كنت أتوقع منك مفاجأتين على الأقل الأولى أن تكوني أكثر وقاحة من أنفاس عاصفة تنجب صغارها على حواف النوافذ أردتك أن تطفئي السجائر بأعصاب باردة على جلد تمساح لم يصدق يوما أنه آكل لحوم محترف، فاكتفى منذ ميلاده بالفقوس والسبانخ وأكواز الذرة والشمندر أردتك أن تكوني صرخة طائر يتدلى برشاقة ثعبان على غصن غفير لا يصلح البتة قميصا للغابة.. فالغابة لا قيمة لها على الإطلاق ما لم ترتطم الوردة بما يحدثه المطر في مزهرية خزف يرعاها البرق على خط الاستواء طبعا ليس المقصود هو النهر الذي يجري كزوارق إنقاذ في وريد الأرض ليس المقصود هو الكوكب الغارق في شربة ماء فلماذا اخترت عن عمد أن تكوني صفصافة أرستقراطية تغمز الجسر المعلق بين غيمتين بكعبها العالي؟ لماذا ترتدين معطفا من عظام القتلى الذين سقطوا غدرا والذين شاخوا في ظلال لم يقرع أبوابها سواهم؟ لماذا لم تختاري أن تكوني شفرة حلاقة لأجعلك تقابلين وجوها أعرفها؟ ................ والمفاجأة الثانية أن تكوني مخلب بومة على كتف الشمس كان علي أن أصدق قليلا أن الوثب الجارح ليس مهنتك وأن لا شيء يدفعك للمجازفة بتحويل يدك إلى عش للنسور كان علي أن أصدق كثيرا أنه ليس بوسعك استرداد قدميك المرتجفتين وأن خطوة الهلع أشد إغراء من الطريدة توقعت منك بدون أدنى مفاجأة أن تكوني طفلة لا تكبر طلقة لا تنام سحابة لا تهطل توقعت أن نلتقي في نهاية الشارع كجدولين مضفورين على رأس بحيرة لكن ها أنا أمضي وحيدا مثل بائع جرائد متجول أمزج العناوين بمعجزة وأصرخ بالفضائح كأنني أمسك لؤلؤة ها أنا لفرط ولعي بالأساور التي تثرثر في معصمك أعكر توقعاتي بقبلة قطرس يكورها البحر على جبين موجة ها أنا أصنع وسادة من سكر لأنام وحدي وها أنت تلوحين بمنديلك المطرز لعل «المركب السكران» يهزمني ولا يهزمني إلا وجهك الذي يتكاثرعلى جدران بيتي مثل سرب نمل على جناح ذبابة..