الأحداث المؤلمة التي عرفتها مدرجات المركب الرياضي محمد الخامس خلال إجراء مباراة الرجاء الرياضي ضد شباب الريف الحسيمي، والتي راح ضحيتها شابان، حملهما عشقهما لكرة القدم، والعش الأخضر إلى توديع عش العائلة إلى الأبد. وفاتهما المفجعة خلفت عائلات مكلومة، وجراحا يصعب أن تندمل. وفاة المشجعين وجرح العشرات، ومنهم من لازال في وضعية حرجة، يزيد مدرجات ملاعبنا قتامة، ويسائل هذا التحول الخطير في سلوك الجماهير ، التي يجب أن تكون جماهير رياضية لا عصابات إجرامية، تنشر الرعب في أماكن خلقت للفرجة وللمتعة، تتحين كل فرصة لتخرج ساديتها، لتنشر العنف والقتل والهمجية، لتعلن عن نفسها عدوة للحياة. فمنذ بداية البطولة هذا الموسم أصبحنا نهنئ بعضنا البعض على السلامة، بعد نهاية بعض المباريات، وكأننا كنا نمر فوق حائط الموت أو نتسلق قمما عالية، الخطر فيها أكثر من ظروف السلامة. البطولة الوطنية الاحترافية - هذا الموسم - حفرت الكثير من القبور لشباب كانوا يهتفون ويجهرون بحبهم لفريقهم، سواء على المدرجات أو على الطرقات، كما جعلت بعضهم يودع عضوا من أعضائه وبقي معاقا يحمل وشم لحظة طائشة،كان مشاركا فيها،أو كان ضحية تواجده في المكان الخطأ والوقت الخطأ، فأصبحت مدرجات ملاعبنا لكرة القدم كما الإرهاب، الذي يحصد الأرواح البريئة، لا لشيء سوى أن هناك مجموعات استقوت باسم «الإلترات»، وبدأت تفرض الأمر الواقع على بعض الفرق، فغدت هي الآمرة والناهية، والمتحكمة في الهدوء والفوضى والقتل على المدرجات، منها من جعل بعض الرؤساء رهائن عندها، يساومونهم، يفاوضونهم بمنطق القوي الذي لا ترفض شروطه، وببنود عقوده غير مكتوبة وغير موقعة، ولكنها ملزمة لبعض رؤساء الأندية الذين يشترون صمت الألترات بقبول شروطها. بعض الإلترات أصبحت وسيلة للابتزاز، لبسط اليد على المدرجات وتفرض نظامها وسلطتها على الجميع. بعض الإلترات أصبحت لا تؤمن إلا بمنطق البقاء للأقوى، ولذلك تحارب كل من يشاركها حبها للفريق، لكنها لا تريد منها أن تتقاسم معها النفوذ والسلطة والحظوة والابتزاز. وما حصل من مآسي على مدرجات المركب الرياضي محمد الخامس يوم السبت يدل على ذلك. مدرجات ملاعبنا أصبحت تقتل أكثر من بعض الزلازل. فالزلزال الذي قد يضرب ليلا، وبطريقة مفاجئة، لم يقتل أحدا في الريف، لكن جماعات هائجة متوحشة، قتلت في واضحة النهار، وأمام أعين الجميع.