تحت الصيوان على الشاطئ، كان الفارس الحاج سعيد يتهيأ للتبوريدة. اللباس تقليدي وأنيق. على الكتف، «الحمّالة» السوداء، التي تحمل خنجره،كانت تنير البياض اللامع لجلابته. يعتمر عمامة صفراء مطوية بعناية، وكان هدبها يغطي رقبته، عمامة تتناسق مع بلغة الفارس. جميل كعريس مسرور وهو يضع رجله على ركاب السرج، ثم يصعد برشاقة على مطيته، حصان أدهم، رشيق، الذيل ناعم يميل جانبا بشكل متواصل وكأنه يريد اظهار عدته المزخرفة، سرجه الثمين المزين بالصقلي. برأسه يقوم الفحل أحيانا بإيماءات الاستحسان، ويرفع عاليا ناصيته السوداء. يعض بقوة بفكيه حتى تصطك أسنانه. ينبش الأرض لإظهار نفاد صبره. ينطلق حينما تعطى الإشارة ويصهل. عشق الحصان! ينضم الحاج سعيد باعتزاز لسربة أولاد فرج. بصفته «علاّما» يقدم له فرسان القبيلة التحية. وعندما ينتهي «العمّار» من تزويد «المكاحل» بالبارود ويفسحون المجال، يشتد حماس السربة التي تهتز مرتبكة في البدء قبل لحظة الانطلاقة لأن الخيول تتردد وتمشي جانبا. تصطف الفرسان فجأة بشكل رائع ثم تنطلق الخيول بشكل متناغم، يختلط دوي الحوافر مع رنين الأجراس، الجماهير تحبس أنفاسها. مع صياح العلاّم الحاد، يرفع الفرسان الشباب بنادقهم ثم يطلقون النار. طلقة واحدة. تستقبل السربة عاصفة من التصفيق. وتنطلق الزغاريد من جميع الجهات. بين الغبار ودخان البارود تعود السربة بهدوء نحو نقطة انطلاق الفنتازيا، مصحوبة بدقات الطبول وترديد الأغاني التي تمجد شجاعة وكرم أولاد فرج. لا يمكن للقبيلة أن تخلف الموعد بالموسم تكريسا لتقاليد الفروسية النبيلة. فهل يوجد هناك ما هو أفضل من الفنتازيا للحفاظ على هذه اللمة وهذا التعايش الرائع بين الإنسان والحصان؟