اطفئ لظى القلب بشهد الرضاب فإنما الأيام مثل السحاب مسرحية( عينين الميرنا)
بين اللحظة وغفلتها؛ تتساقط أسماء مبدعة كأوراق( الخريف) أسماء مبدعة بكل وثوقية وصدق العطاء الخالص من أجل – الآخر- الثواق لمرايا تعري وجهه للاستماع وتشخيص معاناته وقهره اليومي؛ تلك ( أسماء )لاتنتظر بهرجة إعلامية أو مقابلا ماديا أو جائزة؛ لكي تكون في لائحة الوهم الزائف؛ ولم تنخرط في لعبة التهافت والركض بكل الأساليب المشروعة واللامشروعة نحو ( الدعم) الذي ميع وسفه عن قصد المشهد الثقافي/ المسرحي( تحديد ا) ومن بين تلك الأسماء: سعيد سمعلي
الراحل عنا في غضون الشهر الماضي( فبراير) إذ – كنا- نتأمل كيف ستتحرك الأقلام والأفكار والذكريات في حق هذا الاسم الذي أشعل نار الحركية الإبداعية رفقة بعض المهووسين بجمالية الحركة وبلاغة القول: كعبد السلام أبو إبراهيم/عبد الرحمان ذكي/ محمد لتيم/عبد العزيز جواق/ عبد اللطيف كائن/ حسب الله يحيى/.../ في منطقة (الشاوية) بكل وثوقية وحماسية واندفاعية شبه معقلنة (كانت) محسوبة للمشهد الثقافي/ المسرحي؛ ولاسيما أن مدينة – سطات- قليل من الناس من كان يعرف موقعها وجغرافيتها الشاسعة؛ التي أنجبت زمرة من الأدباء والعلماء الأجلاء في عهد مولاي سليمان والحسن الأول ومولاي إسماعيل ووو نضاليتها وكفاحها عبر التاريخ المغربي؛ في إشراقته وإخفاقاته؛ لكن مما يؤسف وبمضاضة؛ يتبين أن رحيله لايعني شيئا؛ كبقية الأسماء التي كان إبداعها يفرض كاريزمية.*
والأمر طبيعي؛ مادام أنه تناسى في حياته؛ رغم العطاء الإبداعي تشخيصا/ تأليفا/ مخرجا/ و الذي انطلق منذ1960 مع رواد دارالشباب (حي الشيخ) وفي (1963 )مع رواد دار الشباب درب غلف ( الدارالبضاء) ليعود للسطات (1968)لجمعية الشعاع المسرحي؛ وفي مدخل العقد السبعيني الذي عرف ثورة عارمة للممارسة المسرحية؛ في شكلها النضالي/ الصراعي؛والتي فرضت نفسها في تأسيس الجمعيات؛ التي أغنت الساحة المسرحية ( الهاوية) وهاته الصفة مجانبة للصواب( عندنا) بحكم أن الممارسة كانت ترادف التجريب/ النضال؛ وليس ذاك المسرح الذي يعرفه البعض من خلال ( الصفة) بل الموصوف أكثر عمقا ودلالة؛ مما أسس جمعية_ الانطلاق_ وهذا الاسم له دلالته الخاصة؛ إذا ما تم الربط بالإيديولوجية التي آمن بها وسار على نهجها ومفادها( الاشتراكية) التي ساهمت في انخراطه ضمن حزب ( الاتحاد الاشتراكي) إبان تأسيسه (1976) وفي هاته المرحلة؛ جدد نفسا إبداعيا لانظير له؛ نتيجة القناعات والقراءات المتعددة لأعلام الاشتراكية الواقعية؛ وانغماسه وارتوائه بأفكار- نيتشه- بحيث الجلسات التي كانت تجمعنا في أوج الفعل المسرحي؛ كان- زرادتشت – حاضرا بكل ثقله في مخيلة وجوارح المرحوم سعيد سمعلي؛ ولا أنسى في لقاء خاص؛ بأن:
د حسن المنيعي كان يعيد عليه بعض المفاهيم ؛ فيستوعبها ببداهة فائقة؛ ويتلقاها بكل تواضع والاحترام رغم أن ذهنه يكون في لحظات شبه شارد و بعيدا عن الجلسة؛ لكنه (و) ينخرط فيها بسرعة فائقة بنكتة ذات لكنة شاوية؛ أومقطع شعري تارة من وحيه وإلهامه؛ وتارة من قصائد :( الخيام أونيرودا)بحكم أنه عشق الشعرقبل المسرح؛ وإن كان الفرع من الأصل أصل؛ فالإلهام الشعري انطلق في1965 وهذا التاريخ له مؤثراته ومضاعفاته الفكرية والسلوكية؛ مما كانت قصائده غير مهادنة ولاهجينة؛ قصائد تبوح بعبق الانعتاق وحب البسطاء والمسحوقين؛ بحيث شعريته فرضت نفسها مما كان دائما مشاركا في المهرجانات الشعرية وطنيا /عربيا أهمها مهرجان الأمة الشعري ببغداد1984 والمربد في1989ورغم المعاناة والمرض الذي كان يبدو مزمنا قال: في 2007( العيد الذليل) لم يبق فينا موقع/ إلا و مسه العذاب/ يا جسد الأحزان/ أمن عقاب لعقاب!/ يا أمة بلا ضمير/ أتذبحين خيلك/.../ وفي سياق الشعر كانت أعماله التي ألفها(قال الراوي سنة1977) وذلك بعدما تلقى تكوينا من الدرجة (2) بغابة المعمورة؛ وشارك في مهرجان(أفينيون) بفرنسا؛ وبهذا العمل كانت أول مشاركة لمدينة – سطات- في المهرجان الوطني لمسرح الهواة الذي أقيم بمراكش سنة1979 (الغالية/س82) ( الحفل التنكري سنة1983)(المجنون1985)( ظرف مؤقت سنة1986) وهاته الأعمال كانت من إنجاز
جمعية ( الانطلاق) والذي لايعرفه العديد من المسرحيين؛ بأن مسرحية( ظرف مؤقت) التي شاركت في المهرجان الوطني للمسرح الذي أقيم ببني ملال؛ تسربت وشاية للمجالس والمهرجانات بأن العمل فرضه وزيرالداخلية أنذاك المرحوم( البصري)على المهرجان من أجل عيون مدينة _ سطات_ لكن حقيقة الأمر (الوشاية/ التهمة) نوع من الحروب الحزبية؛ الدافعة للاستقطاب أونسفه؛ إذ ما أتعس الذاكرة حينما لا تشتغل أوتنسى؛ بأن المرحوم كان موظفا بوزارة الشبيبة والرياضة( مسؤول رئيسي بدار الشباب) وفي ذاك التاريخ كان وزير القطاع المرحوم(عبد اللطيف السملالي) مسؤولا ومحاورا باسم حزب ( الاتحاد الدستوري) بحيث أغلب الموظفين وأطر الشبيبة والرياضة؛ انخرطوافي الحزب( إما) خوفا ( أو) مصلحة؛ وبالتالي
فالمرحوم سعيد سمعلي بدوره عرض عليه الانضمام للحزب؛ فرفض رفضا قاطعا بنبل ورجولة الكائن البدوي الذي نشأ وتربى على النضال العميق والالتزام والوفاء للمبادئ؛ لكن أصيب بصدمة؛ حاول أن يقاومها بالكتابة الذؤوبة شعر/ مسرحا؛ مما انسحب من جمعية ( الانطلاق) لأن صدى ( الوشاية) كان من داخلها؛ فأسس جمعية ( الموهبة المسرحية/سنة(1988) منجزا( ضرر التبغ/ السريفة / الفينق) وهذا العمل أخرجه بصيغة التقاطع بين السوريالية/ الواقعية؛ بحكم أنه كاتبه ومعايش لحالة جنونية/ انفصامية في وسطه؛ لكن جمعية ( الجرس بالخميسات ) قدمته بمنظورالتقاطع السوريالي/ المسرح الأسود؛ فكانت روح المؤلف تعبق بلغات نتشوية صادمة؛ لكن مما يعاب علينا أننا أن الكائنات المعطاءة بصدق وتفاني نمارس عليها منطق اللامبالاة والتناسي ؛ وبالتالي فالراحل سعيد سمعلي كان كائنا منسيا لم ينل حقه من المتابعة النقدية والإعلامية؛ ورغم هذا الإحساس الذي كان يفصح عنه لعينات قريبة لسجيته وروحه التي كانت تعيش البراءة؛ ولا تعرف المناورات ولا المؤامرات ؛ ظل صامدا مكابرا يجاري زمنية الممارسة، وبناء على التحولات التي فرضت نفسها أسس جمعية( ناس المسرح سنة(1991) فقدم فيها ( التمرين/ بلعمان في المسرح/ فان غوغ/ لكن المرض في اشتداده وقوته ترك ذاته للتحليلات والأطباء؛ ليعيش عوالم مصحة الضمان الاجتماعي؛ ورغم ذلك لم يهدن شيطانه عن الكتابة والتفكير بصفاء وإخلاص للقضية الإبداعية فكتب ( السطح 2001) و(عينين المرينا2002) والعملين لم يعرفا طريقهما للركح؛ وفي إطار الاصرار على الحياة وحب اختزال المسافات قال سنة2004/ أنا تراب طاعن في العمر/ وسيرتي مسكونة/ بالريح و العواصف/ وثورة الأعشاب/ ها أنذا بين النقيض و النقيض/ مخاوفي/ تعوم في بحر عريض/ لتأكل أهل المدينة/ ...../ ومن خلال أشعاره نستشف كائنا أسطوريا، غزير المخيلة؛ مما أصدر ديوانين وردة شعر2001 وهشاشة القصب2010
فالراحل عنا لم ينل حظه في النعي ولا التفكير في منتوجه الزاخر بالعطاء؛ فبيت الشعر اكتفى بإخبار وفاته ( فقط) وأين في معرض( الكتاب؟؟؟) نفس البلاغ أنجزه اتحاد كتاب المغرب؛ والذي انخرط فيه الراحل سنة 1976 قبل وجود من أعلنوا وفاته؛ إنها ضربية الاخلاص للإبداع وروح الكلمة؛ فلو كان منزلفا أو منافقا؛ لكان ماكان من؛؛؛؛؛؛؛؛ فرحماك ياالله لكل العباد الشرفاء منهم والصادقين لمبادئهم؛ وأنت الكفيل بهم