1 عندما أغمس نهدي حبيبتي في خمسين عاصفة وعندما تَعْلَقُ بيادر القمح في فستان الريح وعندما تتخلى عن ارتفاعها جدرانُ الوجع المتمسك بأصابع القتلى المعتقلين في دورتهم الدموية وعندما تنحني يدي لتزرع أقراص الأسبرين في جمجمة الحرب التي يتقنها الرجال السيئون أستطيع أن أحشد مصانع السلاح في سيجارة واحدة لأحول النيكوتين المفترس إلى سرب بجع بعشرة ملايين جناح أستطيع أن أقسو قليلا على الرفاق الذين أُبيدوا عن آخرهم في الخنادق أستطيع أن أنزع عنهم أسماءهم الملفوفة في ورق التبغ وقلائد حبيباتهم المنقوعة في رحيق البنفسج أستطيع أن أسرق الشمس التي نضجت في عيونهم وأعبر بنظراتهم المتساقطة في برد الليل إلى بلاد الأغاني الخرساء 2 أتعلم أن دانتي عندما كتب الكوميديا الإلهية كان معلقا على الأسوار من نهديه وأن الأرض، التي تبدو الآن واثقة من نفسها، كانت تدور بدلال مثل عربات الخيول المصفحة حول مصارعي روما القساة أتعلم أن البحر كان مثل سائر الأنبياء يمشي في الأسواق عاري الرأس كي يبيع الأسماك للعواصف وأنه كان يخبئ تحت معطفه الجلدي غيمة مغمي عليها وقلبا حزينا وموجتين أتعلم أن الشمس كانت تبحث عن حقيبة يدها حين اكتشفت على المرآة آثار آخر رجل قبلها لم تكن سعيدة بما رأت، فأطفأت على خدها سربا من النجوم قبل أن تتكئ على الظل كانت متعبة كما لو في حلم بالعرض البطيء وكانت تنظف أصابعها كلما باعت وردة ليدين مشبوكتين بقوس قزح أتعلم أن المطر، في الأصل، قبلةُ السماء وأن الأرض لم تكن سريراً كانت حبة قمح علقها الرب بحبل معجزة فأحبها الناس جميعا وصنعوا منها كعكا لذيذا وأشجارا وارفة وامرأة بنظرة حنان وعينين كبحيرتين أتعلم أنك، أيها الولد الشقي، قطعة خبز محلى وأنك ولدت من ضفيرة بين لحم ودم.