الكتابُ الذي ننشر ترجمته الكاملة إلى العربية هو- كما أراد له صاحباه (حبيب المالكي ونرجس الرغاي)- ثمرةَ لقاء. لقاء ما بين رجل سياسة وبيْن إعلامية: الأوّل يريد أنْ يقدّم شهادة، والثانية تريد أنْ تفهم. ليس من عادة رجال السياسة أنْ يقدّموا شهاداتهم. قليلون جدا هُم الذين يَقبلون الانصراف إلى تمْرين تقديم الشهادة. ورَغم ذلك، فإنّ تاريخ المغرب المعاصر بإمكانه أن يشكّل تمرينا جيدا للشهادة. فمنذ مستهل التسعينيات، طوى المغرب صفحات مصالحة لم تكن دائما هادئة. إنها مادة رائعة أمام المُنقّبين الذين يرغبون في الذهاب أبعد من الطابع الآنيّ للمعلومةّّّ! كما أنّ هذا الكتاب هو كذلك ثمرة رغبة ملحّة في الفهم، فهم هذا الحُلم المقطوع التمثّل في التناوب التوافقي الذي دشّنه الوزير الأول السابق المنتمي إلى اليسار، عبد الرحمان اليوسفي. وهو أيضا رغبة في فهم ذلك الإحساس بالطَّعْم غير المكتمل للتناوب الديمقراطي. o بمناسبة حكومة اليوسفي الثانية، خرجتَ من الجهاز التنفيذي. وقد عشتَ ذلك كنوع من الارتياح. هل يمكن أن تفسّر لنا ذلك؟ ثمّ هل قدّم لك اليوسفي، انطلاقا من لباقته المعروفة، تفسيرات عن مغادرتك؟ n كلاّ، لم يقدّم لي أيّ تفسير. بل اكتفى باستدعائي إلى بيته، كان مُتعبا وقال لي: «إنه القرار الأصْعب الذي أتّخذه في حياتي». كنت أودّ لو تكلّم معي أكثر، لكنني فهمت أنّ الرسالة ستقف هنا، في هذا المستوى. ثمّ شكرته، وقلت له بأنني أتمنى صادقا أنْ تصل التجربة إلى مبتغاها. o هل خامركَ إحساس في تلك اللحظة بأنك تؤدي ثمن الحق في اختلافك؟ n في جزء كبير هذا صحيح. لقد كانتْ مواقف في مجلس الحكومة، والطريقة التي كنت أسعى إلى أن أسيّر بها وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، لكي تؤدّي دورها، وكذا التحضير لملتقى وطني كبير يحدد للمرة الأولى استراتيجية 2020، كل هذه عوامل احتكاك وتوتر في علاقتي بالوزير الأوّل، وبالمسؤولين عن السياسة الاقتصادية والمالية. o ماذا فعلتَ عند مغادرتك؟ هل حافظتَ على علاقتك بالحكومة، أم أصبحت مناضلا؟ n ينبغي القول بأنني كنتُ مهيأً من الناحية السيكولوجية. فأنا لمْ أعتبر الاستوزار يوْما بمثابة مهنة. لقد استرجعتُ مكاني كاملا في الحزب، وانخرطتُ في الإعداد للمؤتمر السّادس الذي انعقد سنة 2001. o ألمْ تكنْ أفضل حالا في النهاية في موقعكَ هذا من أجل متابعة النظرة السياسية، وأيضا نظرة الملاحظ الذي يلاحظ ما يجري في الحكومة؟ n بعد الملتقى الوطني حول الفلاحة، تمنيتُ لوْ توفرت الشروط من أجل بداية التطبيق هذه الاستراتيجية 2020 . ففي إطار التحضير للمؤتمر السادس للحزب، حاولتُ أن أجعل الحزب يلعب دور الساهر الواعي من خلال إثارة الانتباه إلى بعض الانزلاقات، وذلك بالتأكيد على ضرورة وضع الأسس لنموذج تنمويّ حقيقيّ من خلال الإشارة إلى أن المؤرخين، في ما بعد، والملاحظين لنْ يتجاوزوا عنا. وقد حاولتُ إبرازَ أنّ هذه التجربة، التي هي تجربة سياسة بامتياز، ينبغي أن تخلق الاختلافَ مع التجارب السابقة في المجاليْن الاقتصادي والمالي. o عشتَ ذلك مباشرة داخل الحكومة، وبعد ذلك خارجها من خلال انخراطك في التحضير للمؤتمر السادس سنة 2001، والاتحاد الاشتراكي يومها حزب في السلطة، من خلال الانتقال من المعارضة إلى الحكم. كيف انطلقَ هذا المنعطف؟ هل استوعب الحزْب هذا المنعطف؟ وماهي نوعية الإخفاقات والخلل والنقائص التي كانتْ موجودة؟ n إنه منعطف صعْب للغاية. لقدْ حاول اليوسفي تغييرَ المغرب وتغييرَ الحزب في الوقت نفسه. غير أنّ هذيْن الرّهانين مختلفان. وبطبيعة الحال، فإن هاتيْن المهمّتين لا يمكن القيام بهما من خلال الرّكون في المعارضة. لقد كان الوزير الأول، والكاتب الأول للحزْب، مقتنعا بأنه من أجل إنْجاح الانتقال الديمقراطي، كان ينبغي تغيير الذات. وفي الوقت نفسه كان مقتنعا- وكنا مقتنعين معه- بأنّ الحزب كان مُحتاجا إلى تحقيق انطلاقة جديدة، وإلى نَفَس جديد من أجْل الانخراط كلية في هذا المُسلسل التاريخيّ. والحالُ أنّ الذي كان مطلوبا من المناضلين والأطر والمسؤولين هو إحْداث قطيعة حقيقية سيكو- سياسية وسلوكية بعد أربعين سنة من المعارضة. o هل كان مناضلو الاتّحاد الاشتراكي مستعدين لإحداث هذه القطيعة؟ n لا، وذلك لسبب وجيه هو أن ثقافتنا السياسية هي بشكل من الأشكال نتيجة تراكم طويل تحكّمت فيه تجربتنا الخاصة كحزب في المعارضة من 1960 إلى 1996 - 1997. لا ينبغي أنْ ننسى بأنّ الاتحاد الاشتراكي لم يكن دائما ينعم بحياة عادية. فنحن لم نعرف السيْر السياسي العادي طيلة عقود. والنتيجة هي أن هؤلاء المناضلين والأطر والمسؤولين قد عاشوا في حالة ارْتهان دائم. وخلال كل هذه الفترة، كان الحزب يتعرّض لنوع من حالة الاستثناء مقنعة أو معلنة. وإلى حدود 2000، على سبيل المثال، لمْ نستطع تنظيم سوى مؤتمر واحد كلّ ثماني سنوات، لأنّ الحياة الحزبية العادية لم توجدْ في الاتحاد الاشتراكي. ولا بدَّ من الإشارة هنا إلى أن الحياة السياسية الداخلية في المغرب آنذاك، كانتْ محكومة بحياة الحزب: عدد المعتقلين السياسيين المُفرج عنهم، عدد المقاعد المحصّل عليها، المراقبة، وضعية الإعلام الحزبي الخ. كنا بمعنى ما، وبدون مبالغة، مقياسا للحياة السياسية الداخلية. غير أنّ هذا المسار كله هو الذي شكّل نموذج المناضل الذي يعمل على أساس الحيْطة والحَذَر والمسافة. واليوم، نشهد، ولكن بصعوبة، ظهور نموذج آخر. o يعتقد الكثيرون بأنّكم احتقرتمْ قواعدكم الحزْبية؟ n إنّ اتخاذ القرار من طرف الأجهزة الوطنية للحزب ليس كافيا. فهذا يرتبط بمنطق الإناء المُغلق. فنحن لمْ نفتح نقاشا شعبيا لشَرْح دواعي هذا المنعطف في حياة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. لقد طلبنا انخراط المناضلين، وطلبنا انخراط الشعب، لكنْ بدون تنظيم حملة حقيقية للشرح من أجل تعبئة أكبر وأوسع. ولهذا كانَ التفاعل معطّلا في غالب الأحيان. وهذا ما يفسر التباعد بين المشاركة وبين طريقة جعْل قواعدنا تعيش هذه المشاركة. o لكنْ، لماذا برز نموذج جديد للمناضل الاتحادي بصورة صعبة؟ هل كان هناك عمل لمْ تقوموا به؟ n كان يلزم وجود بيداغوجية ملائمة للحياة اليومية، من أجل طيّ صفْحة التشكيك. كما كانت تلزم إرادة وأفعال ملموسة. الثقافة السياسية لا تُملى، وإنما هي عملية تعلم طويلة الأمد، تتحكّم فيها إقامة وتشييد هذا المجتمع الجديد والحديث والديمقراطي الذي طالبنا به دائما. نحن نتوفر على نموذجيْن للمناضل: نموذج المناضل الذي يبقى متشككا، ويستمر في طرْح الكثير من الأسئلة حول الهدف والغاية من التجربة الحالية. ثم هناك النموذج الثاني، وهو نموذج المناضل الذي عَرَكَتْه التجارب. يتعلق الأمر بالخصوص بالمُنتخَبين في جميع المستويات، وبأولئك الذين تحمّلوا مسؤوليات. وهو نموذج قيْد التشكّل. والنموذجان معا يلتقيان في نقطة مشتركة: رفضهما لفكرة الهجْران أو الانكار. وحاليا، نحن نعيشُ مواجهة بين هذين النموذجيْن داخل الاتحاد الاشتراكي. o ماهو المعسكر الأقوى؟ n أنا لا أطرح المسألة بهذه الكيفية. وأفضّل القول بأنّ الدينامية الديمقراطية هي التي ينبغي أن تتغلّب. ومع ذلك، فإذا تمّتْ الإصلاحات السياسية والدّستورية، وإذا حسّن الاتحاد الاشتراكي من ترتيبه الانتخابي في 2010، فإنّ نموذج المناضل المشارك هو الذي سيطبع في نظري إيقاع الحياة السياسية الداخلية للحزب. o لكنْ يُقال بأنّ الاتحاد لاشتراكي قد فَقَد الكثير من الرّيش خلال هذه التجربة الأولى للتناوب. n إنّ المغرب يوجد على الطريق الصّحيح: هناك حياة سياسية عادية، ولابدّ أن يؤدي الثمن أحد! وقد أدّى الاتحاد الاشتراكي هذا الثمن. غير أنّ الرهان لا يجعلنا نأْسف على شيء. فنحن بمعنى من المعاني ضحية نجاحنا. بل أقول إن نجاحنا قد صُودرَ. ومنذ رحيل اليوسفي يبدو كأن الأمور تمشي من تلقاء ذاتها، بينما أنه بدون الاتحاد الاشتراكي لم يكنْ المغرب ليحقّق بكل تأكيد هذا الانتقالَ المزدوجَ. o خلال مساره كوزير أوّل، اعتاد اليوسفي أن يثير مسألة جيوب المقاومة الذين يَحُولُون دون أن يستكملَ التناوب مهمّته كاملة. كيف كانت تتجسد وتتصرف هذه الجيوب أنذاك؟ وهل التقيتَ بها؟ n سوف أتحدث بنسبيّة، لأنّ اليوسفي كان يحظى بثقة الحسن الثاني ومحمد السادس. وأنْ تحظى بثقة الملك، فهذا يُساعد على تخطّي العديد من العقبات. إنّ حكومة التناوب هي حكومة توافق. ومن ثمّ فإنّ الأساس السياسي واسع جدا، ولا يمكن للتشويش أنْ يأتي كثيرا من الداخل. بلْ أكثر من ذلك، إنّ الرأسمال الخاص الوطني قد لعب دوره في تشكيل حكومة التناوب. وقدْ أُعْطيتْ كل الضمانات لأرباب العمل، منها مسألة العفو الضريبي التي كانت تناقش آنذاك لأنها تمّتْ بدون مقابل. مع العلم أنّ رأس الباطرونات آنذاك كان استقلاليا سابقا. في البداية كانت الكونفدرالية العامة للمقاولين بالمغرب، ولكن أيضا حزب العدالة والتنمية دعّم حكومة اليوسفي الأولى، أيْ قبل التعديل الحكومي في شتنبر 2000. o ألمْ يزْعجكمْ في البداية، على الصعيد الإيديولوجيّ، بأنْ يدعّمكم الإسلاميون؟ n كان ذلك نتيجة اتصالات كان قد قام بها عبد الرحمان اليوسفي قبل تشكيل الحكومة. وخلال هذه الاتصالات، كان قد مارس سياسة قوْس قزح. أيْ إبلاغ وطلب دعم كلّ القوى والحساسيّات الموجودة. لا تنسيْ وقتها أنه كان هناكَ الدكتور عبد الكريم الخطيب، وهو أحد وجوه المقاومة الذي كان على رأس العدالة والتنمية. إنّ الارتياح لهذه التجربة الأولى للتناوب هو الذي يمكنه تفسير معنى طريقة اليوسفي، وسلوكه سياسة قوْس قزح. o يومها لم يكن العدالة والتنمية هي العدالة والتنمية؟ n كلا. هم أنفسهم كانوا يبحثون عن الطريقة التي يسيرون بها بدون أن يسقطوا. كان الحديث يجري عن المقاومة. في حواراتنا السابقة تحدثنا كثيرا عن الوحدة، وبصفة خاصة وحدة الكتلة التي جعلتْ من ممهدات التناوب شيئا ممكنا. ومن بين عناصر المقاومة، كان هناك حزب الاستقلال الذي جعل عبد الرحمان اليوسفي يدور حول نفسه. o الآن، ومع مرور الوقت، كيف تفسّرون موقف حزب الاستقلال الذي يتجلى في منطق: «أنا هنا ولست هنا»، «قَدَمٌ في الداخل وقَدَم في الخارج»؟ n ما كان يؤاخذنا عليه الوزير الأوّل الحالي، من حين لآخر، هو بالضبط ما كان يمارسه، هذا في الوقت الذي كان فيه حزب الاستقلال عُضوا في حكومة اليوسفي. لقد كانتْ انتقادات عباس الفاسي في الوقت نفسه علنية وقوية. إنَّ هدوء اليوسفي، الذي يبرهن على احتشام كبير، كان مصدر عجز. لقد كان اليوسفي، في الحقيقة، مسكونا بنجاح مهمته، لذلك كان يصْفح كثيرا. وفي غياب اتفاق قويّ وواقعي بين الحزبيْن، فقد كان أحدهما محكوما عليه بالسيْر على رجل واحدة. كان ينبغي تقديم تفسير مناسب للوصول إلى تفاهم وتوضيح آفاق 2002 بطريقة سليمة. وهذا ما يجعلني أقول بأنّ ما جرى قبل 2002 هو الذي حدّد ما بعد 2002. لقد كانَ كبرياء السّي عبد الرحمان عائقا في بعض الأحيان ! كانتْ عنده القدرة على إنجاز هذا الانتظار، وجعْله يتقدّم، لكنه لم يفعلْ. كنتُ أتمنّى لو ذهب اليوسفي إلى أبعد من ذلك، لرفع كلّ شكل من أشكال انعدام التفاهم. لقد كان عباس الفاسي يشتكي من وضعيته داخل الحكومة، ومن الطريقة التي كان يعامله بها الوزير الأوّل. كنت أتمنى من جهتي لو اتّضحت الأمور لتحقق قفزة إيجابية للكتلة وللعمل الحكومي. لديّ إحساس قويّ بأنّ ما نتحدّث عنه ليس بمنأى عمّا وقع سنة 2002، أي عند تعيين وزير أوّل من خارج الأحزاب. o والذي يجري اليوم؟ n بشكل كبير. إنّ الحزب ما زال لمْ يتعافَ، لا من نهاية هذه التجربة، ولا من رحيل عبد الرحمان اليوسفي. o هل قَدَرُ الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال أن يظلاَّ أبْرزَ عدوّين لذوديْن في العالم؟ n إخوة أعداء على الأرْجح ... لكنْ ينبغي أن يتغلّب عقل الدولة على « الانتماء الحزبي» الذي يلعب دورا اختزاليا. فهو يُعْمي البصر ويعيد إلى صراعات قديمة. o كان عبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول للانتقال الديمقراطي، وهو التحوّل الذي طال واستطال. ما تقول اليوم عن وضعية الديمقراطية في ضوء السنوات الأولى للتناوب، والأعمال التي قام بها اليوسفي، علما بأنه أوُخذ طويلا على كونه لمْ يتخذ تدابير رمزية وقوية من شأنها أن تدشّن للتحوّل؟ n إنّ مجيء التناوب قد زَرَع الكثير من الأمَل، وموْجات من التفاؤل، الذي يذكّرنا، بدون مبالغة، بالسنوات الأولى بعد الاستقلال. فهذه الوضعية لم يكن ممكنا أن تكون مشابهة لها لو لم تكن المحاولة الأولى للتجربة ناجحة: لقد كان ينبغي حدوث صدمة قوية. لقد أُجْريَ التناوب مع حزب واحد هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يجرّ وراءه 40 سنة من المعارضة. لابد كذلك من معرفة أنّ الرأي العام المغربي كان يربط ما بين التناوب وبين سياسة جديدة تقطع مع الماضي. لقد كان التناوب، بالنسبة للمواطنين المغاربة يعني إصلاحات عميقة، واختيارات جديدة، كما كان يعني العدالة واقتسام السلطة وتكافؤ الفرص. وقد كانتْ انتظارات كبيرة بالقياس إلى ما كان يمكن أن تقوم به أوّل حكومة تناوب. أعتقد أنه يوجد هنا مشكل دلاليّ يمكن توضيحه كما يلي: التناوب ليس بديلا عن النظام القائم. إن التناوب بالعكس هو لحظة تاريخية تذكّر بأنّ الشعب المغربي شعب مسيّس لكونه واعيا تمام الوعْي بالرّهانات. وأنْ يتمّ الرّبط بين مجيء حكومة جديدة على رأسها اليوسفي وبين العدالة والحق وتكافؤ الفرَص واقتسام السلطة، فذلك معناه أنّ المغاربة ليْسوا، كما يُعتقد في الغالب، مواطنين بعيدين عن السياسة. وهو كذلك مؤشر يجعلني أقول بأنّ الناس يستعيدون الثقة. بل أقول بأنهم وجدوا هذه الثقة. لقد فُكّت عقدة الألسنة. كما طرحت أسئلة صعبة، وتمّتْ المطالبة بأجوبة واضحة ومقنعة. وباختصار، فقد بدأت آنذاك مواطَنة جديدة ترْتسم في الأفق. والتناوبُ أيضا هو بداية مصالحة المغاربة مع السياسة. لقد كانت السياسة نفسها قد استعادت عافيتها، وبدأ الناس يثقون فيها. وهو ما كان يمثل تحوّلا عميقا، لأنه إلى حدود ذلك الوقت كان الناس يهجرون السياسة. فلم تكن هذه الأخيرة سياسة للحقّ بقدر ما كانت سياسة ظرفية بدون مشروع.