أعرب وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون عن رفض بلاده القاطع لتشكيل جيش أوروبي موحد، نافيا «وجود أي إمكانية لذلك»، وتعهد بإجهاض لندن أي مساع لحشد الاتحاد الأوروبي جيشا موحدا. وفي تعليق بهذا الصدد، ذكّرت وكالة «نوفوستنوي فرونت» الناطقة بالروسية، بأن تصريح وزير الدفاع البريطاني هذا، قد جاء في خضم التحضير في بريطانيا للاستفتاء على بقاء البلاد في عضوية الاتحاد الأوروبي، المزمع في ال23 من يونيو الجاري، كما تساءلت عن السر في التناقض الواضح في خطوات لندن ما بين معارضتها الانسحاب من الاتحاد، ورفض تشكيل جيش أوروبي موحد، يعزز وحدته. وكتبت أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مستمر في الترويج بشكل غير مسبوق لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، مسوّغا ذلك بأن الرابح الأكبر من وراء هذا الانسحاب، هما روسيا الاتحادية، وفلاديمير بوتين شخصيا، فيما تساءلت حول التناقض ما بين مساعي كاميرون للحفاظ على عضوية بلاده في الاتحاد، ورفض وزير دفاعه حشد جيش موحد يعزز هذا الاتحاد ويذود عن حياضه. وأعادت «نوفوستنوي فرونت» إلى الأذهان، أن فكرة تشكيل جيش أوروبي موحد، تعود إلى خافير سولانا الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي، الذي شدد في تقرير خاص أعده، على ضرورة صياغة استراتيجيا أمن جديدة يتبناها الاتحاد الأوروبي. كما رجح سولانا في تقريره أن يضطر الاتحاد لإرسال قوات عسكرية إلى خارج حدود بلدانه، على أن تتخذ أركان جيشه الموحد من بروكسل مقرا لها. جان كلود يونكير، رئيس اللجنة الأوروبية، لم يخرج في طرحه هو الآخر عمّا اقترحه سولانا حول ضرورة حشد الاتحاد الأوروبي جيشا موحدا، حيث قال في حديث أدلى به لصحيفة Welt am Sonntag الألمانية: «يمكن لجيش كهذا أن يساعدنا في تبني سياستي خارجية وأمن مشتركتين»، معتبرا أن لهذا الجيش أن يتيح للاتحاد الأوروبي صد أي خطر قد تتعرض له البلدان الأعضاء في الاتحاد ويصدر عن روسيا». وأضاف أن «الحاجة للجيش الأوروبي الموحد تكمن في التلويح لروسيا بأننا نتعامل بجدية مع كيفية حماية قيم الاتحاد الأوروبي». أما مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن والسياسة فيديريكا موغيريني، فتتبنى طرحا آخر على هذا الصعيد، حيث نفت مؤخرا حسب «نوفوستنوي فرونت» صحة ما يشاع عن احتمال تشكيل جيش أوروبي موحد، وأكدت أنه لا توجد لدى بروكسل أي خطط لاستحداث قوات مسلحة مشتركة بين بلدان الاتحاد الأوروبي. وأشارت «نوفوستنوي فرونت»، إلى أن ألمانيا تبدي اهتماما منقطع النظير بفكرة الجيش الموحد، إذ أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل شخصيا في مارس الماضي عن رغبة كبيرة لدى بلادها في استحداث جيش كهذا. والملفت كما ترى «نوفوستنوي فرونت»، انضمام رئيس جمهورية تشيكيا ميلوتش زيمان إلى جوقة المطالبين بجيش موحد لأوروبا، إلا أنه أكد أن الضرورة في تشكيل قوات مشتركة تنبع من أهمية حماية حدود الاتحاد الخارجية ومنع تدفق المهاجرين اللاشرعيين على بلدانه. وبالعودة إلى موقف بريطانيا الرافض لتشكيل جيش أوروبي موحد، أوردت «نوفوستنوي فرونت» مقتطفات من حديث لصحيفة «فزغلياد» أدلى به يفسي فاسيليف الباحث في الجامعة الروسية للعلوم الإنسانية، أكد فيه أن الرفض البريطاني نابع من تبعية لندن للولايات المتحدة التي ترى في جيش كهذا تهديدا لنفوذها في أوروبا. وأضاف: «جرت العادة أن تدافع بريطانيا عن موقف الولاياتالمتحدة لدى بحث قضايا الاتحاد الأوروبي الأمنية. واشنطن تعارض استحداث جيش من هذا القبيل، نظرا لأن ذلك سوف يقلل من تبعية بروكسل لها». ومضى يقول: «أريد التذكير بمشروع اتحاد غرب أوروبا الذي بقي على المسامع حتى العام 2011، ويرى فيه القائمون عليه بديلا عن حلف الناتو. وفضلا عن ذلك، فهناك منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بقواتها لحفظ السلام، فيما يتعذر على الاتحاد الأوروبي رغم ذلك، تبني سياسة مستقلة في ظل وجود عشرات آلاف العسكريين الأمريكيين على أراضيه ضمن إطار الناتو». وفي هذا السياق كذلك، اعتبر ألكسندر كامكين في تعليق ل»فزغلياد» الروسية، أن «رفض لندن تشكيل جيش أوروبي موحد، إنما نابع من العلاقات المميزة بين بريطانياوالولاياتالمتحدة، إذ لا يريد البلدان سلخ الاتحاد الأوروبي عن واشنطن، فالأمريكيون على قناعة تامة بأن هذا الجيش إذا ما تشكل، سوف يعمق استقلال الاتحاد الأوروبي عن الولاياتالمتحدة، وهذا أمر لا يمكن لواشنطن قبوله، ولا سيما في ظل مساعي شريحة لا بأس بها من ممثلي النخبة في بروكسل للتحرر من الإملاءات الأمريكية».