قدمت مجموعة البحث في القصة بالمغرب العدد 12-13 من مجلة «قاف صاد» بمعرض الكتاب بالدار البيضاء، نهاية الأسبوع الماضي، برواق جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء. التقديم الذي شارك فيه كل من الكاتب أحمد بوزفور، مصطفى جباري وقاسم مرغاطا، بحضور بقية أعضاء المجموعة، وفي مقدمتهم عبد المجيد جحفة وسعيد بنعبد الواحد، جاء لإلقاء الضوء على الأسباب التي أخرت ظهور هذه المجلة النصف السنوية، والتي تعد واحدة من أهم المجلات الأدبية الرزينة التي تصدر بالمغرب، وكذا لتأكيد توجهها الأساسي وهو « تطوير النقاش حول قضايا الأدب القصصي، وجعل تتبعه ورصده ممكنا ومثمرا في الآن نفسه»... عن غياب المجلة، يؤكدالقاص مصطفى جباري، وهو من مؤسسي مجموعة البحث في القصة القصيرة قبل 12 سنة من اليوم، على أن هذا الغياب لأكثر من ثلاث سنوات راجع إلى رهان المجموعة على تقديم موضوعات وأفكار جديدة تليق بالأهداف التي رسمتها لنفسها، أفكار جديدة تغني الورشات القصصية التي تسهر المجموعة على تنشيطها والسهر عليها بوتيرة قارة، مضيفا أن الأفكار هي الهاجس الأكبر داخل المجموعة، والحرص على عدم الانزلاق نحو نوع من الحداثة الشكلية فقط والفارغة من المضمون، بعيدا عن الموضوع الجوهري الذي تحرص عليه المجموعة. أما عن ملفات هذا العدد المزدوج فيقول مصطفى جباري: «يتضمن هذا العدد ملفات اشتغلنا عليها طيلة ثلاث سنوات تقريبا لتخرج بهذا الشكل، وقدجاء الملف المتعلق بالكاتب التشيكي الأصل، فرانز كافكا، لاسترجاع دور هذا الكاتب في مجال القصة واحياء لأطروحاته في مجال السرد القصصي، وهذا أمر مهم بالنسبة للقصة المغربية الآن، أيضا الكاتب خوليوكوتثار، ككاتب لديه الكثير لنتعلم منه.. والملف حول القصة اليابانية قائم على مشروع ترجمة أنطولوجية القصة اليابانية خلال القرن العشرين، وقد اخترنا منها بعض النتف لإطلاع المهتمين على عوالمها ومدارسها... وقد تضمن العدد وقائع ندوة نظمتها مجموعة البحث في القصة حول التجربة القصصية لفرانز كافكا، وكذلك وقائع يوم دراسي حول الكاتب الأرجنتيني، خوليو كوتاثار، في الذكرى المئوية لميلاده، ومقالة نقدية حول «بول بولز في المغرب..بلاغة مثاقفة سردية»، إضافة إلى مختارات من القصة اليابانية بعوالمها الساحرة والغرائبية. من جهته أكد قاسم مرغاطا أن «المجموعة كانت تتمنى أن يتم إصدار المجلة في عدد نصف سنوي، لكن إكراه الفكر وتقطير الملفات غالبا ما يحول دون ذلك. فالإعداد للملفات يأخذ ما بين السنة والسنتين، مضيفا أن الغياب ليس بمعنى التوقف بل بمعنى التحضير للمادة العلمية لإغناء فهمنا للقصة المغربية قراءة وكتابة..» الكاتب أحمد بوزفور لم يخف سعادته، كون العدد مهدى لروح صديقه القاص المغربي الذي رحل قبل أشهر قليلة، مصطفى المسناوي، وقال في كلمته خلال الندوة، أن الراحل لم يكن رقما هينا في الثقافة المغربية، باعتبار أنه كرس حياته للأدب والفكر، وكتب خاصة في مجال القصة القصيرة المغربية نصوصا هامة شكلت منعطفا في تاريخ القصة بالمغرب، مؤكدا، أنه لا يمكن لأي ناقد يحترم عمله أن يتحدث عن القصة المغربية دون الحديث عن مجموعة الراحل «طارق الذي لم يفتح الأندلس»، معتبرا أن العدد حافل بالقصة سواء من ناحية النظريات أو النصوص... وقد اعتبر سعيد بنعبد الواحد، الباحث والمترجم المتخصص في الأدب البرتغالي،» أنه لولا الترجمة لما اجتمعت هذه الملفات في عمل واحد، فالترجمة من خلال هذا العدد المزدوج، كانت في خدمة القصة المغربية التي نحرص داخل المجموعة على «ملاقحتها».. بالقصة العالمية....». نفس الفكرة تحدث عنها مصطفى جباري خلال هذه الندوة مؤكدااهتمام المجموعة بالقصة المغربية على وجه الخصوص والسعي إلى طرح موضوعات تمنحها آفاقا أكبر. يقول: «القصة لها يد في تجديد الفكر، وفي مجال الاشتغال على القصة نعمل على بناء موضوعات، غير أن الموضوعات ليست مطروحة على الطريق بل يجب الحفر في النصوص ومستجدات النص، فبناء الأفكار يتطلب أن تكون لك عين على واقعك وما ينتجه الكتاب، موضوعات تبحث على أن تتصادى مع هذا الشرط ومع اشكالات القصة، إن لم يكن لديك عين على إشكالات القصة المغربية ، ستجد نفسك مهتما بموضوعات ليست لديها أية مردودية... وبين النظريات والمدارس في القصة القصيرة، التي تعمل المجموعة على طرح نقاش جاد حولها، يتكلم المبدع أحمد بوزفور عن القصة بابتسامة صافية مؤكدا أن الأمر لا يتطلب من كاتب القصة غير أمرين أثنين: أن يعيش جيدا، وأن يقرأ قصصا جيدة...فقط لا غير !!