ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تعيش السينما المغربية فعلا أزمة نجوم ؟
نشر في الفوانيس السينمائية يوم 12 - 03 - 2008

في المغرب : مجرد أن تظهر على الشاشة عدة مرات تصبح نجما
أن تكون نجما سينمائيا أو رياضيا أو فيزيائيا أو..أو.. فذاك أوسكار أو إكليل من ذهب لن تكون فيه سيد نفسك، النجومية قبل أن تعطيك تأخذ منك جهدا ووقتا، هي مسؤولية تتخلص فيها من خصوصياتك وذاتيتك فتصبح فيها رهين وسجين محبيك ومريديك، هي تكليف قبل أن تكون تشريف، مسؤولية تجاه من يحبك ومن لا يحبك، النجومية إذن والجماهيرية والشعبية ... كلها مسميات لإسم واحد، قد يلمع فيها نجمك كما قد يأفل، هي إلتزام قبل أن تصير حقا.
من هذا المنطلق تطرح النجومية في الحقل السينمائي كطموح يتغيا منه كل فنان أن يكون نجما لامعا في سماء الفنون، وأن يكتب في سجل التحديات ومدونات تحطيم الأرقام القياسية، عدة مطارحات وتساؤلات حول هذا الموضوع الشائك طبعا، نحاول ملامسته انطلاقا من طرحنا لبعض الاستفسارات التي تتداولها بعض الكتابات في الصحف والمجلات المتخصصة وكذلك بعض المواقع الإلكترونية : ففي ' السينما المغربية " مثلا حيث الممثل هو قطب العمل ومحوره مع تهميش وتقزيم الممثلين الآخرين، في الوقت الذي نرى في السينما والدراما العربية تعدد الوجوه، وكل مرة تطلع على الشاشة وجوه جديدة في أدوار البطولة ، فهل تعاني السينما المغربية حقا أزمة نجوم وغياب المواهب ؟ أو انه مجرد عقلية تعتمد على الفنان الأكثر شهرة وظهورا و طلبا عند الجمهور، والأغلى في شباك التذاكر.
لاستيعاب هذه التساؤلات وغيرها، لابد وأن نفهمها من منطلق منهج مقارنتي، فمجرد عقد مقارنة بين تاريخ السينما المغربية والسينما العربية من جهة (= وبالضبط المصرية ) والسينما الغربية من جهة أخرى (= الأمريكية والأوربية ) كنماذج، قد يكون في شبه المحال، ذلك أن السينما الغربية قد فرضت علينا نفسها بحكم الأسبقية والمردودية ومن بعدها السينما المصرية، هاته الأخيرة التي راكمت أعمالا فنية كانت جلها ناجحة وعلى مدى قرن من الزمن أي بعيد ظهور السينما بسنوات، ساعدها في ذلك الاحتكاك تقنيا بالتجارب الأجنبية المتمثلة في الاستعمار الإنجليزي، وأيضا في حضارتها الضاربة في أعماق التاريخ، كل هذا وغيره كان له عظيم الأثر في صناعة سينمائية فريدة في الوطن العربي، وإن كانت معظم الأعمال مقتبسة من الأعمال الفنية الغربية، فعلى الأقل استطاعت السينما المصرية أن تخلق لها مكانا ضمن أمكنة الفن السابع على المستوى العالمي، حيث طغى التقليد والاقتباس جميع طقوس الحياة الغربية وتم تجنيسها بالجنسية المصرية، بالرغم من عدم صلتها بالواقع العربي المصري الصعيدي، ولم يقف الحد عند ذلك بل تحداه إلى تقليد كل الجوانب التقنية المتعلقة بالسينما، وبالضبط مواصفات الممثلين والممثلات وأشكالهم وطرق آدائهم بل وحتى تصاميم مناظر كثيرة للمشاهد السينمائية وبالضبط في الأفلام الكلاسيكية ( فيلم انتصار الشباب، وأبي فوق الشجرة، سلو قلبي، ....... وجل الأفلام الاستعراضية ...).
تراكم التجارب وتراكم التيمات التي اشتغل عليها المخرجون المصريون خلقت لنا عددا من النجوم الموهوبين يصعب عدهم، طبعا لأن النجومية لها علاقة وطيدة مع الموهبة ولأن الموهبة هي الفيصل الحاسم في الاختيار، بالإضافة إلى معايير أخرى، مرة سئل أحد الفنانين المرموقين عن وجهة نظره في عادل إمام فرد قائلا : " من يدخل لرؤية عادل فإنه يدخل لرؤية عادل إمام ومن يدخل لرؤيتي أنا فإنه يدخل لرؤية المسرح "، والمتمعن لهذا الرد يرى أن صاحبه بالرغم من تمجيده لعادل إمام كنجم، فإنه لم يقم بتصنيف الفنانين بقدرما ما صنف المتفرجين والوافدين على المسرح، وهي إشارة خفية إلى أن النجومية مرتبطة بالعمل المراد عرضه ولا علاقة له بالشخص، لأنه كلما ارتبطنا بالشخص/الممثل، كلما ادخلنا ذواتنا وبالتالي يصبح حكمنا على الموضوع دون غاية، وأيضا إشارة إلى أن الفن صنعة تقتضي مهارة الصانع، نشير هنا إلى أن فيلم " حليم " الذي يعتبر من الأفلام العربية الجديدة التي تحكي كل تفاصيل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، والتي شخصها بامتياز الفنان المقتدر أحمد زكي، وبسبب وفاته المفاجيء لم يكتمل هذا العمل، فكان أن تم التفكير في اختيار ابنه كي يكمل مشوار والده أولا للشبه وثانيا لموهبته الإبداعية، قلت بالرغم من ذلك فلم تكتب له النجومية التي كتبت لوالده بالرغم من الوفاة التي حالت دون تكملة الفيلم، وننقل هنا ما تنقالته إحدى المنابر الإعلامية على لسان ابن أحمد زكي في إحدى حواراته، يقول : "كنت أتمنى أن يستقبلني الجمهور بشكل أفضل لأنهم أصحاب النفوذ في تقديم أي موهبة و لكني أشعر بأن الجمهور خذلني و خذل أحمد زكي ولم يقبل علي الفيلم رغم المجهود الضخم الذي بذل فيه من جميع المشاركين فيه".
وبناء عليه فإن المرحلة الكلاسيكية كما يسميها البعض في السينما المصرية والتي شكلت الدروة في مجال الإبداع والإنتاج، تعتبر جل الأفلام السينمائية التي صنعت فيها مرحلة اتسمت بظهور موجات من الممثلين الذين مزجوا بين كل مناحي الفنون فمن التشخيص إلى الفكاهة إلى الغناء والطرب ...... والأمثلة كثيرة في هذا المقام .
كل ذلك ساعد على ظهور معبودين للجماهير ( = فنانون وفنانات كأم كلثوم ، فريد الأطرش، عبدالحليم حافظ، اسمهان ، محمد فوزي، شادية، هدى سلطان فيروز، .......وغيرهم كثير )، نجاحهم على مستوى الأغنية وشهرتهم على مستوى شباك التذاكر ساهم في نجاحهم بل وساعدتهم الموهبة الفنية التي ظهرت مع أفلامهم على مقدرتهم الإبداعية الكبيرة، وكنا نرى في كل فيلم باقة من الفنانين يصعب علينا أن نفرز فيها بطل الفيلم وسطهم، بل حتى الكومبارس يتحول إلى بطل حيث الفكاهة تمزج مع الأداء، والدراما مع الكوميديا ( = اسماعيل ياسين، أنور وجدي، عبدالسلام النابلسي، زوزو نبيل، شادية، شكوكو، فؤاد المهندس شويكار.... في أفلامهم الاستعراضية)، وغيرهم كثير ممن صنعوا الدراما العربية بكل امتياز .
في المغرب وأمام غياب تاريخ حقيقي موثق للسينما كمعطى ثقافي/فني، ومع غياب تراكم على مستوى الكم والنوع، بل وغياب سياسة واضحة في وقت كانت فيه مصر رائدة وكان المغرب في عداد المستهلكين ينتظر ما تنتجه الصناعة السينمائية المصرية ومن بعدها الصناعة السينمائية الهندية (= بوليود ) أو الأفلام الأمريكية من خلال أفلام رعاة البقر (= هوليود )، حينها كان المستعمر الفرنسي في المغرب يعتو فسادا، منهمكا فقط في تصوير أفلامه الوثائقية والتحسيسية التوعوية عن المغرب وللمغرب والتي كانت تخدم فكره الكولونيالي المبني على كل ما هو برغماتي، هذا المستعمر الذي لم يجعل من المغرب إلا استديوهات وبلاطوهات طبيعية لتصوير وتمرير منتجاته السينمائية، ولم تكن الانطلاقة الحقيقية تقريبا إلا في سنة 1969م تاريخ ظهور أول فيلم روائي مغربي بالمعنى الدقيق للفيلم، دون أن ننسى أن الإرهاصات الأولى للتجربة السينمائية المغربية كانت مع عميد السينما المغربية : المخرج محمد عصفور والذي حاول بعصاميته أن يؤرخ لمرحلة حرجة من تاريخ المغرب بأفلامه بالرغم من بساطتها " الابن العاق" و" طرزان " و" الكنز المرصود" مع نجوم أيضا عصاميين مثل : محمد الكنوس و زاكي بوخريس وجميلة فنان و الحاج فنان و الطاهر جيمي وأمير العياشي ..... ، فقط وحدها " الحلقة " التي كانت سائدة في ربوع الوطن وتنقل " الحلاقية " بين الأسواق والمدن، خلق لنا نجوما شعبيين مازالت أسماؤهم عالقة في أذهان جيل الخمسينات والستينات إلى الآن ( نجد مثلا من النجوم : خليفة، نعينعة، فرقة بوشعيب البيضاوي، ولد قربال، خلوق، لمسيح، ولد قرد، بوغطاط،....) وغيرهم كثير ممن أضحكوا وأبكوا أجيالا بكاملها في وقت كانت فيه السينما المغربية تمشي مشية السلحفاة... والملاحظ أن الثنائيات كانت سائدة في نظام " الحلقة "، وما نراه حاليا في ساحة " جامع الفناء " بمراكش لخير دليل على ذلك، وإن كانت الحلقة في بدايتها الأولى كان لها روادها وشيوخها، فمانراه اليوم مثلا في مراكش ما هو إلا نسخة معطلة ومشوهة ومشلولة غير متلمذة على أحد، ولذلك فلم تكتب لها النجومية بالشكل المطلوب الذي كنا نراه في السابق .
بناء عليه فإنه لا يمكن فهم النجومية كنتيجة يتمناها كل من وطأت رجلاه هذا العالم إلا من منطلق مقارنتي من خلال النموذج المغربي والمشرقي (مصر) من جهة، والنموذج الغربي ( أمريكا وأوربا ) من جهة أخرى ونقول بأنه :
أولا : إذا أمكننا القول بأن التجربة المغربية اتسمت بضعف التراكم، فإن التجربة المصرية مثلا اتسمت بقوة التراكم وفي التجربة الغربية تجاوزت الكم للبحث عن النوعية متجاوزة بذلك ضعف وقوة التراكم .
ثانيا : إذا أمكننا القول بأن التجربة المغربية حديثة العهد فإن التجربة المصرية مثلا اتسمت بتوال زمني على مستوى صناعة الفيلم الشيء الذي كان له بالغ الأثر في ظهور نجوم قل نظيرهم في وقتنا الحالي، في حين اتسمت التجارب الغربية بالاكتمال والتكامل القوي ..
ثالثا : إذا أمكننا القول بأن النجومية في المغرب تم التأريخ لها انطلاقا من إنشاء بعض المعاهد التكوينيةالخاصة بالمسرح والتنشيط وعبر تجارب الجمعيات الثقافية والفنية، وظل الممثل فقط يبحث عن الظهور في الشاشة كأول نجاح له في اتجاه النجومية، فإن اختيار الممثل بناء على معايير حقوقية والتزامية ظل هو المحدد الرئيسي للنجومية في الدراما العربية وبالضبط المصرية والسورية واللبنانية مثلا مع مسلسلات أوائل السبعينات وبداية الثمانينات مثل مسلسل : " عازف الليل ومسلسل ربيع ومسلسل ندير ومسلسل الصمت والمتنبي وغير ذلك......، في حين نرى في التجارب الغربية اكتمال النموذج بحيث أصبح متجاوزا بذلك أسئلة الغلاف المالي أو الحقوق الثابتة للممثل بل إن ذلك أصبح من المسلمات التي لا نقاش فيها، وتجوزت بحكم تطور العقليات والتشريعات القانونية، وظهر ما يصطلح عليه بالديمقراطية الفنية.
رابعا: إحدى التحقيقات التي قامت بها إحدى المجلات المغربية كشفت بالملموس من خلال عنوان عريض : " شحال كيشدو النجوم "، وأشارت بالضبط : للفكاهيين والفنانين والموسيقيين والعاملين بقطاع التلفزيون وتساءلت من أين يكسبون وكم يحصلون في الشهر، وهل بالفعل نتوفر على نجوم على شاكلة نجوم هوليود و بوليود أو حتى القاهرة، واستنتجت بأن " نجومنا " بين قوسين، لا يربحون كثيرا مقابل خدماتهم الفنية لذلك لا يقتصرون على مجال واحد بل عدة مجالات وأشارت هنا للإشهار والاشتغال خارج حقل الفن، ونخلص نحن هنا إلى أنه في غياب قانون صارم للفنان سيبقى عرضة للمساومات الفارغة، وبالتالي سيبقى كل من هب ودب يعتبر نفسه فنانا، بل وسيترنح الفنان المحترف - أمام هذا المصاب الجلل - بين الاحترافية والازدحام مع المبتدئين الذين يدعون النجومية بدعوى ظهورهم ومشاركتهم عدة مرات على الشاشة العمومية، ونشير هنا أننا لا نطعن في ذوي الكفاءات التي تتوفر على مواهب إبداعية بغض النظر عن أنهم تكونوا أكاديميا أم لا، بل بالعكس فالتجربة المعتمدة على الموهبة غالبا ما تسخر من النظرية .
خامسا: إذا جاز لنا كل ذلك وغيره، يمكن القول بأن النجومية في المغرب مازالت في بداياتها الجنينية، فإلى حد الآن لا يمكن فرض الممثل الواحد على المخرج إلى درجة أن هاته الظاهرة أصبحت تمر وفق العلاقات الشخصية، وما المهرجانات وكثرتها إلا سوقا لعرض الممثلين على المخرجين، وأيضا تجدر الإشارة إلىان هناك مقاهي في مدينة الدارالبيضاء معروفة أصبحت أيضا " موقفا " أي سوقا خاصا بالتقاء الممثلين والمخرجين، فقليلا ما تسمع – في المغرب - بأن الممثل لا يقبل إلا الدور الذي يرضاه، وحتى إن قرأت ذلك في بعض الحوارات الخاصة ببعض الممثلين في بعض الجرائد والمجلات المتخصصة، فقط لأن هذا الممثل أو ذاك يجد الفرصة من خلال الصحافة لإعادة الاعتبار لنفسه، والواقع عكس ذلك فالممثل عندنا في المغرب كما كان يردد أحد الفنانين الشباب يجب أن يكون كالحرباء وأن يتلون بتلاوين الدور الذي سيفرض عليه لا الذي سيفرضه هو وتلك حقيقة لا يعترف بها إلا من وطأت رجلاه عالم الفن وفي قرارة نفسه العمل بعيدا عن الأضواء، طبعا هنا يحضر هاجس الاشتغال والعمل من أجل كسب المعيش اليومي، وإلا سيبقى عرضة للبطالة الفنية، ومن تم لا نتعجب إذا قلنا بأن الفنان في المغرب يقبل أي دور وإلا ستكثر عليه الاستفسارات والأقاويل عن سبب غيابه، ومن تم سيأفل وسيذوب نجمه الذي يعتقد بأنه كان لامعا، في حين نرى في التجربة المصرية مثلا أن المخرج يعرض الدور على الممثل النجم بناء على مواهبه الإبداعية ووسامته وبنيته وأيضا مردوديته الفنية في الشباك علما أن جل الفنانين المصريين برعوا في المسرح ، أما النجم في التجربة الغربية فيبحث عن النوع/ الدور المتناسب مع اختياراته طبعا مع تقنين الجانب الذي يضمن حقوق جميع المهن الفنية عموما السينمائية على الخصوص.
إن النجومية في السينما العالمية كما تم أجرأتها من لدن المنظرين للشأن السينمائي كل من منطلق توجهاته، لها دعامات متعددة وليست سهلة، ولها علاقة وطيدة بمؤهلات الممثل ومدى قابيلته على إدارة نفسه بشكل يقنع به مخرجه ومدى تجاوبه مع محيطه المهني، الدراما المصرية حاولت ملامسة ذلك مع روادها من خلال اقتباساتها الناجحة من التجارب الغربية ، فيما تبدو صفة النجومية في التجربة المغربية دون مرتكزات و يتم تمريرها لفائدة بعض فنانينا لأسباب متعددة، الشيء الذي يكون له بالغ الأثر بالسلب على مردوديتنا الإبداعية، وبالتالي تكثر الاحتجاجات العمومية بدعوى أن تلك الانتاجات على ضعفها هي هدر للمال العام .
لكن لنتساءل عن بعض الأسباب المشوشة التي تجعل من تصنيفنا هذا الفنان أو ذاك بأنها مجرد عقلية تعتمد الفنان الأكثر شهرة، أوالأكثر طلبا عند الجمهور أو .....؟ .
أولا : التكريمات الوطنية والدولية : أيضا هي نوع من المجاملات التي قد تخلق لنا من اللانجم نجما، الاعترافات والتكريمات للمهرجانات الإقليمية والدولية لبعض فنانينا أيضا تجعلنا أمام مأزق الآليات المعتمدة في المغرب لتصنيف هذا الفنان أو ذاك نجما أو غير نجم، فقد تكون صائبة كما قد تكون غير ذلك، قد تكون صائبة بحكم أن يكون بالفعل ذلك الفنان يستحق التكريم، و تم تهميشه لسبب من الأسباب لا نعرفها كاتخاذه مثلا موقفا من المواقف المناوئة للسياسة الفنية والثقافية المتبعة مثلا،... التكريمات في المغرب لها طقوسها كما لها آلياتها، فلا يعترف لك بالنجومية ولكن يعترف لك بتشبتك بالفعل الفني ليس إلا، التكريمات في المغرب غالبا ما تبرمج فقط ضدا على الاحتجاجات التي قد تصدر من جهة أو من أفراد لهم معايير تعتمد الممثل الأكثر شهرة، ولكن لنتفق مبدئيا أن التكريم غالبا ما يقام ليس اعترافا بالنجومية، بل اعترافا بالحضور المتميز والمشرف لهذا الفنان أوذالك وخصوصا في الأعمال الأجنبية ( = ومن الأمثلة الموسمية للتكريمات في المغرب: نجد نجوم بلادي التي تركز على الحضور والتشبت اكثر من النجومية وخصوصا في الوسط الإعلامي إضافة إلى التكريمات المبرمجة في المهرجانات الفنية ...) .

ثانيا : الاشتغال مع الأجانب سواء العرب الأشقاء أو الغرب : فكلما نودي على فنان مغربي لتشخيص دور من الأدوار في إحدى الملاحم أو الأعمال الكبرى، إلا ويتم الاعتراف له أوتوماتيكيا بالنجومية، فقط ننتظر اعتراف الآخر بنا، كي نعطي المصداقية لنجومنا، وخير مثال على ذلك : محمد مجد، محمد حسن جندي، حميدو بن مسعود، البشير اسكيرج، المرحوم العربي الدغمي، الطيب الصديقي وخصوصا في الأفلام التاريخية : كفليم عمر المختار وفيلم الرسالة وغيرهم.........وأخيرا في فيلم بابل إدريس الروخ...، أما على الصعيد العربي فخير دليل على ذلك : عمر الشريف الذي مثل العرب في عدة أعمال عالمية.
ثالثا : التغطيات الانطباعية ودور الإعلام في تثبيت النجومية أو الرفع أو الحط منها : تنتابنا في كل لحظة وحين أسئلة مفادها أننا نهيء أسئلة حوارية لنواجه بها فنان معين، هذا إذا اتبعنا المنهج الحواري الجاهز ، وبمجرد ما نجالسه وبحكم أخلاقيات المجالسة والحوار نجد أنفسنا أمام مأزق إحراج محاورنا، بالطبع بعدما تسبق تلك المحاورة دردشة حميمية تنتج عنها مجاملة في الحوار، الشيء الذي ينتج عنه حوار مشوه وقد يكون غير صادق، ومن تم تجد نفسك أمام حوار كرهت أم أحببت غير مضبوط، إذ لا محالة ستقوم بتقويمه لصالح هذا الفنان أو ذاك وتكون قد نقلت للقاريء نجومية مفبركة وغير صادقة قد تؤثر على المنظومة الفنية لهذا البلد أوذاك إذا ما تعلق بمحاورة الفنانين الأجانب، كما قد تؤثؤ عليه هو شخصيا.
رابعا : غياب نجوم الشباك : يعتقد البعض أننا نتوفر على أفلام أو فرق مسرحية تحقق أرباحا طائلة من وراء أعمالها، والمتعمق في ما يصطلح على تسميته بنجم الشباك سيتأكد بأنه بالرغم من بعض المحاولات العابرة التي لم يكتب لأصحابها النجاح وخصوصا في المسرح أواخر الثمانينات وأواسط التسعينات، فإنه سيكون من العبث وخصوصا في المغرب الحديث عن هاته التقنية، لأن كل شيء مازال جنينيا بالنسبة لنا، وهنا نتحدث عن الأعمال المغربية الصرفة، والتي يرى فيها المتلقي/المتفرج صورته ومعاناته وإحباطاته، لا المعاناة المستوردة والتي تعكس واقعه وكيانه وهويته.
خامسا : تقنين مهنة الكاستينغ/ أو الذي يختار الأدوار : إذ الملاحظ في الوسط الفني أن جل الأدوار تحتاج إلى مدبر محايد يهمه بالدرجة الأولى العمل، وبالدرجة الثانية إرضاء المتلقي/ المتفرج الذي ينتظر ما ينتج، فأغلب الأدوار التي تناط ببعض الممثلين في الغالب ما تتم وفق منطق العلاقات الشخصية التي تربط الفنانين فيما بينهم أو التقنيين أو المخرجين، ومن تم نجد أنفسنا أمام أدوار مشوهة، ويظهر فيها صاحب الدور الثاني أو الثالث متفوقا على صاحب الدور الأول، وهكذا.
أسباب ومطارحات كثيرة ومعقدة مازالت تراوح مكانها بحثا عن السبيل الحقيقي لامتلاك كل المعايير والآليات التي بها ومن خلالها ندخل بوثقة المعايير العالمية، أعتقد أنه ومن منطلق قرينة بسيطة مفادها أنه في غياب أعمال سينمائية فنية جريئة وشجاعة، طبعا مع وجود مخرجين أكفاء وكتاب سيناريو ذوو سعة تخييلية وإبداعية، يمكننا من خلال هاته المعطيات وغيرها، بالإضافة إلى إدارة جيدة وموهبة وإحاطة علمية للممثل، وأيضا ضبط كل الآليات القانونية والوااقعية التي تضع الممثل فوق كل اعتبار وكل مساومة مجانية وتفكير واعتبار دقيق لمستهلك هذا العمل الفني أو ذاك، قد نصادف ونلامس يوما ما نجوميتنا من خلال نجوم نشعر أنهم منا وإلينا، ونكون بالتالي أبعد ما يكون على تلك العقلية التي تنظر فقط للقشور، والغوص فيما يمكن أن يلمع نجومنا ويصقل بالتالي موهبتهم.
ملخص القول فإن النجومية في السينما المغربية تظل بدون دعامات، فيما يتبين لنا أنها تكاد تكون واضحة المعالم في السينما العربية : المصرية بالأساس ومن بعدها الدراما السورية، أما في السينما الغربية (= الأمريكية مثلا ) فقد تجاوزت كل الأبجديات وكل التوقعات، وركزت دعائمها منذ عقود خلت، وانتهت من كل ما استعصى علينا نحن بدءه.
ولا يسعنا إلا ان نؤكد أنه في غياب من يفكر في ترسيخ ذلك ، سوف لا نجد مبتغانا إلا من بدائل نراها ضرورية في الوقت الذي تتبعثر فيه كل الأوراق ، بدائل يحضر فيها الشعور الوطني والإنساني : ويتمثل في العمل الجماعي داخل الفيلم، والنظر بعين ثاقبة لما يأتي ولما يواكبنا : خصوصا وأننا نعيش عولمة متوحشة إذا لم تحتاط من وحشيتها فعاجلا أم آجلا ستتركك في الصفوف الخلفية، ومن تم يصعب عليك أن تخطو خطوات أمامية، هاته البدائل وغيرها يمكن تصنيفها كنماذج بديلة لما نحن منهمكون فيه، طبعا طرحنا هاته الاقتراحات لتعلقها بكل ماهو ثقافي فني إنساني تربوي وإبداعي، تحضر فيه قيمة التعاون والتشارك وتذوب فيه " كذبة النجومية " الجوفاء والفارغة من كل إبداع شفاف وحقيقي يخدم الوطن والهوية .
حسن مجتهد
الدارالبيضاء – المملكة المغربية
يوليوز 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.