابق تام بين القراءتين للإسلام. ومن تم يمكن فهم سهولة الانتقال من تصور إلى آخر حسب المواضيع، ووفق الظرفيات والإكراهات المحيطة. هذه الانسيابية في المواقف نلاحظها لدى الساكنة موضوع الدراسة لاسيما بخصوص بعض المواضيع الحساسة. وهكذا، إذا كان 7.2 في المئة فقط من المستجوبين يعبرون عن الرغبة في العيش داخل مجتمع إسلامي مغلق تماما تجاه الغرب، مقابل 71.3 في المئة يرغبون في العيش في مجتمع إسلامي منفتح جزئيا أو كليا بالنسبة ل 15.4 في المئة ، أي ما مجموعه 86.5 في المئة، بالمقابل صرح 14.8 في المئة من الشباب المتمدرس، أي ضعف النسبة السابقة، معارضتهم لأي استيراد للكتب الغربية مقابل 73.1 في المئة من الآراء المؤيدة. هذا الانزياح من تصور إصلاحي نحو تصور إسلاموي، يظهر بالخصوص، لدى شريحة معتبرة أكثر فأكثر من المستجوبين، ويظهر بخصوص الموقف من قضية الحجاب (%57.6مؤيدة، و%9.7 معارضة) أو قضية الاختلاط، التي تتراوح من 8.4 في المئة معارِضة للحجاب في المدرسة و9.8 في المئة ضد الحجاب في أماكن العمل، وحتى نسبة 37.3 في المئة من المعارضين للاختلاط في النقل و57.1 في المئة ضد الاختلاط في الشواطئ. وهكذا، إذا كان البحث يكشف بشكل واضح لا لبس فيه، هيمنة الإسلام وقيمه، في النظام العقدي للشبيبة المتمدرسة، فإن هذه الدراسة تظهر كذلك وبشكل معتبر تأرجحا في ما يتعلق بالتصور الإصلاحي أو الإسلاموي لدى هذه الشبيبة عن الإسلام في مختلف مجالات استعمالاته، وكذا بالمقارنة مع مرجعياتها الإيديولوجية الأساسية. صحيح أن القاعدة العقدية الإسلامية للشباب المتمدرس مؤسسة على معطيات الإسلام الأرثدوكسي، لكن بعض الآراء المعبر عنها من طرف جزء من الساكنة المستجوبة تشكل أيضا صدى لمختلف القراءات الأيديولوجية لهذه المرجعية المشتركة. الدراسة كشفت بالفعل وزن هذه المرجعية الدينية، ليس فقط عبر تشبث أغلبية الساكنة المعنية بالعقائد والشعائر الأساسية للإسلام، بل كذلك عبر الآراء المعبر عنها لاسيما بخصوص القيم التي يجب أن توجه الحياة العائلية والمجتمعية والعلاقات بالآخر، ويظهر ذلك بالخصوص من خلال رأي الشباب المتمدرس عن الجنس والأسرة والزواج، لاسيما بخصوص الزواج من غير المسلم بحيث أن 14.3 في المئة فقط يقبلون إمكانية الزواج المختلط بين مسلم (ة) وغير مسلم (ة)، مقابل %59 يعارضون هذا الاحتمال وفقا للموقف الأرثدوكسي في هذا الباب. نفس النفوذ يمكن أن نلمسه بخصوص تصور الشباب المتمدرس بخصوص هويتهم، بحيث أن الأغلبية تعطي الأولوية للمعيار الديني على حساب المعايير الجغرافية أو التاريخية أو اللغوية أو العرقية، طبقا للموقف الإسلامي الكلاسيكي.