هل صرخات سكان الدواوير والمداشر النائية ، بمعظم «جهات جغرافية العالم القروي» ، خصوصا البعيدة منها عن الحواضر ذات الثقل السياسي أو الاقتصادي ، لا تستحق أن يتعامل معها بما يلزم من مسؤولية، وقراءة رسائلها ، الواضحة والخفية ، بالحد الأدنى من التمعن والتدبر من قبل مقتعدي كراسي صنع القرار داخل المؤسسات العامة ؟ سؤال يتبادر إلى الذهن جراء تعدد الشكايات الواردة على الجريدة، أو عبر اتصالات مباشرة وهاتفية ، والتي يلتقي أصحابها حول خلاصة واحدة مفادها : « لم تؤخذ شكاياتنا بعين الاعتبار، وظل الوضع على ما هو عليه من تدهور وخطر « ! خلاصة تنطبق على «النداءات» الموجهة للسلطات والجهات المعنية - كل واحدة من منطلق اختصاصها - بشأن ما تشكله أعمدة كهربائية فقدت «مناعتها» منذ سنوات وتهاوت على الأرض ناشرة بين السكان كل أسباب القلق والفزع من احتمال حدوث ما يمكن أن تكون له عواقب وخيمة . فهذه خيوط تآكلت أعمدتها الخشبية منذ مدة بفعل التأثيرات المناخية ، تركت لحالها في قارعة الطريق بدوار الدوبهار – جماعة إيماون بقبيلة إداوزكري – إقليمتارودانت، دون أي تدخل من قبل مسؤولي المكتب الوطني للماء والكهرباء رغم نداءات بعض أبناء الدوار وإشعار أعضاء جماعيين قصد التحرك تفاديا للأسوأ . وضع أجبر بعض قاطني الدوار على أخذ المبادرة والعمل على «إبعاد» خطر خيط كهربائي ظل مرميا بشكل عشوائي مهددا المارة، نهارا وليلا، ب»إلصاقه» بحائط أحد المنازل «رأفة بالصغار بالأساس الذين اعتادوا ممارسة شغبهم الطفولي في المكان الذي ترك فيه الخيط مهملا منذ سقوطه دون تسجيل أي تحرك من الجهات المسؤولة، التي تتعامل مع نداءاتنا بلامبالاة مستفزة» يصرح أحد أبناء الدوار بغضب، مضيفا « لم يكن أمامنا من سبيل سوى البحث عن وسيلة لإزالة الخطر من وسط الطريق ولو بشكل مؤقت « ، و» بعد أن أعيانا الانتظار، تطوع ، مؤخرا ، بعض الشبان و عملوا على إعادة تثبيته بمكانه اعتمادا على ما توفر لديهم من أدوات بسيطة». حالة القلق ذاتها تسود دوار»تماجوت» بتراب القبيلة نفسها دون أن تلقى تنبيهات الساكنة آذانا صاغية من قبل المسؤولين عن قطاع الكهرباء بالمنطقة ،» هناك نماذج أخرى مشابهة في باقي دواوير القبيلة والقبائل المجاورة ، تنتظر التفاتة جدية من طرف المسؤولين قبل فوات الأوان « يختتم أحد الجمعويين اتصاله بالجريدة . وبدوار تيكيتار، التابع للجماعة القروية أصادص ، بالنفوذ الترابي لإقليمتارودانت، دائما، ظلت شكايات الساكنة بدون صدى إيجابي منذ 2013 ، تدق ناقوس الخطر عقب سقوط أعمدة كهربائية بعضها تهاوى غير بعيد عن إحدى المدارس الابتدائية. وضع لايقتصر على المجال القروي لإقليمتارودانت وحده، ولكن سكان مناطق أخرى لم يسلموا بدورهم من العيش تحت ظلال «الخوف» الناتج عن سقوط أعمدة «الضو» في أماكن يقصدها الصغار والكبار طيلة ساعات اليوم دون أن تثير انتباه المسؤولين ، لدرجة «سقوط ضحية» في حادث مأساوي بأحد مداشر إقليمإفران خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير المنصرم . فقد اهتزت الجماعة القروية تزكيت، وبالضبط ساكنة دوار أيت عمر أوعيسى على وقع صعقة كهربائية أودت بحياة مستشار جماعي – «ه . إ « نائب للرئيس – كان برفقة لجنة مختلطة من بين أعضائها عمال من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ، حلت بالمنطقة على إثر شكايات عديدة سبق توجيهها إلى عامل الإقليم، نيابة عن السكان المتضررين ، و»بينما كان بصدد تقديم شروحات لأعضاء اللجنة حول سقوط أعمدة كهربائية ، أمسك خيطا كهربائيا كان ملقى على الأرض مما عرضه لصعقة قوية عجز الحاضرون عن إنقاذه من تداعياتها، ليلفظ أنفاسه الأخيرة أمام ذهول الجميع» يقول ملخص الأخبار المتداولة بشأن هذه المأساة . صعقة مميتة جعلت العديد من أبناء المناطق المعنية ب» ظاهرة تهاوي الأعمدة الكهربائية « ، يضعون قلوبهم على أيديهم متضرعين إلى العلي القدير أن يحفظ أهاليهم من أي مكروه وأن يزرع الرحمة في أفئدة المسؤولين عن «إنارة العالم القروي « ليسارعوا إلى إصلاح ما ينبغي إصلاحه قبل أن تعم «ظلمة الأحزان» دواوير أخرى بحت أصوات قاطنيها والمنحدرين من ترابها من أجل الإسراع بإبعاد عوامل التهديد والخطر. وللتأكد من حقيقة أن الأمر يستوجب فعلا أن يدرج ضمن أجندة أولويات المسؤولين عن كهربة «الجغرافية القروية» بالبلاد ، تكفي إطلالة على ما «تعج» به مواقع إلكترونية تهتم بالشأن المحلي ، في أكثر من جهة ، من صور فاضحة لواقع يحتاج - وبكل استعجال - إلى تعاط جدي يجعل سلامة المواطنين وحماية حياتهم فوق كل اعتبار.