ترددتُ كثيرا قبل أن أقرر الخوض في موضوع، طالما تجنبت الكتابة فيه، من منطلق أحتفظ به لنفسي،غرس في ذاكرتي الصغيرة، حول سلوك بعض رجال السلطة الذين أتيحت لهم فرصة تدبير بعض قرانا الصغيرة. لكن ترددي تبدد، وأنا أستمع إلى رئيس حكومتنا، وهو يقوم بعمل تحريضي، ضد شريحة من رجال السلطة، بعدما انبثقت في أكثر من جهة، أيادي لا نعرف مصدرها، تتسرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي ، باحثة عن أخطاء في صفوف رجال السلطة بالذات، كي ترسم صورة سيئة عن «أمن بلادي»، مستعملة كل أساليب الإساءة بلغة التعميم، وكأن المغرب ليس في حاجة إلى أمنه ، وأن هناك من «أبناء الشعب» من هم قادرون على حماية الدار بأساليب تعود بنا إلى عهد «السيبة» في استعمال « شرع اليد» ،وبمنهجية تشير إلى أن هؤلاء الذين وضعت الدولة في يدهم حماية أمن المواطنين،هم من يعتدي على هؤلاء المواطنين ، يدفعونهم إلى إشعال النار في الذات، ويكسرون أنوفهم ، ويضعون كرامتهم في الوحل، بما في ذلك رفع أرجل المحصنات من نساء الشرفاء، المحتاجات لضمان خبزهن وشايهن وسكنهن- في البند العشوائي منهم -الذي يتحكم قايد الدائرة في شرعنته ، بناء على رشوة في الجيب، أو ليلة حمراء، يتسلل قايد فيها إلى بيت شريفة عفيفة، جعلت الزوج يتفرج على مؤخرة القائد عوض أن يتفرج القايد على ثدييها ، وهو القائد المهووس بجسدها الملفوف بالقماش من الرأس إلى أخمس القدم، عشية دخولها لمقر القيادة في لحظة ضعف، تسجله الحاجة إلى السكن في غرفة زائدة ولو عشوائيا إرضاء للزوج «المصون». هي الصورة التي بالفعل تفنن فيها «اللاعبون الجدد» في مواقع التواصل لتتسرب في تداعيات مختلفة إلى التداول المجتمعي، يتفاعل فيها المفهوم المتداول بالأمس لرجل السلطة، والحفر في الذاكرة للنبش في ما ورثناه من أحداث سجلها التاريخ لمفهوم «القايد» نفسه ، ضد أي تطور في المفهوم الجديد للسلطة التي شاء الدستور أن يجعل منها «أمن المواطنة» . إلى حد هذا التداول، يمكننا إعطاء تفسيرات مختلفة للعلاقة القائمة والممكنة بين المواطن بصفة عامة والمواطن الأمني، لكن ما يدفع بالفعل إلى التساؤل المسؤول والجدي، الذي ينبغي أن نفتح فيه تحقيقا،هو وقوف رئيس الحكومة إلى صف «السيبة» ضد رجال الأمن، في الوقت الذي ينبغي أن ينتصر فيه للقوانين المنصوص عليها في تقاضي عادل وحر من أجل إرساء دولة الحق والقانون، ضد دولة « شرع اليد» التي استعملت ضد «قايد الدورة» بأسلوب العصابات أو إن صح التعبير « جلد المذنب مئات جلدة في الشارع العام» أو « رجمه بالحجارة حتى الموت» أو « إعدامه بيد رجال النهي عن المنكر» ، وتلك هي الثقافة التي لخصت بالفعل الخروج غير المفهوم لرئيس حكومة يملك صلاحيات دستورية، دافعت عنها القُوى الحية والديمقراطية لبناء المغرب المؤسساتي والحضاري التواق إلى الوقوف جنبا إلى جنب الدول الديمقراطية. بالفعل ودون تردد، وأمام هذا المشهد الملتبس والغامض، أعلن تضامني مع «أمن بلدي» ضد من يريدون أن ينخروا جسم الدولة بالتعميم المغرض. أتضامن مع قناعة أن في الأمر أهدافا ستتضح بعامل الزمن، وأتضامن لأني أعرف الكثير من قياد بلدي يتمتعون بثقافة عالية وبسلوك حضاري في ممارسة السلطة، منهم من كانوا زملاء لي في الجامعة، وفرقتنا الاختصاصات، كما أذكر من عرفتهم من قياد زملاء لي في الكتابة. أذكر في هذا الصدد، يوم ذهبت في مهمة استطلاعية إلى جماعة لفضالات بإقليم بنسليمان، ودخلت مكتب قايد الفضالات ، تحدثنا في المشترك، فوجدت الرجل يقرأ الجابري والعروي ، وقارئا جيدا لقامات بلدي من كتاب ومؤرخين، وتحدثنا في الدستور والوعي المجتمعي . وعندما أردت الخروج، أهداني القايد الدكتور عبد الله شنفار كتبه في الفعل الإداري المغربي، وحول الفاعلين المحليين والسياسات العمومية المحلية، قائلا بابتسامة المواطن المغربي :» أنا قايد لفضالات، لكني زميلك في الكتابة». سألت عن هذا القايد مرة أخرى، خلال هذه السنة، فقال لي نائبنا البرلماني في المنطقة إنه انتقل، وإن رجلا فاضلا أتى مكانه اسمه محمد تاج يتسم بالجدية والتواضع. ولا أخفيكم قرائي أني أشفق على أمننا، ومنهم «قيادنا» الذين وإن أخطأ بعضهم.. وأنا من المطالبات «بالمسؤولية والمحاسبة» ضمن القوانين المسطرة. عندما أرى كل ذلك «التحرش» الكبير الذي عاينا بعضه - ونسعى إلى الاستطلاع لمعرفة المزيد، دفاعا عن المأسسة في بلادنا- كما هو الشأن بالنسبة لقايد قيادة مرزوكة، الذي نقل قبل سنة إلى مدينة اليوسفية ، وتعرض لحيف كبير فقط، لأنه طبق القانون فيما يخص ظاهرة البناء العشوائي . كما لا أخفيكم سرا قرائي أن ما كتبته بالأمس، من كون رئيس حكومتنا يضعنا في مغرب مفتوح على المجهول، هو نفس التصور الذي تبدو معالمه واضحة . أقول هذا، وأتمنى أن أكون مخطئة في تصوري، رغم كل المعطيات التي تسجلها تصريحات رئيس الحكومة التي توالت في الزمن العصيب.