الأسواقُ أنواع بحسب رغبة كل من يبحثُ عن ضالته فإنه سيقصدها في الرخاء وفي الشدة. فمن منشطي السوق: السبايبية، الوسطاء، والجمالة، والحمالة،والشناقة،والشحاذين،واللصوص،والنشالين،والمْسَامْرية، وأولاد مولاي يعقوب المختصين في نشل محافظ النقود ومصادرة أموال الكسابة والتجار وسط الازدحام الذي يتظاهرون به، وفي السوق أيضا البصاصون، الذين هم أيضا أصناف، ولكل حرفة سوقها وشناقتها وسماسرتها. وهناك أسواق في المغرب..كثيرة وكثيرة . واعلم أنه إذا سرقت منك سيارتك لا قدر لها، أو دراجاتك النارية أو الهوائية أو هاتفك أي شيء آخر، فلا تكلف نفسك في البحث عنهم. لأن في هذه الأسواق يباع ما سرق منك بعد أن يتحول إلى أجزاء، وقطع صغيرة. وهي أسواق يبدأ رواجها في جنح الظلام .وتجد لها أوراشا تابعة لها لتفكيكها مختصة في قطع غيار السيارات وهلم جرا تعمل 24 ساعة على 24 ساعة. كما أن هذا الأمر يقع بالنسبة لمربي الماشية، حينما تسرق منهم الأبقار والأغنام والكلاب والقطط والحمير، فهم في حسرتهم على ما فقدوه يعلمون علم اليقين أن بهائمهم اقتيدت مباشرة بعد سرقتها إلى سكين الجزار. ثم مباشرة تتحول إلى لحوم مفرومة، ووجبات في المطاعم . ومنذ أن بدأت الحضارة انتشرت الأسواق، في الأرض. وحملت هذه الأسواق أسماء أيام الأسبوع، ثم أسماء المدن والقرى والحواضر، وأسماء غريبة وعجائبية ومنها سوق النساء؛ فالداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. ومن أهم هذه الأسواق: "سوق راسك" بالمعنى المغربي الفصيح، الذي يعني اترك أشغال الناس واهتم بنفسك. وهذا ما صار ينطبق اليوم على الجميع بعد أن دخلوا في ذهول صحبة العالم الافتراضي، وتركوا طنجرة الضغط في المطبخ المغربي تحترق بما فيها للآخرين. ولترجمة الأسواق في استهلال مسمياتها ومعمياتها، ففي المغرب ترى العجب، العجاب، فمثلا سوق سبتة السليبة، فعدد السلع المهربة منه يوميا والتي يستفيد منها المغاربة، حطمت وكسرت منتوجاتها الأسعار، بما فيها الالكترونية والهواتف الذكية، حيث صارت في متناول الجميع في ظل المنافسة للمنتوج الوطني الذي يعتبره البعض أنه ضعيف الجودة ولا ضمانة في استهلاكه لمدة أطول. ويلي سوق سبتة سوق باب النوادر وسوق الكرنة، والباريو بتطوان ثم (كاستييخو) بالفنيدق، لينافسهم درب غلف ودرب عمر وكراج علال بمنتوجاتهم المستوردة أو المهربة من إيطاليا واسبانيا، من طرف المهاجرين. أما "سوق الظلمة" الذي هو موضوع تغريدتنا، فهو سوق جامع شامل، إذ يعد بحسب الشبان البيضاويين من أشهر الأسواق بحي اسباتة، وله تاريخ مثير للجدل والاختلاف، لأن تجارته غير المهيكلة تعرض على الرصيف، ويوجد موقعه تحديدا بشارع النيل ، بجوار حمام الفن بالدار البيضاء. إنه سوق مشهور ببيع الملابس القديمة والجديدة، ونص نص، والمسروقة والمهربة وهلم جرا. وأيضا يباع به كل ما يخطر على بالك وبأثمنة خيالية وزهيدة جدا، منها الثياب والأحذية، والأدوات والتجهيزات المنزلية، والأجهزة الإلكترونية. وأيضا تباع بأرصفته منتوجات ذات علامة مزورة، لكنها تشبه الأصل، لدرجة لا يمكنك التمييز بين الأصلي والمزور، وعلينا أن لا ننسى سوق بيع الطريفات والمخدرات القوية والقرقوبي في بعض الأحياء الشعبية والراقية. وممارسو بيع هذه الملابس شبان وشابات ونساء وأرامل وكهول، ما أن تسألهم عن سعر البضاعة التي وقع اختيارك عليها حتى "يلصقونك" بمعنى أن لهم أسلوبا سحريا في توريط الزبون للشراء، مدعين أنهم في ورطة ومحتاجون لتدبير مصروفهم اليومي ، وقد يوهمك البعض أنه من أولاد الناس وأن بضاعته غير مسروقة. وهي من آخر الماركات الحقيقية والنادرة بمعنى (مَاكدُورْش) أي لامثيل لها في السوق. إنه سوق يبدأ العمل به ابتداءً من المساء وينتهي إلى آخر وقت من الليل، إن لم تطاردهم السلطات الأمنية. ويتوافد عليه شبان من مختلف الجهات محملين ببضاعتهم لعرضها للبيع، وهنا إما تُصيِّد بضاعة، أو تتصيد، أي ينصب عليك، لأن البيع والشراء يتم في الظلام، وبذلك سمي هذا السوق ب : " سوق الظلمة" . وسوق الظلمة، يشبه إلى حد بعيد كل ما يجري في حياتنا اليومية تحت جنح الظلام انطلاقا من العلب السوداء، وبيع منازل السكن الاجتماعي في النوار، أو كواليس البحث عن تزكيات للفوز برأس اللائحة وإقامة الولائم وشراء الذمم. وشراء الأصوات، وشراء جوازات العبور وصولا إلى التزكيات والصفوف الأولى، وليِّ ذراع هذا وذاك . على أيٍّ، ففي سوق الظلمة عليك أن لا تحتج، أو تطالب باستعادة نقودك إذا تم النصب عليك . لأن من يبحث عن الهمزات والبضاعة بأبخس الأثمان ، عليه أن يتقبل نتيجة الخسارات. لذا أحسن سوق في المغرب هو "سوق راسك" وكثير من الناس دخلوا سوق راسهم، لكن حالهم لم يرتح ووجدوا أنفسهم، يعيشون في أبراج عاجية. وصارت مسافة طويلة بينهم وبين الناس والحياة اليومية التي يعيشونها، لذا صار أمر العودة إلى حياتهم الطبيعية صعبا جدا. و"سوق الراس" دائما يؤثر على سوق باقي أعضاء الجسم . والفاهم يفهم. بمعنى أن المغاربة لايدخلون سوق راسهم. وكمثال على ذلك، تراهم في جوقة مجتمعين، في شارع عام، وذلك لأتفه الأسباب. ومن الأسواق الأخرى، التي ذكرها سيدي عبدالرحمان المجدوب ، سوق النساء، والكثير من الناس يعرفون سوق النساء، وأنواع المنتوجات المعروضة فيه من صوف، وحلي، ومكائد، إلى غير ذلك من المعروضات. ولكن في هذا السوق، كل واحد عليه أن يرد باله، إذا حدث وحشر نفسه ودخله. لأنه سوق خاص بالنساء، وسوق له عالمه الخاص، ورأيتم ماذا وقع لقائد الدروة الذي أراد الدخول إلى سوق لا أول ولا آخر له. وفي السوق قاعدة رياضية . هناك الرابح ... وهناك الخاسر. إنه مشروع استثماري. ولما تسأل أصحاب السوق، تجد لهم مؤشرا يقيسون به الفصول التي يكون فيها السوق ناعسًا، والفترات التي يكون فيها السوق منتعشا ورائجاً. أما السوق الخاسر، فهو ليس المغني الخاسر، الذي ينتج أغاني من أموال دافعي الضرائب ، بل هو سوق بيع الصحف والكتب في المغرب. فالكثير من المستثمرين يعتبرونه سوقا راكدة. والبعض الآخر يعتبره رابحة. في المقابل نرى من يدعي أنه "باعَ" جميع نسخ كتبه وأنه هو الصحيفة الأولى من حيث المبيعات. والأكيد أن هذه الكتب تم بيعها للجماعات الحضرية أو تم بيع نسخ الصحف لمؤسسات إشهارية، ولم تصل بتاتا إلى القارئ. وهناك كتب ضيعتها أيادي سوء التوزيع. والسوق الرابحة في المغرب تبقى هي سوق الكتب المستعملة. وفي ذلك إشارة لسوق أو معرض ساحة السراغنة بالدار البيضاء ثم سوق الليدو بفاس وسوق الكلب بسلا، وأسواق بيع السيارات المستعملة ببني ملال وخريبكة والفقيه بن صالح.