زهور المعمري، أو «فخيتة»، كما يحب أن يطلق عليها المشاهد المغربي، الفنانة المغربية الأصيلة، ذات الكريزمية التعبيرية الواضحة والحضور الفني الإبداعي اللافت، تعاني الآن في صمت، بالرغم من أن حبل الحياة لم يمتد بها إلى أرذل العمر.. المعاناة لا تتجسد في طارئ صحي عابر، ولكن في وضع مرضي جد حرج، يتطلب تدخل كل الجهات المعنية المحبة للفن الهادف للإبداع النبيل.. لإنقاذ تجربة حياة فنية عالية أعطت للفن والوطن الشيء الكثير.. زهور المعمري الفنانة الديناميكية، النشيطة، الدائمة والدائبة الحركة... هي الآن مقعدة على كرسي متحرك، تارة تسعفها ذاكرتها في الحديث مع من حولها، وتارة أخرى تغيب عنها، ومرة ثالثة تعيش على الذكريات والماضي الفني الجميل التي قدمت فيه، بكل تفان وإخلاص، ما أمكنها من لحظات الفرجة، المتعة، التوعية والتحسيس، الفن النبيل.. في أعمال إبداعية درامية مسرحية، تلفزيونية وسينمائية كثيرة وكثيرة جدا يصعب حصرها.. زهور المعمري، المتقاعدة من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (مؤسسة الإذاعة والتلفزيون سابقا)، كرست حياتها (أزيد من خمسين سنة) للوظيف والفن والتعبير الجسدي واللفظي... قبل أن تكرسها للحياة وطوارئها التي خانتها في الأيام والشهور الأخيرة، حيث «جهاد» الأسرة الصغيرة كل يوم، كل ساعة ودقيقة للاستجابة لمتطلباتها، ولو لم تطلب شيئا، حتى ولو كانت أبسط الأشياء العادية.. «جهاد» في البحث عن الموارد المالية لسد تكاليف العلاج والاستشفاء الباهضة، بالرغم من قضائها أسبوع بالمستشفى العسكري بالرباط بتدخل من النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، و«جهاد» في العناية الفائقة بالأم التي آثرت أن تزواج، في المشوار الحياتي الخاص بها، بين تربية الأبناء وتربية الذوق السليم للمشاهد والمتفرج المغربي عبر مسار انطلق رسميا من سنة 1951، حيث الانخراط في التجربة الفنية المسرحية ضمن الكشفية الحسنية قبل الحصول على الباكالوريا سنة 1959، ثم الالتحاق مباشرة في 1961 بفرقة محمد حسن الجندي بالرباط، وبعد ذلك بالفرقة الوطنية التابعة للشبيبة والرياضة، حيث المشاركة في مسرحية «مريض الوهم» لموليير إلى جانب الطيب لعلج وفريد بنمبارك وعبد الله العمراني، الذي سيشاركها الحياة الفنية والزوجية، لتلتحق بعد ذلك بمحطة الإذاعة والتلفزة بعين الشق للعمل كسكريبت، وفي الآن ذاته، بفرقة الطيب الصديقي بالدارالبيضاء والمشاركة معه في مسرحية «البخيل، وفي سنة 1963 ستغني حياتها الفنية بالسفر إلى فرنسا قصد المشاركة في دبلجة فلام هندية، لتنتزع مباشرة في 1964 دور البطولة في فيلم فرنسي - مغربي باعتبارها تتقن التحدث باللغات العربية، الفرنسية، الانجليزية والايطالية، لتنخرط بعد ذلك بفرقة «الوفاء المراكشية» للمشاركة في مسرحية «البير» وتجسد دور البطولة في فيلم «escale à rabat»، لتناط بها مهمة إعداد وتشحيض عدد من المسرحيات التلفزيونية التي كانت تبث مباشرة على الشاشة الصغيرة بوتيرة مسرحية كل أسبوع. وفي سنة 1966 ستشكل أحد الأعضاء الرئيسيين في فرقة المعمورة بلعبها عدة مسرحيات من قبيل «الشرع اعطانا اربعة»، «هاملت»، «عطيل»، كما ستكون لها تجربة سينمائية في إيطاليا بمشاركتها في فيلم للمخرج بلوريتزي، وتجارب أخرى مع التلفزة المغربية في عدد كبير من الأفلام والمسلسلات، لتساهم ابتداء من 1980 في تأسيس «فرقة النجوم المسرحية» وتشخص أبرز أدوارها المسرحية من قبيل «الزواق يطير»، «راجلي ولد مو» و«الطنجية».. زهور المعمري عرفتها الشاشة الكبيرة بكل التألق من خلال المشاركة في العديد من الأفلام الوطنية والدولية، منها الجزء الثاني من الفيلم الأمريكي «talent noir» وفيلم «الرسالة»، والفيلم الإسباني (جزءان) «un burka por amor» والفيلم الفرنسي «الإخوة» وسلسلة ألمانية حول المسيح، وفيلم إيطالي حول المقاومة الليبية للاستعمار الإيطالي، والفيلم المغربي «أنا الفنان» لعبد الله الزروالي، وفيلم«أيام شهرزاد الجميلة»، وفيلم «بامو» و«الرجل الذي باع العالم»... وتلفزيونيا في مسلسلات «عينك ميزانك»،«القطار والناس»، «طريق المجهول»، «الأرض»، «الخيمة»، «النكافة»، «لالة فاطمة» في جزءين، «الخواتات»، «شريكتي مشكلتي»، «لابريكاد»، «مداولة»، «من دار لدار»، «جيران الحومة»، «عيشة قنديشة» و«زليخة»، وفي الأفلام التلفزيونية «امراة في دوامة الحياة»، «المنزل المطلوب»، «الصبانة»، «المسيرة»، «نافح العطسة»، «الدمية»، «منديل صفية»، «الطاحونة» و«الأصيل للأصيل».. لتعزز كل هذا بتجارب مسرحية عديدية ك«الشاوس في المريخ»، «أنا وشامة»، «لعبة الحب»، «الصدفة»، «ماوراء الأفق»، «الزوجة الموظفة»، «شكون هي»، «كارت سيجور» و«سوء التفاهم».