بنعليلو يقلب الطاولة على وهبي وينتقد مسعاه لتقييد الجمعيات في مكافحة الفساد    تساقطات مارس وأبريل ترفع محصول الحبوب المرتقب إلى 44 مليون قنطار    الأسعار تنخفض في مختلف مدن المغرب والحسيمة خارج السرب    وزير النقل: توسعة مطار تطوان سترفع طاقته الاستيعابية إلى 2 مليون مسافر    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    أمن شفشاون يوقف مشتبه في ترويجه لمخدرات قوية    للمرة الرابعة على التوالي: المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يتوج بلقب البطولة الإفريقية بطرابلس    الحكم المغربي رؤوف نصير يقود عدة نزالات خلال البطولة الإفريقية للمواي طاي    الذهب يتخطى مستوى 3500 دولار للمرة الأولى في تاريخه    بريظ يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    اتفاقيتان تدعمان جهود الفلاحين المغاربة بالمعطيات الجوية وتثمين المياه    انطلاق أول نسخة لكأس أفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات اليوم الثلاثاء بالرباط    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    في رواقها بالمعرض الدولي للنشر والكتاب.. الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعرض حضور التراث المغربي في وثائقيات "الثقافية"    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    بوريطة: النسخة الرابعة للدورة التكوينية لملاحظي الانتخابات الأفارقة ستحقق قيمة مضافة للقارة    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    أندية كرة القدم بالمغرب تحت الضغط    الفاتيكان ينشر أول صور لجثمان البابا فرنسيس داخل نعشه    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    مصاعب في الجهاز التنفسي تدخل ملكة النرويج المستشفى    بنعلي: المغرب يطلق قريبا مناقصة لمحطة غاز مسال في الناظور لتعزيز أمنه الطاقي    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص "بونفور"    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    محكمة الاستئناف تؤيد الحكم الابتدائي في حق "إلغراندي طوطو"    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بسبب أزمة مالية خانقة    تفاصيل جريمة بن احمد المروعة..    ابن يحيى تكشف عن المحاور الكبرى لمشروع بشأن السياسة الأسرية الاجتماعية    كيوسك الثلاثاء |مختبر مغربي يطلق تحليلات مبتكرة لتشخيص الأمراض الوراثية    سجن زايو يرد على مزاعم سوء أوضاع النزلاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    العاملون في القناة الثانية يحتجون ضد "غياب الشفافية" في التعاطي مع الأجور وتدبير المسار المهني    تطوان تحتفي باليوم العالمي للأرض بتنظيم أيام تحسيسية حول الماء، الصحة والبيئة    اختتام المرحلة الثانية من "تحدي الهاكتون أكادير 2030" بتتويج مشاريع شبابية مبتكرة لتحسين الخدمات الجماعية    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدونة السير واقتراب موعد الشروع في التطبيق : أي إعداد وأي تجهيز ؟

فاتح أكتوبر موعد قريب غير بعيد، لم تعد تفصلنا عنه غير بضعة أسابيع، يتم الإعداد له بِوَصَلَاتٍ إعلاميةٍ مَرئيةٍ ومسموعة؛ لشرح موادِّ ومضامينِ مدونة السير الجديدة.
ولكن ما ذا غير ذلك؟
كان المتوقع أن يستشعر الجميع حركية التحضير في المجالات القابلة لتسريع التغيير والإشعار به ، غير أن ظاهر الأمور ينبئ أن الانتظار سيد الميدان .
فما زال رجال المراقبة الطرقية يختبئون ويفاجئون وكأنهم يصطادون ، وما زالت اللجان الجهوية حبراً على ورق ، ولجان السير الجماعية تعمل في فتور ووهن ، ما زالت اختناقات المرور وأزمة الوقوف هي القاعدة ، ونقط التوتر هي السائدة، وعلامات التشوير بين حاضرة وغائبة، ومناهج التربية على السلامة الطرقية غير محددة ولا واضحة ، ووسائل الإسعاف متعثرة غير فورية ولا جاهزة .
لا نقول هذا من باب الإحباط والتثبيط، ولكن بهدف إثارة الانتباه والتذكير:
فإذا كانت المدونة مكسباً في مجال التشريع، إلا أنها لوحدها لن تفي بالغرض الأسمى وهو إيقاف النزيف، وتغيير السلوك على الطريق.
المُدَوَّنَة : أساساً مرجعيةٌ وأداة للتوعية ، وحافز على تقديرِ المسؤولية ، والارتقاءِ بمستوى التعامل مع الطريق. ولكنها جزءٌ من استراتيجية وطنية ، لذا ينبغي تفعيل باقي المحاور حتى تأتي المدونة في سياقها الطبيعي البعيد عن التصيد والإيقاع ، الباعث على التسامح والانضباط.
1: التنسيق ؛ وهو فرصة لتطبيق الحكامة الجيدة ؛ بِوَصْلِ التيار بين جميع الفاعلين المعنيين بأمر السلامة الطرقية ، وإدماجهم في ورشاتٍ واجتماعات ،ومبادراتٍ مسؤولةٍ وهادفة ، منتظِمةٍ متقاربة ؛ غير معطلة ولا متباعدة ، خاصة على مستوى اللجان الجهوية ، ولجان السير الجماعية ، ولِمَ لا تنبثق عنهما لجان يقظة تعاين وتقترح، تستصدر القرار ؛ وتستعجل الإصلاح.
2 التشريع : المصادقة على المدونة ليست نهاية المطاف ، فالأمر يقتضي تسريع إعداد النصوص التطبيقية كما يتطلب إخضاع مواد المدونة للتتبع والتقييم، لرصد الثغرات ، وتسجيل العثرات ، والإعداد للتصويب وتدارك الإغفال.
3 التكوين: يُفترضُ فيه ألا يقف عند حدود الإعداد لنيل رخصتي السياقة والسياقة المهنية ، أو التأهيل لاسترجاع بعض النقط الضائعة ، ولكن ينبغي أن يتجاوز ذلك إلى :
تأهيل أطر المراقبة الطرقية بجميع فئاتهم ليتمثلوا المدونة ، ويستكنهوا حِكْمَةَ التشريع ، ويعملوا على تطبيقه بتدرج وموضوعية ، ونزاهةٍ ومسؤولية.
وتأهيل تقنيي مصالح السير بالجماعات المحلية؛ ليستوعبوا معايير السلامة الطرقية ، وينفتحوا على التجارب الناجحة لتوفير التجهيز الأنسب ، وتيسير التنقل الأسلم.
4 التجهيز: رُكْنٌ رَكِينٌ في تفعيل الإستراتيجية واستحضار معايير السلامة الطرقية وهو ليس تعبيداً للطرق أو تشويراً عمودياً وأفقياً وكفى ، ولكنه أوَّلاً تحريرٌ للملك العمومي وتهيئته ليكون ملاذاً آمناً للراجلين بدلاً من أن يظل امتداداً للمحلات الخاصة ، وفضاءً لعرض السلع المنافسة .
والحال أنه إلى يومنا هذا كثيراً ما يتم التغاضي عن احتلال الملك العمومي ومصادرة حق الراجلين فيه إلى الحد الذي يجعل بعض المقاهي تبتلع الرصيف ، وتُقيمُ حواجزَها على حافةِ الطريق ، فأيُّ لَوْمٍ أو مؤاخذةٍ بَعْدها للراجلين وهم يعبرون وسط المدارات ؛ أو يسيرون على قارعة الطريق؟ !)
وهو كذلك تأكيدٌ لحضور الولوجيات نحو الأرصفة والمرافق العمومية بمعاييرها التقنية ؛ وليس الحضور الشكلي الذي يُفرغها من محتواها ووظيفيتها ؛ ويجعلها أحق بأن توصف بالولوجيات المفترى عليها.
إضافة إلى تَعداد ممرات الراجلين وإبرازها في ملتقيات الطرق ، وأبواب المدارس ، وحيثما لوحظت الحاجة إلى ذلك.
التجهيز أيضاً : توزيعٌ مدروس ومُحْكَمٌ للفضاء الطرقي على نحو يُعطي الأولوية للراجلين والنقل الحضري والدَّرَّاجيين (مستعملي الدراجات) بتوَجُّهٍ يتجاوب مع مستجدات العصر، ومعايير السلامة الطرقية .
وهو تطويرٌ وارتقاءٌ بالنقل الحضري ليُغري بالتعامل معه، ويزَهِّدَ في استعمال وسائل النقل الخاصة لما تتسبب فيه من اختناقات، وينجم عن كثافة تحركها من تصادمات.
وهو أيضاً مواصلة فك العزلة ، وتعميم الطريق السيار،والتشجيعُ على ارتياده،ِوتوفيرُ الحمايةِ والأمنِ لمستعمليه ، ووقايتُهم مخاطرَ الاعتداءِ أو العبورِ العشوائي أو الاستيقافِ المباغت ، أو التفاجؤ بانخسافٍ
في التربة أو أعطاب على الطريق.
5 المراقبة: وينبغي لها أن تتحلى بالنزاهة والموضوعية ، وتنتفيَ لديها الرشوة والمحسوبية ، وتسير في اتجاه تعميم المراقبة الآلية، وإحلالها محل المراقبة البشرية.
المراقبة باختصار ينبغي أن تسمو عن تشخيص لعبة القط والفأر؛ لتكون أداة لاستكمال التربية والتحسيس، والتروي والتدرج في تطبيق القوانين ؛ قبل أن تكون فرصة للتصيُّدِ والتغريم.
6 التربية والتحسيس :لا تتم بالوصلات الإعلامية والإشهارية، ولا بالوصايا والتعليمات النظرية فحسب، ولكنها تقوم بالأساس على الأمثلة الحية والقدوة الصالحة من الكبار للناشئين، ومن المسؤولين لباقي فئات المستعملين.
ودَوْرُ الورشات والندوات وأندية التربية على السلامة الطرقية لا يُنكَر ، لذا ينبغي تفعيل جميع الآليات للحث على تعديل السلوك ، وتقويم آداب السير على الطريق .
ودَوْرُ جمعيات المجتمع المدني الواعية برسالتها؛ الْمُعَدِّدَة لمبادراتها؛ حَجَرُ الزاوية في التحول المنشود؛ لكونها جسراً متيناً واصلاً بين مستعملي الطريق حين تُقَرِّبُ إليهم المستجدات ، وتُبَصِّرُهم بعواقب الاندفاع واللامبالاة، وبين المسؤولين في مواقع القرار ؛ حين تُذَكِّرُهم بانتظارات المجتمع المدني ومظاهر المعاناة.
فمتى تُعْقَدُ معها الشراكات ؟ ويُعتمَدُ رأيُها في اتخاذِ التدابير والإجراءات ؟ ويتم استحضارُها والأخذُ برأيها في البداياتِ قبل النهايات؟.
7 الإسعاف : لطالما تكرر الحديثُ عن الإسعاف ، والاعترافُ بأن قرابة 40%من المصابين في حوادث السير تذهب أرواحُهم سُدى ، أو تَلحقُ بهم عاهاتٌ مستديمة بسبب تعثر الإنقاذ ، والنقص في وسائل الإسعاف ، وأن التدخل السريع والإغاثة الفورية المجهزة والمؤطرة والموَجَّهة كفيلة بالحد من النزيف ، وتقليص نِسَبِ ضحايا الطريق.
غير أن دار لقمان لا تزال على حالها ، فالمروحيات لا تتحرك إلا نادراً ، وفي ظروف استثنائية ، ووفق تعليمات خاصة، وسيارات الإسعاف قَلَّ منها المجهَّزُ المُؤَطَّر، وفكرة الكشف السريع لحظة الإغاثة، والتوجيه نحو مستشفى الاختصاص لا تزال تراوح مكانها، ولا تكاد تَعْدُو مقترحيها.
فمتى تتعبأ الجهود لإيلاء الإغاثة الفورية ما تستحق من توفير آليات التنفيذ، ووسائل التفعيل؟ !
الخلاصة: وصفوة القول أن عبارة « لنغير سلوكنا « شعارٌ وطني سامي التوجُّه؛ عميقُ الدلالة، ينبغي ألا يقف عند حدود السائق الذي يظل مدعواً في كل الأحوال إلى تجاوز أخطائه وتعديل سلوكه.
ولكن يتعين أن يشمل أيضاً كافة المعنيين بأمر السلامة الطرقية ليتجاوزوا النَّمَطية ، والشكلياتِ والرتابةَ الإدارية ، وينفتحوا على التجارب الرائدة ، ويستحضروا معايير السلامة الطرقية ، ويُعَدِّدُوا المبادرات، ويعتمدوا إعمالَ الفكر والاجتهاد، والحرص على التجاوز المستمر للتجارب؛ في بحث متواصل عن الإطار الأنسب ، والسلوك الأقْوَم ، للتنقل الأسلم.
الْهَامُّ جداً: ألا يقتصر الإعدادُ للشروع في تفعيل المدونة على شرحها وتقريبها ، وأن يستشعر الجميع بوادر تفعيل روح المدونة في المجالات القابلة لذلك ؛ تدرُّجاً في توفير الأرضية الملائمة لتطبيقها، وخاصة في أساليب المراقبة ومواقعها، وحيثيات تسليم الشهادات الطبية التي تتأكد الحاجة إلى التنبيه على ضرورة تحكيم الضمير الديني والمهني عند تحريرها وتوقيعها. .
والأهم: أن يكون الانتقال نحو تقبّل المدونة، والتعوّد على احترام بنودها وتطبيقها؛ انتقالاً سَلِساً بعيداً عن أي توترٍ أو تعارضٍ، أو ممارسة لأي شَطَطٍ أو تعسّف.
*رئيس جمعية فاس للسلامة الطرقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.