الأرقام تكون صادمة ..لكنها لاتخيفنا لأن مرجعية قانون الأسرة هي الشريعة الإسلامية مع الانفتاح على ماتلتزم به بلادنا من القيم و المواثيق الكونية هل استطاعت مدونة الأسرة بكل ما تحمل من مقتضيات تكريس قيم العدل والانصاف والمساواة المنبثة في الكثير من موادها؟ كيف تتم اليوم قراءة الاحصائيات التي تصدر اليوم عن الوزارة الوصية؟ قضاء الأسرة هل يساهم اليوم في تفعيل المدونة وتطبيق المساطر بما يسمح بتحقيق نية المشرع؟ الاجتهاد القضائي هل يؤدي الى أحكام متقاربة أم العكس يؤدي الى أحكام متضاربة؟ مشاكل النفقة، هل المقتضيات الجديدة التي عرفها هذا الموضوع، أدت الى حل الاشكاليات في غياب الآليات اللازمة في مقدمتها صندوق التكافل العائلي؟ الطلاق والتطليق أي واقع من خلال ما تقدمه الإحصائيات من أرقام ونسب؟ أي واقع اليوم للتعدد ولتزويج القاصرات وقيام النساء بمباشرة عقد الزواج؟ هذه تساؤلات نتنمى أن تجد صداها وأجوبة لها من خلال العروض التي سنستمع اليها. لطيفة أسئلة HD 8/2/2010 أسئلة حاصرتها مداخلات أساتذة أجلاء في اليوم الدراسي الذي نظمته منظمة المرأة الاستقلالية بمناسبة مرور ست سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق: نقدم فيما يلي كلمة السيدة نعيمة خلدون رئيسة منظمة المرأة الاستقلالية وتلخيصا لكلمتي الأستاذتين نزهة العلوي عن حركة نساء من أجل النساء والأستاذة خديجة اليملاحي عن منتدى الأسرة، على أن ننشر باقي المداخلات في عدد لاحق بداية أرحب بكم جميعا باسم المكتب التنفيذي لمنظمة المرأة الاستقلالية وأشكركم على تلبية الدعوة لحضور أشغال هذه الندوة الفكرية التي تعقدها المنظمة حول موضوع: «مرور 6 سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق» وللتذكير، فقد عقدنا «كما فعل ذلك غيرنا من المنظمات النسائية والحقوقية لقاءات مماثلة سابقا. فبالرباط احتفينا مباشرة بصدور المدونة في لقاء بمؤسسة علال الفاسي أطرها رئيس اللجنة الملكية الاستشارية في صيغتها الثانية الأستاذ محمد بوستة. كما عقدنا بمكناس لقاء ثانيا بعد مرور سنة على دخول المدونة حيز التنفيذ شارك معنا في تأطيرها الأستاذ محمد السوسي والأستاذة مليكة حافظ والكاتب العام لوزارة العدل الأستاذ الليديدي والأستاذ الأنصاري وغيرهم. وكانت لقاءات أخرى بمراكش وبالدار البيضاء وغيرها من الأقاليم. وقد كانت أهدافنا من كل هذه الندوات هي: 1 التعرف على نتائج تطبيق مدونة الأسرة وابرازها. 2 التوعية والتحسيس. 3 مواكبة وتتبع التنزيل. أولا: فيما يتعلق بالنتائج التي أفرزها ويفرزها تطبيق مدونة الأسرة باستمرار، فإننا نحرص على رصدها سواء على مستوى الواقع أي على مدى تأثير تطبيق مقتضياتها على سلوكنا كأفراد كأسرة وبالتالي كمجتمع، وذلك من خلال مواكبة مجهودات الممارسين والعاملين في الميدان ومن خلال قراءة الإحصائيات التي تقدمها وزارة العدل سنويا ومن خلال الندوات والملتقيات التي يؤطرها باحثون ومتتبعون، وفي هذا الإطار تأتي ندوة اليوم التي سنتعرف من خلال عروضها على الحصيلة والآفاق وعلى دور القضاء الأسري في تفعيل مدونة الأسرة، وعلى مشاكل النفقة وصندوق التكافل العائلي، وعلى ما يطرحه الطلاق والتطليق من اشكاليات وغيرها. أما فيما يتعلق بالنتائج المبدئية فأكتفي بالاشارة إلى ما يلي: 1 مسألة مراجعة وتغيير القوانين الضابطة للعلاقات الأسرية لم تعد مسألة معقدة وذات حساسية كبيرة ومثيرة للتخوفات وهذا نتيجة للمنهجية السليمة التي اتبعت في اعداد مدونة الاسرة حيث تم احترام المرجعية الاسلامية كمرجعية أساس والالتزام بالثوابت طبعا مع الاخذ بالاجتهاد وفق الضوابط والانفتاح على ما تلتزم به بلادنا على مستوى حقوق الإنسان والمواثيق الدولية والقيم الكونية المنسجمة مع قيمنا وثوابتنا. 2 تغير النظرة إلى قضايا الاسرة إذ لم تعد شأنا نسائيا كما كان الامر سابقا بل أصبحت قضايا الأسرة قضية مجتمع بأكمله، برجاله ونسائه ونخبه وهذا ما يساهم اليوم بشكل واسع في إثراء النقاش والارتقاء به في هذ المجال. 3 دعم وتقوية قيم العدل والإنصاف والمساواة وشق الطريق أمامها في ثقافتنا وسلوكنا وفكرنا، باعتبارها نابعة من شريعتنا الاسلامية كمباديء وكمقاصد وباعتبارها جاءت اساسا لمحاربة الظلم والتسلط والمس بكرامة الانسان بغض النظر عن جنسه أو لونه. 4 دعم وتقوية التوجه الحقوقي والمقاربة الحقوقية. 5 عدم حدوث أية هزة في مجتمعنا او أي تغير مفاجىء، يخل بالاستقرار أو يمس السير العادي داخل المجتمع من جراء دخول مدونة الاسرة حيز التنفيذ، وهذا يدل على مدى التمسك الارادي بقيمنا وتقاليدنا، وأن القانون لايتم اللجوء اليه إلا في الحالات المتأزمة والاوضاع غير الطبيعية. ثانيا: أما فيما يتعلق بالتوعية والتحسيس بالمساطر والمقتضيات الجديدة التي جاءت بها مدونة الأسرة، فرغم المجهودات الكبيرة التي بذلت وتبذل في هذا الإطار، إلا أن الواقع يؤكد ويبرز باستمرار بأن النقص مازال كبيرا والفراغ أكبر، وهذا شيء طبيعي إذا اخذنا بعين الاعتبار ظروفنا السوسيو ثقافية من جهة، وغياب وسائل الاعلام المرئي والمسموع عن مجال التوعية والتحسيس بصفة عامة في بلادنا من جهة أخرى، إذ لا نجد أثرا لأي استراتيجية إعلامية وطنية حقيقية، وفعلية وشاملة ومتكاملة تسعى الى تمكين المواطنين والمواطنات من مواكبة التغيرات العميقة التي يعرفها مجتمعنا وخاصة على هذا المستوى لارتباطه المباشر باستقرار الأسرة وهنائها، واستقرار المجتمع لأن مدونة الأسرة ليست قانونا عاديا بل هي القانون الذي يضبط العلاقات داخل الأسرة، وبالتالي داخل المجتمع ولذلك لايكفي الاشادة بها بل لابد من العمل على تقريب مضامينها ومقتضياتها الى الجميع. فالمعرفة بمضمون العديد من المقتضيات قبل اللجوء إليها ضرورة ملحة، فعلى سبيل المثال عدد كبير من النساء ومن الرجال يجهلون أن مسطرة الشقاق مثلا مسطرة سريعة ومحددة في الأجل، وذات حكم نهائي بمعنى أنها تمثل مستوى واحدا في التقاضي لذلك فالتوعية أساسية حتى لايكون التسرع واللجوء الى مثل هذه الحلول التي وضعت للحالات المستعصية والمعقدة. ثالثا: مواكبة وتتبع ظروف تنزيل هذا النص القانوني على أرض الواقع، بفعل الاحتكام إليه، ثم معرفة الى أي حد يتم احترام فلسفة المشرع والالتزام بمقاصدها خاصة وأن مدونة الأسرة هي ثمرة لاصلاح عميق وجوهري لمدونة الاحوال الشخصية سابقا، وجاءت بالتالي بالعديد من المقتضيات الجديدة التي يستدعي تنفيذها آليات وشروط عمل جديدة أيضا في مقدمتها قضاء الأسرة والفضاءات الملائمة لقضاء الأسرة، وما يتطلب ذلك من استعداد لوجستي لتوفير المحاكم الملائمة لقضاء الأسرة سواء المحاكم المستقلة أو الأقسام الموجودة في محاكم أخرى هذا اضافة إلى جانب التكوين والتكوين المستمر لجهاز القضاء الأسري لتمكينه من التعامل مع مدونة الأسرة وتحمل المسؤولية المنوطة به، خاصة إذا اضفنا الى ذلك ان ما تشتمل عليه مدونة الأسرة من مقتضيات هي بدورها قائمة ومؤسسة على مفاهيم وتصورات جديدة علينا في مجال تحديد وضبط العلاقات داخل الأسرة فالزواج كمثال لم يعد كما كان في السابق، فالأسرة اليوم تتأسس تحت رعاية الزوجين معا سعيا الى إعادة التوازن الى العلاقات بين الزوجين وتحقيق المساواة. كل هذه مسائل تطرح اوضاعا وإشكاليات ليست سهلة ولا يسيرة، وتحتاج الى تضافر الجهود. وهذه الصعوبات وغيرها نفهم جيدا وجودها في السنوات الأولى من تطبيق مدونة الأسرة، لكن اليوم الأمر مختلف او يجب أن يكون مختلفا بعد مرور 6 سنوات على تطبيق مدونة الأسرة باعتبار أنه بدأنا نطل أونشرف على العقد الأول. على هذا الأساس نعقد هذه الندوة اليوم لنتساءل ولنسائل أيضا ما الذي تم انجازه على هذا المستوى لتحقيق التطبيق السليم والأمثل لمدونة الأسرة. أيها الاخوة والأخوات مدونة الأسرة، تعتبر أقوى مكتسب تحقق لمجتمعنا بأكمله، وبالنسبة للمرأة المغربية فهو بمثابة حجر كريم في عقد المكتسبات التي تحققت لها في العهد الجديد. والمدونة لم تأت من فراغ، بل هي انجاز تاريخي بكل المقاييس، جاء نتيجة لوجود ارادة سياسية سامية، تحمل مشروعا مجتمعيا ديمقراطيا، يسعى الى رفع الظلم وتكريس المساواة وتكافؤ الفرص والتنمية. من هذا المنطلق، جاءت ارادة رفع الظلم والحيف والميز عن المرأة المغربية ووضع حد لمعاناتها المريرة والمذلة أمام المحاكم من جراء تعقد المساطر وتحجر العقليات. على هذا الأساس وقع التجاوب مع نضال الحركة النسائية الديمقراطي الطويل، الشاق والمرير من أجل اصلاح حقيقي وجوهري لمدونة الأحوال الشخصية السابقة وتصحيح مختلف الأوضاع القانونية المختلة. وعلى هذا الأساس اجتمعت كل الارادة الطيبة المؤمنة بحق شعبنا ومجتمعنا في الحياة الحرة والكريمة والمستقرة للنساء والرجال على حد سواء، وكانت النتيجة لكل هذه العوامل هو هذا الإبداع المغربي مدونة الأسرة. وانجاز من هذا العيار وبهذا الحجم يستحق ان نعمل جميعا من أجل تحقيق اهدافه ومراميه وفلسفته، وبعد مرور 6 سنوات على تطبيق مدونة الأسرة، فهل نلمس لها تأثيرا على الأسرة المغربية؟ وعلى سلوك الأفراد داخل الأسرة وداخل المجتمع؟ هل استطاعت مدونة الأسرة بكل ما تحمل من مقتضيات تكريس قيم العدل والانصاف والمساواة المنبثة في الكثير من موادها؟ كيف تتم اليوم قراءة الاحصائيات التي تصدر اليوم عن الوزارة الوصية؟ قضاء الأسرة هل يساهم اليوم في تفعيل المدونة وتطبيق المساطر بما يسمح بتحقيق نية المشرع؟ الاجتهاد القضائي هل يؤدي الى أحكام متقاربة أم العكس يؤدي الى أحكام متضاربة؟ مشاكل النفقة، هل المقتضيات الجديدة التي عرفها هذا الموضوع، أدت الى حل الاشكاليات في غياب الآليات اللازمة في مقدمتها صندوق التكافل العائلي؟ الطلاق والتطليق أي واقع من خلال ما تقدمه الإحصائيات من أرقام ونسب؟ أي واقع اليوم للتعدد ولتزويج القاصرات وقيام النساء بمباشرة عقد الزواج؟ هذه تساؤلات نتنمى أن تجد صداها وأجوبة لها من خلال العروض التي سنستمع اليها. أيها الأخوة والأخوات إن ما نقوم به اليوم من أجل رد الاعتبار للأسرة، من أجل أسرة قوية ومتماسكة، من أجل أسرة قادرة على القيام بواجباتها ومسؤوليتها في إطار أو في ظل قوانين تحمي حقوق المرأة والرجل والابناء ذكورا واناثا، هو نفسه ما قام به الرعيل الأول بعد الاستقلال بدعم ومباركة من المغفور له محمد الخامس. لقد كافح ذلك الجيل وفي مقدمتهم سيدي علال من أجل الاقناع بحقوق المرأة وبحقها في الكرامة والحرية وبحقها في تقرير مصيرها بحرية وإرادة، كما دافع سيدي علال عن ضرورة الرفع من سن الزواج والتصدي للتعدد الذي كان يهدد استقرار الأسرة المغربية وامنها وغير ذلك كثير مما شكل معركة الأمس. وعند ظهور مدونة الأحوال الشخصية قال الزعيم علال الفاسي في كتاب التقريب: «لقد أحدثت مدنة الأحوال الشخصية المغربية مفعولا حسنا في البيئات الفقهية في المغرب والخارج واعتبرت من الجميع عملا تقدميا بارعا في اطار الفقه الاسلامي. وإذ أشير إلى هذا الأمر فللانصاف من جهة ولتقوية الإيمان بأننا نملك القدرة على جعل الغد أفضل من الأمس