سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصطفى جباري : نحن نضع القصة في إطار التصور الحديث للأدب كخطاب معرفة متميز القاص والباحث قال إن مجموعة البحث تهدف إلى تطوير خصوصيات القصة المغربية فنيا وثقافيا
مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، سلخت من عمرها، حتى الآن، أكثر من عقد من الزمن، في الاهتمام الجدي بشعرية القصة القصيرة وقضايا تداولها، وذلك بفضل مبادرة من قبل مجموعة من الكتاب المغاربة الجامعيين، نذكر من بينهم أحمد بوزفور ومصطفى جباري وعبد المجيد جحفة. - الأستاذ مصطفى جباري، لماذا حرصتم، أنتم مجموعة من الباحثين الكتاب، على إنشاء «مجموعة البحث» في القصة القصيرة تحديدا، وليس في جنس أدبي آخر؟ < تأسست مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب سنة 1998 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء. وتهدف إلى تطوير البحث في القصة المغربية، وفي خصوصياتها الفنية والثقافية واتجاهاتها الكائنة والممكنة، وتتبع الإنتاج القصصي والتعريف به داخل المغرب وخارجه، وتعميق البحث في نظريات القصة والتعريف بجديد التجارب القصصية عربيا وعالميا، وتشجيع الكتابة القصصية، من خلال ورشات للكتابة القصصية... هذه عموما مجالات عمل مجموعة البحث. الأشخاص الذين اقترحوا فكرة مجموعة بحث في القصة، ومن تحلق حولهم لإخراج هذا المولود، كان معظمهم يشتغلون على هذا الجنس الأدبي إبداعا أو دراسة أو قراءة. ومن جهة أخرى، لم يكن للقصة حضور في الجامعة على مستوى التدريس والبحث والاهتمام... وخارج الجامعة لم تكن هناك أطر أو جمعيات تهتم بالموضوع. - اقتران «مجموعة البحث في القصة القصيرة» بالجامعة، هل يعبر بالنسبة إليكم عن توجه أكاديمي أم يكشف عن حاجة إلى فضاء مؤسساتي مغاير؟ < اقتران المجموعة بالجامعة هو تعبير عن رغبة وإرادة في أن يُؤخذ هذا الجنس الأدبي مأخذ الجد، ويكون موضوعا لبرنامج عمل موضوعي... ويساعد على هذا أن الجامعة فضاء مؤسساتي مفتوح على المجال الثقافي التعبيري العام، كما أنها تسمح بهوامش واسعة لحرية الفكر والإبداع؛ أو على الأقل هكذا ما كنا، ومازلنا نحرص عليه. وهناك مسألة أخرى هي أن طبيعة الاختلافات أو النقاش بين العاملين في إطار مجموعة بحث أكاديمية قد لا تعرف مشاكل من طينة ما يحدث في الجمعيات الثقافية العامة أو الخاصة، لها صلة بحساسيات أو مطامح مفرطة في الشخصية... - ما هي خصوصية القصة القصيرة، التي اِنحزتم إليها في مجموعة البحث؟ < خصوصية القصة التي نستشرفها في المجموعة هي خصوصية عامة، تضع القصة في إطار التصور الحديث للأدب، أي باعتبارها خطاب معرفة متميزا ومتكاملا مع الخطابات في العلوم الإنسانية، وخطاب نقد يلامس القضايا الإشكالية في المجتمع والثقافة، وخطابا ذا فرادة تطمح إلى الحرية وإلى أنسنة العالم... وخصوصية خاصة أي خصوصية الجنس الأدبي، فمجال القصة، كشكل، واسع ويجب العمل من أجل توسيعه باستمرار، ولكن إذا كانت «قشابة» القصة واسعة وقابلة للتوسيع والإغناء فإن ما يجب أن يبقى داخل «القشابة» هو القصة وليس شيئا آخر... - انفتحتْ مجموعة البحث، بعد مرحلة من الصرامة، على أصوات قصصية، قد لا تتبنى بالضرورة تصورا حداثيا لهذا الجنس الأدبي. هل يكشف هذا الانفتاح عن نقص في الجهد والتصميم، أم رؤية أخرى تقوم على تساكن الأشكال والأجيال؟ < في ما نشرنا، حاولنا أن نبقى أوفياء لهذا الأفق الذي وصفت بعض ملامحه، مع التعامل مع ما هو كائن... نرسم أفقا لكن لا يمكننا التحكم في اختيارات الكتاب الفنية. هناك اختلاف وتفاوت في تكوينات كتاب القصة، واختياراتهم ودرجة وعيهم بأدوات البحث والتجريب في هذا الجنس الأدبي، الذي تقتصر قواعده على بعض الأوليات المرتبطة بالحكاية... لذلك فإننا نشرنا وسننشر أشياء لا تنسجم مع قناعاتنا في الموضوع، لأننا لسنا في المجموعة إلا جزءا محدودا من القراء المحتملين... - إلى جانب نشر المجموعات القصصية والأنطلوجيات وتنظيم لقاءات البحث والقراءة، أسست مجموعة البحث مجلة «قاف صاد». كيف تقيمون الآن تجربة هذه المجلة؟ < مجلة «قاف صاد» مجلة نصف سنوية سيصدر عددها الثامن قريبا. لقد أصبحت ربما المشروع الأكثر إلحاحا وأهمية ضمن مشروعات البحث والنشر التي ترتادها المجموعة. الفضل في ذلك يرجع إلى كتاب القصة ونقادها والمهتمين بها، وإلى الدعم الذي نتلقاه من الجامعة... المجلة هي أداة لتكريس البحث في القصة إبداعا ونقدا. وتضعنا نحن في المجموعة أمام ضرورة البحث عن أفكار جديدة وأسئلة جديدة. لكن ما زالت تعترضنا بعض المعيقات للرفع من قيمتها العلمية والإبداعية... ليست لنا وسائل تحفيز مادية للكتاب والنقاد، كما أن التوزيع محدود جدا، مما يؤثر على نسبة القراءة، وتحتاج المجلة إلى التعريف بها أيضا على مستوى العالم العربي... - مصطفى جباري أصدر، في مجال الإبداع، مجموعة قصصية قوية واحدة، كانت تحت عنوان «زرقاء النهار»، بالرغم من انخراطه الجدي في قلب الحركة القصصية بالمغرب. كيف تفسرون هذا الأمر؟ < هناك كتاب مكثرون وكتاب مقلون. أنا أنتمي إلى الصنف الثاني. وهم في الغالب كتاب هاوون، لا ينتظرون مما يكتبون شيئا ماديا ولا حتى رمزيا... ولكنهم لا ييأسون، ويواصلون مقاومة سلبيات الوضع الذي نعيشه، على مستويات النشر والقراءة ومحفزات البحث الإبداعي إلخ. أتلف كثيرا من النصوص. لنقل إنه مزاج شخصي. بعد مجموعة «زرقاء النهار» التي بدأت أنساها، لم أتوقف عن الكتابة. منشغل الآن بمشروع كتاب قصصي أجمّع فيه قصصا من رؤى وورشات متنوعة في الكتابة... - هل يمكن أن نتحدث، الآن، عن زمن قصصي مغربي قوي، أفرز أصواتا كثيرة، وربما أيضا اتجاهات؟ أعتقد أننا ما زلنا ننتظر أن تنبثق من الكم الهائل ثمار نوعية. هناك بعض المزالق التي تعوق هذا الانبثاق، كعدم الوعي بخصوصية اللغة القصصية وهيمنة النزعة التعبيرية البوحية أو في المقابل هيمنة النزعة التجريدية وسوء الفهم الذي تتناول من خلاله بعض الأشكال القصصية كالقصة القصيرة جدا، وهيمنة الخطاب التجريبي على ممارسة التجريب... هذا إضافة إلى معوقات أخرى خارجية تعوق هذا الانتقال كوضعية القراءة، المحفز الأساسي للبحث والتنوع، ووضعية النقد القصصي الذي يفترض أن يشارك الإبداعَ في فتح آفاق جمالية جديدة ...