عهد الملك الحسن الثاني كان عهد ملكية سلطوية تتزاوج فيها صورة الحاكم مع صورة الإمام، إنه أمير المؤمنين الذي يترسخ في قلب الزمن كسلطة دينية في سياق تنتقد فيه الحركات الإسلامية الناشئة النظام وتدعو إلى قيام »خلافة ثانية«. أما الأحزاب السياسية العلمانية التي كانت في السابق ترفض هذا الجانب من السلطة، وترى فيه علامة على »استبداد قروسطي» بدأت تعترف به بل وتدافع عنه بقوة على أمل ضمان تمدين الحقل السياسي الحزبي. إن هيمنة الملك على الحقل الديني والذي يتوخى عزل القوى السياسية الإسلامية المعارضة يقود بالضرورة إلى تثبيت وتقوية وضع الملك كأمير للمؤمنين. ملك وأمير المؤمنين هما وجهان للملك كما أعاد بناءها الملك الحسن الثاني في مغرب ما بعد الاستعمار، وتتجسد إن رمزيا على مستوى اللباس من خلال ارتداء البزة العسكرية أو اللباس الأوربي من جهة، والجلباب والطربوش (الفاسي) من جهة ثانية، وهنا تكمن خصوصية الملكية المغربية. وهذا الكتاب يحاول تتبع نشأة هذه الملكية كما أعاد الملك الحسن الثاني ابتكارها... 2- الحياة الأسرية والعلاقات الاجتماعية في هذا المجال صرح أغلبية التلاميذ والطلبة المستجوبين بأن الدين يجب أن يقود بشكل عام الحياة الشخصية والعائلية. فقط 2.5في المئة عبروا عن رأي معارض، بينما 64.6 في المئة صرحوا بأن الدين يجب أن يتدخل أكثر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالحياة العائلية والشخصية. و 32,6 في المئة صرحوا بأنه يجب أن يتدخل بعض الشيء، وفي المجموع يعتبر 97,2 في المئة من مجموع المستجوبين أن المعايير الدينية يجب أن توجه الحياة الشخصية والعائلية. وهذا الموقف العام للشباب المتمدرس تجاه الدين يتأكد كذلك من خلال اتخاذ مواقف ومعايير مستلهمة من نفس التصور للحياة والعلاقات الاجتماعية، لاسيما على مستوى العلاقات بين الأجناس وعلى مستوى التصور للعائلة وأدوارها، وهكذا عندما يطرح عليهم السؤال حول تحديد شروط العلاقات الجنسية، يرى 64,6 في المئة أنه يجب أن تكون متزوجا حتى وإن كان37,5 في المئة من جانب آخر يعلنون أنه كنت لهم تجربة جنسية واحدة على الأقل في حياتهم، في وقت لا يمثل المتزوجون سوى 2,9 في المئة من العينة المستجوبة. وإذا كان ذلك يترجم نفوذا قويا للتصور الديني للعلاقات الجنسية، فإنه يكشف في نفس الوقت عن اختلال بين الممارسات المعلنة والآراء المعبر عنها، وهذا يظهر أنه بالإمكان التمثل مع «أنا علوي ديني» مع القبول ببعض التجاوز بين الممارسة والمثال، لأنه على هذا المستوى، يتعين قراءة الآراء المعبر عنها كتَمَثّل «لمثال اجتماعي» أكثر منه ترجمة لممارسات وتصرفات حقيقية. هذا الاختلاف بين الممارسة والمثال يبدو بالخصوص في ما يتعلق ببعض المناطق الاجتماعية حيث العقلية مقاومة وغير متأثرة بتطور البنيات والأعراف، خاصة عندما يبقى المجتمع في مجمله وبنياته الاجتماعية وخاصة العائلية والدراسية مرتبطا بتصور تقليدي لكنه مثالي، مثل التصور المتعلق بالشروط العادية للعلاقات الجنسية التي يتمثلها الجميع حتى وإن على مستوى الممارسة، يعتبر جزء الابتعاد عنها أمرا «عاديا». بالمقابل عندما يطال تطور العمليات مجالات كانت تعتبر قبل بضعة عقود مجالات مقدسة ولا يمكن التعدي عليها، هذا التطور يظهر ليس فقط في التصرف وآراء الناس المعنيين بتغير العقليات، بل أيضا على مستوى أركان العقيدة والمعتقدات التابعة نفسها، حيث نلاحظ فرقا حقيقيا بين التصور الارثودوكسي والتصور الإصلاحي للدين. مجالات فقط بإمكانهما توضيح هذا التغير في العقليات في الميدان الذي يهمنا: تعدد الزواج ومنع الحمل. نعرف موقف الإسلام الارثدوكسي تجاه هذين الموضوعين، الشباب المتمدرس يعرفونه لا محالة، لكن 56,8 في المئة منهم صرحوا بأنهم يعارضون تعدد الزوجات، مقابل 20.8 في المئة فقط مع تعدد الزوجات،و88 في المئة صرحوا أنهم مع منع الحمل مقابل 11.3 في المئة صرحوا أنهم يعارضونه. منهم 69 في المئة لأسباب دينية والباقي لأسباب أخرى.