كانت المسيرة سلمية إلى حدود الثانية عشرة والنصف زوالا حيث انفضت في جو من الانضباط، مسيرة جابت أرجاء شارع محمد الخامس بمدينة صفرو لتتوقف أمام مقر العمالة ردد خلالها المتظاهرون شعارات تدعو إلى تعديل الدستور وحل البرلمان والحكومة والحق في السكن والتعليم والصحة إلى غيرها من المطالب الاجتماعية ومحاسبة المسؤولين عن الادارة الترابية والمنتخبين المحليين، في وقت كانت فيه عناصر الأمن تراقب الوضع من بعيد دون الاقتراب من المتظاهرين وهو ما اعتبره عدد من المراقبين سلوكا حضاريا. لكن حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال تجمهر عدد من المراهقين وذوي السوابق وبدأوا يرفعون هتافا لا علاقة لها بالشعارات المطلبية ومليئة في أحيان كثيرة بالكلمات النابية منها (اللي مازادش حمار... اللي مازادش ز...» وتوجهوا نحو بوابة السجن المحلي وأضرموا النار فيها ثم هاجموا المندوبية الاقليمية للصحة وكسروا واجهتها الأمامية لتتكسر صورة لعاهل البلاد كانت معلقة في فناء الإدارة وذلك لقوة قذف الأحجار، وبعد ذلك بدأوا في رجم كل ما يجدونه في طريقهم وهم متوجهون إلى شارع محمد الخامس حيث كسروا واجهة صيدلية ومختبر للصور ووكالة للتأمين ومحل نظاراتي ومقهى ووكالة القرض الفلاحية والوكالة الوطنية للإنعاش التشغيل والكفاءات والخزينة الاقليمية وشباك آلي للبريد وحانة ومقر المكتب الوطني للكهرباء حيث قاموا بتكسير تسع سيارات للخدمة منهم سيارة خاصة، وكذلك مقر وكالة توزيع الماء التابعة للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بفاس. وقد تبين لنا أثناء متابعتنا للأحداث أن جل الفاعلين السياسيين والحقوقيين والجمعويين كانوا يراقبون الوضع من بعيد بعد أن تبين لهم أن الاحتجاج خرج عن نطاقه المطلبي وتحول إلى أعمال تخريب. بعد تجمع المحتجين فيما يشبه حلقة نقاش أمام إدارة الأمن الاقليمي قرروا الانتقال إلى ساحة باب المقام بالمدينة التي وصفها أحد المتدخلين بساحة التحرير، ونظرا لشساعة الميدان بحيث يصعب على أي كان أن يتحكم في توجيهها، ظهرت مجموعات كثيرة منها من لجأ إلى هاتف تابع للاتصالات التقليدية بالساحة ومنهم مجموعة رشقت مقر مندوبية الصناعة التقليدية بالحجارة وأخرى توجهت إلى المحطة الطرقية لتقوم بتكسير حافلة عن آخرها كانت متوقعة هناك اضافة إلى سيارة خاصة في ملكية أحد المستخدمين. وبعد وصول تعزيزات أمنية وأمام تصاعد أعمال التخريب اضطرت قوات الأمن إلى التدخل مما خلق نوعا من الكر والفر بين رجال الأمن والمخربين بعد إصرار الأخيرين على مواصلة أعمالهم. وهكذا توجهت مجموعة نحو مقاطعة ستي مسعودة وقامت بتكسير بابها ونوافذها ووكالة البريد بجانبها، وبعد تدخل الأمن تحول المحتجون إلى مدار السلاوي لتستمر حالة رشق قوات الأمن بالحجارة خاصة وأن المكان مملوء بالحجارة لأنه مفتوح للبناء والتعمير. في ظل هاته الوضعيةمن الهلع والخوف الذي أصاب المواطنين خاصة النساء منهم، تقدم مجموعة من السكان نحو رجال الأمن عارضين عليهم مناصرتهم من أجل القضاء على المخربين والدفاع عن المملتكات العامة والخاصة والحفاظ على الأمن، وبعد التردد الذي بدا على الأمن في البداية - في انتظار التعليمات ربما - تم تفريق المجموعات المخربة وذلك بمساعدة المواطنين الغيورين. «نحن مع الحق في التظاهر السلمي لكننا ضد التخريب» «نعم للحق في السكن والتعليم والتطبيب... لكن لا لتخريب الممتلكات العامة والخاصة» تجدر الاشارة إلى أنه ونحن نرصد الوضعية عن كثب وأثناء هجوم المتظاهرين على الادارة الاقليمية للقوات المساعدة، أوقف المتظاهرون سيارة أجرة صغيرة كانت تحمل سيدة وصعدوا فوقها وبدأوا يضربونها بكل ما أوتوا من قوة وألحقوا بها أضرارا بليغة بحيث لولا يقظة السائق الذي قام بتمويههم وهرب لكان الوضع أسوأ. وللإشارة، فإن من الشعارات التي رفعت نجد «النشيد الوطني» وشعار «ملكنا واحد: محمد السادس» ويا للغرابة ويا للمفارقة!