أكَّد المشاركون في الملتقى الوطني الثاني حول السلامة الطرقية بفاس، على أهمية تهيئة الفضاء الطرقي، وتأهيل النقل الحضري ودورهما في الحد من ضحايا حوادث السير، وأجمعوا على اعتبار تحرير الملك العمومي مَطلباً أوَّل، يستدعي تعبئة حازمة تُنْصِفُ المتنقلين في اللجوء إليه كَمَلاَذٍ آمِن، وتُوَفِّرُ الحلول الذكية لبعض الظواهر التي أضحت تصادرُ الحق فيه، وتسحب من المدينة صبغتها الحضرية. وشددوا على «دور تهيئة الفضاء الطرقي وتأهيل النقل الحضري في الحد من ضحايا حوادث السير» ، مبرزين ضرورة الانتقال» من أولوية السيارة في المدينة إلى أولوية الراجلين والدراجين ومستعملي النقل الحضري العمومي» . وفي محور «المدن الذكية المستدامة» ذكر المشاركون بضرورة إعطاء الأولوية في تهيئة الفضاء الطرقي إلى النقل الحضري، وذوي الاحتياجات الخاصة والدرَّاجين، والراجلين الْمَشَّائين.وناشدوا اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، التعجيل بإصدار الدليل المرجعي لمعايير تهيئة الفضاء الطرقي توحيداً لأسلوب التعامل معه على مستوى المدينة المغربية، تصحيحاً للاختلالات، وتجاوزاً لتضارب الرؤى والاجتهادات. من ناحية ثانية ، جدد المشاركون الدعوة للوزارة الوصية إلى الإسراع بفتح مراكز التكوين المستمر لفائدة مدربي تعليم السياقة وقانون السير حتى يتسنى الارتقاء بمستوى التكوين داخل مدارس تعليم السياقة بالمغرب، مؤكدين في نفس الوقت ما لتعميم مسارات الدراجات، وتَعداد مَحطاتها، والتحفيز على استعمالها داخل الوسط الحضري،من أهمية بالغة ، باعتبارها إحدى وسائل التنقل الناعم الأخضر الْمُسْهِم في الحد من التغيرات المُناخية، والتخفيف من الاختناقات الطرقية. وأوصوا بتسريع إحداثِ مَرَاكِنَ للسيارات تحت أرضية وعلى مستويات متعددة، استلهاماً لأحدث التجارب في توفير فضاءاتٍ لِرَكْنِ السيارات وتوحيد اتجاه السير في الأزقة والشوارع الضيقة.مع الحرص على تعميم الولوجيات نحو الأرصفة والمرافق العمومية، وخاصة نحو عربات القطار، وكذا نحو المساجد والمصليات.واعتبروا في خلاصات دورتهم الحرص على استواء الأرصفة وخلوها من الاختلالات والعثرات مع تعميم الحواجز الواقية من العبور العشوائي بالملتقيات الطرقية ، وقرب المدارس وتوفير ممرات مدروسة ومُؤَمَّنَةٍ لعبور الراجلين، وتعزيزها بالتشوير العمودي، وبالتوعيةِ والمؤاخذةِ عند الضرورة، للسائقين والمارة .وكذا تعميم المراقبة الآلية بالوسط الحضري، تفعيلاً لمبدأ العدالة والموضوعية في المؤاخذة على المخالفة من شعارات المدن الذكية ، التي لا خيار للعاصمة العلمية اليوم سوى الانخراط في مسارها . إن تسريع تأهيل النقل الحضري، وخَصُّهُ بمسارات محررة حتى ينتزع الثقة، ويتزايد مستعملوه خاصة في تنقلاتهم الوظيفية اليومية، يعتبر أولوية ، كما أن إحداث مُخَفِّضات للسرعة عند الحاجة ( les ralentisseurs)ومنع وإزالة الحدبات الْمُنتصِبة والعشوائية(les dos d'âne) ، ومراجعة تحديد السرعة داخل الوسط الحضري، وحصرها عموماً في 50كلم/س، وفي 30كلم/س قرب المدارس وحيث ترتفع كثافة العبور، وتهيئة فضاءات ملونة للتعايش بين الراجل والدراج والعربة.كما دعوا لوضع حد للشاشات التي أضحت تنتصب في المدارات والمسارات الطرقية فتبهر بأضوائها وتشكل خطرا على سائقي المركبات. واقترحوا توظيف الضوء والصوت في الملتقيات وعند ممرات الراجلين حتى ينطلقوا عند اتقادها بالأخضر أو سماع الأمر بالعبور، ويتوقفوا عند اتقادها بالأحمر أو سماع الأمر بالوقوف مع إحداث لجان جهوية تستحضر الفاعلين المهتمين لتسليم شهادة المطابقة مع معايير السلامة الطرقية، عند إعداد مشاريع تصاميم تهيئة المدن، والطرق، والتجزئات والأحياء الجديدة، على غرار ما يجري به العمل حالياً في دراسة التأثيرات البيئية. وتعزيز التربية الطرقية بالإرشاد الديني تنمية للوازع الدينى والأخلاقي،وحفزا للأفراد على تفعيل شعار»عليَّ أن أبدأ بنفسي ولا أنتظر». إن السهر عند التخطيط للمسارات الطرقية، على مراعاة التناسب بين عرض الطريق وعلو البنايات ، يقول ذ عبد الحي الرايس رئيس جمعية فاس للسلامة الطرقية ، والسير بالمدينة المغربية نحو توظيف الأنظمة الذكية في توجيه السائقين إلى استعمال المسارات قليلة الازدحام، والتوجّه نحو المراكن قليلة الاكتظاظ ، يرفع مستوى توظيف الإعلام في الحث على احترام حق الحياة، بتوفير وثائقيات موضوعاتية، ووصلات تبعث على مراجعة الذات، وتحث على تعديل السلوك. وجديرٌ بالذكر أن الملتقى جاء بمبادرةٍ من جمعية فاس للسلامة الطرقية، وتنسيق وتعاون مع اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، تميز بحضور فعاليات معنية بالسلامة الطرقية، ومنابر إعلامية مَحَليةٍ ووطنيةٍ ، حَجَّتْ إلى فاس يوم الأربعاء 4 ماي 2016.وقد اسْتُهِلَّ بلحظةِ وقوفٍ تُلِيَتْ فيها الفاتحة ترحماً على أرواح ضحايا حوادث السير، تلاها وثائقي حول الواقع الطرقي في اختلالاته وتوازناته وتطلعاته. ثم قُدمتْ عروضٌ سَلَّطتِ الأضواءَ على المعايير المؤمِّنة للسلامة الطرقية، تلتها مناقشة أغنت اللقاء قبل مرحلة الخلاصات والتوصيات.