وفقا لهذا الانتخاب غير المباشر، يتوجه الناخبون الأمريكيون لاختيار رئيسهم مرة كل أربع سنوات. ويعد الانتخاب غير مباشرا بالنظر إلى وجود الهيئة الانتخابية التي هي تراث دستوري يعود للقرن الثامن عشر. وهي الاسم المعطى لمجموع من المنتخبين الذين رشحوا من قبل ناشطين سياسيين وأعضاء حزبيين داخل الولايات الخمسين. وفي يوم الانتخاب فإن هؤلاء المنتخبين الذين تعهدوا بتأييد مرشح أو آخر يُنتخبون بالأغلبية. وفي شهر ديسمبر وعقب الاقتراع الرئاسي، يجتمع المنتخبون (أعضاء الهيئة الانتخابية) في عواصم ولاياتهم ويدولن بأصواتهم في اقتراع سري لاختيار رئيس الجمهورية ونائبه. ولم يحدث منذ بدايات القرن التاسع عشر أن أدلى المنتخبون بأصواتهم أبدا ضد الفائز بالأصوات الشعبية، حيث يميل اقتراع الهيئة الانتخابية إلى الاقتراع لصالح من يكسب الانتخاب الشعبي، ما يضفي شرعية على هذا الاختيار. ورغم ذلك يظل هناك احتمال في سياق يقترب فيه المرشحون من بعضهم البعض أو سياق بين أحزاب متعددة، ألا تعطي الهيئة الانتخابية ال 270 صوتا لصالح أي مرشح. وفي مثل هذه الحالة فإن مجلس النواب يختار رئيس الجمهورية القادم. 2-مراحل انتخاب الرئيس يمكن إيجاز خطوات اختيار الرئيس وكيفية عمل الهيئة الانتخابية فيما يلي: يدلي الناخبون المسجلون في الولايات الخمسين وفي مقاطعة كولومبيا بأصواتهم للمرشح الرئيس ونائبه في أول يوم ثلاثاء يعقب أول يوم اثنين في شهر نوفمبر في سنة الانتخابات الرئاسية. يحصل المرشح الفائز بالأصوات الشعبية داخل الولاية عادة على جميع الأصوات الانتخابية في الولاية بأسرها. عدد المنتخبين في ولاية ما يساوي عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من تلك الولاية ومقاطعة كولومبيا (العاصمة واشنطن) التي لا تتمتع بتمثيل انتخابي في الكونجرس لها ثلاثة أصوات انتخابية. يجتمع المنتخبون (أعضاء الهيئة الانتخابية) ويصوتون لرئيس الجمهورية ونائبه في أول يوم اثنين في أعقاب ثاني يوم أربعاء في شهر ديسمبر من أي سنة انتخابية. ولكي ينتخب مرشح ما، يتطلب حصوله على أكثرية الأصوات. ولما كان هناك 538 منتخبا، فإن الحد الأدنى الضروري للفوز بالهيئة الانتخابية هو 270 صوتا. إذا لم يحصل أي مرشح على لمنصب رئيس الجمهورية على أكثرية أصوات الهيئة الانتخابية، فإنه يجب على مجلس النواب أن يقرر الفائز من بين الثلاثة الذين حصلوا على أعلى الأصوات من الهيئة الانتخابية وبقيام أعضاء المجلس بذلك فهم يصوتون على أساس الولايات بحيث يدلي وفد كل ولاية بصوت واحد. وإذا لم يحصل أي مرشح لمنصب نائب الرئيس على أكثرية أصوات الهيئة الانتخابية، فإن على مجلس الشيوخ أن يقرر الفائز من بين الاثنين اللذين حصلا على أعلى الأصوات في الهيئة الانتخابية. يؤدي رئيس الجمهورية ونائب الرئيس اليمين، ويتوليان منصبيهما في العشرين من يناير الذي يعقب الانتخابات. وفي حين مضى على النظام الانتخابي الأمريكي قرابة 220 عاما إلا أن الكثيرين مازالوا يرون أنه النظام المناسب، بينما يرى البعض ضرورة تغييره كون الناخب صار قادرا على التعرف على مرشحه بعد التطور التقني الهائل. كما يعتقد البعض أن نظام "المجمع الانتخابي" قد يقود إلى انتخاب رئيس أميركي لا يحظى بأغلبية الأصوات الشعبية كما حدث في انتخابات عام 2000، حيث فاز جورج بوش (الابن) بالانتخابات رغم حصول منافسه "الديمقراطي" آل جور على أغلبية الأصوات الشعبية.. ففي هذه الانتخابات حصل آل جور على 50,999 مليون صوت مقابل 50,456 مليون صوت لبوش، فيما فاز بوش بنحو 271 صوتاً بالمجمع الانتخابي بفضل أصوات ولاية فلوريدا (19 صوتاً بالمجمع الانتخابي في ذلك الوقت). لكن المعارضين للتغيير يرون أن 14 ولاية يتركز فيها الغالبية العظمى من عدد السكان، وبالتالي إذا تم الاقتراع المباشر فإنها ستكون هي الطاغية على اختيار الرئيس كونها تملك أكثر أصوات الناخبين، وبالتالي يرون إن النظام الحالي هو الأنسب. 3-الأحزاب السياسية المتنافسة: حمار الديمقراطيين الحمار.. رمز الحزب الديمقراطي والذي تحول إلى رمز للتغيير والثورة منذ عقود، حيث بدأت حكاية حمار الديمقراطيين في العام 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي للرئاسة آنذاك أندرو جاكسون شعار "لنترك الشعب يحكم"، وسخر منافسه الجمهوري كثيرا من هذا الشعار ووصفه بأنه شعبوي وهابط، فلم يجد جاكسون سوى طريقة مستفزة لخصمه بأن اختار حمارا رماديا وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية وجاب به القرى والمدن المجاورة لمنطقته وسوق لبرنامجه الانتخابي المبسط ضد منافسه الذي كان يظهر على أنه نخبوي وليس قريبا من هموم الناس، وفاز جاكسون بولايتين رئاسيتين بالطبع. في عام 1870 تحول الحمار إلى رمز سياسي للحزب الديمقراطي وذلك من خلال رسمة كاريكاتورية رسمها توماس ناست في مجلة هاربر الأسبوعية حيث اختار حماراً أسود اللون كرمز للحزب الديمقراطي يتبارز مع فيل جمهوري مذعور، ومنذ ذلك الحين أصبح الديمقراطيون يفخرون بحمارهم، بل ويدللونه عبر تنظيم مسابقات لرسم أفضل بورتريه للحمار الديمقراطي وإطلاق أفضل الشعارات السياسية التي يمكن أن ترافق صورته. الفيل الجمهوري أول من استخدم شعار الفيل في الانتخابات هو الرئيس الأمريكي البارز أبراهام لنكولن في عام 1860 حيث كانت الولاياتالمتحدة لازالت مقسمة بين الشمال والجنوب بسبب اختلاف الآراء حول قضية تحرير العبيد.. فاز لينكولن في هذه الانتخابات التي استخدم فيها شعار الفيل لحملته، لكن الفيل لم يتحول إلى شعار سياسي للجمهوريين إلا عام 1870 في حكاية الرسمة الكاريكاتورية التي أظهرت حمار الديمقراطيين يتصارع مع فيل الجمهوريين المذكورة آنفا.. رسام الكاريكاتور الأميركي توماس ناست حين رسم ذلك الكاريكاتور عبر عن تذمره مما وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه حيث عبر أن الحزب ليس سوى فيل ضخم مذعور يحطم كل ما تطؤه قدماه وكتب على جسم الفيل عبارة (الصوت الجمهوري) ومنذ ذلك الحين تحول الفيل إلى شعار للحزب الجمهوري بحسب القانون الأمريكي يسمح للناخبين بالتصويت المبكر من قبل أسابيع حيث يبلغ عدد الولايات التي تسمح بالتصويت المبكر من دون شروط 32 ولاية إلى جانب العاصمة واشنطن. ففي معظم الولايات الأميركية، يستطيع الناخبون أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس بغرفتيه، حيث يتم تجديد أعضاء مجلس النواب بالكامل وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، قبل السادس من تشرين الثاني /نوفمبر فيما يعرف بعملية التصويت المبكر. وهناك عدد من الولايات التي تسمح للناخبين بالتصويت المبكر بأنفسهم ، وولايات أخرى تسمح بالتصويت المبكر عبر البريد... وبعض الولايات تشترط تقديم سبب واضح للرغبة في التصويت المبكر، والبعض الآخر لا يشترط ذلك . 5- تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين: في جميع الحملات الانتخابية توجد قواعد منظمة لكل شيء بدءا من الترشح والدعاية والتمويل وانتهاء بالتصويت والفرز وإعلان النتائج، ولعل قواعد تمويل الحملات الانتخابية من أهم التفاصيل المثيرة للجدل، وتخضع لمزيد من التركيز سواء من أجل التحديث أو المراجعة وإعادة النظر للوصول إلى أفضل الآليات لضبط التمويل وحجمه وكيفية إنفاقه، بالإضافة إلى تحديد الجهات أو الأفراد الذين يسمح لهم بالتبرع للمرشح. ولقد حرصت دول العالم على وضع قواعد صارمة لتمويل الحملات الانتخابية للرئاسة، وتتضمن هذه القواعد ضوابط جمع الأموال وحجمها وسبل إنفاقها، وحجم التمويل الحكومي الذي يحصل عليه أي مرشح وشروطه، وسقف إجمالي الإنفاق لأي مرشح، وآليات مراقبة لجنة الانتخابات لتنفيذ هذه الضوابط بشفافية، وإنزال عقوبات رادعة على أي مرشح أو حزب يخالفها. تتميز الانتخابات الأمريكية بأنها الانتخابات الأكثر تكلفة في العالم؛ حيث يستخدم المتنافسون في الانتخابات الرئاسية أو في انتخابات الكونجرس بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) مبالغ طائلة من الأموال لتمويل حملاتهم الانتخابية. تدوم هذه الحملات لأشهر عدة يسعى المرشحون خلالها لتقديم أنفسهم ووجهات نظرهم للناخب الأمريكي من جهة، واستخدام الحملات الإعلانية لإضعاف مركز منافسهم من جهة أخرى. وهو الأمر الذي يرتب أن يلعب المال وممولو الحملات الانتخابية دورًا مؤثرًا في الانتخابات الأمريكية، مما يؤثر بشكل واضح على أجندة المرشحين. وينظم القانونُ الأمريكي منذ عقود طويلة تمويلَ الانتخابات الأمريكية، وكيفية مراقبة إنفاق أموال التبرعات الانتخابية؛ إلا أن تغيرًا هامًّا قد طرأ على ذلك بصدور حكم قضائي فتح آفاقًا جديدةً للإنفاق السياسي من جانب الشركات الكبرى والاتحادات والمنظمات التي لا تبغي الربح بدون قيود، وعدم خضوعها للقوانين المنظمة لتمويل الانتخابات. وهو ما عظم من دور ما يعرف في الأوساط الأمريكية، الصحفية والإعلامية، بsuper political action committee ، أو «سوبر باكس» super PACsفي الانتخابات الرئاسية هذا العام؛ حيث تسمح لها الأحكام القضائية الصادرة مؤخرًا بجمع مبالغ غير محددة من الأموال من المانحين، مما سيجعل الانتخابات الرئاسية لعام 2012 الأكثر كلفة في تاريخ الانتخابات الأمريكية. هناك حكمة أمريكية سياسية تقول أن "المال هو لبن الأم للسياسة"، وهي حكمة تستخدم دائما لتفسير أسباب نشأة لجان العمل السياسية، والواضح أن تأثير المال على السياسة في الولاياتالمتحدة هو ظاهرة طبيعية مثلها مثل السياسة الأمريكية ذاتها، وتاريخيا اعتادت المؤسسات الأمريكية الكبرى وخاصة في الاقتصادية منها حشد طاقاتها المالية لمساندة المرشحين السياسيين المساندين لقضاياها. وفي السبعينات من القرن العشرين ظهرت مجموعة من القوانين الأمريكيةالجديدة التي حاولت تنظيم تأثير المال على السياسة من خلال تقنين هذا التأثير وإظهاره على السطح، وفي هذا السياق تم وضع قانون حملات الانتخابات الفيدرالية لعام 1972، والذي حرم على المؤسسات الاقتصادية والاتحادات العمالية المساهمة المالية المباشرة في الانتخابات الوطنية وسمح لها بالمساهمة في الانتخابات من خلال إنشاء لجان عمل سياسية تابعة لها يتميز عملها بالشفافية ويرصده القانون. وتفرض القوانين على لجان العمل السياسية التسجيل مع لجنة فيدرالية خاصة وهي لجنة الانتخابات الفيدرالية ، والتي تقوم بدورها بمراقبة عمل لجان العمل السياسية، إذ يتحتم على هذه اللجان تقديم تقارير مفصلة للجنة الانتخابات الفيدرالية -Federal election -commissionالمخولة للإشراف عليها، وتنفيذ قوانين تمويل الحملات الانتخابية -عن الأموال التي قامت بتجميعها والتبرعات التي قدمتها للمرشحين، كما يتحتم على المرشحين أيضا تقديم تقارير إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية عن أية تبرعات حصلوا عليها من لجان العمل السياسية. وفي عام 1974 تم إضافة بنود جديدة لقانون حملات الانتخابات الفيدرالية سمح لأنواع عديدة من جماعات المصالح بتكوين لجان عمل سياسية تابعة لها. وقد زاد عدد لجان العمل السياسي، وتعاظم دورها بصورة متزايدة خلال السنوات الأخيرة؛ فقد ارتفع عددها من 608 لجان في عام 1976 إلى ما يقرب من 4600 لجنة عمل سياسي في عام 2006. ويسمح قانون تمويل الحملات الانتخابية الأمريكية لهذه اللجان بجمع تبرعات فردية لا تزيد عن 5000 دولار من الشخص الواحد ليؤكد دعما لمرشح ما أو تأييدا لقضية معينة. جاء قرار المحكمة العليا الصادر في يناير من عام 2010 في قضية «المواطنون المتحّدون ضد اللجنة الفدرالية للانتخابات ،» ليؤكد على أن «الشركات الكبرى لها نفس حقوق الأشخاص الطبيعيين .» وبأنه لا يحق للحكومة تحديد المبالغ التي تستطيع هذه الشركات إنفاقها لدعم أو انتقاد المرشحين السياسيين. وفي مارس 2010 قضت محكمة استئناف فيدرالية أن بإمكان لجان العمل السياسي قبول الهبات غير المحدودة طالما أنها لا تُنسّق مع حملة انتخابية أو حزب سياسي ولا تكون موجهة منهما. وأدى الحكمان القضائيان إلى ظهور ما بدأ يعرف داخل الأوساط الأمريكية ب «سوبر باكس» التي يُسمح لها بجمع مبالغ غير محدودة من الأموال من المانحين. وأدى هذا القرار إلى تزايد ملحوظ في الفساد والنفاق و"العهر السياسي" من خلال شراء مجموعات الضغط السياسي للسياسيين. ومن المؤسف أن هذا النظام المالي في الانتخابات قد جعل الولاياتالمتحدة أفضل نظام انتخابي ديمقراطي في العالم قابلاً للبيع والشراء. أما بالنسبة لتصنيف لجان العمل السياسية وفقا لنوعية جماعات المصالح المساندة لها، فيمكن تصنيفها إلى خمسة أنواع رئيسية.