عرفت مدينة تطوان يوم الثلاثاء 17 ماي الجاري، حدثا ثقافيا كبيرا من خلال حفل افتتاح «دار الشعر « التي أحدثت بموجب مذكرة تعاون ثقافي ما بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة والاعلام في حكومة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة وبشراكة مع بيت الشعر بالمغرب، حيث تم إحداث دار الشعر بمبادرة من سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة وبرعاية من وزارة الثقافة المغربية . وقال الكاتب العام لوزارة الثقافة محمد لطفي المريني، بمناسبة حفل الافتتاح، أن تطوان تتشرف باحتضان هاته الدار لما تتميز به من تاريخ عريق و إشعاع ثقافي وحس جمالي كبير أهلها أن تكون ضمن لائحة التراث المادي للإنسانية جمعاء . وأضاف أن الفضل الأساس لإحداث هاته المنشأة الطامحة إلى تطوير الحركة الشعرية المغربية والعربية يعود إلى مبادرة نبيلة من حكومة الشارقة في شخص حاكمها السلطان الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للإتحاد و بمباركة من وزارة الثقافة بالمغرب . وأعرب عن افتخار كل مكونات الثقافة المغربية بهذا الانجاز في حاضرة مغربية أعطت الشيء الكثير بحس شعرائها وأدبائها ، وتاريخها الحضاري الذي يجمع بين ثقافات مغربية أصيلة وروافد متنوعة من مختلف العلوم والاجناس الادبية . مدير دائرة الثقافة و الإعلام بحكومة الشارقة عبد الله محمد عويس صرح أن افتتاح دار الشعر بتطوان يندرج ضمن مبادرة صاحب سمو حاكم الشارقة الهادفة إلى تأسيس بيوت الشعر في الدول العربية ، حيث انطلقت من بيت الشعر بالشارقة إلى بادية الأردن في مدينة المفرق .. ثم إلى الأقصر مدين شمس بمصر .. مرورا ببيت الشعر في نواكشوط بموريتانيا بلاد شنقيط ومليون شاعر وعرج على القيروان التاريخية بتونس، وانتهاء اليوم بالحمامة البيضاءتطوان المغربية .. خزانة التاريخ الأندلسي وحافظة الثقافة العربية، وحصن العرب على مر التاريخ . واعتبر المتحدث أن افتتاح هذه الداربتطوان يروم كذلك مد العون والدعم للشعراء وفتح قنوات التواصل مع الحرف العربي، إضافة الى أنها تشكل ساحة مهمة لعرض إبداعاتهم ولتبادل تجاربهم الخلاقة التي تعطي للثقافة العربية قيمتها الحقيقية. رئيس بيت الشعر بالمغرب نجيب خداري أكد في كلمته أنه إذا كان المغرب قد مثل طوال تاريخ من العطاء الحضاري الجميل واسطة رفيعة بين ثقافة الشرق وثقافة الغرب، فإن مدينة تطوان قد تبوأت من شمالنا الرائع واسطة عقد نفيس تلألأت فيه حضارة الأندلس وحضارة المغرب معا. وأضاف أن الذين رصدوا معنا حيوية المشهد الشعري المغربي الراهن سيدركون حقا معنى اختيار مدينة تطوان كمحتضنة لدار الشعر، فتطوان، يقول رئيس بيت الشعر، تتوسط شمال المغرب وشرقه ، حيث تنامت كثير من مبادرات العمل الشعري، وفي كثير من المدن حوالي تطوان أمثال طنجة وشفشاون وأصيلة والعرائش والقصر الكبير ... برزت أجيال وأصوات شعرية كثيرة متنوعة أغنت المشهد الشعري المغربي والعربي ، وقوت منسوب عطائه. وشدد خداري على أن «دار الشعر التي نفتتحها اليوم تؤكد بالملموس مكانة الشعر والشعراء وقيمتهما بعدما سمعناه في الآونة الأخيرة من تشكيك في تلكم القيمة ، وهي رد مغربي شاعري على هذه التشكيكات». كلمة الجماعة الحضرية لتطوان، أكدت أنه ليس غريبا أن تنفرد مدينة تطوان بدار الشعر ، بل وليس غريبا أن يحط الشعراء العرب و الأجانب بمدينة الحمامة البيضاء التي أفرزت على مر التاريخ شعراء خلدوا ذكرها ، كالأديب سيدي الحاج علي بركة في أواخر القرن الحادي عشر الهجري ، والأدباء مندوصا والرافعي والشودري والمفضل أفيلال، مرورا بالشعراء المحدثين كمحمد الحلوي ومحمد الصباغ وعبد الواحد أخريف ومحمد الميموني ومحمد الشيخي، وصولا إلى الشعراء الحداثيين الذين أصبحت المدينة تصدح بأصواتهم الجميلة. وأضافت الكلمة أن مدينة تطوان كانت حاضرة بقوة عبر الكلمة النقية في معركة التحرير من نير الاستعمار ، و «هاهي ذي اليوم تستعيد ريادتها ووهجها الشعري في ظل هذه التحديات و الأزمات التي تعصف بالعديد من الدول العربية ، لعلها تعيد رتق خارطة الوطن العربي عبر توحيد الشعور بالإنتماء ونبذ العنف»، مؤكدة أن دار الشعر تجسد الرؤية النظرية القائلة بضرورة الشعر ، عبر تنزيلها على أرض الواقع وتحويلها إلى شراكة حقيقية بين الجهات الراعية لهذه المبادرة . وعرف حفل الافتتاح، تنصيب الشاعر والإعلامي مخلص الصغير مديرا ل»دار الشعر» بتطوان، الذي أكد في تصريح لمكتب الجريدة بتطوان ، أن تطوان تستحق دارا للشعر لما لها من موروث ثقافي غني، وهي المدينة التي كان لها قصب السبق في الاحتفاء بالكتاب منذ أربعينيات القرن الماضي، و لما تحتضنه المدينة من أسماء شعرية لا يمكن أن تحتضنهم إلا دار الشعر، وهي دار مشرعة أبوابها في وجه الجميع. وتم بالمناسبة التي حضرها أدباء وشعراء ومثقفون وممثلو الهيئات المنتخبة والجمعيات الثقافية ، تنظيم زيارة لمعرض «ذاكرة الشعر المغربي في تطوان ،من خلال المخطوطات والمجلات الشعرية «، كما تم تنظيم قراءات شعرية بمشاركة الشعراء والشاعرات عبد الكريم الطبال وأمينة المريني ومحمد الميموني وإيمان الخطابي وصباح الدبي .