الأمين العام الأممي قلق إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية بشأن الصحراء المغربية        بلينكن يصل إلى "إسرائيل" لإحياء محادثات وقف إطلاق النار    البرازيل تحبط تهريب شحنة كوكايين    جيش إسرائيل يرفع حصيلة قتلى غزة    هل يحتاج الإنسان إلى استعمال اللغة في عمليات التفكير؟    تقييد الإجهاض يفاقم وفيات الرضع في الولايات المتحدة    رصد غلاف مالي جديد لجاذبية المدينة العتيقة بطنجة    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    المكسرات صديقة المصابين بداء السكري من النوع الثاني        آفاق جذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة إلى المغرب تشمل السيارات والهيدروجين الأخضر (تقرير)    الرجاء البيضاوي يصطدم بالجيش الملكي في قمة الجولة السابعة..    بوريطة: المغرب لا يتفاوض حول صحرائه بل بشأن نزاع إقليمي مع بلد جار    إثيوبيا تعلن ترشحها لتنظيم كأس الأمم الإفريقية 2029    إبراهيم دياز يعود للتدريبات الجماعية لريال مدريد    أنتيغوا وباربودا تنوه بالمبادرات الملكية بشأن منطقة الساحل والمحيط الأطلسي من أجل إفريقيا مزدهرة ومستقرة    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    ماكرون في المغرب: بين خطاب الملك وتقرير غوتيرس    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تخصص 40 مليار درهم للحفاظ على القدرة الشرائية    دوري أبطال آسيا.. رحيمي ينال أفضل تنقيط في مباراة الهلال    بعد خضوعه لعملية جراحية.. عميد سان داونز زواني يغيب عن مواجهتي الجيش والرجاء في دوري الأبطال    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    المختصون التربويون يطالبون بتوفير مكاتب خاصة ومختبرات مدرسية مجهزة    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية        كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود    توقع بلوغ عجز الميزانية 58.2 مليار درهم خلال سنة 2025    حوار حول الصحراء المغربية...    طفيليو الأعراس والمآتم بالمغرب    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    الجهوية المتقدمة...    رحيمي: خسرنا 3 نقاط وليس نهائي البطولة    التجارة الدولية في المغرب ..    امطار رعدية مرتقبة بالريف خلال هذا الاسبوع    وفاة زعيم حركة الخدمة في تركيا فتح الله كولن        المغرب يهزم غانا في "كان الشاطئية"    جمهور الجيش الملكي ممنوع من حضور الكلاسيكو أمام الرجاء    عرض ما قبل الأول لفيلم "وشم الريح" للمخرجة ليلى التريكي    منظمة الصحة العالمية ستجلي ألف امرأة وطفل مرضى ومصابين من غزة "خلال الأشهر المقبلة"    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    نقابيو "سامير" يعتصمون للمطالبة باسترجاع حقوق العمال وإنقاذ الشركة من التلاشي    حوار مع مخرج "مذكرات" المشارك في المهرجان الوطني للفيلم    حماس: نتنياهو هو "المعطل الأساسي" للتفاوض    "أنوار التراث الصوفي بين الفكر والذكر" شعار مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي    انتشار مرض الكيس المائي الطفيلي بإقليم زاكورة..    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراحل سعيد أحمد سمعلي ومساهمته في الإشعاع المسرحي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 18 - 03 - 2016

عرفت الساحة الثقافية بمدينة سطات، عاصمة الشاوية، خلال الثلاثة عقود الأخيرة من القرن العشرين، حركة مسرحية نشيطة، تأليفا وإخراجا وتقديما للعروض. ضاهت تلك الحركة، في مختلف أبعادها، مثيلتها في العديد من الحواضر المغربية الكبرى، وتحققت بالرغم من عدم وجود بنية تحتية في المستوى المطلوب. لكن ما ساعد مدينة سطات على تحقيق ذلك الإشعاع، بالرغم من صغر حجمها آنذاك، هو وجودها في موقع متميز على الطريق الرئيسية التي تربط شمال المملكة بجنوبها.
خلال تلك الفترة، تداول على المجال الثقافي المحلي العديد من الجمعيات التي كانت تنشط خاصة بدار الشباب-المدينة، والتي كان من أولوية اهتماماتها العروض المسرحية. هذا الاهتمام المسرحي الذي بدأ محدودا في تجربته الأولى، سرعان ما نما بسرعة متوالية، بفضل عزيمة ثلة من شباب المدينة الذين آمنوا بالعمل الجاد والتنافس الشريف، لهوسهم وولعهم بهذا الفن. لكن الكوكبة لكي تتقدم بخطى حثيثة، كان لابد لها من رائد، يرشد ويسير ويرسم الطريق للرفع من الإيقاع كلما كانت الفرصة مواتية.
هكذا ظهر على رأس رواد الخشبة بمدينة سطات، خلال تلك الفترة، أحد أبناء الشاوية، القادم من إحدى القبائل المجاورة، وهو سعيد أحمد سمعلي، المزداد أحد أيام مارس الربيعية من سنة 1947 ، بقبيلة الهدامي، إحدى قبائل المعاشات – أولاد سعيد. كانت عائلته قد انتقلت إلى سطات قبيل الاستقلال بقليل، بعد عودة الوالد، الذي شارك في حروب الهند الصينية، ضمن القوات الفرنسية، وبترت إحدى رجليه في المعركة.
في مدينة سطات سيتمكن الطفل سعيد من ولوج المدرسة القريبة من سكنى العائلة بحي «نزالة الشيخ»؛ وهي «مدرسة الأمير مولاي عبد الله» الابتدائية. ويحكي الراحل في أحد الحوارات الصحفية، حيث يقول : «هناك في مستوى الابتدائي، تتلمذنا على يد أساتذة مشارقة حفزونا على القراءة والمطالعة ومحاولة الكتابة، والتعبير عن مشاغل الهم اليومي، وهذا ما أهلني صحبة بعض الأصدقاء الذين أصبحوا يمارسون على الساحة». كان ذلك أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، وهكذا أصبح الطفل سعيد قارئا نهما للكتب منذ الصغر، تلك الكتب التي كان يشتريها أو يكتريها من الكتبي بوسدرة بدرب الصابون.
بعد حصوله على الشهادة الابتدائية سنة 1960 ، انتقل سعيد سمعلي لمتابعة الدراسة الثانوية بالتعليم الحر بالدار البيضاء بإيعاز من الوالد الذي رسم له مخططا وفق تطلعات الزمن المدرسي الممنهج، بهدف الحصول على وظيفة في أسلاك الدولة. «لكنني، يقول سعيد سمعلي، اخترت ألا أتمنهج بأي طريقة، وألا أخضع لأسلوب معين يفرض علي أن أبدأ من نقطة ما، وأن أنتهي بنقطة ما «. من ثم رسم الراحل لنفسه، وهو في الدار البيضاء، اتجاها غير ممنهج تمثل في المطالعة الحرة والاحتكاك بكتاب وجمعيات ثقافية، عوضته عن متابعة الدراسة الثانوية والجامعية. وفعلا غادر الدراسة وهو لا يتوفر سوى على الشهادة الابتدائية.
عند تواجده في الدار البيضاء، كان من ضمن رواد دار الشباب بدرب غلف، ابتداء من سنة 1963، وتميز بمواظبته على المشاركة في أنشطتها الثقافية والمسرحية على الخصوص. ثم ساهم، بعد ذلك، في العديد من الأعمال بالتأليف والإخراج والتمثيل، منها: مسرحية «المسخوط»، و»الشهداء»، و»عدالة المصير». كما كان يشارك في الأنشطة الفنية لنقابة الاتحاد المغربي للشغل.
أما في مدينة سطات فإن مساهماته المسرحية، كانت إما ضمن فعاليات رواد دار الشباب، بدءاً بمسرحية « «الحادكة والمخموجة « سنة 1961، ثم « السنوان «، و» الخاطب» سنة 1962. وخلال سنتي 1968 و1969، انخرط ضمن جمعية الشعاع المسرحي، التي كانت تتوفر على مقر مستقل، ويعود تأسيسها إلى أواخر الخمسينيات. كما ساهم في العديد من المسرحيات وقتها، نذكر منها : «عدالة المصير»، «كون ذيب ليكلوك الذياب»، «اللي سلفتيه ضيعتيه»، « في سبيل الوطن» وغيرها.
بدأ سعيد سمعلي ينشر مبكرا، ما بين سن 14 و20، في الصحافة الوطنية، خواطر وقصائد وموضوعات نقدية، بكل من جرائد العلم، الكفاح الوطني، المحرر، البيان ثم الاتحاد الاشتراكي فيما بعد. وكان من الأوائل الذين أسسوا المقهى الأدبي بسطات، وكان يثير الأسئلة الحارقة رفقة صديقه محمد خير الدين، كما كان عنصرا فاعلا في النادي السينمائي بنفس المدينة.
في سنة 1967-68 ستتاح له الفرصة للمشاركة في البرنامج الثقافي «خميس الحظ « الذي كان يشرف عليه الشاعر محمد البوعناني في التلفزة المغربية وهي في بداية نشأتها تشجيعا للمواهب الشابة، فتمكن ابن مدينة سطات من تألق مختلف المراحل خلال المسابقات الشهرية، وصولا إلى النهائيات، رافعا بذلك صورة مدينته، التي عرفت إشعاعا وطنيا بفعل مشاركته الموفقة في هذه التظاهرة الثقافية المتميزة.
إلا أن سعيد سمعلي سيضطر للهجرة نحو فرنسا في شتنبر 1969، ضمن أفواج العمال الذين كانت تطلبهم فرنسا بطريقة نظامية، والتي كانت معاملها في حاجة إليهم. غادر الوطن ليشتغل في معمل سيارات سيمكا في ضواحي باريس. كانت هذه الأفواج من العمال تتكون من مهنيين وفلاحين، من بلدان شمال إفريقيا، الذين لا يتوفرون سوى على عضلات قوية تساهم في دفع عجلة الصناعة الفرنسية. لكن سمعلي سيصاب بخيبة أمل، حيث كان حلمه هو الاحتكاك بالثقافة الفرنسية، التي كان على اطلاع بالعديد من أسماء كتابها البارزين، مثل فيكتور هيجو، وألكسندر دوما، وفولتير وغيرهم، حيث وجد نفسه وسط عمال من مختلف الجنسيات، لا معرفة لهم بالشأن الثقافي. وحتى الفرنسيين الذين كان يلتقي بهم لم يكونوا يبالون بتلك الأسماء التي كان يحملها في ذهنه، ولا يعرفون من تاريخ فرنسا العريق سوى اسم نابوليون، كما حكي ذلك في إحدى حواراته الصحافية، بسخريته المعتادة. حيث يقول : «وجدت نفسي مجرد عامل رغم ثقافتي والكتابات التي ساهمت بها، ومشاركتي المتميزة في التلفزيون المغربي من خلال المسابقة الشهرية». كان سمعلي وقتها مرغما للبحث عن لقمة العيش لمساعدة الأسرة، ولم تكن موهبته كافية لضمان رزقه في بلده.
ولم يستسلم سمعلي لليأس وهو في بلاد المهجر بل استطاع أن ينمي ثقافته المسرحية، على المستويين النظري والعملي، من خلال العروض الأسبوعية التي كان يحضرها في أوقات فراغه، وهو ما مكنه من التعرف على العديد من تقنيات المسرح من إضاءة وملابس وماكياج... كما أن تراكمات المعرفة في المهجر ساهمت في اكتمال شخصيته في التجربة الشعرية والنضال السياسي بمفهوم الحرية والشفافية، حسب تعبيره.
ومع ذلك، فإنه سيعيش في فرنسا، طيلة سبع سنوات، اغترابا قاسيا على حياته، وخاصة الاغتراب الثقافي وعدم التواصل مع الآخر، رغم كونه استمر في نشر مقالاته وقصائده بالجرائد الوطنية. لقد كان الراحل في حاجة إلى التواصل عبر المسرح والاحتكاك بمثقفي بلده.
وهكذا كانت العودة إلى الوطن سنة 1975، رغم قساوتها عليه، حيث فشل الحلم الغربي ومشروع الترقي الاجتماعي، مثلما كان فشل المشروع الدراسي للحصول على الشهادات التي كان بوسعها تغيير وضعه الاجتماعي.
عند عودته إلى المغرب، كلف سعيد سمعلي، بالإشراف على دار الشباب-الحي الإداري بمدينة سطات. وعند توليه المسؤولية، بادر بتكوين فرقة لمسرح الهواة رفقة مجموعة من أبناء المدينة، نذكر منهم ؛ محمد شهبة والزهراني والعلمي والفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد. مع هذه المجموعة أسس جمعية «الانطلاق المسرحية» سنة 1975. كان مسرح الهواة وقتها في أوج عطائه، وكان لسعيد سمعلي موقف من الاحتراف، فالاحتراف في نظره يتطلب التكوين الجيد، فقد كان لا يراه مصدرا للرزق وإلا انقلب إلى بضاعة وانتفي منه الإبداع .
في سنة 1977 سيحقق سمعلي أمنية عزيزة بعدما تلقى تكوينا نظريا وتطبيقيا في المسرح على يد الأستاذ فريد بنمبارك، في المعهد الملكي لتكوين الأطر، التابع لوزارة الشبيبة والرياضة. وهكذا عمل صحبة المتكونين على إعادة الحيوية لفرقة المعمورة، فقدموا مسرحية» هاينة « ، وهو نص متميز أخرجه كل من فريد بنمبارك ، العربي بلشهب والحسين المريني. كما استفاد في ذات المعهد من تدريب الدرجة الثانية على يد المخرجين الفرنسيين ؛ بيار سيادوني وموريس ليفي، لمدة ثلاثة أسابيع. وتوج هذا التكوين بحصوله على شهادة الكفاءة التربوية. واستطاع الراحل، في نفس السنة، الحصول على دعوة للمشاركة في مهرجان أفينيون المسرحي بفرنسا.
وفي سنة 1979 ستتمكن جمعية «الانطلاق» من اجتياز الإقصائيات والمشاركة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمراكش، بمسرحية « قال الراوي «. وهي عمل متأثر بمسرح بريخت، من حيث قلة الحوارات، والاعتماد على الإشارة، وبساطة الديكور، وتعمد المضمون الاشتراكي ، كأغلبية الأعمال المسرحية التي قام بإنجازها.
كان سعيد سمعلي مفتونا بالمسرح، ويعطيه الأسبقية في كل أنشطته، حيث يقول : « المسرح مني، جسدي، أنا والمسرح منصهران في ذات واحدة». ويضيف ، «من خلال المسرح تعلمت السياسة والشعر والمواجهة وأدب الحوار مع الناس، ومع الآخر. وعلى المسرحيين أن يحترموا أنفسهم ويقدروا قيمة عملهم، وعليهم الاقتداء بالطيب الصديقي، الذي يحترم حرفته، ويعرف ماذا يفعل». وللتذكير فقد سبق للراحل أن اشتغل فترة مع فرقة الصديقي، خلال مقامه في الدار البيضاء، بداية الستينيات، وذلك حسب رواية صديقه محمد شبهة.
وفي سنة 1980 قام سمعلي بإخراج مسرحية « مولاي إدريس «، وهي عبارة عن ملحمة، أعدها في إطار الاحتفالات بذكرى المسيرة الخضراء، واستعملت فيها تقنيات جديدة في الإنارة ممولة من وزارة الشبيبة و بإشراف الشتوكي تقني الوزارة. كما أن عمالة سطات، ممثلة في شخص عامل الإقليم آنذاك السيد بلماحي، أنجزت الخشبة التي لا تزال تستعملها دار الشباب بالحي الإداري.
سنة 1986 شاركت فرقة «الانطلاق» بالمهرجان الوطني لمسرح الهواة ببني ملال، بمسرحية للراحل عنوانها « ظرف مؤقت « حيث عرفت نجاحا في الملتقى. والذي حصل وقتها هو أن أحدا سرب خبرا كاذبا مفاده أن إنجاز هذه المسرحية أملته وزارة الداخلية في شخص إدريس البصري. لكن هذه الدعاية الرخيصة سرعان ما تبين أنها نوع من الحروب الحزبية الاستقطابية. وذلك بحكم أن سعيد سمعلي، كان مناضلا في حزب الاتحاد الاشتراكي، بينما قطاع الشباب والرياضة كان يسيره الوزير عبد اللطيف السملالي من الاتحاد الدستوري. وقد عُرض على سعيد سمعلي آنذاك الانخراط في هذا الحزب، الذي استقطب أغلبية موظفي دور الشباب، إلا أنه رفض، حفاظا على مبادئه الاشتراكية، وارتباطه بهموم الناس، وتشبثه بأصوله البدوية، التي ورث منها الصراحة والوضوح.
وعلى إثر ما حصل، انفصل الراحل عن جمعية «الانطلاق»، وكون جمعية «الموهبة المسرحية» سنة 1988، أنجز معها مسرحيات : «ضرر التبغ» و»الفنيق». ثم أسس جمعية «ناس المسرح» سنة 1991 وقدم في إطارها عددا من المسرحيات ، منها على الخصوص : «التمرين»، و»بلعمان في المسرح»، و»فان غوغ»، و»السريفة»، بعضها مقتبس عن الأدب الروسي، ممثلا في منهج ستانسلافسكي ،وهو منهج ممزوج بالواقعية الاشتراكية يعالج القضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة ساخرة.
وكانت مسرحية «جنب الضاية « التي شارك بها الراحل في مهرجان مسرح الهواة بالمحمدية، وعرضت في فاس، والدار البيضاء والراشيدية من بين عروضه الناجحة. وهي مسرحية ذات طابع فلسفي، ترمز للسيرة الذاتية للراحل، حيث عالج فيها ظروف عودة والده من الجيش برجل واحدة، والوضع في العالم القروي، وزواجه المبكر، إذ اختارت له العائلة الزوجة وهو في سن التاسعة عشر، ووضعه الصحي في أواخر أيامه ومعاناته مع المرض.
وبالرغم من مكابداته مع المرض منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه بقي مثابرا على الكتابة، حيث ألف مسرحية «السطح « سنة 2001 و «عينين الميرنا « سنة 2002 ثم بعدها بدأ كتابة مسرحية « المطورة « سنة 2010. وهي ثلاث مسرحيات لم يكتب لها النشر لحد الآن.
وقد ألف الراحل مجموعة من المسرحيات لفرقة « الجرس « بالخميسات، نذكر منها : «عتبات « و « الواكل رجلو « التي قام بإخراجها وتقديمها في عدد من المدن المغربية وكذا بالجزائر، واستطاع بعضها الحصول على دعم وزارة الثقافة.
وتجدر الإشارة إلى أن سعيد سمعلي كان عضوا باتحاد كتاب المغرب مند سنة 1976.
وقبل الختم لابد من الإشارة إلى الإبداع الشعري لسعيد سمعلي، فقد شارك في مهرجان الأمة الشعري ببغداد بالعراق سنة 1984. ثم أتيحت له فرصة المشاركة في مهرجان المربد الشعري ببغداد سنة 1989. وقد صدر له ديوان « وردة الشعر « عن منشورات اتحاد كتاب المغرب سنة 2001.» ديوان هشاشة القصب « من منشورات وزارة الثقافة سنة 2008
*قدمت هذه الورقة في الجلسة الحوارية التي نظمها فرع اتحاد كتاب المغرب بالجديدة في موضوع "المسرح بين الأمس واليوم" تكريما لروح الراحل الطيب الصديقي، وذلك يوم الجمعة 11 مارس2016 بالمكتبة الوسائطية.
*(باحث)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.