بعد ترشيحات مختلفة، وتداول جدي ومعمق، لعدد كبير من الأسماء الروائية العربية، التي امتد إنتاجها من أواسط القرن الماضي إلى اليوم، ارتأت لجنة تحكيم «جائزة محمد زفزاف للرواية العربية» في دورتها السادسة منح الجائزة لروائي عربي بصم بإبداعه الزمن الثقافي الراهن، ومثلت نصوصه الروائية المتواترة شهادة صادقة ومعبرة عن الحال العربي اليوم، هو الروائي التونسي حسونة المصباحي. وتشكلت لجنة التحكيم من: الأكاديمي المغربي شرف الدين ماجدولين رئيسا للجنة، وضمت في عضويتها النقاد والأكاديميين: لطيف زيتوني (لبنان)، عبد الفتاح الحجمري (المغرب)، شعيب حليفي (المغرب)، جليلة الطريطر (تونس)، نادر كاظم (البحرين)، بالإضافة إلى محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة. ولقد لاحظت لجنة التحكيم أن الروايات النوعية التي راكمها، اشتملت على رؤى جمالية وإنسانية فارقة في مسار الرواية العربية، سواء بتناوله موضوعات كبرى طالما شغلت الإبداع الروائي، من قبيل العنف والاضطهاد والتَّطلُّع الدائم إلى الحرية، أو بالنظر إلى انغراس تلك الأعمال في تربتها المحلية، وعكسها لهموم المجتمع التونسي. وقد استرعى انتباه اللجنة ما تنطوي عليه تجربة الأستاذ حسونة من رصيد جمالي وموضوعي جديد في الكتابة الروائية العربية، بالنظر إلى تعبيره الواضح عن انجلاء الوهم في عالم عربي تحول من حلم الوحدة إلى التشظي، ومن الدولة الوطنية إلى الدول الدينية والطائفية، ومن تطلعات العلمانية إلى التشدد الديني، وهي كلها موضوعات وجدت لها في خصوبة الأشكال السردية المنتقاة، ووجهات النظر التخييلية المقترحة، المبنى البليغ والمقنع، بما أسهم في انتشار إبداعه الروائي، وأهل بعض أعماله للترجمة للغات أجنبية. والشيء الأكيد أن أعمال الأستاذ حسونة المصباحي، بقيمتها الفنية والفكرية، خدمت الثقافة العربية وساهمت في ترسيخ التقارب بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، والتخفيف من غلواء الالتباس الفكري والإنساني المتراكم لسنوات طويلة بين العالمين؛ وهي الغايات البعيدة التي من أجلها أنشأت مؤسسة منتدى أصيلة «جائزة محمد زفزاف للرواية العربية».