اتهم محققو الأممالمتحدة حول سوريا في تقرير الإثنين دمشق ب»إبادة» معتقلين مؤكدين أن وفاة المحتجزين في السجون «على نطاق واسع» كانت عبارة عن «سياسة الدولة». وفي أحدث تقرير لها قالت لجنة التحقيق الدولية أنه على مدى أربع سنوات ونصف سنة قتل آلاف المعتقلين أثناء احتجازهم من قبل مختلف أطراف النزاع في سوريا. فقد رسم التقرير صورة قاتمة جدا عن أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها السلطات السورية. وكتب الخبراء المكلفون من قبل مجلس حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة في تقريرهم الأخير أن معتقلين «تعرضوا للضرب حتى الموت أو قضوا متأثرين بإصاباتهم أو بسبب التعذيب». وقال رئيس اللجنة باولو بيناريو في تصريح صحافي في جنيف «أن سقوط عدد كبير جدا من القتلى بين المعتقلين يدفع إلى الاعتقاد بأن الحكومة السورية مسؤولة عن أعمال تدخل في إطار عمل إبادة وترقى إلى الجريمة ضد الإنسانية». وأضاف التقرير «يبدو واضحا أن السلطات الحكومية التي تدير السجون ومراكز الاحتجاز كانت على دراية بحدوث وفيات على نطاق واسع» مضيفا أن عشرات آلاف الأشخاص بينهم نساء وأطفال لا يزالون يقبعون في السجون الحكومية السورية. وأضاف «وقد حدثت الوفيات الواسعة في السجون بسبب ظروف الاحتجاز في المراكز»، ونتيجة «سياسة دولة تستهدف السكان المدنيين» مع إدراك هذه السلطات بأن هذه الظروف «ستفضي طبيعيا إلى وفاة المحتجزين على نطاق واسع». وأضاف التقرير «ترى اللجنة كذلك أن الحكومة مسؤولة عن جرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل والاغتصاب أو غيره من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والسجن أو غير ذلك من أشكال الحرمان الشديد من الحرية الجسدية، ما يشكل انتهاكا للقواعد الأساسية في القانون الدولي، والاختفاء القسري وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية». ولم يحصل الأعضاء الأربعة في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا على موافقة من دمشق لدخول البلاد أبدا، لكنهم جمعوا آلاف الإفادات من الضحايا ووثائق أو صورا بالأقمار الصناعية. وفي تقريرهم الأخير الذي يحلل ظروف الاحتجاز في سوريا منذ بدء النزاع في 2011 أجروا مقابلات مع 621 شخصا بينهم 200 شهدوا على مقتل واحد أو عدد من رفاقهم في الزنزانة. وجاء في التقرير «لا تزال الوفيات أثناء الاحتجاز تحدث في سرية شبه كاملة ولا تحظى في معظمها بإهتمام الرأي العام الدولي، رغم أثارها المدمرة على حياة مئات الآلاف من السوريين». وأفاد شهود كيف أن رفاقا لهم في زنازن النظام ضربوا حتى الموت أو عذبوا خلال التحقيق معهم وتركوا من دون عناية صحية حتى توفوا. ووصف شاهد كيف تم ضرب معتقل عجوز في مركز عسكري في حمص قبل أن يعلق من يديه في السقف. وروى قائلا «لقد أحرق السجانون عينيه بالسجائر وغرزوا في جسده آلة حادة حامية وبعد أن بقي معلقا في السقف من يديه طيلة ثلاث ساعات توفي». وتوفي آخرون بسبب «ظروف العيش غير الإنسانية» خصوصا في زنازن مكتظة تفتقر إلى أي شروط صحية وإلى الطعام ومياه الشرب، حتى أن الكثيرين أجبروا على الشرب من بولهم لكي لا يموتوا عطشا، حسب ما جاء في التقرير. ويفيد خبراء في التقرير أن «عددا كبيرا من المعتقلين توفوا بسبب الإسهال وأن الكثيرين تعذبوا لأشهر طويلة قبل أن يفارقوا الحياة». ويوضح التقرير أن «الوفيات داخل المعتقلات تبقى سرية تماما». لكن هذه الممارسات ليست حكرا على سجون النظام حسب التقرير، فقد أخضعت المجموعات المسلحة و»المنظمات الإرهابية» التي سيطرت على أجزاء من الأراضي السورية أيضا المعتقلين لديها لظروف احتجاز قاسية جدا. وجاء في التقرير أن جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، «أنشأت مرافق احتجاز في إدلب حيث تم توثيق وفيات أثناء الاحتجاز». وأضاف التقرير «قامت جبهة النصرة أيضا وهي تقاتل إلى جانب القوات المسلحة الأخرى المناهضة للحكومة بعمليات إعدام جماعية لجنود الحكومة الذين وقعوا في الأسر». واتهم التقرير أيضا تنظيم الدولة الإسلامية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب عبر إخضاع المعتقلين للتعذيب أو إعدامهم ميدانيا. وأورد التقرير «انشأ تنظيم الدولة الإسلامية بمشاركة مقاتلين أجانب في كثير من الأحيان، مراكز احتجاز في عدة مناطق تقع تحت سيطرته بما في ذلك في محافظات الرقة ودير الزور وحلب. وتعرض المحتجزون لانتهاكات خطيرة تشمل التعذيب والإعدامات الميدانية». وأوقع النزاع في سوريا أكثر من 260 ألف قتيل وتسبب بتهجير أو نزوح أكثر من نصف عدد السكان.