يعيش النفوذ الترابي لمقاطعة الفداء وضعية «كارثية» على مستوى البنيات التحتية، ففي الوقت الذي تعرف فيه مقاطعات أخرى تحسناً في مجالات عدة وحركية على مستوى المشاريع وتحسين ظروف الساكنة، نجد مسلسل الترييف يتواصل ب«الفداء»، فالشوارع والساحات عبارة عن سوق يومي للدواب والعربات المجرورة المحتلة للملك العام في غياب أي سلطة رادعة! فعلى امتداد سوق الخشب، مثلا، يعرض الباعة الجائلون سلعهم، تاركين الراجلين يتقاسمون الشارع مع السيارات معرضين حياتهم للخطر بفعل احتكاكهم مع السيارات، خصوصاً وأن الشارع يعرف تدفقاً كبيراً لوسائل النقل. أما الساحة المحاذية لثكنة رجال المطافىء وثكنة القوات المساعدة، فهي تعج بكل أصناف الدواب والعربات المجرورة التي لاتزال تستعمل كوسيلة للنقل في مدينة كالدارالبيضاء!! كما ينتشر سوق للخضر والفواكه، وكل أصناف السلع المنتهية صلاحيتها، علما بأن هذا السوق يترك ركاماً من الأزبال يخيل للزائر معها أنه في أحد الأسواق القروية الأسبوعية! يقع هذا في تراب مقاطعة في قلب الدارالبيضاء، كان من المفروض أن تكون قدوة في مجال التحديث والتنظيم، على مستوى المدينة، لكن العكس هو الحاصل، حيث العشوائية في كل شيء، لا مواقف للسيارات، لا نظافة، لا تعبيد للأزقة، إذ أن «برك الماء» منتشرة في أكثر من مكان ، وحالة الزنقة 14 بسيدي معروف الخامس خير دليل على ذلك، فسكان عمارة هنديم يعانون الأمرين مع هذه الوضعية، لأن الزقاق لم يسبق له أن عُبِّد، ومياه الأمطار عوض أن تمر عبر قنوات الصرف الصحي، تنساب تحت العمارة، مما ينذر بأوخم العواقب، خاصة وأن الزنقة غير معبدة وقنوات الصرف الصحي تفتقر للإصلاح، «كما أن القائمين على إصلاح شارع شعيب الدكالي، يقول بعض السكان، ارتكبوا خطأ تقنياً، بحيث أنهم تركوا منحدراً جهة العمارة مما جعل مياه الأمطار عوض أن تصب في البالوعات، أصبحت تصب في المرآب، وقد عانى السكان من هذا المشكل مع الأمطار الأخيرة»، ويتساءل السكان، في هذا السياق ، عن أسباب «الإقصاء الممنهج لهذا الزقاق؟ لماذا هذا التعنت في تلبية طلب يعتبر حقاً؟ لماذا لم يؤخذ طلبنا مأخذ الجد، مع العلم أننا من دافعي الضرائب؟». ورشات شهدت نقاشا واسعا من لدن المشاركين مع المؤطرين ورسمت عناوين كبرى لانشغالات وهموم الأطر الشابة للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، انطلاقا من تجاربهم الميدانية التي استخلصوا عبرها عبر كل الأنشطة التي نظمت سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، أكانت مرتبطة بالمجال الفكري والثقافي، أو الاجتماعي أو البيئي أو الرياضي ..، والتي حاول المشاركون قراءتها انطلاقا من محاور الورشات التي تهدف إلى التكوين الذاتي لهؤلاء الأطر. وكان الفضاء الحداثي قد نظم مائدة مستديرة قبل ذلك وبمقره السالف ذكره يوم الثلاثاء فاتح فبراير حول دور التقاليد والعادات الخرافية في التأثير سلبا على البيئة، وهي المائدة التي عرفت نقاشا مستفيضا انطلاقا من الواقع المجتمعي الذي يحبل بالكثير من المتناقضات، اعتبارا لكون هذه الممارسة/الظاهرة لا ترتبط بفئة معينة أو بمستوى معيشي محدد، بل هي وصمة عار على جبين فقراء وميسورين وأميين ، كما هو الحال بالنسبة لبعض النخب والمثقفين على حد سواء. لقاء استضافت له الجمعية الدكتور ابراهيم الشيحاني الفاعل الجمعوي وأستاذ شعبة الجغرافيا الاقتصادية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق، الذي عمل على طرح أرضية في الموضوع أغنتها المداخلات التي شكل جزء أساسي منها، صلبا لتغطية إعلامية مكثفة كانت حاضرة خلال هذا الحدث.