ياسين أحجام أو سحت الليل أي الطائر الأسطوري الرخ، كما اشتهر بذلك في السلسلة المغربية رمانة وبرطال التي حققت نجاحا كبيرا ونسبة مشاهدة عالية، يعد من الأسماء الشابة البارزة في الجيل الجديد من الفنانين المغاربة الذين أثاروا انتباه الجمهور بنفسهم الجديد والواضح الذي انضاف إلي المشهد الفني العام في المغرب. استطاع ياسين في ظرف ست سنوات فقط أن يرسم لنفسه مكانة مهمة كنجم سينمائي وتلفزيوني وكمخرج مسرحي صاحب أول فرقة مسرحية مغربية تحصد جوائز كبري خارج المغرب، كما أنه انفتح علي انتاجات أجنبية وعربية كمشاركته في المسلسل المصري المرسي والبحار والسوري ربيع قرطبة المرابطون والأندلس والفيلم السينمائي ذو الإنتاج المشترك هولندي بحريني ملحمة جلجاميش في دور جلجاميش، في هذا الحوار نتعرف أكثر علي ياسين الذي كسر رفقة زملائه من الجيل الجديد فكرة عدم وجود النجم المغربي فارس أحلام المعجبات، نبارك له الارتباط ونقاسمه هموم القطاع والنجومية: في أي المراحل الفنية تري نفسك الان؟ طموحي الفني لا حد له، وسأعتبر نفسي دائما في البداية، كما أني انظر إلي كل عمل أقوم به تلفزي سينمائي أو مسرحي علي أنه العمل الأول، حقيقة أني حققت رصيدا فنيا لا بأس به في فترة ست سنوات ما قد لا يحققه غيري في 15 سنة، الا ان شغفي كبير لتحقيق المزيد والأفضل في المستقبل. هل هذا يعني ان جيلكم من الفنانين الشباب أكثر حظا من جيل الرواد؟ أحترم جيل الرواد من الفنانين المغاربة، بتضحياته الكبيرة وصبره عبد لنا نحن كجيل جديد الطريق، ولولا ذلك لم نكن لنتوفر علي فن أو حتي محاولة في هذا الاتجاه، أما جيلنا ليست المسألة حظا دائما، صحيح أن هناك أسماء برزت كثيرا واحترفت في ظرف وجيز لكن هناك أيضا من لم يحالفه الحظ، إذ من الصعب جدا أن تحترف الفن في المغرب بسهولة ويسر، والمسألة جرأة وتحمل وشجاعة أكثر منها حظ. لماذا؟ لان صناعة الفن والنجوم وتطوير الميدان الفني والثقافي ليست من أولويات هذا البلد ربما، في أماكن أخري من العالم تري الفنان أو النجم السينمائي رمزا وسفيرا فوق العادة، فضلا علي أنه بمثابة نبض الشارع ومرآة تعكس هموم الناس ومشاكل البلد ومستوي تحضره. كجيل جديد من الفنانين الشباب خريجي معهد الفن والتنشيط الثقافي والمسرحي ما مشروعكم الثقافي؟ مشروعي يتلخص في إعادة الكرامة للفنان المغربي وأحاول دائما تجنب الشكوي والتسول، لأنه للأسف الكثير من الفنانين المغاربة يسقطون في هذا الفخ أثناء الحديث عن مشاكل المهنة، مشكل الثقافة في هذا البلد أن الحكومة والمسؤولين لا يرونها شيئا منتجا مدرا للربح، مع العلم أنها عنوان لحضارة ومفتاح لتهذيب الأخلاق والتربية، والتحدي الأكبر الآن هو المحاولة رغم هذا التجاهل في فرض الذات دون مركب نقص، شخصيا أعتبر نفسي مسؤولا عن هذه المغامرة. كيف وما هي آليات هذا التغيير عمليا؟ أولا يجب توجيه فكر الممثل المغربي نحو الانخراط في تتبع التقلبات السياسية ومستجدات البلد من الأحداث بدل الانكفاء فقط علي انتقاء الأدوار. وذلك بان يصير له وزن وموقف مما يجري في البلد من أزمات اجتماعية وتطورات سياسية وليس فقط كمتفرج محايد لا قدرة له علي التغيير أو حتي إبداء رأي أو موقف واضح ومحدد. درست الفن أكاديميا، كيف وجدته علي أرض الواقع ممارسة؟ بالنسبة للواقع كنت أعرف أنه ليس بساطا أحمر مفروشا بالورود، أدركت مبكرا أنه مليء بالمشاكل والصراعات قبل ولوجي المعهد وفي السنة الثانية من الدراسة تأهبت للمواجهة، شاركت في أول أعمالي الفنية وأنا طالب رغم أن ذلك كان ممنوعا إلا باذن مكتوب من إدارة المعهد، وللإشارة فلم يحدث أن أعطي هذا الاذن لأحد، آنذاك استأنست بالواقع موازاة مع الدراسة وبعد التخرج وجدت نفسي وقد اكتسبت مناعة لمواجهة صعوبات الميدان. والدراسة بشكل عام هي تكوين جامعي شامل وليس فقط تأشيرة لاحتراف مهنة التمثيل وأنا ضد من ينفي عنها صفة الضرورة وبأنه لا علاقة لها بالواقع، الدارس للفن يمارسه عن وعي ويهتم كثيرا بتطوير ذاته. لكن الساحة الفنية تعج أيضا بوجوه لم تأت عن طريق الدراسة؟ لا أنكر ممثلين كبارا، صنعوا مكانتهم دون أن يكونوا دارسين للفن، والمعهد نفسه غير قادر علي تزويد الساحة الفنية بما تحتاجه فالمحظوظ فقط من تتاح له الدراسة فيه إذ لا تتجاوز الدفعة فيه سنويا 20 طالبا، منهم من يسلك طرقا أخري بعد التخرج عدا الفن كالإعلام أو الإنتاج أو التنشيط الثقافي، ومن ليست له أيضا الموهبة الكافية، الدراسة ليست شرطا أساسيا لكنها من جهة أخري تكوين جامعي يتيح الاستمرارية في التحصيل العلمي إلي درجة الدكتوراه، وهذا غير متاح لمن فضل مثلا ولوج الميدان عن طريق أخري غير الدراسة. حدثينا عن تجربة الإخراج المسرحي ومحترف مسرح أبينوم الذي أسسته؟ مثلما حلمت بأن أصير يوما نجما في السينما والتلفزيون فكرت أيضا في الإخراج المسرحي، مع تكوين فرقة مسرحية أفرادها شباب من مختلف أنحاء المغرب، وهذا ما حاولت تحقيقه بتأسيس فرقة ابينوم ، حققنا ولله الحمد نجاحا في الأربع سنوات منذ التأسيس، حيث فزنا بالجائزة الكبري قي مهرجان مكناس المسرحي عن مسرحية مذكرات شيطانية وثلاث جوائز بمهرجان المسرح العربي بالأردن في دورته الثانية عشر عام 2004، كما حققت مسرحية حدائق لوركا للشاعر الاسباني فريدريك غارثيا لوركا أيضا نجاحا كبيرا ونالت بدورها جوائز كثيرة، لجوئي للإخراج جاء كرغبة مني في تحقيق ما أراه من جماليات علي الركح أعجز عن فرضها كممثل في أعمال أخري ليست لي لكن نجاحات الفرقة المتتالية شجعتنا أكثر علي الاستمرارية سيما وأننا نحظي بدعم وزارة الثقافة المغربية. قد يكون جمهوركم نخبويا بما أنكم تعتمدون في فرقة أبينوم باستمرار اللغة العربية الفصحي ومواضيع تنهل من التاريخ بقصصه وأساطيره؟ إضافة الي كوننا نختار مواضيع سياسية كبري تحتاج فكرا وتتبعا أيضا نستعين بمؤثرات أخري كالموسيقي والديكور والرقص والكوميديا وكل أنواع الفرجة المسرحية التي بإمكانها إسعاد الجمهور، لذا فجمهورنا من مستويات ثقافية مختلفة وليس نخبويا رغم أن مواضيعنا بالفعل من التاريخ ومن المولفات الأدبية، والان نحضر لمسرحية جديدة بعنوان سيدة المتوسط وهي عن سيدة مغربية تاريخية كانت فارسة وشاعرة حكمت شمال المغرب إبان الحكم الوطاسي وكان لها دور كبير في ردع الهجمات الاستعمارية للبرتغاليين والفرنسيين آنذاك، كانت امرأة قوية بحجم ملكة سبأ. هل يمكنك في يوم ما أن تختار الاستقرار في الكواليس كمخرج مسرحي أم انه من الصعب ترك أضواء الشهرة والنجومية كممثل في السينما والتلفزيون؟ ما زلت في مرحلة اثبات الذات والاستمتاع بالتمثيل والتشخيص في كليهما، حاليا اعترف لا استطيع ترك أي منهما، لكني سأختار بدقة اكبر أدواري المقبلة بما في ذلك أيضا المخرج الذي سأشتغل معه وكل الظروف المحيطة بالعمل. هل تحس بأنك نجم؟ أنا شخص محبوب ومعروف من طرف الناس وهذا شيء يسعدني، لكن النجومية الحقيقية لها شروط لا أتوفر عليها، في المغرب كي تكون نجما هو أمر شاق وبيدك أنت فقط دون غيرك، أنت من يجب أن يصنع ذاته ويهتم بمظهره بتلميع صورته بالإعلام أي يجب أن تكون سيد أعمال نفسك بمجهوداتك الخاصة. لكن تأتيني لحظات كثيرة أحن فيها إلي أيام كنت فيها شخصا عاديا وغير معروف، أحب التجوال في الأماكن الشعبية في الأسواق ومع الأصدقاء دون إثارة للانتباه رغم أن هذا الشيء يسعدني عند حدوثه. ماذا عن تجربتك مع العرب والأجانب؟ أفادتني بشكل كبير ولمست خلالها فرقا واضحا علي مستوي الاحترافية بين المغرب وبين المصريين والسوريين والغرب، انتاجاتنا الوطنية لم تصل بعد إلي مستوي الاحترافية والإتقان والدقة التي لدي هؤلاء. شاركت أيضا في الفيلم السينمائي ملحمة جلجاميش باللغة الانكليزية وهو من إنتاج هولندي بحريني، هل عينك علي العالمية؟ الخطوة الأولي والحقيقية نحو العالمية تبتدئ من الوطن الأم، محزن جدا أن نري ممثلين عالميين قد لا يتعرف عليهم الناس في الشارع في بلدهم الأم، كحال النجم سعيد التغماوي الذي انطلق بقوة من فرنسا وأمريكا فيما اغلب المغاربة يجهلونه، بعكس تجربة عمر الشريف الناجحة في هذا الاتجاه وأيضا الفنان السوري غسان مسعود الذي أقدره جدا واعتبر تجربته مثالية حيث حقق تألقا كبيرا في الداخل قبل الخروج إلي العالمية مع تجنبه الجدير بالاحترام للأدوار التي تسيء للعرب والمسلمين. لهذا من المحتم قبل التفكير في العالمية اثبات الذات أولا في الداخل. البعض يعلق بأنه لو وجد ياسين أحجام وبعض الوجوه الفنية الأخري الشابة في بلد آخر يتوفر علي صناعة النجوم لصرتم بسرعة في مصاف النجوم الكبار؟ لا أريد ولا أري نفسي غير مغربي. نحن كفنانين وكشعب بأكمله جزء من المشكل وبأيدنا نحن الحل لنكون أفضل، ليس بالحسرة والتمني سنصلح الوضع، لا أؤمن بسياسة النعامة والتذمر علينا البوح بمشاكلنا بوضوح وعلانية. وجوه كثيرة من جيلكم استطاعت جلب انتباه الجمهور النسوي الذي اعتاد الإعجاب بنجوم أجانب؟ بالفعل هذا ما حدث وهي ظاهرة صحية فان يصير لك معجبات وربما تصبح فارس أحلام بعضهن إضافة طبعا الي المعجبين والأطفال والمراهقين، هو حافز لتطوير الذات ومن هنا الانطلاقة نحو صناعة فن محلي قائم الذات والالتفاتة أكثر الي فناني البلد عوض الهروب افتراضيا الي الخارج. تزوجت من شهر فقط ماذا عن الغيرة في حياتك الزوجية جراء هذا الأمر؟ حقيقة تسبب لي هذا في بعض المشاكل مع زوجتي خصوصا في فترة الخطوبة، لكنها تفهمت ذلك لاحقا خصوصا وأنها خريجة معهد التمثيل وهي في بداية مشوارها الفني. تعرفنا سنة 2005، أثناء تصوير مسلسل الكمين للمخرجة فاطمة بوبكدي، كان لها دور صغير انذاك معنا في السلسلة، ابتدأت من هناك فصول قصة حبنا الذي توجناه بالزواج في حفل بهيج أسعدني جدا حضور الكثيرمن الفنانين فيه اضافة الي اهتمام الصحافة المغربية.