الحلبية ذات العيون الخضراء التي تغنّى بجمالها نزار قباني وصدحت بها مواويل صباح فخري ها هي ذي تمدّ يدها عند تقاطع الطرق بين شارع المقاومة ومصطفى المعاني. اللعنة على الربيع العربي الذي حمل الذل والهوان للبنت الحلبية وجعلها تنتظر صدقات المارة. سوق الحامدية والمسجد الأموي وميدان المرجة ونهر بردى وصخرة قاسيون عذرا لأننا نسيناكم على أبواب الجامعة العربية مع العباءات والتذكارات والأحذية المطاطية للحرس القديم والحرس الجديد ذي الأردية السوداء والرايات السود. لحسن الحظ أن سعد الله ونّوس قد غادرنا قبل الزلزال وإلا لكان احتار حقا كيف يصف الحال الذي جاوز الخيال والأساطير على أرض الشام وبلاد الهلال الخصيب ولعجز كل العجز عن تدبيج حوار واحد أو صياغة مشهد قصير يصف الحال الذي صار مآلا ولكنه كان سعيد الحظ إذ هو رحل قبل الزلزال. في دمشق وفي اللاذقية ومن حلب إلى الغوطة الشرقية يلهو الأطفال بالدبابات والبنات بالقنابل العنقدية. الشباب يرقصون حول النار عراة مثل طوائف هندية مُزنّرين بأحزمة ناسفة أما الشيوخ فيبتسمون للسماء التي أمطرتهم بالبراميل والطائرات الحربية وهم جميعا يحمدون الرب من دمشق إلى اللاذقية. يشرب الساسةُ نخب الحرب ويرفعون كؤوسهم في الهواء في صحة القادة والزعماء ولكن الأرض تميد تحت أقدام الفقراء وتعز عليهم اللقمة والكساء والخيام التي تؤويهم لا تستر منهم العورة أو تمنع عنهم برد الشتاء ولذلك يلعنون الحرب والطوائف ويتمنّون أن تعود الأيام الخوالي رغم بؤسها وقمعها ليشبعوا ويدفؤوا ويتذكروا انتماءهم لبني البشر الأسوياء ولكن من يا ترى يسمع أمنيتهم..