في إطار الدينامية التي أطلقتها اللجنة الوطنية للانتخابات التي ترأسها الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، التأمت لجنة الثقافة والإعلام المتفرعة عن هذه اللجنة الوطنية، مساء يوم الجمعة الماضي بالمقر المركزي للحزب بالرباط، في أول لقاء لها، بحضور عدد من الفعاليات الأكاديمية والعلمية والسياسية التي تشتغل على قضايا الفكر والثقافة في عدد من الواجهات. أوضحت رشيدة بنمسعود منسقة لجنة الثقافة والإعلام أن هذا اللقاء يندرج في إطار التحضير للبرنامج الانتخابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي سيخوض به الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 7 أكتوبر القادم، مبرزة أن الاتحاديين والاتحاديات مطالبون برسم الاستراتيجية الثقافية لمغرب ما بعد 2016، خاصة أن دستور 2011 حدد عددا من المبادئ والقيم كالاعتدال والتسامح والانفتاح على ثقافة الآخر. وأشارت بنمسعود إلى أن بعض الفصول في الدستور قد جاءت واضحة وتعتبر مكتسبات للشعب المغربي ولابد من تفعيلها باعتبارها ستدفع بالمجال الثقافي بالبلاد، كالفصل الخامس من الدستور الذي دعا لتكوين المجلس الوطني للثقافة واللغات، والفصل 28 الذي ينص على تنظيم وسائل الإعلام العمومية واحترام التعددية اللغوية والثقافية بالإضافة إلى الفصل 33 الذي نص على توسيع مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بالبلاد. ودعت رئيسة اللجنة إلى ضرورة سن سياسة ثقافية عمومية وشمولية تنسجم والهوية المغربية المتنوعة والمتعددة المحددة في الدستور ،منفتحة على الثقافات والحضارات الإنسانية، مستعرضة ،في نفس الوقت، عددا من الملاحظات حول إمكانية تحيين السؤال الثقافي في أفق بلورة ملاحم استراتيجية ثقافية تكون في مستوى اللحظة الثقافية الراهنة. وشهد هذا اللقاء أربعة عروض فكرية لكل من الجامعي والناشط الأمازيغي أحمد عصيد حول موضوع «الثقافة التحديات والعوائق»، وعرض للجامعي محمد الداهي تمحور حول «النسق المغربي البداية وعوائق الولوج إلى الثقافة»، ثم عرض «بين الثقافة والسياسة» الذي قدمه محمد اقوضاض الجامعي وعضو اتحاد كتاب المغرب وأخيرا عرض للجامعي عبد الدين حمروش «الثقافة المغربية عناوين مطروحة للنقاش». لقد شكلت هذه العروض أرضية خصبة للنقاش والتفاعل معها من قبل كل أعضاء اللجنة، عبر دراسة وتحليل عدد من القضايا والإشكالات التي تهم الوضع الثقافي بالمغرب، وتمحيص السؤال الثقافي في ظل هذه التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية والإقليمية والجهوية والدولية، وفي ظل أيضا التطورات المتسارعة للتكنولوجيات الحديثة ووسائل الاتصال. لقد منحت هذه العروض القيمة فرصة سانحة للحضور، من أجل الوقوف على الواقع والوضع الراهن للثقافة بالمغرب، وتدقيق العوائق المتعددة التي تحول دون تطورفعل ثقافي بالبلاد، ثم تشخيص لواقع الحال للسياسة المتبعة في المجال الثقافي مع استعراض الأسباب المتنوعة التي تحول دون الولوج إلى الثقافة من قبل المواطنين، كما ناقش أعضاء اللجنة علاقة الثقافي بالسياسي، وتطرقوا أيضا إلى أهمية إصلاح منظومة التربية والتكوين في بناء المواطن المغربي وإشاعة ثقافة متعددة ومتنوعة. وجاءت تدخلات أعضاء اللجنة بعدد من المقترحات خلال نقاشها للعروض المقدمة، من أجل تطوير الفعل الثقافي بالبلاد، ومواجهة كل أشكال التطرف والانحراف والحقد والكراهية، عبر إشاعة ثقافة ديمقراطية منفتحة تتعايش مع كل الثقافات الإنسانية. واحتفظت اللجنة بالعروض المقدمة في هذا اللقاء من قبل الفعاليات الفكرية والجامعية من أجل اعتمادها كأرضيات أساسية بالإضافة إلى خلاصات النقاش من أجل صياغة المشروع الثقافي.