ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الاتحاد الاشتراكي» في ضيافة أمن الدارالبيضاء لمعاينة ترتيبات إجراء المباريات : نار المدرجات التي يطال لهيبها «الأمن العام»!
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 03 - 12 - 2015


لم يعد عشاق المستديرة يفرحون كما كان سابقا،
لم يعودوا يقفزون من أمكنتهم ويصيحون فرحا،
أو عند تسجيل هدف يتبادلون عناقا،
لم يعودوا يصافحون بعضهم البعض عند نهاية المقابلة احتراما لمنطق الكرة،
بعد أن غاب كل معنى للفرجة وللروح الرياضية،
وحدها صرخات الألم والأنين التي باتت تخلّفها الكرة،
ولوعة في قلب أم مكلومة،
وزوجة أضحت في لحظة أرملة،
ووالد يعاين ولده بعاهة مستديمة..
ألم كلّه هذا الشغب،
وصور مداعبة الكرة تحلّ محلّها أخرى لتخريب سيارة، تهشيم واجهة أو مهاجمة أسرة،
اختلت الموازين ، وعوض التشجيع على الفرجة، تشحذ الهمم، وتذكى العصبية، ليعم الغضب وتنتشر النقمة، باسم العصبية للفريق وللكرة،
غاب قوس قزح، بهتت وانكشفت كل الألوان، وعوّضها السواد، الذي لم يقف عند حدود الخميس، بل طال كل الأيام، في البيضاء والرباط وكل مركّبات البلاد،
عقب كل خسارة، تعادل وحتى فوز ثمة «حرب» ضروس، لا تسقط إلا بضعة «رؤوس»،
هيجان في المدرجات، في الشوارع، وأسر المعربدين في وضعية شرود، شأنها في ذلك شأن مؤسسات وجمعيات، برامجها خالية من التأطير ولا تحدد لذلك مواعيد أو أجندات،
شغب مستمر لضعف المقاربات، وللتملص من تنزيل توصيات المناظرات،
عنف متواصل رغم المنع وتعدد الاعتقالات،
بخريبكة قتل المياوم،
بطنجة أصيب بحجر، عنصر ترابي، شرطي وملازم،
بسلا انتقل «المشجعون» من رفع قميص وشعار، إلى التسلح بحجر وتكسير واجهة محطة قطار،
شغب من «الجماهير» وإلى «الجماهير» تطال تداعياته عموم المواطنين، وآخر بين لاعبين و «مشجعين»، ونوع لا يخرج عن دائرة «الرياضيين»، ورابع يتسبب فيه مسيرون،
هي عدوى الشغب الذي أضحى بمثابة الطاعون،
أنصار في المدرجات مصابون،
وقاصرون بالخارج موقوفون،
والكلّ يشجب، يندّد، وعن الحلّ في مواجهة الظاهرة نحن بعيدون وعاجزون.
كنا قد انتقلنا إلى المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء من أجل النبش في موضوع الشغب مع مسؤولين وأمنيين، والوقوف على الاستعدادات الأمنية التي ترافق إجراء مقابلات كرة القدم، وذلك برسم الجولة 28 من الموسم الكروي الفارط، 2014 – 2015، وتحديدا خلال المقابلة التي جمعت فريقي الوداد البيضاوي وأولمبيك أسفي على بعد دورتين من نهاية البطولة، خاصة وأن الحديث عن الشغب كان قد ارتفع منسوبه وتطورت حدّته، بعد المعطيات التي أدلى بها وزير الداخلية آنذاك، مما دفعنا إلى الانتقال من أجل معاينة بعض التدابير المتخذة في هذا الصدد، ورصد تفاعل مختلف المصالح الأمنية، ومبادرات الإلترات وجمعيات المحبين، التي تصبّ في تأطير الجماهير العريضة.
خطوة كنا نروم من خلالها نشر هذا العمل الصحافي في حينه، لكن عددا من الأفكار التي تم تداولها والتي قد تشكل خارطة طريق جديدة، يمكن العمل بها في الموسم الحالي، خاصة وأن البطولة كانت على مشارف نهايتها، دفعتنا إلى الاحتفاظ بعملنا هذا إلى حين انطلاق مباريات هذا الموسم ومعاينة المستجدات والمتغيرات التي قد تكون بُرمجت، والوقوف على مدى خفوت حدّة ظاهرة الشغب من عدمها، لكن ومن خلال التتبع لتسع دورات من بطولة الموسم الحالي، عشنا مشاهد مأساوية أخرى باسم الكرة، وتحت شعار التشجيع والولاء للفريق، أحداث عنف ودم، على الطرق السيّارة، وبالشوارع والدروب المختلفة، التي لم تكن مقتصرة على المدرجات وجنبات الملاعب، بل كانت كالنار التي تلتهم كل ما يوجد في طريقها، مما يؤكد أننا أمام «حرب» لإفراغ مكبوتات، وتصريف حسابات، وتنزيل «انتقامات»، رغم كل المجهودات المبذولة، خاصة على المستوى الأمني، التي تظل نسبية في غياب تفاعل إيجابي من مكونات أخرى معنية، «حرب» لا تريد أن تضع أوزارها، نزعت كل روح إيجابية عن المتابعة الكروية، ودفعت بالعديدين إلى تطليق الملاعب، التي عاد إليها الألق والوهج، وأصبحت تحتضن الصغير والكبير، الشابة والأم، في مشاهد أسرية تشدّ إليها الانتباه.
«مشجعون» حولوا ملاعب إلى فضاءات لرفع شعارات متطرفة تشيد بالإرهاب في غفلة منا، وآخرون سخّروا الجداريات لإرسال الرسائل القدحية والتهديدية، للمعنيين بالأمر ولذويهم، وساحات لمعارك دامية، بات معها الترشح لتسيير فريق محفوفا بالمخاطر، دفعت مرة أخرى السلطات الأمنية إلى عقد اجتماع مع الإلترات، وجمعيات المحبين، من أجل مباشرة حملة جماعية لتطهير الجدران من كل الرسومات، بالاستعانة بالسلطات المحلية، لكونها أصبحت «منابر» لتصريف الأحقاد ونشر الكراهية، وهي المسلكيات التي لا علاقة لها بأي ممارسة رياضية؟
إنه الواقع الصادم، الذي أعلنت عدد من المؤسسات، وفي مقدمتها مؤسسة الأسرة، عن استقالتها من التعاطي الإيجابي معه، وتخلفت عن القيام بأدوارها، بينما بقيت المؤسسة الأمنية، غير القادرة على إيجاد حلول لوحدها، في مواجهة مفتوحة مع جملة مظاهر الشغب، التي تخفت حدتها أحيانا ثم تعود لتنبعث من جديد كما طائر العنقاء المنبعث من رماده، لتحدث صدمة جديدة سرعان ما تنسى في انتظار رجّة أخرى!
لكن بين كل هذا وذاك، هناك رسائل للأمل تظل حاضرة في خضم هذه الفوضى، من خلال صور يتم تداولها، كما هو الحال بالنسبة لتلك التي جمعت بين أنصار فريق الوداد البيضاوي وأنصار فريق اتحاد طنجة قبيل إجراء مقابلة الفريقين يوم 21 نونبر بالمركب الرياضي محمد الخامس، والتي استضاف خلالها الوداديون الطنجاويين بمنازلهم وبين أسرهم، وتناولوا الأكل معا، في جلسات عائلية نحن في أمسّ الحاجة إليها، وهي ذات المشاهد التي تتكرر وتؤكد توطد العلاقة بين جماهير الوداد البيضاوي وفريق المغرب الفاسي، أو مع محبي فريق الحمامة البيضاء، وكذا أنصار الجيش الملكي مع جماهير الكوكب المراكشي أو النادي القنيطري، ومشجعي الرجاء البيضاوي والمغرب التطواني، وإن كانت تعرف بعضها نوعا من الخفوت والتباين بين الفينة والأخرى، لكن وجب تطويرها والرقي بتشجيع هذه الرياضة الأكثر شعبية بكل جدية ومسؤولية، بعيدا عن المظاهر العشوائية والعبثية اللصيقة بها.
العميد حميد بحري، رئيس المنطقة الأمنية آنفا
التقيد الحرفي بالقانون 0909 وصرامة التدخلات الأمنية الإستباقية يوحيان بارتفاع ظاهرة الشغب خلافا للواقع
الحاجة إلى خطة لاحتواء وتأطير القاصرين من طرف المجتمع المدني في ظل تراجع الدور التربوي للأسر
p هل يمكننا الحديث عن "ماراطون أمني" بالموازاة مع بطولة كرة القدم في شقها الاحترافي الأول الممتد على مدى 30 دورة، دون إغفال لقاءات أخرى تخصّ كأس العرش والمنافسات الإفريقية؟
n في البداية، لابد من الإشارة إلى أن مدينة الدارالبيضاء تتوفر على فريقين من أعتد الفرق الوطنية، وهما فريقا الوداد والرجاء ، دون إغفال فرق الهواة، والقسم الشرفي، وكذلك القسم الثاني، هذان الفريقان الكبيران تستعد كل الفرق التي ستلتقيهما استعدادا خاصا لمواجهتهما، وهو ما ينعكس كذلك على أعداد الجماهير، سواء تعلّق الأمر بالمباريات التي يجريانها مع الفرق المحلية أو الدولية، وبالتالي يمكن القول بالفعل إننا نكون أمام عمل ماراطوني، تقوم به المصالح الأمنية بالموازاة مع العمل الأمني العادي الذي نقوم به لمحاربة الجريمة، إذ أن ثقل هذه المباريات يكون كبيرا على المصالح الأمنية للتعامل مع حجم الجماهير التي تستقطبها والتي تتجاوز 40 ألف مشجع في المباراة الواحدة، هذا العدد الكبير الذي يفرض على المصالح الأمنية بذل مجهود كبير هو ماراطوني، كما وصفتموه.
p هل تعتبرون أن العناصر الأمنية كانت موفّقة في ماراطونها/ بطولتها، لكونها تكون مضطرة هي الأخرى للانتقال إلى المدن المضيفة، فضلا عن تواجدها حين يكون الفريقان البيضاويان في وضعية استقبال، وما هو تقييمكم لأدائها؟
n بكل تأكيد، نحن أمام بطولة من نوع آخر وفقا للوصف الذي توفقتم في تقديمه، وهي ترفع من مستويات الصعوبات التي تواجهها المصالح الأمنية للتعامل مع هذه المقابلات، ذهابا وإيابا، التي تستقطب أعدادا كبيرة من الجماهير، والتي تكون مشحونة بطبيعة اللعب، وبرهانات المقابلات الرياضية، وبالصراع الكلاسيكي الذي يوجد خارج الملاعب الرياضية، وبالتالي فإن الإعداد للمقابلة يجب أن يكون خارج المركبات الرياضية، في حين أن العمل داخلها فهو عمل يمكن وصفه بالروتيني، لأنه يحتكم إلى قواعد معينة يمكن ضبطها، ومنها المداخل والمخارج التي يتم التحكم فيها، وتصريف الجماهير أثناء عملية التفكك، وكذلك مراقبته بشكل دقيق أثناء الدخول. والعناصر الأمنية بمختلف أسلاكها ورتبها هي تقوم بمجهوداتها على أكمل وجه وتسهر على ضمان فرجة كروية للجماهير مع الحفاظ على أمنهم وسلامتهم ،شأنهم في ذلك شأن المواطنين، سواء تعلّق الأمر بالمارة أو القاطنين بجوار هذه الملاعب الرياضية وأرباب المحلاّت التجارية وغيرهم.
p هل تعتبرون المقاربة الأمنية ناجعة في مواجهة مشكل الشغب؟
n المقاربة الأمنية كيفما كانت نوعيتها ودقتها، تبقى مقاربة ضيقة جدا في التعامل مع مباريات، يحضر فيها حماس جماهيري كبير، إذ لا يمكن مواجهة أي جمهور كيفما كان نوعه بالقوات المتوفرة وإلا سنكون أمام مواجهة مفتوحة بين الطرفين، لذلك ركزنا في عملنا على التأطير الجماهيري من خلال التواصل المباشر مع الجمهور عبر ممثليه، وخاصة الجمهور الذي يشجع في إطار الإلترات والجمعيات، ونسعى من خلال هذه الخطوات إلى أن نبني جسرا متواصلا طيلة الموسم الرياضي، إذ نقوم بعقد اجتماعات أسبوعية، وأخرى قبل إجراء كل مقابلة، كما تم إحداث خلايا أمنية على صعيد كل منطقة تابعة لولاية أمن الدارالبيضاء، إلى جانب الخلية الولائية لمتابعة الأمن الرياضي، والتي تتواصل مع خلايا الجماهير داخل الأحياء الشعبية التي تهوى كرة القدم.
هذا العمل هو مضنٍ، لكن استطعنا من خلاله تأطير الجماهير بشكل كبير لمحو الصورة اللصيقة بهذه الإلترات، من قبيل العداء المستمر للسلطات الأمنية من خلال الشعارات التي ترفع، وهو ما استطعنا التغلب عليه كثيرا في الدارالبيضاء، بواسطة اللقاء المباشر مع الجماهير والتقرب منها لتذويب الخلافات قبل المقابلة حتى تمر في جو رياضي سليم تطبعه الروح الرياضية والأمن والسكينة، خاصة بالنسبة لساكنة الجوار التي عانت في السنوات الفارطة من تداعيات الشغب، لكن الحمد لله الآن، جل جيران المركب الرياضي، أظن أنهم قد لمسوا تغييرا كبيرا بشأن تطور الحس الجماهيري الكبير في ما يتعلق بالأمن.
p إذن أنتم تؤكدون أن هذا التنسيق قد أعطى أكله لحدّ الساعة؟
n هو تنسيق أعطى أكله إلى حدّ بعيد، لكن لايزال هناك متدخلون يجب أن يكونوا شركاء بدورهم في هذا العمل، فالمديرية العامة للأمن الوطني اعتبرت نفسها شريكا أصليا، علما بأنها شريك من ضمن شركاء آخرين، وهي بفعل مبادراتها ومن بينها المناظرة الأولى والثانية حول الشغب، تؤكد على أنها شريك أصلي في المقاربة الأمنية داخل المركبات الرياضية، وهنا أؤكد مرّة أخرى على المجهودات المبذولة والخطوات المتخذة ومن بينها إنشاء قسم خاص بتتبع المجال الرياضي في الشق الأمني وغيره، وإحداث خلايا ولائية وأخرى على مستوى المناطق، لكن أشدّد على أننا على مستوى الشق الأمني في حاجة إلى تكامل مع باقي الشركاء الآخرين، ومن بينهم مكاتب الفرق، المسيرون، المعدون التقنيون، الوزارة الوصية، الجامعة، إذ يتعين على الكل أن يساهم في إطار مقاربة شمولية.
p انطلاقا مما سبق، هل يمكن الحديث اليوم عن توفرنا على خلايا أمنية متخصصة في التعامل مع الجماهير الكروية وربط الصلة بين مكوناتها التي هي في حاجة إلى أساليب خاصة في التعامل لكسب الثقة المتبادلة؟
n أود أن أؤكد من خلال منبركم على مسألة مهمة، وهي أن المديرية العامة للأمن الوطني قد رفعت شعارا يخصّ استراتيجيتها ، ويتمثل في الإنتاج الأمني المشترك، مع كل الفاعلين ومختلف المتدخلين، وتريد من خلاله أن تؤكد على أن المقاربات الأمنية ليست كلها صالحة لاحتواء وتدبير المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن بصفة عامة، لهذا لجأت بالنسبة لموضوع المدارس إلى التحسيس داخل المؤسسات التعليمية حول خطورة المخدرات، العنف، والعنف داخل الملاعب، خطورة عدم احترام قانون السير، وهي دورات تكوينية أطرتها وتؤطرها عناصر أمنية داخل المؤسسات التعليمية والتي استفاد منها عدد مهم من التلاميذ.
وعليه فإننا نريد ترسيخ أن مهمة الخلايا ليست فقط المصاحبة الأمنية ، وإنما المرافقة التامة، سواء على المستوى الواقعي أو الافتراضي، ومنها مصاحبة الجماهير في تنقلاتها لمدن أخرى لمؤازرة فرقها، ثم هناك لقاءات مباشرة، ليس داخل المؤسسة الأمنية فقط، بل خارجها كذلك في حوار لتبيان الواقع الرياضي وتجاوز المشاكل التي تعيق العمل الأمني أثناء إجراء المباريات.
هذه الخلايا تعمل أيضا على المساهمة في الرفع من المستوى التوعوي للجماهير من خلال توجيهها لعدم نشر الرسائل التي تدعو للكراهية أو تثير حفيظة الجمهور المنافس وغيره، دون إغفال المراقبة الافتراضية التي تتمثل في تتبع ما قد يتم تمريره على الفيسبوك، والتدخل في الوقت المناسب مع ممثلي الجماهير لوضع حدّ لكل ما يمكن أن يؤثر سلبا على إقامة مباريات كرة القدم.
p التجارب المرّة، للأسف، أكدت أن أعداد القاصرين تتزايد داخل الملاعب الرياضية، ودورهم في أعمال الشغب والإضرار بالممتلكات الخاصة، ألا يفرض هذا الأمر تدخلا من مستوى آخر، كأن تفكر الإدارة العامة للأمن الوطني في تنظيم حملات تحسيسية تواصلية بالمؤسسات التعليمية للتلاميذ بمعية جمعيات الآباء، والمسؤولين التربويين، حول الشغب وكيفية ارتفاق الملاعب الرياضية، على غرار الحملات المنظمة في مجال السير والجولان والتوعية بأضرار المخدرات؟
n الجميع على علم بأن لعبة كرة القدم هي في طبيعتها تستهوي الشباب الذي ينطلق ولعه بهذه الرياضة منذ نعومة أظافره، ينضاف إلى ذلك الجو الحماسي داخل الأسرة الواحدة من أجل تشجيع فريق دون الآخر. هذا العشق الأولي في بدايات العمر هو الذي يدفع الأطفال وعموم القاصرين، إلى التوجه للملاعب الرياضية لمتابعة فريقهم المحبوب، والعيب لايكمن فيهم، وإنما في الآباء، إذ كيف تتم تنمية الوعي وحب هذا الفريق عن ذاك من طرفهم في أوساط أبنائهم، وعندما يرغبون في ترجمة هذا الولع ميدانيا بمتابعة الفريق المفضل والمحبوب وهو يجري مباراة في كرة القدم لايرافقهم الآباء لتحقيق هذا المبتغى، وبالتالي فالعيب يكمن فينا نحن كآباء، وإخوة، وجمعيات، وكل المتدخلين الذين لايرافقون القاصرين ولايقومون بتأطيرهم، مما يدفع القاصر للتوجه إلى الملعب لوحده، وحينما يصل هناك يجد نفسه أمام صعوبة الولوج لأن المصالح الأمنية تقف سدّا منيعا أمام هذه الظاهرة، وبالتالي قد تتخذ الأمور أشكالا أخرى عوض التشجيع الرياضي.
من جهة أخرى، وارتباطا دائما بسؤالكم، فإن هناك تفكيرا جدّيا من أجل الإقدام على خطوة يتم الترتيب لها كمشروع واعد بالاعتماد على مقاربة حديثة نريد العمل عليها ومباشرتها، وفي هذا الصدد التقيت بجمعيات تنشط في المجال الثقافي والرياضي على الخصوص، لمحاولة خلق أشكال تأطيرية بجنبات المركب الرياضي أثناء إجراء مباريات كرة القدم لفائدة القاصرين الذين تم ضبطهم ولم يتمكنوا من ولوج الملعب، لأنه وعلى الرغم من جميع المحاولات، فإننا لم نستطع منع كل القاصرين من التوافد على المركب الرياضي، وفي كل مباراة يتم إيقاف ما بين ألف و 1200 قاصر، يسلمون إلى آبائهم وأولياء أمورهم وبكل أسف لانجد تعاونا من لدنهم، بل نقف على أن عددا كبيرا منهم، هم غير عابئين بالتربية التي يمكن أن تُمسّ حين يترك القاصر مع زمرة من أقرانه، التي في تغييبها يمكن أن يكون تأثيرها إما شغبا أو تعاطيا للمخدرات أو القيام بسلوكات غير أخلاقية وغيرها، لذلك فكرنا في أن تقوم هذه الجمعيات بتأطير واحتواء القاصرين الذين قد يتواجدون وهم يتسكعون بجنبات المركب الرياضي، يركضون ذات اليمين وذات الشمال، وقد يحدثون هلعا وفوضى يصاحب هذه المباريات والذي يعتبره البعض شغبا، والحال أنني لا أعتبره كذلك، وإنما أجده ضعفا في التأطير من طرف العاملين الموازيين في المجال الرياضي، فما الذي يمنع من أن تقوم هذه الجمعيات بجمع هؤلاء القاصرين وتقدم لهم ألبسة رياضية، وهم الذين يمكن أن يلجوا المدرجات بتنسيق مع المكاتب، عبر دفع مقابل رمزي مقارنة بأثمنة التذاكر، أو أن يتم تمكينهم من الدخول مجانا مع تخصيص مكان لهم، وبالتالي يتم احتواؤهم وتأطيرهم من طرف الجمعيات الناشطة في المجال التربوي والرياضي، لأنني أرى أن المرافقة التي يتحدث عنها القانون 0909 هي مرافقة شاملة لاتشمل ولي الأمر فقط الذي يمكنه مرافقة ابنه، ولكن يمكن لمؤطرين جمعويين؛ يتوفر فيهم الحس الوطني والجمعوي بعيدا عن منطق المضاربات المتعلقة بالربح وغيرها؛ أن يرافقوا مجموعة أطفال وقاصرين، لأن الغاية من المرافقة داخل المركب الرياضي هي احتواء القاصرين ومنعهم من القيام بأعمال لا رياضية، وبالتالي فالتأطير وإن كان جماعيا على غرار ما هو معمول به في المخيمات وغيرها ، فإني أجد بأنه لا يخرج عن المنطق الخاص بالمرافقة.
p هل يمكنكم وضعنا في صورة مرتكزات التنسيق مع باقي المناطق الأمنية؟
n تتوزع البنية المؤسساتية للخلايا الأمنية، فهناك قسم رياضي على المستوى المركزي وخلايا تابعة له على المستوى الولائي، ثم هناك خلايا تابعة لكل منطقة أمنية، وبالتالي فهناك تواصل عمودي وأفقي، بالإضافة إلى الاجتماعات الدورية، وتبادل للمعلومات التي تتوصل بها كل خلية على حدة، وهنا يمكن أن أسوق مثالا بسيطا يتمثل في احتفالات ذكرى تأسيس الوداد البيضاوي خلال الموسم الكروي الفارط، إذ أمكن لنا متابعة كل الاحتفالات التي نظمت بكل منطقة أمنية بكافة تفاصيلها، سواء تعلق الأمر بالمواد أو الشعارات، أو أعداد الجماهير التي شاركت في الاحتفال والكيفية التي مرّ بها خلافا للسابق.
p إلى أي حد ساهمت الكاميرات داخل وخارج الملاعب، في التقليص من حدة الشغب؟
n الكاميرات أصبحت تستعمل في المجال الأمني كوسيلة رادعة، وإن كنا نراها نحن كوسيلة إثبات، التي تقدّم للعدالة أثناء وقوع أفعال تتنافى وأخلاق الرياضة، وبالتالي هي تساهم في ضبط أشخاص مشاغبين في وضعية تلبس تسمح بمتابعة قضائية سليمة عوض الإنكار. وبالتالي هي لها دوران، الأول وقائي والثاني رادع.
p كم يبلغ عدد الأمنيين الذين تتم تعبئتهم في غالبية المباريات الرياضية؟
n يجب التأكيد على أن المصالح الأمنية هي تعاني مع البنية التحتية للملاعب التي تعيش خصاصا كبيرا نحاول كأمنيين تغطيته، فمثلا السياج الخارجي المحيط بمركب محمد الخامس هو سياج سهل التسلق، إضافة إلى تآكل الحديد المنصوب بالجنبات وسهولة اختراقه من طرف الجمهور الذي يلج الملعب دون توفره على التذكرة، وهو مايفرض عليّ كمسؤول أمني لكي أضمن مداخيل للفريق، تغطية هذا الحاجز الذي من المفروض أن يكون مبنيا وفقا لمواصفات مضبوطة تحول دون تسلقه وتسرب الجماهير إلى داخل المركب، فنقوم بوضع عناصر أمنية أو تابعة للقوات المساعدة للقيام بهذا الدور.
إلى جانب ذلك، هناك الحاجز الفاصل بين الجمهور الزائر والمحلي، والذي من المفروض أن يكون هو الآخر قويا، لتفادي أية مواجهة أو اصطدام، لكننا نضطر بالنظر إلى وضعه، إلى تزويد المكان بعدد مهم من العناصر الأمنية، وبالتالي لو كانت البنية التحتية مواكبة لهذا التوجه وللحسّ الأمني لما اضطررنا إلى توظيف عدد كبير من العناصر الأمنية، على اعتبار أن قواعد الفيفا حاليا تدعو لأن تؤمن الملاعب الرياضية من الداخل من طرف شركات الأمن الخاص، وينبغي أن تجرى المباريات بعيدا عن كل مظاهر التواجد الأمني التي نراها بملاعبنا ممثلة في الأمنيين والقوات المساعدة وغيرهم، لكن نحن مازلنا على هذه الوضعية لأن البنية التحتية لملاعبنا هي غير مساعدة، وبالتالي نحاول أن نوازي بين النقص وبين العدد المستعمل في المقابلات الرياضية الذي يختلف من مباراة لأخرى وفقا لأهميتها وطبيعة أعداد الجماهير، وهو رقم يتراوح ما بين 3 آلاف و 3500 عنصر.
p إذا كنتم تقدمون حصيلة متفائلة في مواجهة الشغب على الأقل في الدارالبيضاء، فإن هناك أرقاما تؤكد العكس، فما هو تعليقكم على ذلك؟
n الجميع يؤكد بأن هناك تراجعا كبيرا في الشغب على مستوى البيضاء، نتيجة للعوامل التي تطرقنا إليها، فالشغب يستشعره سكان الجوار في المقام الأول، وهو ما لم يعد حاضرا ويشكل هاجسا مقارنة بسنوات خلت، وكبيضاويين يمكن كذلك أن نستحضر أعداد الحافلات التي كان يتم تخريبها في وقت سابق مقارنة باليوم، والوقوف على مشاهد الزجاج المتناثر هنا وهناك من عدمه أو بحدة أقل، وإذا كان عدد الموقوفين قد ارتفع وهو ما يمكن أن يفهم منه ارتفاع في حالات الشغب، فلأن هناك تدخلات أمنية صارمة لضبط كل الحالات التي يمكن أن تسيء للعبة كرة القدم، والتقيد الحرفي بالقانون 0909 وتطبيقه بحذافيره، الذي يعتبر كذلك انتصارا للمصالح الأمنية، حيث يتم التعامل مع محاولة الدخول في حالة السكر البين أو تحت تأثير المخدرات، ومع الضجيج المرافق للانتقال إلى الملعب، واستعمال المفرقعات والشمارخ، وغيرها من الحالات التي تؤكد قوة ونجاعة تدخلات المصالح الأمنية التي يميزها التفاعل الايجابي مع الجمهور والتواصل الذي خفّف إلى حدّ بعيد من ظاهرة الشغب.
p ختاما، هل من رسائل أخرى تودون توجيهها للجماهير الكروية؟
n الرسائل التي نريد توجيهها كمصالح أمنية، تتمثل في رغبتنا أن نحضر المقابلات الرياضية في جوّ احتفالي، فنحن نسعى لأن نقوم بدورنا في المحافظة على الأمن دون ضغوط، لأننا تستهوينا أيضا كرة القدم ونرغب في أن نعيش فرجتها إلى جانب الجمهور دون أن يتم تسجيل ما يعيبها، نريد من الجمهور أن يواصل السلوك الجيد الذي لمسناه في عدد من المقابلات الرياضية، وهنا مثلا أسوق نموذج لمباراة وفاق سطيف للموسم الكروي الفارط، التي حضرها 70 ألف متفرج، ومرّت المقابلة وبعدها أثناء عملية التفكك في ظروف جيدة، وبالتالي أطلب ، من خلال منبركم، من الجمهور، أن يواصل محاربة ظاهرة الشغب والتأطير وأن يبتعد عن الشهب الاصطناعية التي أودت بحياة رجل بريء بمدينة خريبكة الذي ساقته الأقدار ليمر من مكان الحادث، كما أوصي، أثناء عملية التنقلات، بضرورة السير بروية وبسرعة ملائمة حتى نتفادى حوادث السير، لكي لا يتواصل مشهد رفع صور لضحايا هذه اللعبة النبيلة الذين يتوفون في حوادث للسير، وحتى نكون أمام مقابلات كروية رياضية بفرجة مضمونة يساهم الجميع في توفير شروطها.
عبد الإله السعيد، العميد الإقليمي ورئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية، رئيس الخلية الولائية للتواصل
الخلية الولائية للتواصل في قلب النقاش الفيسبوكي بين الجماهير الكروية
موقع المركب الرياضي محمد الخامس أضحى متجاوزا ومخالفا للتوجه الرياضي الدولي العام
p كثير من المتتبعين للشأن الرياضي، يجهلون الدور الذي تقوم به الخلية الولائية للتواصل، فهل يمكنكم تقديم بعض التوضيحات حول طبيعة عملها في هذا الشّق؟
n لقد جاء خلق الخلية الولائية للتواصل من طرف الإدارة العامة للأمن الوطني في إطار رؤية ذات أبعاد أخلاقية وتواصلية ، تتمثل في الانفتاح العام على محيط الأمن، وبالفعل أعطت نتائج إيجابية لم تكن منتظرة رغم حساسية طبيعة عمل الجهاز خلافا لمصالح ومؤسسات أخرى، إذ حافظت الخلية على تواصل مفتوح على مدار الساعة مع الصحافيين من مختلف المنابر بكافة الوسائل، وعملت على تتبع الأحداث على مدار الساعة باختلافها ، كما هو الحال بالنسبة للأحداث الرياضية التي تتواصل مع الجسم الإعلامي بشأنها، وتقدم أجوبة في الحين خلافا للسابق، مزوّدة إياه بالمعلومة الصحيحة وحتى بالصورة الموثقة، إلى جانب أدوار أخرى تقوم بها في إطار التعريف بالمجهودات الأمنية في محاربة الجريمة أو الأنشطة ذات الطابع الاجتماعي وغيرها.
وارتباطا بالشق الرياضي، فإن الخلية الولائية للتواصل تتنقل مع خلية الأمن الرياضي من أجل التغطية وتتدخل لتقديم ربورطاجات ،وتعمل على تبليغها للصحافيين للاطلاع على حقيقة الأوضاع والاكراهات التي اعترضت انتقال الجماهير في طريق الذهاب أو العودة، وغيرها من التفاصيل، ولا ينتهي عملها إلا بعد تفكيك الجماهير.
p من خلال هذه المواكبة الميدانية، ما هو تقييمكم لبعض أعمال الشغب التي ترتبط بميدان كرة القدم؟
n أحداث الشغب في بعض المباريات هي نتاج لإفرازات وتحولات مجتمعية، فإذا عدنا إلى سنوات خلت، عقدين على سبيل المثال، سنجد بأنه لم تكن هناك ظاهرة للشغب، وكانت المباريات مهما كان حجمها حتى بالنسبة للنخبة، لا تتطلب من جهاز الأمن أكثر من 300 عنصر لتأمينها، بينما اليوم آلاف العناصر تتجند ويتم تجميعها من عدد من المناطق الأمنية لتحقيق هذه الغاية، وتنخرط في العمل مجموعة من المصالح سواء الظاهرة منها أو التي تعمل في خفاء، كقاعة المواصلات من أجل التنسيق، الشرطة الرقمية، المناطق الأمنية التي تشتغل في العمق من أجل الحدّ من تدفق القاصرين أو المشاغبين المعروفين، أو تسريب بعض المواد التي قد تضر بالصحة أو بالسلامة أو بالجو الرياضي العام، كما تشتغل جميع فرق الشرطة القضائية، الأمن العمومي، دوائر الشرطة، الخيالة، الشرطة السياحية، شرطة السير والجولان، وبالتالي نحن أمام عمل جماعي ومجهود كبير لكافة العناصر الأمنية من أجل السهر على تنظيم المقابلات.
وكما تعلمون، فإن المديرية العامة للأمن الوطني نظمت مناظرة وطنية حول شغب الملاعب والإكراهات، والحلول المقترحة، والآفاق، وبالفعل تم الشروع في تفعيل الخلاصات على الأقل على المستوى الأمني، في انتظار مساهمة باقي الفرقاء والمؤسسات المعنية بالشأن الرياضي كي تلتزم بها وتفعلها.
من جهة أخرى، فإن عددا من العوائق ترفع من حجم المجهود الذي تبذله السلطات الأمنية لتأمين أجواء سليمة حين برمجة مقابلات كرة القدم، ومن بينها البنية التحتية للملاعب، عملية التنظيم وغياب المخاطب الوحيد، لتفادي التسربات وتضارب الاختصاصات، لأن عدم التنظيم الموحد يخلق ثغرات نتيجة لتعدد المتدخلين التي قد تسفر عن وقوع أحداث تساهم في أعمال الشغب، فضلا عن الموقع العام للملعب الذي أضحى متجاوزا، بين عمارات سكنية، والمسالك المؤدية إليه هي مجاورة لمؤسسات حيوية تجارية واقتصادية، خلافا للتوجه الرياضي الدولي العام.
ملاحظة أخرى لا بد أن أقف عندها ، وهي ضرورة تفعيل حقيقي واقعي للقوانين التي تزجر أعمال الشغب وان تطبّق تطبيقا حرفيا وسليما، خاصة وأنه، وبكل أسف، نلاحظ أن أغلب الذين يضبطون متورطين هم قاصرون، عن سوء تقدير، وربما لغياب مسؤولية الآباء في التأطير والمراقبة، أطفال يتواجدون بالمدرجات لايتجاوز عمرهم 12 سنة بينما الآباء يجهلون مكان تواجدهم.
p الحديث عن التواصل، يحيلنا على موقع «فيسبوك» الذي يتم تحويله أحيانا إلى فضاء للشحن والتجييش والتحريض على الكراهية والشغب في الملاعب، فكيف يتم التعامل مع هذا المعطى؟
n الخلية الولائية للتواصل من مهامها أيضا الشق المرتبط باليقظة وتتبع ما يروج في الإعلام وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي عندما تظهر بوادر للتحريض أو التهديد المتبادل أو التخطيط لفعل ما، فإن الخلية تقوم بدورها وتحيل المعلومة على مصلحة محاربة الجرائم المعلوماتية لأجل القيام بواجبها، لأننا نتوفر في ولاية أمن الدارالبيضاء على مختبر للآثار الرقمية الذي يشتغل فيه موظفون أمنيون أكفاء على مدار الساعة، الذي يمكّن من تحديد مصدر الخطر وهوّية الأشخاص، فيتم التدخل في الحين للتأكد من حقيقة الأمر، أم هل يتعلق بمزحة، لكن في كلتا الحالتين يتم التعامل بمنطق القانون معهما تحت إشراف النيابة العامة.
العميد هشام حليم، رئيس دائرة للشرطة، عضو الخلية الأمنية الرياضية
المقاربة التشاركية مع «الإلترات» مكّنت من تقليص حالات الشغب وإيجاد حلول لعدد من الإشكالات
p ما المقصود بخلية الأمن الرياضي؟
n بداية أتوجه إليكم بالشكر على الاهتمام بهذا الموضوع الخاص، لتسليط الضوء على جانب مهم من أعمال متعددة للشرطة، هذا الشقّ الذي أضحى يكتسب طابعا أكثر أهمية، نظرا لحجم التظاهرات الرياضية التي تحتضنها بلادنا ، ونظرا للاهتمام الكبير الذي تبديه الجماهير المغربية بميدان كرة القدم.
لقد ارتأت المديرية العامة للأمن الوطني من خلال متابعتها للشأن الرياضي ببلادنا في السنوات الأخيرة، تبني استراتيجية ، على غرار تجارب بعض الدول المتقدمة الرائدة في هذا الميدان ، من أجل تدبير الشأن الأمني الرياضي، الذي لايمكن أن يكون إلا من خلال عناصر للشرطة مختصة في هذا الجانب، لكون هذا النوع من التدبير يتطلب عدة معطيات، من بينها توفر مواكبة للشأن الرياضي، البطولة الوطنية، الجماهير العريضة، خاصة لبعض الأندية، ظروف الفريق، نتائجه، نفسية الجماهير، وعلى ضوء هذا وعملية التواصل التي تكون دائمة مع الالترات بشكل أول، والجمعيات بشكل ثان ، يكون تدبير المقابلات الرياضية التي أصبحت، نتيجة لكل هذا العمل ولمختلف المجهودات، تتميز بتدبير عقلاني ومحكم لتأمين الجماهير، المواطنين، الممتلكات العامة والخاصة، مع ضمان روح رياضية.
p ما هو تقييمكم لعملية التنسيق مع الالترات وجمعيات المحبين في مجال التأطير والمصاحبة، وإلى أي حد هو عمل أعطى مردوديته، أم مازالت تعتريه بعض الاختلالات وهناك جوانب يجب تسليط الضوء عليها من أجل تطويرها بهدف القضاء على ظاهرة الشغب بشكل نهائي لوأمكن ذلك؟
n القضاء على ظاهرة الشغب بشكل نهائي هو هدف صعب المنال، فحتى الدول الرائدة في هذا المجال لم تتوصل إلى ذلك بنسبة 100 في المئة، لأن الظاهرة تتعلق بعدة عوامل اجتماعية، سوسيو اقتصادية، ثقافية ...الخ، لكن ومن خلال التقييم الذي نلمسه عبر الإحصائيات التي نتوفر عليها، سواء تلك التي تكون في نهاية الموسم الرياضي، أو خلال نهاية كل شهر أو أسبوع في حدّ أدنى، هي تبين لنا وبمقارنة مع ثلاث سنوات الأخيرة، ابتداء من وقت تبني المديرية العامة للأمن الوطني لهذه الخلايا الرياضية، أن هناك فرقا كبيرا في الأرقام، سواء بالنسبة لعدد الموقوفين أو الأشخاص الذين تم تقديمهم أمام العدالة وكذا على مستوى الخسائر المادية العامة أو الخاصة.
إلى جانب ذلك نلمس، وبشكل عملي من خلال التواصل الذي أصبح منظما مع عناصر الإلترات، نتائج جدّ إيجابية، إذ يتم القيام بخطوات استباقية تجاه عدد من الأحداث التي قد تقع، وقد ساهمت المقاربة التشاركية المعتمدة مع الإلترات من التقرب من المشجعين والاستماع اليهم، وهو ما مكّن من أن نتوفر على التراس بطابع مغربي وليس بشكل أجنبي، استفادت من التجربة وبعقلية مغربية، حيث نتعرف على مشاكلهم عن قرب والصعوبات التي تعترضهم، ونحاول إيجاد حلول لها باستشارة مع القيادة الأمنية، وهو ما يساهم في استباق أحداث قد تقع، بينما أي أحداث أخرى قد تقع فهي تكون متفرقة لا تخرج عن الإطار العادي الذي يرافق التباري بين الفينة والأخرى التي تقع في أي منطقة في العالم.
p من خلال التجارب التي راكمتموها، أين تكمن في نظركم الاختلالات والأسباب المؤدية للشغب، ونأخذ المركب الرياضي محمد الخامس نموذجا؟
n كما سبق لي وأن أشرت، فإن الإحصائيات التي نتوفر عليها على مستوى ولاية أمن الدارالبيضاء، تشكل جوابا في حد ذاتها، إذ من خلال تفحص للأرقام يتضح الفرق الشاسع بين ثلاث سنوات الأخيرة والسنوات التي سبقتها، أما بالنسبة لبعض الاختلالات التي لاتزال تحدث، فهي تكون لبعض العوامل ومنها تلك التي تخصّ تجهيزات مركب محمد الخامس التي هي مع كامل الأسف، لاترقى للمجهودات التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني، لكونها تجهيزات دون المستوى، وليس في مركب محمد الخامس لوحده وإنما هو قاسم مشترك بين عدد من المركبات الرياضية، التي مع الزمن، تشكل عبئا على الشرطة، لتآكلها وللتقادم وتتطلب إعادة تأهيل.
نقطة أخيرة أود التشديد عليها، وهي ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية يندمج فيها جميع المتدخلين وليس فقط الأمن بمعية الرياضيين، بل هناك المسيرون، التعليم، الأسرة، الإعلام ...الخ، للرقي بالممارسة الرياضية وضمان الفرجة الراقية والحضارية.
إدريس منير، عميد الشرطة بالفرقة الولائية للشرطة القضائية
المباريات بين الوداد والرجاء والفرق المطاردة تفرض ترتيبات أمنية خاصة
p بعد انتهاء البطولة الاحترافية للموسم الكروي 2014 - 2015، ما هي اللقاءات التي يمكن اعتبارها محطات استثنائية كرويا، إلى جانب الديربي البيضاوي، على مستوى الاستعدادات الأمنية بالنسبة لعناصر فرقة الشرطة القضائية؟
n المباريات ذات الصبغة الخاصة ، كما قلتم، يأتي على رأسها الديربي الذي يجمع بين فريقي الوداد والرجاء البيضاويين، ثم هناك اللقاءات التي تجمع بين فريق الجيش الملكي وأحد الناديين البيضاويين، فضلا عن المباريات ذات الأهمية الاستثنائية، سيّما تلك التي تخصّ الفرق المطاردة المتواجدة في مقدمة الترتيب التي ظلت تنافس على لقب البطولة، وتكمن خاصيتها في أعداد الجماهير التي تتابع هذه المباريات، سواء تعلق الأمر بأنصار الفريق المضيف أو الجمهور المرافق للفريق الضيف، وهي مقابلات فرضت القيام بترتيبات معينة سهرت على تنفيذها المصالح الأمنية من أجل ضمان سيرها في ظروف حسنة دون تسجيل أية ظاهرة من الظواهر الشائنة والمرفوضة.
p رغم الحضور الأمني والترتيبات التنظيمية المكثفة المتخذة، كان المتتبعون يقفون على أن أعداد الجماهير داخل الملعب تفوق أعداد التذاكر المطبوعة التي يتم التصريح بها، فإلى ماذا يرجع هذا الأمر بالنسبة لكم؟
n يجب أن أؤكد على أن التدابير الأمنية التي تتخذ على مستوى الأبواب الخارجية، والتي تحرص العناصر الأمنية على تطبيقها حرصا شديدا تفعيلا لتعليمات الرؤساء المباشرين، هي تقضي بعدم السماح لأي شخص لايتوفر على تذكرة الدخول بولوج الملعب ويمنع من ذلك منعا باتا، وعليه فهذا هو الجانب الذي يمكن للعناصر الأمنية القيام به لمراقبة أعداد الجماهير التي تسعى لدخول المدرجات وتأطيرها في ذلك بشكل منظم وسلس.
p لكن أعداد المتفرجين تكون كبيرة ، فما هو سبب ذلك، والعديد من المتفرجين لايجدون مكانا لهم رغم توفرهم على تذاكر الدخول؟
n للأسف لاتوجد إجابة قطعية عن هذا السؤال، ويبقى الباب مفتوحا حيالها أمام عدد من الفرضيات، دون أن نغفل أيضا أنه إضافة إلى أعداد التذاكر التي تطبع، فإن هناك جماهير منضوية تحت لواء أنصار ومشجعي فريق ما، الذين هم بدورهم يتوفرون على بطائق الانخراط التي تسمح لهم كذلك بولوج الملعب، وقد يكون هذا الأمر أحد العوامل التي تجعل عدد الجماهير مرتفعا.
p هل تختلف الترتيبات المعتمدة من طرف عناصر الشرطة القضائية داخل الملعب عن تلك المتبعة خارجه؟
n إن أي مباراة يشهدها المركب الرياضي محمد الخامس تفرض القيام بترتيبات أمنية سابقة استعدادا لها، تنطلق بالاجتماعات التي تعقد على مستوى المصلحة الولائية للشرطة القضائية التي يترأسها رئيس المصلحة الذي يقدم الخطوط العريضة للمباراة وما يميزها، ثم الترتيبات المزمع اتخاذها، ومن بينها تلك التي تكون داخل المركب وأخرى خارجه، من قبيل تأطير جمهور الفريق المستقبل القادم من مختلف المناطق الأمنية للمدينة في اتجاه المركب الرياضي، كما تقوم عناصر فرق الشرطة القضائية بحملات استباقية لمحاربة ظاهرة بيع الشهب الاصطناعية، إلى جانب تأطير أنصار الفريق خلال تنقلاتهم تفاديا لوقوع أي شائبة من الشوائب. ثم هناك الترتيبات التي تتم على مستوى المربع الكبير للمركب الرياضي محمد الخامس، التي تتمثل في تخصيص كل مسلك/قطاع يشرف عليه رتبي معزز بالعناصر الأمنية للشرطة القضائية بالزي المدني، التي تؤمن تلك المسالك، لتأمين دخول الجماهير في ظروف حسنة. وهي خطوات تتم كذلك بالنسبة للجماهير القادمة من خارج مدينة الدارالبيضاء.
إضافة إلى ذلك، يمكننا الحديث عن عمل عناصر الشرطة القضائية داخل المركب الرياضي محمد الخامس الذي يكون منسقا مع المصالح الأخرى، ومن بينها مصالح الأمن العمومي بالزي الرسمي، من أجل تأطير الجمهور داخل المركب والتدخل في حالة تسجيل أي جريمة كالسرقات بالنشل نتيجة للازدحام وغيرها.
p إذن أنتم تؤكدون على أن المقاربة التي تقوم بها عناصر فرقة الشرطة القضائية هي وقائية أكثر منها زجرية باعتمادها على التأطير والتنظيم، فهل هناك تجاوب وتدعيم لها من طرف باقي المتدخلين؟
n إن الجانب الأمني ، كما تفضلتم بالقول، هو عمل وقائي بالدرجة الأولى، وعندما تسجل أية حالة من الحالات التي تعتبر جريمة يتم التدخل في إطار ما يفرضه القانون، أما بخصوص التنسيق مع باقي المتدخلين فتجب الإشارة، وأنتم تعلمون ذلك، إلى أن اجتماعات ماراطونية تعقد قبل إجراء أي مقابلة مع الإلترات وجمعيات المحبين وغيرها، وهناك أطر أمنية هي التي تمثل المصالح الأمنية في الدارالبيضاء للتواصل مع هؤلاء المتدخلين، لتحقيق النتيجة المتوخاة ،والمتمثلة في ضمان سريان المباراة في ظروف حسنة دون شوائب.
حريصون على معرفة برمجة المقابلات خوفا لا هوسا
«نعيش رعبا مستمرا، وحياتنا اليومية باتت جحيما، كلما برمجت مقابلة من المقابلات» هكذا صرّح «ص. م» طالب جامعي يقطن بمحيط المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، يضيف معلّقا على تداعيات المباريات التي تجرى في قلب المعاريف وسط العاصمة الاقتصادية، «هو نفس الهمّ الذي رافقنا كل هذه السنين، منذ أن رأيت النور بهذا المنزل، إذ ظلت أسرتي حريصة على تتبع تفاصيل برمجة المقابلات الرياضية، من أجل ضبط مواعيدها، ليس هوسا، شغفا، وحبّا بهذه الرياضة الأكثر شعبية، وإنما خوفا، حتى يتسنى لنا تحديد برمجة أخرى تتعلق بمواعيد دخولنا وخروجنا إلى المنزل، تفاديا للوقوع في حالات قد تتطور عقباها إلى ما لايحمد»!
الزيارات العائلية محدّدة على مزاج المقابلات
«الشغب هو نفسه، بعضه مادي وآخر معنوي، عنف جسدي وآخر لفظي، لايقف تأثيره عند حدود الشارع بل يتسلل إلى داخل منازلنا وبين أفراد أسرنا، رغما عنا وليس بمحض إرادتنا»، هي بعض من تعابير الألم الذي تتسبب فيه الكرة بشكل غير مباشر، تقول «ن.ك» الإطار في إحدى المؤسسات المالية، وهي تصف بدورها الأجواء التي ترافق إجراء مباريات كرة القدم بالمركب الرياضي محمد الخامس، المعلمة التي تجاور سكناها منذ سنين خلت.
«أصبحنا نحرم من الزيارة العائلية، ومن إطلالة الأصدقاء والمقربين، في عطلة نهاية الأسبوع، حين يستضيف المركب مقابلة من المقابلات، وإن نحن تشبثنا بمجالسة أحبابنا، فيجب أن تكون الزيارة في توقيت مخالف للمواقيت المعتادة، حتى لايعيشون حالة الحظر في الولوج والخروج من وإلى المنطقة، حتى لايضطهدون، ويرهبون بصيغ مختلفة، بدعوى «الصدقة»، وتوفير المال لاقتناء التذكرة، او التعرض للأذى»؟
التعامل الأمني قائم والخطوات الطائشة حاضرة
«لا مجال لأن أترك سيارتي في الشارع العام، وأنا مطالب لتفادي تهشيم زجاج نوافذها وتخريب هيكلها، بالبحث لها عن مكان آمن في مربد/موقف ما، يوفّر خدمة الحراسة، أو البحث عن أبعد نقطة عن مقر سكني المجاور لملعب محمد الخامس». شهادة أخرى استقيناها أثناء إعدادنا لهذا الملف من طرف أحد جيران المركب، «ع . ف» وهو موظف متقاعد، شدّد على أنه مضطر لترقب انتهاء المقابلات وإخلاء المنطقة من الجماهير حتى لو تطلّب الأمر ساعات، وامتد هذا العمل إلى غاية فترات متأخرة من الليل، كي يغادر سكنه قصد جلب سيارته، علما بأنه في سعيه لذلك مطالب بالبحث عن وسيلة نقل أخرى لتحقيق هذه الغاية، قد تكون متوفرة أو منعدمة.
«تخريب السيارات أو تكسير واجهات المحلات التجارية، ليس معناه غياب تغطية أمنية، إذ من غير المقبول أن ننكر حجم المجهودات المبذولة، لكن عملية الضبط لا تتسم دوما بالفعّالية، ليس لتقصير أو تخاذل، فقط لأنه لا يمكن ترقب خطوة من الخطوات الطائشة، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير احترازية مخافة تخريب الممتلكات الخاصة».
6 آلاف جار لمركب محمد الخامس يرفعون شعار «ارحل»
شكّلت أحداث الشغب التي عاشتها مدينة الدارالبيضاء في 11 أبريل 2013، والتي تسبّب فيها محسوبون على جماهير فريق الجيش الملكي، أثناء مواجهة هذا الأخير لفريق الرجاء البيضاوي، النقطة التي أفاضت الكأس، بالنظر إلى حجم الفوضى والخسائر المادية والمعنوية، والجراح التي خلّفها الخميس، الذي اصطلح عليه بالأسود، لقتامة الأفعال التي مورست في حق البيضاويين وعموم المواطنين الآمنين.
أحداث دفعت عددا من البيضاويين إلى مطالبة المسؤولين عبر عريضة إلكترونية، بضرورة إغلاق المركب، الذي وصفه عدد منهم بكونه لايجرّ على الساكنة إلا الخراب، وهي العريضة التي تم تضمينها على الموقع العالمي «أفاز» مما جعلها تتخذ منحى خارجيا، لم يدفع إلى إغلاق المركب.
مركب محمد الخامس تراث عمراني لن يغلق
نفت ولاية جهة الدارالبيضاءسطات، الخبر الذي تم تداوله بخصوص إغلاق المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء بشكل نهائي، وتحويله إلى متحف، على أن يحتضن أنشطة تجارية وفنية، وأشغال أخرى مستقبلا، لا علاقة لها بكرة القدم إطلاقا.
وأوضحت الولاية في بلاغ لها، أن ما جاء في جواب والي الجهة خالد سفير، خلال لقاء له، كان في سياق الرد على سؤال حول مصير المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء في حال تم إنجاز الملعب الجديد لمدينة الدار البيضاء وكان جاهزا لاستقبال المباريات والتظاهرات الرياضية، مشدّدة على أن قرار إغلاق المركب الرياضي محمد الخامس في وجه مباريات كرة القدم هو غير وارد وغير صحيح، مضيفة بأنه تم رصد ما يزيد عن 220 مليون درهم لتحديث مرافقه، وإصلاح بنيته التحتية، وتحديث تجهيزاته الرياضية والإدارية ، وتأهيل الموارد البشرية لضمان حسن تسيير وتدبير وتأهيل الفضاء الرياضي والحلبة المطاطية لألعاب القوى وتتبع وصيانة تعشيب الملعب، مؤكدة على كونه تراثا عمرانيا لمدينة الدار البيضاء لا يمكن إغلاقه، وستتم تهيئته لاحتضان أنشطة ثقافية وترفيهية ورياضية مختلفة بما في ذلك بعض مباريات كرة القدم بعد تشييد ملعب آخر، وليس قبل ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.